عدد الدرجات الخاصة في إقليم كردستان يماثل كل العراق تقريباً!.. ماذا عن النفقات التشغيلية والاستثمارية والسيادية؟
انفوبلس/ تقرير
بمراجعة بسيطة للحسابات الاقتصادية والإحصائيات الحكومية الرسمية، فقد يظهر الحجم الكبير والمبالغ فيه بعدد الدرجات الخاصة والعليا في إقليم كردستان مقارنةً مع باقي الدرجات الوظيفية بالمحافظات العراقية، حيث تشكل ما نسبته 43% من أجمالي تلك الدرجات في العراق، وسط انتقادات اقتصادية لهذه المفارقة "الظالمة" وتساؤلات عن النفقات التشغيلية والاستثمارية والسيادية هناك.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على عدد الدرجات الخاصة في إقليم كردستان مقارنة مع المحافظات الأخرى وبقية النفقات
*إقليم كردستان يستحوذ على 43% من الدرجات الخاصة بالعراق
كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، "مفارقات" في آلية توزيع الدرجات الوظيفية بين موظفي الدولة في الموازنة العامة 2023. وقال المرسومي في منشور له على فيس بوك، تابعته (انفوبلس)، إن "نسبة الدرجات العليا (أ) في إقليم كردستان قياساً إلى إجمالي تلك الدرجات في العراق يساوي ما نسبته 43% في وقت أن عدد موظفي الإقليم يساوي 658 ألفاً وبنسبة 16% من إجمالي عدد الموظفين في العراق".
وأضاف، أما "بالنسبة لوزارة الخارجية فهي الأكبر في الدرجات (أ) بعدد 118 درجة وبنسبة 15% من إجمالي تلك الدرجات في العراق مع أن عدد موظفيها 3778 موظفاً أي أن 15% من موظفيها هم من الدرجة (أ)".
وتابع، كما أن "وزارة التربية هي الأكبر بين الوزارات من ناحية عدد الموظفين الذين يصل عددهم الى نحو 964 ألف موظف وبنسبة 23.6% من إجمالي عدد الموظفين في العراق في حين يبلغ عدد الدرجات من الفئة (أ) فيها 6 درجات فقط". ونوه، إلى أن "الدرجة العليا فئة (أ) تضم المحافظين ووكلاء الوزارات صعوداً".
*أرقام غير معقولة وأموال "سائبة"!
كما يكشف جدول القوى العاملة للوزارات والدوائر الممولة مركزيًا لسنة 2023، عن وجود تضخم وقفزات غير منطقية وغير طبيعية بالمطلق في بيانات إقليم الخاصة بالدرجات العليا قياسًا بالجدول نفسه في موازنة عام 2021.
*جدول القوى العاملة في الإقليم لعام 2021 ما يلي :
-عدد الموظفين في خانة الدرجة العليا أ = 70
-عدد الموظفين في خانة الدرجة العليا ب = 996
-عدد الموظفين في الدرجة الأولى = 3010
-عدد الموظفين في الدرجة الثانية = 11282
فيما أصبح عددهم بعد سنتين فقط في جدول عام 2023 كالآتي:
-عدد الموظفين في خانة الدرجة العليا أ = 329
-عدد الموظفين في خانة الدرجة العليا ب = 1221
-عدد الموظفين في الدرجة الأولى = 4913
-عدد الموظفين في الدرجة الثانية = 34836
يشار الى أن هذه الأرقام المذكورة لا تشمل الدرجات الخاصة والعليا لموظفي الإقليم في الوزارات والهيئات والدوائر والسفارات التابعة للحكومة الاتحادية.
كما تشير الأرقام في موازنة العراق لعام 2023 الى أن بغداد خصصت للإقليم في خانة المصروفات التشغيلية والاستثمارية مبلغاً قدره 16,609,639,162,000 تريليون دينار عراقي. كما يضاف له في جدول ملحق بالموازنة يطلق عليه (النفقات الحاكمة) ما يلي:
-590,684,138,000 مليار دينار بطاقة تموينية!
-6,335,000,000 مليار دينار دعاوى نزاعات الملكية!
209,291,196,000- مليار دينار أدوية!
-316,750,000,000 مليار دينار دعم شراء الحنطة!
-45,437,241,000 مليار دينار استيراد الطاقة!
-44,345,000,000 مليار دينار التعداد العام للسكان!
-43,769,149,000 مليار دينار لتغطية نفقات انتخابات مجالس المحافظات في الإقليم!
وبحسب خبراء اقتصاد، فإنه يضاف لكل هذه المبالغ وجود تخصيصات "طائلة" غير محددة ستُصرف بعنوان كلف الإنتاج والنقل والتصدير للنفط الخام. وإضافة لكل ما سبق، دفع رواتب البيشمركة والأجهزة الأمنية السرية العاملة في الإقليم التي بقيت سراً ولم تُحدد أعدادها ولا المبالغ المخصصة لها في الموازنة.
*أزمة الرواتب في إقليم كردستان
دفعت الأزمات الاقتصادية والسياسية المتتالية والفساد المستشري في إقليم كردستان العراق موظفيه للخروج في احتجاجات "غاضبة"؛ للمطالبة بنقل رواتبهم إلى وزارة المالية العراقية لتأخر صرفها لأكثر من 50 يوما، واستقطاع 21% منها ضمن "الخطوات الإصلاحية" التي أطلقتها حكومة الإقليم.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة "التقشف"، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.
