بعد البنزين.. أزمة "كاز" خانقة تُفرغ الخزين الاستراتيجي للعراق!
انفوبلس – تقرير
بعد البنزين، ازمة ليست بالجديدة لكنها مختلفة هذه المرة، ضربت العاصمة بغداد ومحافظات عديدة اخرى، زيت الغاز أو كما يسمى بـ"الكاز"، طوابير تمتد عدة كيلومترات وشاحنات بالمئات تقف امام محطات التعبئة، والمسبب واحد، القرارات الحكومية غير المدروسة.
*أسباب الأزمة
لعل أبرز أسباب هذه الأزمة في العراق، هو القرار الذي أصدره مجلس الوزراء بتخفيض سعر الكاز من 400 دينار للتر إلى 250 ديناراً على أن تتولى وزارة المالية، خصم المبالغ من حصة الخزينة العامة المترتبة بذمة شركة المنتجات النفطية.
وتؤكد مصادر خاصة من داخل وزارة النفط لشبكة انفوبلس، أن هذا القرار يعد المسبب الأول لأزمة "الكاز"، حيث رغم ترحيب أصحاب المولدات الأهلية به، إلا أنه تم الأغفال بأنه جاء على حساب الخزين الاستراتيجي للوقود.
وتضيف المصادر، "أما السبب الآخر لأزمة الكاز، فتكمن في أن المولدات الأهلية كانت تعوض من معامل الأسفلت المؤكسد، ولكن رفع أسعار زيت الوقود هذا من 150 دينار للتر إلى 350، أدى إلى توقف هذه المعامل وبالتالي توقف تجهيز المولدات الأهلية بحصصها".
وهنا تجدر الإشارة، إلى أن شركة توزيع المنتجات النفطية، قررت في وقت سابق من العام الجاري تعديل اسعار منتوج زيت الوقود المجهز الى كافة معامل وشركات (القطاع الخاص والمختلط والقطاع العام ودوائر الدولة) ومن ضمنها معامل انتاج الاسفلت المؤكسد ما عدا معامل الطابوق لتصبح بسعر (350) دينار/ لتر"، رغم الأزمة الخانقة التي تعصف بوقود العراق.
وتُبين المصادر، أن "قرار تخفيض أسعار الكاز أضر بالخزين الاستراتيجي للدولة، حتى بات العراق الآن بلا خزين استراتيجي للوقود المجهز".
وكشفت المصادر ذاتها، بأن "هنالك نية بإلغاء البنزين المحسن واعتماد البنزين العادي و"السوبر" الذي سيتم طرحة بداية الشهر التاسع وبسعر الف دينار".
وبحسب المصادر، فأن "الوزارة تخطط لإلغاء البنزين المحسن كون مضرته أكثر من نفعه للوزارة وتسبب بخسارات كبيرة لها، بحسب وصفها، ولهذا ستحاول تعويض الأضرار بالبنزين السوبر الذي أكدت المصادر أنه مستورد وليس محلي!".
إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، أسبابٌ أخرى تقف وراء أزمات الوقود العديدة التي يعاني منها الشعب العراقي.
ويقول المحسن، إن "ازمات المشتقات النفطية كالكاز والبنزين و النفط الابيض، اسبابها عديدة ابرزها: العراق يستورد المشتقات النفطية بحدود ٥ مليار دولار سنويا من الخارج في حين أن الانتاج النفطي يتجاوز الـ 4 ملايين برميل".
ويضيف، "كثيرا ما نتحدث عن ضرورة ان تقوم الحكومة ببناء مصافي نفطية، ورغم وجود مصافي نفطية كبيرة مثل بيجي لكنه تعرض الى التخريب ونهب أغلب معداته"، مبينا ان "الامر الاخر يتمثل بان الطاقة التكريرية الموجودة في العراق لا تغطي الا نسبة قليلة من حاجة السوق المحلي".
ويبين المحسن أن "الامر المهم الاخر هو عمليات التهريب مابين المحافظات التي تشهد نوعا من الاستقرار والمحافظات الشمالية التي تكون قريبة من كركوك وديالى مثلا"، مشيرا الى ان "عجلات كثيرة تتزود بالوقود من هذه المحافظات، وبالتالي يتم تهريب الگاز والبنزين والنفط الابيض الى المحافظات الشمالية كاربيل والسليمانية والدهوك؛ لان فارق السعر كبير جدا".
ويتابع الخبير الاقتصادي، أن "السبب الاخر يتمحور حول غياب العدالة بالتوزيع المشتقات النفطية بين المحافظات"، مطالبا بـ"ضرورة مراقبة ومتابعة ازمات الوقود من قبل الجهات المختصة".
اصحاب محطات الوقود كانت لهم كلمة أيضا، حيث أكدوا ان "ازمة الكاز ليست بالجديدة، فالمحطات تعاني منذ مدة ليست بالقليلة من شحة زيت الغاز، وطوابير الشاحنات تقدر بالمئات وتصل لمسافات طويلة ، بدون اي توضيح من وزارة النفط، او شركة توزيع المنتوجات النفطية عن أسباب هذه الازمة".
*مسارات الكاز وأولوياته
أبرز مسارات الكاز في العراق هو مسار المصافي والكاز المستورد من الخارج، وهذا واجه مشكلة في استيراده بفعل الحرب الروسية الأوكرانية التي تسببت بأزمة عالمية في المنتجات النفطية، انعكست سلبا على العراق، أما أولويات الكاز، فتكمن في محطات الوقود ومحطات الكهرباء التي تعمل بالغاز وباحتياطي الوقود.
ويمتلك العراق العشرات من المصافي النفطية إلا أن معظمها بحاجة الى التأهيل من جديد، ورغم ذلك لم تحقق الاكتفاء الذاتي من مادتي البنزين والكاز، وهو ما دفع البلد الى تزويد الصين ومصر بالنفط الخام حتى يتم تصفيته وإعادته لمشتقات نفطية وهي عملية مكلفة ماديا بحسب ما يرى خبراء في الجانب الاقتصادي.