النقد الدولي يشيد بإجراءات الحكومة العراقية.. كافحت التضخم ودعمت الشفافية وأصلحت المصارف وصفَّرت الديون
انفوبلس..
بعد اتخاذه إجراءات مصرفية استثنائية خلال حكومة السوداني وتصفير ديونه لدى صندوق النقد الدولي، حصل العراق وبنكَه المركزي على إشادة كبيرة من الصندوق لإجراءاته الخاصة بشفافية المعاملات وإصلاح قطاع المصارف الحكومية، فضلاً عن نجاحه بمحاربة التضخم.
تطور مهم بالقطاع الاقتصادي
التقرير الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي للعام الحالي 2024، أشاد بإجراءات الحكومة العراقية الخاصة بالسياسة النقدية، فيما أشار إلى أن العراق نفّذ تدابير امتثال جديدة لتحسين شفافية المعاملات المالية عبر الحدود.
وذكر بيان صدر عن البنك المركزي العراقي، أمس الأول، أن "التقرير الصادر عن بعثة صندوق النقد الدولي للعام الحالي 2024 لمشاورات المادة الرابعة، أشاد بإجراءات الحكومة العراقية، ومنها السياسة النقدية التي يقودها البنك المركزي العراقي".
وأشار التقرير الى، أن "البنك المركزي العراقي اتخذ عدة إجراءات تهدف نحو استقرار العملة الوطنية والتحكم بالتضخم النقدي"، مشيراً الى أنه "قام برفع سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية من 4 بالمئة إلى 7.5 بالمئة وزيادة متطلبات الاحتياطي الإلزامي للمصارف من 15 بالمئة إلى 18 بالمئة، وكانت هذه الخطوات حاسمة في الحد من الضغوط التضخمية التي عانى منها العراق، وقد ساهم ذلك في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً".
وأكد التقرير، أن "الإصلاحات المهمّة في القطاع المصرفي كالزيادة التدريجية في رأسمال المصارف وعمليات الاندماج بين المصارف الصغيرة تهدف إلى تعزيز القطاع المصرفي، وزيادة كفاءته ومرونته في مواجهة الصدمات الاقتصادية".
ونوّه التقرير، الى أن "العراق نفذ تدابير امتثال جديدة لتحسين شفافية المعاملات المالية عبر الحدود، وذلك من خلال إطلاق منصة إلكترونية تفرض الكشف عن المستفيدين الماليين، مما يعزز نزاهة التحويلات المالية بما يتناسب مع المعايير المصرفية الدولية، فضلاً عن دور البنك المركزي العراقي في توسيع العلاقات المصرفية المراسلة، لتسهيل عمليات تمويل التجارة الدولية بشكل أكثر سلاسة".
تصفير الديون
وفي منتصف أيار الجاري، أقدم العراق على تسديد الديون المستحقة عليه لصندوق النقد مرة واحدة، ووفق تصريحات مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية العراقي مظهر محمد صالح، فقد تم تسديد كامل القروض التي حصلت عليها من صندوق النقد الدولي منذ عام 2003.
وعن تفاصيل سداد القروض، كشف مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية مظهر صالح، عن القروض التي قدمها صندوق النقد الدولي للعراق منذ عام 2003، وفيما أشار إلى أن مجموعها لم يتجاوز 8 مليارات دولار، أكد تسديدها بالكامل.
وبحسب صالح، فإنه "منذ عام 2003، قدم صندوق النقد الدولي عدة قروض للعراق كانت تستهدف دعم استقرار الاقتصاد الكلي وتنفيذ الإصلاحات المالية، فبين الأعوام 2003 و2021، حصل العراق على عدة برامج تمويلية من صندوق النقد الدولي، بما في ذلك قروض طارئة ومساعدات مالية طويلة الأجل نسبياً".
وأضاف، أنه "في السنوات الأولى بعد عام 2003، قدم الصندوق دعماً كبيراً للعراق من خلال برامج مختلفة، بما في ذلك برنامج الاستعداد الائتماني SBA وأداة التمويل السريع، فعلى سبيل المثال، في العام 2016، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج استعداد ائتماني SBA بقيمة 5.34 مليارات دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية في العراق وحصل العراق على ثلثي المبلغ آنفاً، وجرى تسديده كاملاً خلال خمس سنوات".
وتابع صالح، أنه "في عام 2021، طلب العراق قرضاً طارئاً بقيمة 6 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي ويبدو أنه لم يتحقق القرض لعدم ارتباطه بواحدة من برامج الصندوق في حينها"، منوهاً بأنه "قد استهدفت سبل التعاون مع صندوق النقد الدولي إلى دعم الإصلاحات الحكومية ومواجهة الأزمات الاقتصادية التي نجمت عن انخفاض أسعار النفط والتي ارتبطت بتقلبات ميزان المدفوعات وتأثيراته في النشاط الاقتصادي".
وأوضح مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي للشؤون المالية، أنه "منذ العام 2003، بلغت قيمة القروض والمساعدات المالية التي منحها صندوق النقد الدولي للعراق عدة مليارات من الدولارات ولا يتعدى مجموعها 7 إلى 8 مليارات دولار وجرى تسديدها كاملاً، مع التركيز عند منح القروض على تنفيذ برامج ارتبطت بدعم استقرار الاقتصاد الكلي وتنفيذ الإصلاحات المالية الضرورية".
وعقب تسديد الديون له من قبل العراق، قال صندوق النقد الدولي، إن الاختلالات الداخلية في العراق تفاقمت بسبب التوسع المالي الكبير وانخفاض أسعار النفط. وأضاف في بيان له، إن العراق بحاجة لتصحيح أوضاعه المالية العامة تدريجيا؛ لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية.
