خط كركوك - جيهان يرى النور مجددا.. مَن أخرجه مِن الخدمة قبل عقد؟ وكيف سيكون بديلا لكردستان في تصدير النفط؟
انفوبلس/ تقارير
يعمل العراق على إعادة إحياء خط أنابيب كركوك - جيهان لاستئناف صادرات النفط الخام إلى تركيا بعد توقف عدة سنوات، في خطوة قد تُحكِم قبضة حكومة بغداد على النفط العراقي الذي لطالما استغله الإقليم. وأيضا قد تجعل هذا الخط منافسا للإقليم في عمليات التصدير بل وبديلا له. فما هي تفاصيله؟ ومن تسبب بإيقاف هذا الخط عشرة أعوام؟ وما هي الأضرار التي أُصيب بها ومن يتحملها؟ إليك كامل التفاصيل والجهات التي كانت تتآمر على تصدير النفط العراقي خارج أراضي كردستان بل وتهربه عن طريقمنفذ فيشخابور بتسهيل كبير من حكومة أنقرة.
*إصلاح الخط مجددا
وبهذا الصدد، قال وكيل وزير النفط العراقي باسم محمد، اليوم الاثنين، إن بغداد تقوم بإصلاح خط أنابيب قد يسمح لها بإرسال 350 ألف برميل يومياً إلى تركيا بحلول نهاية الشهر، وهي خطوة من المرجح أن تثير غضب حكومة إقليم كردستان.
وأكد محمد وفق رويترز، أن "أعمال الإصلاح مستمرة، وتمّ الانتهاء من محطة ضخّ رئيسية للنفط الخام مع مرافق تخزين، حيث من المرجح أنّ يكون خط الأنابيب (كركوك-جيهان) جاهزاً للعمل وجاهزاً لاستئناف التدفقات بحلول نهاية الشهر الجاري".
وأضاف، أنّ إصلاح الأجزاء المتضررة داخل العراق واستكمال إنشاء محطة ضخ أساسية ستكون المرحلة الأولى من العمليات لإعادة خط الأنابيب إلى طاقته الكاملة.
*ضربة لأبيكور ومنافسة كبيرة لكردستان
من شأن إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان، الذي أُغلِقَ لمدة عقد من الزمن، أن يوفر طريقًا منافسًا لصادرات إقليم كردستان التي توقفت لمدة عام مع تعثر المحادثات بين بغداد وحكومة الإقليم، وهذا يعني توجيه ضربة لرابطة صناعة النفط في الاقليم (أبيكور) وإحراج كبير بذات الوقت لكردستان كونها لم تلق المنافس الحقيقي للتصدير طيلة الفترة الماضية.
وتعُد بغداد اتفاقيات تقاسم الإنتاج بين الأكراد والشركات الأجنبية التي تستعمل خط الأنابيب التابع لحكومة إقليم كردستان غير قانونية.
وستطلب الحكومة المركزية في بغداد من شركات النفط التفاوض معها لبيع نفطها عبر خط أنابيب كركوك-جيهان الذي تم إحياؤه إلى تركيا؛ ما قد يثير غضب حكومة إقليم كردستان العراق التي تعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط.
وطُوَّر خط أنابيب كركوك-جيهان ليساعد العراق على تصدير أكثر من مليون برميل من النفط الخام يوميًا إلى منطقة المتوسط عبر ميناء جيهان التركي.
ومن شأن هذا الخط أن يكون بديلا لكردستان في تصدير النفط الى خارج العراق وذلك بعد سنوات من هيمنتها على هذا الملف وامتناعها عن ارسال ايرادات النفط المصدر الى المركز.
*التوقف السابق للخط.. أسبابه ومسبباته
يعتبر الأنبوب العراقي التركي الناقل للنفط الذي يبدأ من مدينة كركوك العراقية، 250 كم شمال العاصمة بغداد، مروراً بالأراضي التركية وصولاً إلى ميناء جيهان هناك، من أهم الخطوط الناقلة للنفط الخام، وقد بدأ العمل بهذا الخط الذي يبلغ قطره 40 عقدة عام 1973، وتم توسيع المنظومة مرتين في عام 1983 وفي عام 1987، واكتملت طاقته النهائية البالغة 1.75 مليون برميل يومياً، ويبلغ طول الخط 1048 كم.
إلا إن الصادرات عبر خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 960 كيلومتراً في 2014 بفعل عدة أسباب منها هجمات متكررة شنتها عصابات داعش الارهابية على الخط.
في حين تفيد مصادر ومعلومات بوجود مسبب ثاني لتوقف الخط وهو إقدام جماعات كردية على شن عمليات تخريب بالتزامن مع الأعمال التي تقوم بها داعش بغية إخراج الخط عن الخدمة وبقاء كردستان لوحدها في الساحة.
أما المسبب الثالث لتوقف الخط فهو تعرضه الى سلسلة تفجيرات متعمدة داخل الأراضي التركية ولعل التفجير الذي حصل عام ٢٠١٢ أبرز مثال على ذلك.
