انخفاض الدَّين الخارجي العراقي إلى 9 مليارات دولار في 2024.. ما هي الإجراءات التي ساهمت ذلك؟ ماذا عن الداخلي؟
انفوبلس/ تقرير
نجحت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، في خفض الدَّين العام الخارجي بنسبة تجاوزت الـ 50 بالمئة منذ نهاية العام 2022 وحتى العام الحالي، في وقت احتل العراق المرتبة الرابعة في تصنيف الاستثمار الأجنبي المباشر وأفضل الأسواق الناشئة للاستثمار في عام 2024.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الدَّين الخارجي والداخلي العراقي وبالأرقام وكذلك الاستثمار في عام 2024.
قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، إن الدَّين الخارجي انخفض من 19.729 مليار دولار في 2022 إلى 15.976 مليار دولار في 2023 وصولاً إلى ما يقارب 8.9 مليارات دولار في العام 2024.
وأضاف، إنّ الإجراءات المالية التي ساهمت في الخفض تضمنت "إيقاف عدد من عمليات الاقتراض بسبب تلكُّؤها وعدم إنتاجيتها، وتنظيم الديون وإدارتها وتدقيقها، وإعادة هيكلة بعض الديون وتوجيهها إلى إنشاء مشاريع استراتيجية، تستهدف عدم رهن الاقتصاد العراقي لالتزامات قد تؤثر مستقبلاً في القرار السياسي، أو في مسار التنمية الوطنية".
وأوضح العوادي، إنه "وفي سياق موازٍ، نظمت الحكومة عملية التعاون التمويلي مع المجتمع الدولي بسياقات محددة، تشمل الاقتراض المباشر المنتج، وتقديم الكفالات السيادية لضمان إنتاج مشاريع يقوم بها القطاع الخاص لمصلحة الحكومة، والضمانات السيادية التي تقدمها الحكومة لمصلحة المؤسسات التي تموّل القطاع الخاص العراقي المستورد لخطوط إنتاجية من أجل بناء مصانع داخل العراق".
وأكد، إنّ "هذه الخطوات تمهّد نحو المزيد من اندماج بلدنا في دورة الاقتصاد الدولية، وأن تنتهج الحكومة مبدأ الاقتراض المُنتج فقط، مما يؤدي فعلياً إلى الزيادة في الناتج المحلي، وتمويل المشروعات الوطنية الخدمية والمنتجة ذات المردود الاقتصادي، بما يضمن إنجازها وعدم تأخيرها".
يذكر أن الديون واجبة السداد، هي التي تخص اتفاقية نادي باريس، وتسمى ديون ما قبل العام 1999، بالإضافة إلى ديون أُضيفت لها خلال الحرب على "داعش".
وكان نادي باريس، قد شطب في العام 2004، نحو 80 بالمئة من الديون المترتبة على العراق، خلال فترة النظام السابق، حيث كانت تبلغ 120 مليار دولار.
واستمر العراق بالاقتراض الدولي بعد عام 2003، وخاصة في أزمة انهيار أسعار النفط التي تزامنت مع العمليات الأمنية ضد تنظيم "داعش" في عام 2014، فضلا عن الاقتراض الداخلي لسد عجز الموازنة العامة للبلد.
ويعوّل العراق على ارتفاع أسعار النفط الذي يعتمد عليه بنحو 96% في إيراداته المالية، لسد العجز المالي وتقليص حجم الديون الداخلية والخارجية إلى جانب استئناف العمل بأكثر من 5 آلاف مشروع متوقف منذ سنوات في عموم مدن البلاد، في قطاعات الصحة، والتعليم، والكهرباء، والمياه.
وارتفعت صادرات العراق إلى أكثر من 1.23 مليار برميل نفط خلال العام 2023 الفائت، وتصدرت الصين والهند الدول الأكثر شراءً للنفط العراقي. وبلغ معدل التصدير الشهري للنفط 102.6 مليون برميل، بمعدل يومي 3.4 ملايين برميل بارتفاع بلغ 5.36% عن صادرات العام 2022".
وحثَّ صندوق النقد الدولي، العراقَ، مؤخرا على زيادة الإنفاق الرأسمالي وزيادة الإيرادات غير النفطية، عبر إصلاح قطاع الكهرباء، والجبايات وفرض ضرائب جديدة وغيرها.
