المركزي العراقي ملزم بتسديد 11 مليون دولار بسبب "احتجاز تعسفي".. من المخطأ؟
هل أطلق سراح المحتجزين؟
المركزي العراقي ملزم بتسديد 11 مليون دولار بسبب "احتجاز تعسفي".. من المخطأ؟
انفوبلس/..
بسبب قضية جديدة خسرها البنك المركزي العراقي، أصبح لزاماً على الحكومة العراقية تسديد مبلغ 11 مليون دولار على ضوء ما تمت تسميته بـ"الاحتجاز التعسفي"، لمهندسين اثنين أحدهما أسترالي والآخر عربي يحمل الجنسية المصرية.
*التفاصيل
قضت محكمة هولندية أُحيلت إليها قضية تحكيم دولية لصالح شركة كانت مشرفة على مشروع تنفيذ مبنى البنك المركزي العراقي، بإلزام الأخير دفع 11 مليون دولار.
الشركة الدولية المعنية في القضية هي Cardno ME (CME) والتي تقدم خدمات استشارية وهندسية، ومقرها الرئيسي في أبو ظبي، وتتخصص في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك البناء، والهندسة المدنية، وإدارة المشاريع، كما أن لديها خبرة واسعة في تقديم حلول تقنية لمشاريع كبيرة ومعقدة في المنطقة.
وكانت الشركة مشرفة على مشروع بناء المقر الجديد للبنك المركزي العراقي في بغداد، وهذا المشروع هو سبب النزاع الذي أدى إلى قضية تحكيم دولية بين الطرفين، والتي أصدرت فيها محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية (ICC) في باريس حكمًا لصالح CME، مما ألزم البنك المركزي العراقي بدفع تعويضات تبلغ حوالي 11 مليون دولار.
فيما كان البنك المركزي العراقي استأنف القضية أمام المحاكم الفرنسية، لكن CME طلبت تنفيذ الحكم في المحكمة الهولندية بموجب «اتفاقية نيويورك» التي تسهل الاعتراف وتنفيذ الأحكام التحكيمية الدولية.
فيما وجدت محكمة استئناف أمستردام في قرار تم الإعلان عنه الاثنين المنصرم، أنه "لا يوجد احتيال في الاتفاقية، ومنحت تنفيذ الحكم في هولندا".
*احتجاز
وفيما يتعلق بهذا النزاع، فقد سبق أن احتجز العراق المهندس الأسترالي روبرت بيثر وزميله المصري خالد رضوان من قبل في أبريل/ نيسان 2021، ليُحكم عليهما بالسجن خمس سنوات وغرامة مشتركة قدرها 12 مليون دولار بتهمة "الاحتيال".
فيما تدَّعي أُسر المحتجزين أنهم «تم خداعهم للسفر عبر استدراجهما إلى العراق تحت ذريعة تسوية النزاع بين الشركة والبنك»، ولكن عند وصولهما تم اعتقالهما.
هذا وقد وجدت مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي التابعة للأمم المتحدة، أن بيثر ورضوان تم احتجازهما «بشكل تعسفي على أسس تمييزية»، وأحالت القضية إلى المقرر الخاص المعني بالتعذيب.
*دعوات للإفراج
في الأثناء أثارت هذه القضية اهتمامًا دوليًا، حيث كانت هناك دعوات متعددة للإفراج عنهما، خاصة بعد صدور حكم من غرفة التجارة الدولية لصالح CME ضد البنك المركزي العراقي.
*رسالة بيثر
في نيسان الماضي، ذكرت شبكة "أي بي اس" الأسترالية أن هناك مخاوف جدية على سلامة المهندس الأسترالي المسجون في العراق منذ ثلاث سنوات، روبرت بيرث، مشيرة إلى أنه وجه رسالة إلى الأستراليين وحكومته، تناشدهم العمل من أجل إطلاق سراحه.
وأشار التقرير، إلى أن بيثر حُكم عليه في العام 2021، بالإضافة إلى زميله المصري خالد زغلول، بالسجن لمدة خمس سنوات في سجن عراقي وغرامة قدرها 18 مليون دولار بتهم الاحتيال.