حيث توقف في عام ٢٠١٢ ضخ النفط في خط الأنابيب الواصل بين محافظة كركوك وميناء جيهان التركي إثر استهدافه بثلاثة تفجيرات متفرقة داخل الأراضي التركية.
*تهريب النفط خارج أراضي الإقليم عن طريق فيشخابور
منذ أوائل عام 2014، سمحت أنقرة لحكومة كردستان بتصدير النفط بشكلٍ مستقل عن وزارة النفط الاتحادية، من خلال ربط خطوط الأنابيب الكردية بالخط القادم من كركوك في بلدة فيش خابور.
وبحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي الامريكية، فقد قامت حكومة الاقليم باستغلال الظرف الأمني الذي شھدته البلاد بعد عام 2014 للحصول على منفذ لتھريب النفط الخام عبر البحر المتوسط من خلال ميناء جيهان التركي نتیجة للدعم الذي حصلت علیه حینھامن قبل حكومة أنقرة وبمعدلات زادت عن 600 ألف برمیل من النفط يومیاً وبأسعار زھیدة، ناھیك عن كونه دون علم وموافقة بغداد مما أدى الى خسارة الاقتصاد العراقي لملیارات الدولارات سنوياً".
وأشارت الصحیفة الى، ما أعلنه الباحث في معھد واشنطن لسیاسة الشرق الأدنى "مايكل نايتس" عن أن "سیطرة الحكومة العراقیة على معبر فیشخابور ومرافقه النفطیةستمنحھا أيضاً التأمین السیاسي اللازم في حالة تراجع علاقاتھا مع تركیا التي كانت أحد المساھمین في تھريب النفط العراقي إلى الأسواق العالمیة" .
*هل بدأ ضخ النفط من الخط؟ وما قصة التسرب فيه؟
وبهذا الصدد، أكدت ثلاثة مصادر من شركة نفط الشمال التي تديرها الدولة، أن ضخ النفط الخام في خط أنابيب كركوك-جيهان قد بدأمطلع الأسبوع الماضي، لفحص أجزاء من خط الأنابيب الذي يمر داخل الأراضي العراقية ووجدت تسربًا في بعض الأجزاء.
وسرّعت الطواقم الفنية التابعة للشركة عمليات الصيانة لإصلاح الأجزاء المتضررة التي تمتد من كركوك عبر محافظتي صلاح الدين والموصل إلى المنطقة الحدودية مع تركيا.
وقال مسؤولا النفط العراقيان ومستشار الطاقة الحكومي إن الاتفاق بين بغداد وأنقرة بشأن عمليات خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا مُدِّدَ في عام 2010 لمدة 15 عامًا وسينتهي في منتصف عام 2025، مشيرين إلى أن استئناف العمليات في خط الأنابيب القديم سيُناقَش بوصفه جزءًا من المحادثات لتمديد الاتفاقية.
*أصل المشكلة
لمعرفة الصورة الحقيقية لما يجري، من المفيد العودة لأصل الخلاف الذي يتطور يوما بعد آخر.
في السنوات الأخيرة أغضب الأكراد الحكومات المركزية المتعاقبة بتوقيع اتفاقيات وفقا لشروطهم الخاصة مع شركات النفط الدولية ومن بينها أكسون موبيل وتوتال وشيفرون كورب.
تؤكد بغداد، أنها وحدها لها الحق في السيطرة على استكشاف وتصدير رابع أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، بينما يُصر الأكراد على العكس ويستمرون في ركل كل ما تلزمهم به الحكومة الاتحادية.
ظل هذا التجاذب قائما لسنوات قبل أن يتم التوصل لاتفاق هشّ بين الجانبين في عام 2015 يقضي بتسليم الإقليم 250 ألف برميل نفط يوميا إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو" مقابل تثبيت الحكومة للمستحقات المالية للإقليم بموازنة 2020 ومن ضمنها رواتب الموظفين.
لكن كالعادة، خرقت كردستان الاتفاق واستمر الخلاف قائما حتى إقرار موازنة هذا العام في مايو الماضي.
وبموجب الموازنة الجديدة، توصلت حكومة الإقليم لاتفاق مع حكومة بغداد على تصدير نفط الإقليم عبر الحكومة المركزية، وفي مقابل ذلك يتم تخصيص 12.6 في المئة من الموازنة الاتحادية لكردستان العراق.
ورغم إعطاء حكومة بغداد 500 مليار دينار (حوالي 380 مليون دولار) العام الماضي لرواتب إقليم كردستان، إلا أن تصحيح الوضع يتطلب ضعف هذا المبلغ شهريا، وفق ما تزعمه حكومة أربيل.
وهكذا، تستمر حكومة الاقليم في مخاطبة بغداد بكل أزمة بينما ووفق ما يقوله القاضي والنائب السابق وائل عبد اللطيف ان كردستان لم تعط لبغداد "ألف دينار" منذ عام ١٩٩١.