انفوبلس تتقصى أسعار الدولار منذ ظهور المنصة.. تقلبات ومخاوف من انهيار الدينار
انفوبلس/ تقارير
بمتابعة دقيقة لشبكة انفوبلس، شهدت أسعار الدولار تقلبات كبيرة منذ دخول المنصة الالكترونية للعمل بشكل فعلي في أواخر 2023، وشهدت تلك الأسعار تذبذبا مقلقا قبل أن تستقر على الارتفاع، وهذا ما دقَّ ناقوس الخطر مؤخرا وبرزت العديد من المخاوف من انهيار الدينار العراقي، ومن استمرار إخفاقات البنك المركزي في معالجة الأزمة، فأين يكمن الخطأ الذي وقع به الأخير وحلّق بأسعار الدولار عالياً؟ وهل من خطر حقيقي على الدينار؟ وما أبرز المعالجات؟ كل ذلك وأكثر في سياق التقرير الآتي.
مبيعات البنك المركزي
خلال متابعة انفوبلس، فقد بلغت مبيعات البنك المركزي خلال هذه الفترة أكثر من 60 مليار دولار عبر منصة بيع العملة الاجنبية.
وباع المركزي العراقي خلال الـ12 شهرا من العام الماضي في الايام التي فتح فيها مزاده لبيع وشراء الدولار الأمريكي، 40 مليارا و925 مليونا و383 ألفا و937 دولارا، وبمعدل بلغ 3 مليارات و410 ملايين و486 ألف دولار شهريا.
فيما سجلت مبيعات البنك خلال النصف الأول من العام 2024 أكثر من 20 مليار دولار، توزعت ما بين حوالات للخارج لتمويل التجارة الخارجية، وما بين البيع النقدي للمصارف.
وبلغ سعر بيع مبالغ الاعتمادات المستندية والتسويات الدولية للبطاقات الالكترونية 1305 دنانير لكل دولار، فيما بلغ سعر بيع مبالغ الحوالات الى الخارج وسعر البيع النقدي 1310 دنانير لكل دولار.
مراحل تغيير سعر الصرف
وخلال هذه الفترة، شهد العراق تغييرا في سعر الصرف على مراحل مختلفة، نتيجة عدم سيطرة البنك المركزي على السوق الموازية، والتي أضحت هي المتحكمة بأسعار الدولار المطروح فيها. فكانت النتيجة كالآتي:
ـ شهر كانون الأول 2023 ارتفع سعر الصرف الى 1650 لكل دولار
ـ شهر آذار 2023 انخفض الى 1600 لكل دولار
ـ شهر نيسان 2023 انخفض الى 1580 لكل دولار
ـ منذ شهر أيار 2023 الى تموز استقر عند 1550 لكل دولار
ـ منذ شهر آب 2023 الى كانون الأول 2023 استقر عند 1500 لكل دولار
ـ منذ شهر كانون الثاني 2024 لغاية شهر حزيران 2024 استقر عند 1470 لكل دولار
ـ ومع بداية شهر تموز الحالي تصاعدت الأسعار وتفاوتت بين 1480 الى 1520 لكل دولار
الخطأ الذي وقع به البنك المركزي
تقصت شبكة انفوبلس، أسباب تلك التقلبات، والخطأ الذي وقع به المركزي وقاد إلى كل ذلك، وهو ما أكده الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، عندما قال بإن تفعيل المنصة هو إجراء تنظيمي ليس عليه خلاف، لكنه أشار الى أن "الخطأ الذي وقع به البنك المركزي العراقي يتمثل بعدم اتباع السياسة الصحيحة للتفعيل، خاصة وأن البنك الفدرالي الأمريكي أمهل البنك المركزي العراقي سنتين، منذ العام 2021 لغاية 2023، وهم أبلغوهم بشكل رسمي أنه سيبدأ تطبيق المنصة اعتباراً من بداية 2023".
وأوضح المشهداني خلال حديثه، أن "تدريب البنك المركزي كان ضعيفا في تلبية متطلبات السيطرة على السوق مع تفعيل المنصة، وكذلك استجابة المصارف ضعيفة، حيث إنهم لم يعتقدوا بأن ذلك سيُطبق، فكانت هذه المرة الأولى التي أدى الى ارتفاع كبير في سعر الصرف والذي وصل فيها الى معدلات كبيرة وصل لـ 1650 للدولار الواحد".
نافذة بيع العملة و"سرقة القرن"!
وربط المشهداني التقلبات السريعة لسعر الصرف حينها، بـ"سرقة القرن"، وقال إن "هناك ربطا وثيقا بين سرقة القرن ونافذة بيع العملة، حيث نشاهد في توقيت سحب الصكوك لمبالغ الامانات الضريبية، زيادة في المبيعات للدولار من نافذة بيع العملة"، مبينا أن "هذه إشارة واضحة بأن تلك المبالغ كانت تستخدم في دخول نافذة بيع العملة بالدولار فانعكست سلبا على السوق".
