عاصفة تضرب المصارف الخاصة.. بنوك المراسلة وشركات التدقيق تتحكم بالعمل المصرفي العراقي
تعرف على قصة الاندماج المطروحة وسبب صعود مصرفَي الأهلي والجنوب..
عاصفة تضرب المصارف الخاصة.. بنوك المراسلة الأمريكية والأردنية والسنغافورية وشركات التدقيق تتحكم بالعمل المصرفي العراقي
انفوبلس/..
تتجه السياسة المالية والنقدية في العراق إلى مشروع دمج المصارف، في خطوة ترى فيها الحكومة أهمية لتطوير القطاع المصرفي وإصلاحه وتوسيع حجم رأس المال لتحمل الصدمات التي تحدث في هذا القطاع، لكنها تضع في الوقت ذاته بنوك المراسلة الأمريكية والأردنية والسنغافورية وشركات التدقيق تتحكم فيمن يمارس العمل المصرفي العراقي.
*خطة الاندماج
يوم أمس الجمعة، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، عن بدء توريد الدولار للداخل عبر حسابات المصارف العراقية بالخارج، وفيما أشار الى انتهاء الإجراءات لفتح حسابات بالدرهم الإماراتي والتفاهم مع تركيا لإجراء تحويلات باليورو أو العملة التركية، وكشف عن خطة واسعة لإصلاح وتطوير المصارف الأهلية والحكومية.
وقال العلاق في مقابلة مع الوكالة الرسمية، إن "البنك المركزي العراقي في تواصل مستمر مع وزارة الخزانة الامريكية ومع البنك الفيدرالي الامريكي". مبينا، إن "هذا التواصل مستمر بشكل دائم، وهناك اجتماعات فصلية تُعقد لمراجعة جميع الأمور المتعلقة في إطار هذه العلاقة".
وأضاف العلاق، إن "هناك اجتماعا سيُعقد في بداية الشهر المقبل ضمن الاجتماعات الدورية الفصلية التي تُعقد بين البنك المركزي والبنك الفدرالي ووزارة الخزانة، حيث نراجع في هذه الاجتماعات جميع الأمور مع التأكيد والتركيز على موضوع تنظيم التحويل الخارجي بما يؤمّن سلامة النظام المالي، خاصة بعد تطبيق النظام الجديد للتحويل الخارجي الذي يتطلب الكثير من التنسيق".
وذكر، إن "هذه التطورات التي حصلت هي تطورات جذرية وليست شكلية في إطار إعادة تنظيم التجارة على أُسس صحيحة وتنظيم التحويل الخارجي على أسس صحيحة". موضحا، إن "التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع تتطلب التنسيق والتعاون المشترك بين البنك المركزي وتلك الجهات".
وأكد العلاق، إن "الاجتماع المقبل سيكون في مدينة دبي الإماراتية" لافتا إلى، أن "هناك اجتماعات فصلية إضافة الى الاجتماعات الطارئة التنظيمية أو الاتصالات عبر التواصل من خلال الهاتف أو من خلال الفيديو".
وبيّن، إن "البنك الفدرالي يتفق مع البنك المركزي بضرورة أن يخرجا من عملية إجراء الجوانب التنفيذية في التحويل الخارجي ويقتصر دورهما على الإشراف والمراقبة، وهذا أمر طبيعي في البنوك المركزية التي لا تمارس هذه الأدوار التنفيذية أو العمليات التفصيلية فيما يتعلق بالتحويل الخارجي، ولذلك كانت الخطة والاتفاق بيننا هما خروج البنك المركزي العراقي والبنك الفدرالي من هذه العمليات الإجرائية، مؤكدا وضع خطة بأن تتحول عملية التحويل الخارجي من المنصة الإلكترونية التي سينتهي العمل بها في مطلع العام المقبل".
وأشار العلاق إلى، "إيجاد علاقة جديدة بين المصارف العراقية والبنوك المراسلة المعتمدة دولياً في الخارج، حيث تكون العملية محصورة بينهما، ويكون دور البنك المركزي العراقي والفدرالي الامريكي هو عملية المراقبة والإشراف، وبدأنا منذ فترة بمحاولة إيجاد علاقة بين بنوك مراسلة ومصارفنا العراقية".
وذكر، "إننا نجحنا بشكل كبير في هذا الإطار، واستطعنا أن نفتح أكثر من 40 حساباً للمصارف العراقية مع مصارف المراسلة أو بالخارج".
