حكومة السوداني تتخذ قرار إنشاء مدن جديدة وتؤسس بلديات 4 منهن.. إليك القصة كاملةً
انفوبلس/ تقرير
تعتزم حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بناء مدن جديدة في العراق بمشاركة الفعاليات المجتمعية والمستثمرين والأجهزة الخدمية والحكومية، في وقت قرر مجلس الوزراء الشهر الماضي، تأليف فريق برئاسة وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، بهدف التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها.
* استكمال إنشاء مؤسسات بلديات للمدن الجديدة المستحدثة
أعلن مكتب رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الخميس 13 أبريل/ مارس 2023، استكمال إنشاء مؤسسات بلديات للمدن الجديدة المستحدثة.
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان أنه "استناداً لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وانسجاماً مع ما جاء في المنهاج الوزاري بشأن حلول أزمة السكن، واستناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم (23052 في 25 كانون الثاني 2023)، المتضمن تكليف المحافظات بعملية التنسيق مع وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة المضي في استحداث المدن الجديدة خارج التصاميم الأساسية للمدن القائمة، فقد جرى استحداث مؤسسات البلديات للمدن الجديدة، ورفع الملف إلى مجلس الوزراء لاستكمال الموافقات والمباشرة بالبنى التحتية اللازمة".
وأضاف البيان: "حيث تم إنشاء بلدية علي الوردي في محافظة بغداد، وبلدية السلام في محافظة النجف الأشرف، وبلدية المتنبي في محافظة واسط، وبلدية الديوانية الجديدة في محافظة الديوانية".
وتابع: "كما تجري عملية إتمام نقل ملكية الأراضي من وزارتي المالية والزراعة إلى المؤسّسات البلدية الجديدة، توفيراً للجهد واختزالاً للإجراءات، ووفق توجيهات رئيس مجلس الوزراء، إذ تم تشكيل لجان مختصة في كل محافظة لمتابعة استكمال تهيئة الأراضي والشروع في التخطيط العمراني وتنفيذ البنى التحتية".
وكان رئيس مجلس الوزراء، قد أكد، في 8 تشرين الثاني 2022، أهمية تنفيذ مدن جديدة مخدومة، تتمتع بالبنى التحتية وفق نموذج اقتصادي والتزامات بين الحكومة والمواطن، وعدم الاكتفاء بتوزيع قطع أراضٍ تفتقر للخدمات وتنتج مُدُناً مشوّهة.
*قرارات مجلس الوزراء الشهر الماضي: فريق حكومي للتخطيط
قرر مجلس الوزراء، في الـ 7 آذار/ مارس 2023، تأليف فريق حكومي لتخطيط وبناء مدن بمشاركة الفعاليات المجتمعية والمستثمرين والأجهزة الخدمية والحكومية.
القرار صدر أثناء الجلسة الاعتيادية التاسعة لمجلس الوزراء، وحدد مهام وصلاحيات الفريق برئاسة وزير الإعمار والإسكان، وعضوية وزير البيئة ورئيس هيئة المستشارين، ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وأمين بغداد، ومحافظ المحافظة المعنية، ورئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومدير عام دائرة التنمية الإقليمية/ وزارة التخطيط.
وينص القرار، على أنّ تتولى هيئة المدن الجديدة في وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، سكرتارية هذا الفريق بصلاحيات الاستعانة بمن تجده مناسبًا لإنجاز مهامها.
مهام الفريق:
*التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن الجديدة وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها.
*تحقيق التوازن بين دعم مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود وبين تشجيع القطاع الخاص والمستثمرين للمشاركة في إنشاء هذه المدن وتوفير الخدمات ورفع جودتها.
*تطبيق أنظمة اقتصادية تنافسية ولوائح ومعايير جودة عالمية ملائمة للبيئة المحلية خلال التنفيذ.
*وضع آليات وضوابط ومعايير لتوزيع الأراضي والاستثمار في هذه المدن، وتسهيل إجراءات منح الإجازات الاستثمارية وكذلك اقتراح نماذج التمويل.