*بداية القصة
وبين أن بيثر (49 عاما)، سافر إلى بغداد من أجل تسوية نزاع حول عقد يتعلق بتشييد المبنى الجديد للبنك المركزي العراقي، لكن بيثر تعرض للخطف والاحتجاز هو وزميله.
ولفت التقرير إلى أن بيثر وجه رسالة يخاطب فيها أستراليا، يشرح فيها تفاصيل اعتقاله ويحث الحكومة على اتخاذ إجراءات لإطلاق سراحه.
ونقل التقرير عن بيثر قوله في رسالته، "لقد أوقعوني في فخ عندما جرت دعوتي إلى العراق لحضور اجتماع لتسوية نزاع حول العقد بين صاحب العمل وعميلنا، البنك المركزي العراقي. وذهبت إلى هناك للمساعدة في إعادة البناء. واعتُقلت في ذلك الاجتماع وسُجنت قبل ثلاث سنوات في يوم 7 نيسان/ أبريل 2021".
وتابع التقرير، أنه بعد مرور ثلاث سنوات، فإن أفراد أسرة بيثر وأنصاره، يقولون إن قلقهم يتزايد على سلامته.
وأضاف التقرير، أن بيثر كان يعيش في إيرلندا مع زوجته وأطفاله الأربعة، ويعمل بشكل متقطع في الشرق الأوسط لسنوات قبل اعتقاله، مشيراً إلى أنه في الأصل من سيدني، وهو تواق للقاء عائلته ومشاهد الطبيعة والحياة في أستراليا.
ويقول بيثر في رسالته، "أنا زوج وأب لأربعة أطفال وأفتقد عائلتي كثيراً. لقد فاتني الكثير من المناسبات. أكبر الأبناء في سن 18 و21 عاماً، وابننا الأصغر في سن 16 عاماً، والبنت الصغرى كانت تبلغ من العمر 8 سنوات عندما اعتُقلت وهي الآن تبلغ من العمر 11 عاماً، وقد فاتتني ثلاثة أعياد ميلاد وأربعة أعياد لمناسبة الفصح، والعديد من أعياد الميلاد، وثلاثة احتفالات بذكرى زواجي، وأكثر من ذلك بكثير".
وتابع بيثر، قائلاً "أريد العودة إلى أستراليا والاستماع إلى الطيور، والسباحة على الشاطئ، والجلوس لمشاهدة الميناء بينما تأتي العبارات وتذهب، وأشعر بالشمس على بشرتي".
*الأمم المتحدة
والآن تقول عائلته إن هناك مخاوف على سلامته الجسدية والعقلية حيث إنه يعاني من الصدمة، والتهابات المثانة والكلى، بالإضافة إلى الاكتئاب، وتعتقد عائلته أيضاً أنه مصاب بسرطان الجلد.
ونقل التقرير عن زوجته ديسري قولها، إن اعتقال بيثر كان له تأثير عميق على الأسرة، موضحة أن المسألة كانت "كما لو أن انفجاراً وقع في حياتنا وغير مساراتنا. لا أستطيع أن أرى روبرت يفعل ما كان يفعله من قبل مرة أخرى أو لديه القدرة على القيام بذلك.. وهناك صدمة بين الأطفال، كان هناك الكثير من الجبال التي يتعين علينا أن نتسلقها، عاطفياً أيضاً هناك الكثير من المشكلات المتعلقة بالاكتئاب، للعديد من أفراد الأسرة وهو أمر مروع".
وبحسب التقرير، فإن الأمم المتحدة وجدت أكثر من 30 انتهاكاً للقانون الدولي في اعتقال بيثر، بما في ذلك احتجازه لعدة شهور من دون توجيه اتهامات له وإدانته بعد 15 دقيقة فقط من المداولات.