وبيّن، إنه "لزيادة المرونة والتسهيل في عملية التحويل الخارجي، قمنا بتنويع العملات التي يتم بها التحويل الى الخارج، وأصبح لدينا تحويلات بالإضافة إلى الدولار، اليورو والدرهم الإماراتي".
وأكد، إن "الإجراءات انتهت من فتح الحسابات بالدرهم وباليوان الصيني والروبية الهندية"، لافتا إلى، أن "هناك تفاهمات أولية مع الجانب التركي لإجراء التحويلات عن طريق المصارف التركية بعملة اليورو أو العملة التركية".
وبيّن، إن "هذه القضية مهمة وتجري بالتنسيق مع البنك الفدرالي والخزانة الأميركية وهم يساعدوننا في ذلك"، مشيرا إلى، أن "ذلك عكس ما يفهمه البعض بأنه هروب من ضغوط البنك الفدرالي بالنسبة للدولار، حيث إن هذه العملات مغطاة بالدولار ونحن نشتريها من الدولار الموجود في البنك الفدرالي، وهي ليست بعيدة عن البنك الفدرالي بل بتنسيق ودعم البنك الفدرالي كونه يريد أن يصل معنا الى الهدف المنشود وهو أن تكون هناك علاقة بين المصارف العراقية والمصارف المراسلة".
وذكر، إن "ذلك يحدث لأول مرة بأن نفتح هذا العدد من الحسابات لمصارفنا، وهي خطوة مهمة جدا لتقوية النظام المصرفي في العراق، لأن قبول هذه المصارف يعني أنها أصبحت تمتلك الأنظمة القادرة على أن تكون مقبولة دولياً". موضحا، إن "أي مصرف مراسل حاليا يقبل بفتح حساب لمصرف عراقي بعد التأكد من أن هذا المصرف يمتلك الأنظمة اللازمة والمعايير والشروط والقواعد التي يعمل بموجبها".
وأكد العلاق على، أن "ذلك سيؤدي الى انتهاء العمل بالمنصة الإلكترونية لعام 2024"، موضحا، "إننا وصلنا الى نسبة متقدمة وباكتمال للحلقات الأخرى سوف نغادر هذه الطريقة".
وذكر، إنه "بهذه الحالة ستكون العمليات أسرع وأسهل وأكثر انضباطاً، لأن هذه البنوك المراسلة المعتمدة دولياً، لديها الأنظمة الكاملة لإجراء عمليات المراجعة والمراقبة قبل تنفيذ هذه العملية".
وأشار الى، أن "هدفنا هو أن جميع المصارف يجب أن تكون لها بنوك مراسلة، وأكدنا هذه القضية منذ سنوات، حيث إن المصرف الذي لا يمتلك مصارف مراسلة، فهو لا يستطيع أن يمارس عمله الحقيقي وانقطاعه عن العالم". موضحا، إن "بعض المصارف تأخرت عن هذا وكانت تتوفر أساليب سهلة، فلذلك لم يكلف البعض نفسه في العمل بجدية على هذا الموضوع، أما الآن فإن جميع المصارف أدركت أن هناك ضرورة، لذلك بدأت تدخل تباعاً".
وتابع، "كل ما يوفر المصرف قناعة لدى البنك المراسل بأنه يمتلك النظام المطلوب للرقابة على حركة الأموال وتوفير الشروط واتباع المعايير الدولية، ووجود نظام رقابة على قضية غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإنه سيدخل بهذا المجال"، مشيرا الى أن "بعض المصارف بدأت بالاستعانة بشركات دولية مختصة لتنظيم هذه الجوانب حتى تصبح مؤهلة".
وأكد العلاق، إن "هناك خطة إصلاح واسعة للمصارف الأهلية بعمليات اندماج وعمليات تصحيح في بعض أوضاعها، وهناك خطة واسعة للمصارف الحكومية سيعلن عن بعض تفاصيلها، ونعمل مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهذا الشأن". لافتا الى، أن "المصارف الحكومية تمثل هي الثقل الأكبر بالقطاع المصرفي، ولابد من أن نضعها بأفضل ما يمكن".
*صعود مصارف أهلية
وفي وقت سابق، قالت مؤسسة "عراق المستقبل" المعنية بالشؤون الاقتصادية، إن موجودات 8 مصارف عراقية أهلية قد ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية إلى أكثر من 13 تريليون دينار.