*رفع مستوى الخدمات الحكومية، وحوكمة أشكال الإجراءات الخاصة كافة بهذه المدن وتقديمها بالكفاءة المطلوبة.
صلاحيات الفريق:
*إقرار مخططات التنمية العمرانية الجديدة وإحالتها للمصادقة.
*التفاوض مع المطوّرين والمستثمرين لتنفيذ البنى التحتية وغيرها من المشاريع الاستثمارية والمواضيع المتعلقة بإنشاء المدن الجديدة.
*إعداد نماذج مبتكرة للشركات مع القطاع الخاص من خلال منحهم فرصاً استثمارية في أماكن مميزة ومجدية اقتصادياً في العاصمة والمحافظات، مقابل ترغيبهم في إنشاء بنى تحتية ودور واطئة الكلفة في المدن الجديدة.
*دراسة كراسات الشروط المرجعية ومعايير المشاريع والتنمية العمرانية في هذه المدن واتخاذ اللازم بشأنها.
*دراسة طلبات الاستثمار للمدن الجديدة المرسلة إلى الفريق، واختيار المؤهل منها وإحالتها إلى هيئات الاستثمار لإصدار إجازات الاستثمار وفق القانون.
*تأليف فرق فنية ولجان ساندة كأجهزة تنفيذية للمدن الجديدة، بمشاركة الفعاليات المجتمعية تمثل شرائح المجتمع والمستثمرين والأجهزة الخدمية والحكومية.
*رفع محاضر اجتماعات الفريق بشأن توزيع الوحدات السكنية وقطع الأراضي السكنية داخل المدن الجديدة وإقرارها من قبل السيد رئيس مجلس الوزراء.
*التخطيط تنتظر التعليمات
كشفت وزارة التخطيط الشهر الماضي في الـ 9 مارس/ آذار 2023، عن عدم تلقيها أي تعليمات من قبل مجلس الوزراء بشأن قرار تشكيل فريق للإشراف على مشروع بناء المدن الجديدة، الذي أعلن عنه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وفيما أوضحت أن البلد بحاجة إلى 3 ملايين وحدة سكنية حسب الوضع الحالي دون الأخذ بنظر الاعتبار الزيادة السكانية.
ويقول المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، إن "لجنة تشكلت برئاسة وزير الإعمار والإسكان، تنضوي بداخلها عضويات جهات متعددة، من ضمنها وزارة التخطيط لتتولى مشروع إنشاء المدن الجديدة".
ويضيف الهنداوي، إن "المشروع لم تتضح ملامحه بعد، ولم تُرسَل لنا أي تعليمات بشأن دور وزارة التخطيط إلى الآن، ولكن بشكل عام يكمن دور وزارة التخطيط في المشاريع السكنية بتقييم ودراسة ما يتم تقديمه من تصاميم، جدوى اقتصادية، مخططات، وتخصيصات، لتعطي الوزارة في نهاية المطاف توصيات أو اقتراح إضافات معينة".
ويتابع، إن "المرحلة اللاحقة تمثل أهم أدوار وزارة التخطيط، عبر متابعة تنفيذ المشروع، والإشراف على أغلب مراحل العمل، للوقوف على دقة تنفيذ التصاميم والمخططات النهائية، وبعد تسليم المشروع للجهة المستفيدة ينتهي دور وزارة التخطيط".
وعن حاجة العراق لوحدات سكنية بغية القضاء على أزمة السكن، يؤكد الهنداوي، إن "العراق بحاجة لثلاثة ملايين وحدة سكنية في الوقت الراهن، نسبةً للكثافة السكانية الحالية، دون الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المستقبلية على حجم السكان".
وفي السياق ذاته، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي قصي صفوان، أن "المشاريع السكنية ينبغي أن تتمتع ببنية مستدامة، عبر الأخذ بعين الاعتبار الطابع السائد على المحافظة التي سوف تُنشَأ حولها المدن الجديدة، سواء كان ذلك الطابع دينيا، تجاريا، أم صناعيا، ليستهدف إنشاء المدن بعض الأعمال التخصصية، وتصبح الفعاليات المهنية قريبة من المدن الجديدة، لتنشأ بيئة مستدامة في المستقبل البعيد".