وكانت حكومة إقليم كردستان قد انتهجت في العام 2016 سياسة "التقشف والادخار الإجباري" للموظفين باستثناء القوات الأمنية، وبدأ الادخار بنسبة من 15 بالمئة من رواتب الموظفين، مع استقطاع نسبة 50 بالمئة من الراتب التقاعدي للدرجات الخاصة في عموم محافظات الإقليم، إلا أن الأمر في محافظة السليمانية والإدارات التابعة لها كان مختلفا بعد نشوب خلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الكردية الأخرى حيث إن صرف رواتب الموظفين بات يتأخر لعدة أشهر وصلت في بعض السنوات إلى عدم صرف الراتب لمدة سنة أو أكثر.
*المحكمة الاتحادية العليا تلزم الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بصرف الرواتب
عقدت المحكمة الاتحادية يوم الأربعاء 21 شباط/ فبراير 2024 جلسة خاصة للبتّ في قضيتَي رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام، وقانون الانتخابات في إقليم كردستان، وأصدرت من خلالها قرارها ضمن الدعوى المرقمة (224وموحداتها 269\ اتحادية\ 2023) بإلزام توطين رواتب جميع موظفي الإقليم، فيما عدّت، تأخير واجتزاء رواتب موظفي الإقليم انتهاكًا للحقوق.
المحكمة الاتحادية، وعبر رئيسها محمد عبود العميري، وخلال الجلسة وبحسب بيان ورد لـ"إنفوبلس"، قررت أولاً: إلزام المدَّعى عليهما رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الاتحادية، ورئيس مجلس الوزراء في إقليم كوردستان – العراق بتوطين رواتب منتسبي جميع الوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة وجميع منتسبي الجهات الحكومية الأخرى والمتقاعدين ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية لدى المصارف الحكومية الاتحادية العاملة خارج الإقليم وتُخصم من حصة الإقليم المحددة بموجب قانون الموازنة لهذه السنة، وللسنوات القادمة ولكل من الجهات المذكورة آنفاً في الإقليم والدوائر الفرعية التابعة لها التنسيق المباشر مع وزارة المالية الاتحادية لتنفيذ ذلك ومفاتحتها بشأن التوطين دون الرجوع الى ممثلية إقليم كردستان، وعلى جميع المصارف التابعة للمدعى عليه الأول تسهيل عملية التوطين واتباع جميع السبل اللازمة لإمكانية حصول المستفيد (موظف أو مكلف بخدمة عامة أو متقاعد أو مستفيد شبكة الحماية الاجتماعية) على راتبه في محل إقامته من خلال المنافذ المنتشرة في الإقليم أو المصارف المفتوحة في الإقليم المرخصة من قبل البنك المركزي العراقي، ويتحمل المسؤول الأعلى ضمن الجهات المذكورة أعلاه والوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وجميع التشكيلات الحكومية مسؤولية صحة البيانات المرسلة لغرض التوطين بخصوص العدد والدرجة، ومقدار الراتب أو الأجر، وبيانات المستفيد، وتكون موقّعة من الرئيس الأعلى، ومدير التدقيق المالي، ومدير القسم المالي، ومدير قسم الموارد البشرية، على أن يقوم المدعى عليه الأول بإطلاق تمويل رواتب المنتسبين في الإقليم بعد التوطين وعدم تمويلها عن طريق القروض.
ثانياً: إلزام جميع الجهات المذكورة في الفقرة (أولاً) أعلاه ضمن الإقليم بتقديم موازين المراجعة الشهرية في الموعد الذي تحدده دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية في الشهر التالي عند طلب التمويل إسوة بوزارات الحكومة الاتحادية.
ثالثاً: إلزام المدعى عليه الثاني رئيس مجلس وزراء الإقليم بتسليم جميع إيراداته النفطية وغير النفطية الى الحكومة الاتحادية (خزينة الدولة) وحسب قانون الإدارة المالية الاتحادي على أن يقوم ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية في الإقليم بتدقيق البيانات المتعلقة بتلك الإيرادات استناداً الى أحكام المادة (12) من قانون رقم (13) لسنة 2023 الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023-2024-2025.
رابعاً: إلزام المدعى عليه الثاني بتمكين ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية في الإقليم بتدقيق الحسابات المصرفية المفتوحة للإقليم ضمن البنك المركزي وتدقيق قوائم الموظفين والمتقاعدين ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية في الإقليم.
وبحسب البيان الذي ورد لـ"انفوبلس"، فإن الحكم صدر بالاتفاق وباتّاً وملزماً للسلطات كافة.
وينص قانون الموازنة العامة الذي أقرّه البرلمان العراقي في وقت سابق من العام الماضي، على إلزام إقليم كردستان بتسليم الإيرادات غير النفطية للدولة، مقابل التزام وزارة المالية الاتحادية بتمويل مستحقات الإقليم شهرياً.
لكن الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لم يُنفَّذ بصورة كاملة، وتطفو إلى السطح مشكلة تمويل رواتب الموظفين في الإقليم بين الحين والآخر.