ونقل التقرير عن الأكاديمية الأسترالية البريطانية كايلي مور غيلبرت التي كانت سجينة سياسية، قولها في تغريدة لها على منصة "X" (تويتر سابقاً)، إن "روبرت بيثر هو في الواقع رهينة لهذا النزاع. لقد أُلقي به في السجن بالنيابة عن شركته، ويقبع هناك في زنزانة قذرة منذ ذلك الحين. وقد قرر فريق الأمم المتحدة المتخصص بالاحتجاز التعسفي أنه محتجز تعسفياً ومن المحتمل أيضاً أن يكون ضحية للتعذيب"، وفق ما جاء في التقرير.
وأضافت، أنه "بعد مرور ثلاث سنوات على اعتقاله، فإننا ندعو الحكومتين الأسترالية والإيرلندية وبالطبع الحكومة العراقية إلى بذل كل ما في وسعهم لإطلاق سراح هذا الرجل البريء ولا ندع احتجازه يستمر ولو ليوم واحد أكثر من ذلك".
وأشار التقرير إلى، أن بيثر اعتُقل من جانب ضباط يرتدون ملابس مدنية، واختفى لعدة أيام قبل أن تجده السلطات هو وزميله وهما بحالة صدمة وهذيان وبكاء.
*البنك المركزي العراقي
وبحسب وثائق المحكمة، فإن صاحب عمل بيثر انسحب من المشروع بعد أن فشل البنك المركزي العراقي في دفع مستحقاته المالية، بينما ادعت السلطات في العراق أن بيثر وزميله المصري هما المسؤولان شخصياً عن انتهاك العقد المبرم.
لكن التقرير يشير إلى أن بيثر يقول في رسالته إنه جرى إجباره على التوقيع على اعتراف لم يستطع قراءته، متسائلاً "هل بإمكانك أن تتصور أنه يتم سجنك في بلد أجنبي يتحدث فيه شخص أو شخصان فقط اللغة الإنكليزية لمدة ثلاث سنوات، لقد أُجبرت على التوقيع على اعتراف مكتوب مسبقاً يدينني باللغة العربية، وهي لغة لا أقرأها أو أفهمها، بعد أن تم احتجازي في خزانة، أعاني من الجفاف والجوع. لم تكن هناك فرصة لأدافع عن نفسي".
ونقل التقرير عن رئيس الوزراء الأسترالي أنطوني البانيز، قوله إنه يبذل كل ما في وسعه من أجل ضمان عودة بيثر، موضحاً "لقد بذلنا جهوداً ضخمة بما في ذلك الاتصال المباشر الذي قمت به كرئيس للوزراء، مع القادة هناك في العراق"، مشيراً إلى أن وزارة الخارجية قامت بتمثيل بيثر أكثر من 100.
وتابع، "حكومتي سوف تعمل دائماً لصالح المواطنين الأستراليين وفيما يتعلق ببيثر، نحن بالتأكيد نقوم بكل ما في وسعنا لضمان عودته سالماً".
لكن التقرير نُقل عن ديسري، زوجة بيثر، قولها إنها تشعر بالتقدير إزاء بيان رئيس الحكومة، غير أنه قيل لها عدة مرات أن هناك المزيد مما يمكن القيام به من أجل بيثر، بما في ذلك التمثيل المباشر من رئيس لحكومة أو وزير الخارجية من خلال الذهاب إلى العراق والتحدث معهم حول وضع زوجها، لكي يتم التوصل إلى حل لذلك.
*"تم التخلي عني"
وفي رسالته، يوجه بيثر نداء إلى الأستراليين للضغط على حكومته من أجل إعادته إلى الوطن، قائلاً "لقد ناشدت رئيس الحكومة ووزير الخارجية لمدة ثلاث سنوات أن يقوما بكل ما في وسعهما من أجل مساعدتي وإعادتي إلى الوطن، ولكن حتى الآن، أشعر أنه تم التخلي عني".
وأضاف، "أنا مريض، وأشعر بالقلق من أنني لن أتمكن من النجاة من هذه المحنة، وأدعو الأستراليين كافة إلى أن يكتبوا إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية ويطلبوا منهما بذل جهود إضافية، وأن يفعلا كل ما هو ممكن لإعادتي إلى عائلتي".