ورحب الصندوق في بيان له بالانتعاش الاقتصادي القوي وانخفاض التضخم في العراق وتحسن الظروف المحلية التي أدت إلى تنفيذ أول ميزانية مدتها 3 سنوات. وشدد على ضرورة وجود سياسات اقتصادية سليمة وإصلاحات هيكلية في العراق لتأمين المالية العامة والديون نظرا للنزاعات الإقليمية التي قد تؤثر على أسعار النفط.
وعن النقاط الإيجابية التي سيجنيها العراق بعد تصفيره جميع ديون النقد الدولي، أوجز خبراء اقتصاديون تلك الايجابيات بالنقاط الآتية:
ـ تحسين التصنيف الائتماني: سيساهم تسديد الديون في تحسين التصنيف الائتماني للعراق، مما يجعله أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين ويُمكنه من الحصول على قروض بفوائد أقل في المستقبل.
ـ زيادة الاستثمارات الأجنبية: يُؤدي تحسن التصنيف الائتماني إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في العراق، مما يخلق فرص عمل جديدة ويُساهم في تنمية الاقتصاد.
ـ تعزيز الثقة بالاقتصاد: يُظهر تسديد الديون التزام الحكومة العراقية بإدارة اقتصادها بشكل سليم، مما يعزز الثقة بالاقتصاد ويُشجع على النشاط الاقتصادي.
ـ الحصول على تمويلات جديدة: بعد تسديد ديونه لصندوق النقد الدولي، قد يُصبح العراق مؤهلاً للحصول على تمويلات جديدة من الصندوق أو من جهات دولية أخرى لتنفيذ مشاريع تنموية.
ـ استقرار الاقتصاد: يُساهم تسديد الديون في تقليل عبء الدين على الموازنة العامة، مما يُتيح للحكومة تخصيص المزيد من الموارد للإنفاق على الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.
ـ خلق فرص عمل: تُؤدي الاستثمارات الأجنبية المتزايدة إلى خلق فرص عمل جديدة، مما يُساهم في خفض معدلات البطالة وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
ـ تنمية مستدامة: يُساعد تحسن التصنيف الائتماني والاستثمارات الأجنبية المتزايدة على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة على المدى الطويل.
ـ إعادة تأكيد سيادة العراق: يُمكن النظر إلى تسديد الديون كخطوة نحو إعادة تأكيد سيادة العراق واستقلاله المالي.
ـ تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي: يُظهر تسديد الديون التزام العراق بمسؤولياته الدولية، مما يُساهم في تحسين علاقاته مع المجتمع الدولي.
إشادة سابقة
وفي الثالث من آذار الماضي، أشاد خبراء بعثة صندوق النقد الدولي بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي العراقي، وساهمت بالمحافظة على استقرار الاقتصاد العراقي والعمل على رفع قدراته.
وقالت البعثة في البيان الختامي على هامش الاجتماعات التي عقدت في العاصمة الاردنية عمان، إن "النمو عاد في القطاع غير النفطي بشكل قوي في العام 2023، مع انحسار التَّضخُّم. ويُقدَّر النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي بنسبة 6 من المئة في العام 2023، بعد انحساره في العام 2022. وقد تراجع التضخم الكلي من المستوى المرتفع الذي بلغه بنسبة 7.5 من المئة في مطلع العام 2023، إلى 4 من المئة بحلول نهاية العام نفسه، ليعكسَ بذلك انخفاضَ أسعار الأغذية والطاقة على المستوى الدولي".
وعزت البعثة حدوث هذه التطورات إلى "عودة عمليات تمويل التجارة إلى مسارها الطبيعي واستقرارُ سوق صرف العملات الأجنبية. فبعد حدوث بعض الانقطاعات في أعقاب تنفيذ الضوابط الجديدة لمكافحة غسيل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب على المدفوعات العابرة للحدود في تشرين الثاني 2022، أدّى تحسينُ الامتثال للنظام الجديد، ومبادراتُ البنك المركزي العراقي لخفض مدة معالجة المعاملات إلى حدوث تعافٍ في تمويل التجارة في النصف الثاني من العام 2023. وقد ضَمِن ذلك إمكانية القطاع الخاص في الحصول على العملة الأجنبية بالأسعار الرسمية لأغراض الاستيراد والسفر".
ورحبت البعثة بـ"الخطوات الأولية التي اتُّخذت نحو تأسيس حساب الخزانة الموحّد (TSA) ، والذي يعتبر أداةً حاسمةً لتحسين إدارة السيولة النقدية".
وأشادت البعثة بـ"الجهود المبذولة من قبل البنك المركزي العراقي والهادفة إلى التخلُّص من فائض السيولة. فقد قام البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية وبرفع متطلبات الاحتياطي الإلزامي، كما بدأ بإصدار أذونات خزانة بأجل مدته 14 يوماً في الصيف الماضي. ودعا الصندوق إلى دعم الجهود القائمة من قبل البنك المركزي من خلال توحيد الودائع الحكومية غير المُستَغلّة في حساب الخزينة المُوحّد، والامتناع عن السياسة المالية المُسايِرة للاتجاهات الدوريّة، والحدّ من الاعتماد على التمويل النّقدي، وتحسين إدارة الدّين العام، منوهاً لمواصلة الجهود الرامية إلى إنشاء سوق ما بين المصارف بدعم من المساعدة الفنية التي يقدمها صندوق النقد الدولي. كما ترحب البعثة بالخطوات التي اتخذتها السلطات من أجل تسريع وتيرة رقْمنة الاقتصاد، وخفض الاعتماد على النقد وتعزيز الشمول المالي".