صفعة قوية للكيان الإسرائيلي بعد إيقاف تهريب النفط من كردستان.. والمحكمة الدولية "تُبعثر" كبرياء أردوغان
انفوبلس/ تقارير
بعد سنوات من النزاع والصراعات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، أصدرت محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة في باريس حكماً باتاً لصالح بغداد فيما يتعلق بتصدير نفط كردستان عبر خط الأنابيب العراقي المرتبط بميناء جيهان التركي، في حكم وجه صفعة قوية للثلاثي "تركيا وإسرائيل وكردستان" وبخّر 70% من وقود الكيان الصهيوني بحكم استحواذه على ثلث صادرات الخام من إقليم كردستان ويعتمد شبه كليا على النفط المهرّب منها.
*بداية النزاع
الدعوى التي رفعتها السلطات الاتحادية في بغداد اتهمت تركيا بانتهاك اتفاقية عبور خط الأنابيب لعام 1973 عندما سمحت لصادرات النفط الخام المستخرجة من المناطق الكردستانية العراقية من دون موافقة بغداد.
وبالعودة إلى بداية النزاع الذي يعود إلى عام 2014، حيث شهد العراق آنذاك تدهوراً أمنياً متمثلاً في احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي لمساحات واسعة من بلاد الرافدين، حيث قامت وقتها حكومة إقليم كردستان بربط حقولها النفطية بالمعبر الحدودي التركي في فيشخابور، بالاستفادة من خط الأنابيب الحالي بين بغداد وأنقرة.
كان خط الأنابيب ينقل في السابق الخام من حقل نفط كركوك شمال العراق إلى ميناء جيهان التركي، كما تسعى بغداد بمحاولة إخضاع موارد الطاقة في إقليم كردستان العراق للسيطرة الاتحادية.
*بغداد ترحب
من جانبها، رحبت وزارة النفط التابعة إلى الحكومة الاتحادية بقرار الحكم النهائي لصالح العراق الذي صدر عن هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس يوم الخميس الماضي 23 مارس 2023 في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل جمهورية العراق ضد الجمهورية التركية لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في عام 1973، والتي تنص على "وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي فيما يتعلق بحركة النفط الخام المصدر من العراق إلى جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية".
وأعربت وزارة النفط، في بيان، عن تقديرها لجهود هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس لتعاملها الاحترافي والمهني مع الدعوى المرفوعة من قبل العراق، من خلال إتاحة الفرصة والوقت للطرفين للدفاع عن مواقفهم، وبخاصة أن القرار يلزم جميع الأطراف باحترام الاتفاقات والمواثيق الدولية بهذا الشأن، وأن وزارة النفط من خلال شركة تسويق النفط العراقية "سومو" هي الجهة الوحيدة المخوّلة بإدارة عمليات التصدير عبر ميناء جيهان التركي.
*إشادة بالقرار
في الأثناء، رحبت عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية البرلمانية زينب جمعة الموسوي، بقرار محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية في باريس التي حكمت لصالح بغداد ضد أنقرة بشأن صادرات النفط الخام الكردي.
وقالت الموسوي، إن "القرار الدولي سيفرض على تركيا وبشكل قانوني عدم السماح لها بعبور نفط إقليم كردستان الخام عبر ميناء جيهان التركي إلا بموافقة الحكومة الاتحادية العراقية".
وأضافت الموسوي، إن "قضية تصدير النفط الخام من حقول إقليم كردستان متداولة قضائياً منذ 9 سنوات وتركزت على ادعاء العراق بأن تركيا انتهكت اتفاقية عبور خط الأنابيب لعام 1973 من خلال السماح بصادرات النفط الخام من المنطقة الكردية دون موافقة بغداد".
وختمت، إن "القرار سيعطي الشرعية والقانونية ليد الحكومة العراقية على النفط في إقليم كردستان كما تفعله في بقية المحافظات العراقية".