والمصارف الـ8 هي كالآتي: مصرف المنصور، مصرف الإقليم التجاري، مصرف آشور الدولي، مصرف الجنوب الإسلامي، المصرف العراقي الإسلامي، مصرف بغداد، مصرف التنمية، المصرف الأهلي العراقي.
وذكرت المؤسسة في تقرير، إن موجودات المصارف ارتفعت منذ 2019 لغاية 2023 بمقدار 108% لتبلغ قيمة موجوداتها خلال 2023 (13.7) تريليون دينار عراقي بعد أن كانت مجمل موجودات هذه المصارف في 2019 بحدود (6.6) تريليونات دينار عراقي.
وأشار التقرير، إلى ارتفاع الموجودات يعود إلى زيادة الودائع لدى هذه المصارف حيث ارتفعت بنسبة 131% لتبلغ قيمة الودائع لدى هذه البنوك (8.8) تريليونات دينار عراقي مرتفعة عن 2019 والتي بلغت في حينها (3.8) تريليونات دينار عراقي.
كما ارتفعت إيرادات هذه البنوك بنسبة 285% مقارنة مع العام 2019 حيث من المتوقع أن تبلغ نهاية 2023 (908) مليارات دينار عراقي مقارنة بـ 235 مليار دينار عراقي في العام 2019، وفقا للتقرير.
*تحقيقات
كشفت اللجنة المالية البرلمانية، في (9 تشرين الأول 2023)، عن تحركها من أجل التحقيق باستحواذ المصرف الأهلي الأردني على 70% من نافذة بيع العملة في العراق.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، إن "اللجنة المالية البرلمانية ستتحرك من أجل التحقيق بقضية استحواذ المصرف الأهلي الأردني على 70% من نافذة بيع العملة، وسنعمل على استضافة المسؤولين في البنك المركزي من أجل متابعة هذا الملف".
وطوال السنوات السابقة، كان يتم بيع ما معدله 170 مليون دولار يومياً عبر ما يُعرف بمزاد الدولار، والذي يشارك به تجار وبنوك وشركات، بدون حصول مراقبة لمُنتهى تلك الأموال التي تُصنَّف على أنها تجارة استيراد للسوق المحلية في أغلب الأحيان، أو حوالات خارجية، مع العلم أن الحاجة الفعلية للدولار في الأسواق ولدى التجار لا تتجاوز 50 مليون دولار يومياً، بحسب خبراء.
إلى ذلك يقول النائب حسين عرب، إن "البنك الأهلي الأردني يستحوذ على 70٪ من مبالغ التحويلات المالية عبر المنصة الإلكترونية للدولار". معتبراً أن "ما يحصل أمر غير طبيعي وكارثي"، مؤكدا أنه "سيكون لنا موقف واضح من التلاعب بمصير اقتصاد البلد".
وبحسب عرب "تبلغ التحويلات المالية بالدولار من البنك الأهلي الأردني قرابة 100 مليون دولار يوميًا، مع الإشارة إلى أن إجمالي مبيعات العملة في مزاد البنك المركزي تتراوح بين 170 إلى 190 مليون دولار.
*المركزي يتكتم
فيما تحدثت مصادر عن أنه "منذ عامين على الأقل، أصبح البنك المركزي العراقي "يتكتم" على أسماء المصارف المشاركة بمزاد بيع العملة الأجنبية، وسط اتهامات ومعلومات عن هيمنة مصارف معينة على مزاد بيع العملة دون غيرها".
وتشير المصادر –التي اشترطت عدم ذكر اسمها - أنه على سبيل المثال يوجد أكثر من 80 مصرفا في العراق، إلا أن النشرة اليومية لمبيعات البنك المركزي، تظهر أن عدد المصارف المشاركة بتلبية الطلبات النقدية يتراوح بين 5 إلى 7 مصارف فقط، فيما لا يتجاوز عدد المصارف المشاركة لتلبية الحوالات الخارجية أكثر من 20 مصرفا.
وهذا يعني- بحسب المصادر- أن 30% فقط من إجمالي المصارف في العراق على الأكثر، هي المهيمنة على مزاد بيع العملة من البنك المركزي العراقي، والذي بدوره يتحفظ ويتكتم عن إعلان أسماء هذه المصارف.