ويضيف صفوان، "يمكن إنشاء مدينة إدارية جديدة للعاصمة بغداد، تضم مختلف الوزارات والدوائر الرسمية، كي تخلّص العاصمة من الاكتظاظ السكاني، مع إمكانية أن تتمتع تلك المدينة بوحدات سكنية يتملكها الموظفون بدوائر الدولة، وهذا يحتاج لرؤية شاملة ووسائل نقل حديثة تربط المدينة الجديدة بمركز العاصمة".
ويبين، أنه "ينبغي تحديد الأرض التي سوف يتم إنشاء المدن السكنية عليها، لمعرفة ما تحتويه من موارد طبيعية، تؤسس لصناعات مستقبلية، كما يمكن تحديد طبيعة البناء، لتوجيه الشركات الاستثمارية نحو شراء المواد الإنشائية من المصنِّعين المحليين، فالعراق يمتلك شركات رائدة في مجال الصناعات الإنشائية، مثل الحديد والصُّلب والإسمنت وغيرها، فضلا عن ذلك يمكن لهذه المشاريع إنعاش سوق المقاولات، وتقليل نسب البطالة".
وكان الجهاز المركزي للإحصاء، أعلن مطلع العام الحالي، أنه من المتوقَّع أن يبلغ عدد سكان العاصمة بغداد خلال عام 2023، حوالي 9 ملايين نسمة، يعيشون بمساحة إجمالية تبلغ 4555 كم مربع، فيما بيّن أن الكثافة السكانية تبلغ نحو 2000 شخص لكل كم مربع واحد.
وكانت وزارة التخطيط، توقعت ارتفاع عدد السكان في العراق إلى 42 مليون نسمة بحلول نهاية العام الماضي، فيما أشارت إلى أن العراق لم يصل مرحلة الانفجار السكاني وأن نسبة النمو السكاني تُقدَّر بـ2.6 بالمئة.
وقرر مجلس الوزراء، توزيع 500 ألف قطعة أرض سكنية للمواطنين، بعد تشكيل الحكومة مباشرة، كما قرر أيضا تحويل جنس الأراضي الزراعية إلى سكنية، وخاصة الأراضي التي شُيّدت عليها مبانٍ وأصبحت بأمر الواقع مناطق سكنية، لكن لغاية الآن لم يُنفّذ القراران.
من جانبه، يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار، أن "أزمة السكن والحاجة المُلحّة لإنشاء أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، يحتّم على العراق إنشاء مدن جديدة، وهذا بطبيعة الحال يحتاج لشبكة من الصلاحيات والاتفاقات بين مختلف الوزارات والبلديات والقطاعات".
ويضيف العلي، أنه "بالرغم من عدم وضوح المشروع، لا من حيث المكان، ولا من حيث التصميم، ولا من حيث التنفيذ، إلا أن عمل اللجنة المُشكَّلة يأتي لتشابك الجهود وحل المشاكل حول عائدية الأراضي، ثم الانتقال لوضع الخطط والنوايا والسياسات الخاصة بإنشاء المدن الجديدة، التي تحتاج للكشف عن جدواها من الناحية الاقتصادية والخدمية".
ويشير إلى، أن "مجلس الوزراء استخدم صلاحياته بإعطاء المشاريع السكنية للشركات الاستثمارية، مع تقديم تسهيلات وحوافز، تتعلق بتمليك الأراضي المميزة للمستثمرين، بعد شرائها من الدولة، مع تحمل المستثمرين تقديم الخدمات كافة التي يحتاجها المواطن، سواء كانت بنى تحتية، أو مشاريع خدمية أخرى تحتاجها المدن".
يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تُعرف محليا باسم "الحواسم"، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية، وذلك بسبب أزمة السكن في البلد.
وغالبا ما يُطرح هذا الموضوع للنقاش في أغلب الحكومات المتعاقبة من دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليست المحال التجارية، فهي بقيت من دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يُعيق إزالتها بالقوة مع عدم عمل الدولة على توفير بدائل سريعة.