ولفت الخبير الاقتصادي الى أنه "وبعد دخول المنصة خسرت الكثير من المصارف، بسبب الربح الكبير الذي كانت تتحصل عليه بالطرق السابقة لنافذة بيع العملة، فضلا عن أن الكثير من التجار وبعد تطبيق المنصة لا يستطيع أن ينتظم ويتعامل مع إجراءات المنصة فذهب للسوق السوداء للحصول على الدولار"، مؤكدا أن "المواطن هو المتضرر الوحيد من هذه العملية".
أضرار تقلبات سعر الصرف
وعن الأضرار الناجمة عن تقلبات سعر الصرف، بين المشهداني أن "التقلب في أسعار الصرف هو أمر معقول عندما يكون بنسبة لا تتجاوز الـ 1% او 2%، لكن نحن اليوم نتحدث عن فجوة تصل الى 10%، وهذا تغيير كبير وعلى البنك المركزي أن يتدخل بقوة".
وتابع، أن "البنك المركزي يذهب عكس ذلك، بقرارات خاطئة، منها القرار الأخير الخاص ببيع الدولار للمسافرين والذي حصره في المطار بمشاركة المصارف الحكومية (الرافدين والرشيد) رغم أن هذين المصرفين أخفقا في إدارة هذا الملف".
وأشار المشهداني الى، أن البنك كذلك "حدد 4 شركات فقط توزع الدولار ضمن القرار الاخير، وفي المطار حصرا"، متسائلا: "كيف يمكن لأربع شركات أن تقوم بمهمة توزيع الدولار مع عدد قليل من فروع المصارف، بينما كان لدى البنك المركزي أكثر 1200 شركة وحصلت أزمة ارتفاع أسعار الدولار؟!".
فشل السياسة النقدية للبنك المركزي
من جانبه، يتفق الخبير المالي والاقتصادي مصطفى حنتوش، مع المشهداني، على "فشل السياسة النقدية للبنك المركزي، التي تسببت بتقلبات أسعار الدولار وعدم السيطرة عليه في السوق العراقية".
وقال حنتوش في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك فشلا واضحا في السياسة النقدية"، حيث كان على البنك المركزي العراقي أن يحمي القطاع المصرفي من بطش أمريكا مثل ما فعلت دول المنطقة".
وأضاف، إنه "بعد أن فرضت الخزانة الامريكية منصة لتدقيق الحوالات، وهي حالة موجودة في عدد من الدول ليس فقط العراق كان الغرض منها هو الحد من وصول الدولار الى عدد من الدول التي لديها مشاكل مع الولايات المتحدة الامريكية منها إيران وسوريا ولبنان وروسيا، فجاءت تلك المنصة لتدقيق ما يذهب لتلك الدول، ولكن البنك المركزي العراقي كان لديه حلول للخروج من مشكلة تعثر بعض المصارف والشركات العراقية وعدم الوقوع في شباك عقوبات الولايات المتحدة".
وأكمل، إن الحل يكمن في "الذهاب الى إنشاء منصة خاصة مع الدول المحرومة من تحويل الدولار لها، لكن البنك المركزي فشل ولم يشرع بتلك الخطوة مطلقا، على الرغم من أن الحكومة العراقية تملك تجربة تجارية واضحة للإفلات من العقوبات الامريكية وهي الاستثناءات مع قطاع الغاز، فالعراق اليوم يستورد الغاز من إيران بعلم الولايات المتحدة"، مشيرا الى ان البنك المركزي كان بإمكانه أن يستنسخ هذه التجربة بإنشاء منصة خاصة مع إيران.
أبرز إخفاقات البنك المركزي
أكمل حنتوش إخفاقات البنك المركزي العراقي، وأكد أنه ذهب الى أكثر من عدم إنشاء منصة خاصة، حيث ذكر "أنه ليس للعراق تجارة مع ايران وسوريا، وبذلك اتُهمت المصارف والشركات التي تتعامل معهما وحتى المواطن، فصارت العقوبات تتولى على العراق من قبل الخزانة الأمريكية والبنك الفدرالي الامريكي".
وتابع، إن "هناك فشلا واضحا في السياسة النقدية، وكان المفروض من البنك المركزي العراقي أن يحمي القطاع المصرفي من بطش أمريكا، مثل ما عملت دول المنطقة التي حصلت على موافقة بإنشاء منصة مع إيران وغيرها من الدول المحضورة".
وختم الخبير المالي والاقتصادي حديثه متسائلا بالقول: "البنك المركزي العراقي اليوم يحاول أن يقطع الكاش من السوق من خلال بعض القرارات، فإذا قطعها ماذا سيكون حال التجارة في العراق؟!".