ماذا عن الديون الداخلية؟
أعلنت مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية الشهر الماضي، أن الدين الداخلي العام للحكومة العراقية تجاوز حاجز 70 تريليون دينار في نهاية 2023 ليرتفع بمقدار 1.5% مقارنة مع 2022 وهو أعلى رقم يصله الدين الداخلي للعراق منذ سنة 2003.
وذكرت المؤسسة في تقرير أنه كان أعلى نسبة نمو في الدين الداخلي العام حدثت سنة 2020 حيث قفز من 38 تريليون دينار في نهاية 2019 الى 64 تريليون دينار عراقي في نهاية 2020 بزيادة بلغت قيمتها 26 تريليون دينار وبنسبة زيادة بلغت 67% ، مبينة أن الدين العام انخفض بمقدار "ضئيل" في 2022 وعاود الارتفاع في 2023 ليتجاوز حاجز 70 تريليون دينار عراقي.
ووفقا للتقرير، فإن الدين الداخلي توزع بين قروض من المصارف التجارية والحكومية والتي بلغت نسبته بحدود 37% من مجمل الدين، و بحدود 62% من البنك المركزي العراقي كالتزامات على المؤسسات الحكومية.
وأشارت المؤسسة في تقريرها إلى، أن الدين العام يمثل ما نسبته 19% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وهي نسبة مقبولة نوعا ما مقارنة بنسب باقي الدول.
ونوه التقرير إلى، أن المشكلة الأساسية تكمن في أن أغلب هذه الديون هي نفقات تشغيلية، وليست استثمارية، بمعنى أن هذه الديون لا يمكن استرجاعها من المشاريع الاستثمارية التي كان من المفترض أن تعمل على إنشائها لتساهم في زيادة الناتج المحلي وبالتالي المساهمة إرجاعها الى دائنيها، محذرا من أن استمرار هذه الديون الداخلية بدون وجود خطط لتسديدها يكلف موازنة الدولة نفقات إضافية تتمثل بمبالغ الفائدة التي تضعها المؤسسات الحكومية الداخلية والخارجية على هذه الديون.
واقترح التقرير على الحكومة العراقية إما إطفاء الديون الداخلية كونها ديونا غير قابلة للاسترجاع، أو وضع خطة واضحة لإطفائها وتحويلها الى ديون منتجة من خلال تسديد الديون السابقة، والاستفادة من ديون جديدة يكون هدفها استثماريا وتنمويا قادرا على زيادة الناتج المحلي لمختلف القطاعات، وتساهم في توليد أقساط الديون وفوائدها من عائدات هذه المشاريع حصراً.
*تشجيع الاستثمار الأجنبي
في سياق متصل، كشف المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، عن إجراءات حكومية وضعت العراق في مقدمة الدول بالاستثمار الأجنبي، وأشار إلى أن طريق التنمية وميناء الفاو عززا رؤية الحكومة في تشجيع الاستثمارات الأجنبية.
وقال صالح، إنّ "الاقتصاد العراقي يتميز بميزتين أساسيتين تساعدان على منحه الأفضلية في الاستثمار الأجنبي أولهما، التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية يعكسها الحساب الجاري لميزان المدفوعات نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي تقدرها المراكز الاقتصادية والوطنية الدولية بفائض يقدر بنحو 7٪، كما يحتل العراق المرتبة الثانية في إنتاج أوبك النفطي والمرتبة الخامسة عالمياً في ذلك الإنتاج".
وأوضح، إن "العراق يأتي في المرتبة التاسعة عالمياً بالموارد الطبيعية في باطن الأرض، وفي المرتبة الأولى في مخزونات الكيلومتر المربع الواحد من الموارد الطبيعية القابلة للاستثمار مثل (الفوسفات و الكبريت وغيرها من المخزونات المهمة).
كما أحتل العراق، المرتبة الرابعة في تصنيف الاستثمار الأجنبي المباشر وأفضل الأسواق الناشئة للاستثمار في عام 2024.
وأشارت دراسة لموقع FDI Intelligence المتخصص في شؤون الاستثمار الأجنبي المباشر الى، أن "تقييم هذا التصنيف بناءً على عدة معايير، من بينها نمو الناتج المحلي الإجمالي ونسبة التضخم والنمو في إنفاق رأس المال في الاستثمار الأجنبي المباشر، ونسبة النمو في مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر".
ولفت إلى، "تحسن ملحوظ في مناخ الاستثمار في العراق والجهود المبذولة لتعزيز القطاع الاقتصادي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة".
وأوضحت الدراسة، أن "هذا التصنيف يبرز أهمية العراق كوجهة استثمارية مهمة في المنطقة".