بدوره، قال النائب فالح الخزعلي "تابعنا الملف بالتفصيل مع وزارة النفط حتى تحقيق هذا المنجز الوطني، والذي يُضاف لقرار المحكمة الاتحادية 59 لسنة 2022".
ونوّه النائب في البرلمان العراقي إلى أن تعويضات العراق تصل إلى ثلاثة مليارات دولار تقريباً وعلى الحكومة والبرلمان تضمين ذلك في موازنة 2023 للاستفادة من الأموال لخدمة الشعب العراقي.
*صفعة قوية لإسرائيل
يرى مايكل نايتس، وهو متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج، في مقال تحليلي له كُتب على موقع معهد واشنطن، أن حكم المحكمة لصالح العراق سيوجّه ضربة قاسية إلى حلفاء الولايات المتحدة بما فيهم "إسرائيل" ومقتضيات السياسة على حدٍ سواء.
ويمضي قائلاً: إن الحكم بالنسبة لتركيا "من شأنه أن يمس بكبرياء الرئيس رجب طيب أردوغان في وقتٍ تنهار فيه الثقة الاقتصادية في بلاده".
أما في إقليم كردستان العراق، فيتوقع نايتس أن "يفقد الأكراد وشركاؤهم التجاريون في قطاع النفط أي حافز إضافي يدفعهم إلى تصدير النفط الخام وسيكون أي تهديد يصدر عنهم بإيقاف الإنتاج مبرراً. وإذا أغلق كلا الطرفين خط أنابيب العراق-تركيا، سيخسر سوق النفط العالمي ما يقرب من نصف مليون برميل في غضون أسابيع".
*تأثر "إسرائيل" بقرار المحكمة الدولية
وبعد الحرب الأميركية على العراق ظهرت أشكال مختلفة من التعاون الاقتصادي والعسكري بين الحكم الذاتي وإسرائيل ولعب الكثير من ضباط الاستخبارات السابقين وبعض اليهود الأكراد دورا كبيرا في تعزيز هذه العلاقات، بل إن بيع النفط العراقي لإسرائيل من خلال اتفاقيات مع الحكومة الكردية لم يكن سرّاً، حتى أن البعض تفاخر به، خصوصا بعد وصول ناقلة نفط كبرى إلى ميناء إسرائيلي في العام الماضي.
لكن الجديد هذه المرة هو أن "إسرائيل" تعتمد بشكل شبه كلي على النفط الوارد إليها من كردستان العراق، وأن نسبة الواردات من كردستان تبلغ 75 في المئة، وهذا ما كشفت عنه صحيفة «فايننشال تايمز» الاقتصادية عام 2015، التي أظهرت أن إسرائيل استوردت مؤخرا من كردستان العراق ما لا يقل عن 19 مليون برميل نفط.
وأوضحت «فايننشال تايمز» في تقريرها آنذاك، أن "إسرائيل" استوردت 19 مليون برميل من النفط العراقي عبر كردستان من أيار حتى مطلع آب الحالي (من عام 2015)، واعتمدت الصحيفة في تحقيقها على رصد لحركة ناقلات النفط ومعطيات التجارة البحرية. وقالت، إن قيمة هذه الواردات من كردستان تصل إلى مليار دولار، وأن هذه الواردات من النفط العراقي عبر كردستان توازي 77 في المئة من استهلاك إسرائيل النفطي البالغ 244 ألف برميل يوميا.
وتشير الصحيفة إلى أن الكميات المشار إليها تظهر أن حوالي ثلث صادرات النفط من شمال العراق المنقول عبر ميناء جيهان التركي تصل إلى إسرائيل. وتوضح، أن قسما من النفط العراقي هذا تُعيد إسرائيل تصديره، كما أن قسما آخر تقوم بتخزينه.
بعد قرار المحكمة الدولية بإيقاف تهريب نفط العراق من كردستان وعبر تركيا، فإن إسرائيل باتت في مأزق حيث إن 70% من وقودها المستورد قد تبخّر، بفعل اعتمادها الكلي على النفط المهرَّب من إقليم كردستان.