قرار تركي يعصف بمليارات الدولارات.. لا حماية من تقلبات سعر الليرة.. ما مصير أموال العراقيين؟
انفوبلس/ تقارير
في قرار غريب أحاط الخطر بأموال العراقيين في تركيا ووُصِف بمحاولة لطردهم من البلاد، أعلنت أنقرة اليوم عن قرار مفاجئ بشأن ودائع العملة الصعبة، بعد أن قررت تراجعها من حماية الودائع بالليرة من تقلبات سعر الصرف. فما هي تفاصيل هذا القرار؟ وكيف سيؤثر على أموال العراقيين؟.
*لا حماية للأموال من تقلبات سعير الليرة
في صباح اليوم، أعلن البنك المركزي التركي، تراجعه عن خطة متنامية ومكلفة تحمي الودائع بالليرة من تقلبات سعر الصرف، وذلك في خطوة جديدة نحو العودة لاتباع سياسات أكثر تقليدية في أعقاب التحول لسياسة رفع أسعار الفائدة.
وذكر البنك المركزي التركي في بيان، أنه أوقف الأهداف المطبّقة على البنوك والمتعلقة بتحويل قدر معين من الودائع بالعملات الأجنبية إلى ودائع بالليرة تتمتع بالحماية من تقلبات سعر الصرف.
*سبب القرار الغريب
وفي إطار هذا التحول، يرغب البنك المركزي التركي الآن في أن تحدد البنوك هدفا جديدا يتمثل في تحويل الودائع بالليرة المحمية من تقلبات سعر الصرف إلى ودائع عادية بالعملة المحلية، وهو ما سيحدث بقدر ما عبر إثناء الشركات والأفراد عن تجديد الودائع المحمية القديمة.
*رفع نسب الاحتياطات على البنوك
وذكر مرسوم منفصل نُشر في الجريدة الرسمية التركية، أن البنك المركزي رفع أيضا نسب الاحتياطيات التي ينبغي على البنوك الاحتفاظ بها من أجل الودائع بالعملات الأجنبية، وهو إجراء قد يدفع العملاء بقدر أكبر نحو التحول إلى الودائع العادية بالليرة.
وطرحت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان السابقة خطة الودائع بالليرة المحمية من تقلبات سعر الصرف في أواخر عام 2021 لوقف تدهور تاريخي في قيمة العملة نتج عن سياساته غير التقليدية بخفض أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم.
منذ ذلك الحين تزايدت تلك الودائع إلى نحو 117 مليار دولار، أو 3.1 تريليون ليرة، وهو ما يشكل نحو ربع إجمالي الودائع المصرفية. وتعاظم حجم هذه الودائع بعد تراجع الليرة بنحو 68 بالمئة على مدى العامين الماضيين.
ولتغطية تكاليف انخفاض قيمة الودائع المحمية، دفع البنك المركزي ما يُقدر بنحو 300 مليار ليرة (11 مليار دولار) في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز عندما تراجعت الليرة مجددا. وقُدِّرت تكاليف هذا الشهر بنحو 350 مليار ليرة.
*محاولة لطرد العراقيين والسوريين
وعقب قرار البنك المركزي التركي، أكد خبراء بالشأن الاقتصادي، أن رفع أنقرة الحماية عن الأموال من تقلبات سعر الليرة هو محاولة لطرد العراقيين والسوريين الذين يشكلون غالبية سيّاح الدولة.
وبيّن الخبراء، أن أنقرة تهدف من وراء ذلك القرار، إلى الإضرار بالمسافرين العراقيين وحتى المقيمين في تركيا، لاسيما وأن نتائج الإحصاءات دائما ما يتصدرها العراقيون في شراء العقارات والاستثمار في تركيا، وهذا يدفعهم إلى إيداع الكثير من الأموال في البنوك التركية التي سيعصف هذا القرار بالملايين منها.
*تأثير القرار على الليرة التركية
وبهذا الصدد، أعرب الخبير الاقتصادي، مخلص الناظر، عن وجهة نظره واصفاً القرار بالصعب جدًا، خاصة في ظل التضخم الكبير والعائد السلبي الحقيقي.
ويرى أن هذا القرار قد يدفع المودِعين إلى عدم تجديد ودائعهم وتحويلها إلى الأسهم والدولار والذهب، مما يؤدي إلى مزيد من الانخفاض في قيمة الليرة.
*انخفاض نسبة شراء العقارات في تركيا بنسبة 73%
وفي وقت سابق، أعلنت هيئة الإحصاء التركية، أن العراقيين اشتروا 1188 عقارًا في تركيا خلال سبعة أشهر من عام 2023.
وذكرت الهيئة في جدولٍ لها، أن "العراقيين اشتروا خلال السبعة أشهر الأولى، وابتداءً من كانون الثاني/ يناير ولغاية نهاية تموز/ يوليو من العام الحالي 1188 عقارًا في تركيا، بانخفاض بلغ 73% عن نفس الفترة من العام الماضي 2022، التي بلغ فيها شراء العقارات في تركيا من قبل العراقيين بواقع 4.405 عقارات".
وأضافت، أن "شراء العراقيين للعقارات في تركيا تراجع تدريجيًا للأشهر الخمسة من العام الحالي 2023، قبل أن ترتفع قليلاً لشهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو".
وأوضحت، أن "العراقيين اشتروا خلال كانون الثاني/ يناير الماضي 229 عقارًا، ليتراجع في شهر شباط/ فبراير إلى 173 عقارًا، ومن ثم تراجع في شهر آذار/ مارس إلى 165 عقارًا، ومن ثم تراجع في شهر نيسان/ إبريل إلى 124 عقارًا، ومن ثم تراجع إلى 118 عقارًا لشهر أيار/ مايو، ومن ثم ارتفع قليلاً إلى 175 في شهر حزيران/ يونيو، ومن ثم ارتفعت في شهر تموز/ يوليو إلى 204 عقارات".
ولفتت إلى أن، "العراقيين احتلوا المرتبة الثالثة خلال 7 أشهر من حيث شرائهم للعقارات في تركيا بعد كل من الروس الذين بلغ عدد شرائهم للعقارات بـ 7228 عقارًا، والإيرانيين بـ 2929 عقارًا، ثم جاء الأوكرانيون رابعًا بـ 1084 عقارا، ثم كازخستان خامسًا بـ 860 عقارًا”.
*ماذا حدث لليرة التركية؟
بعد الفوز بولاية رئاسية جديدة في مايو، عيّن أردوغان وزيرا جديدا للمالية ومحافظة جديدة للبنك المركزي ليقودا تحولا في السياسة النقدية، كما تعهدت السلطات بالتخلي عن عشرات اللوائح السابقة لكبح التضخم وتقليل العجز التجاري.
وفقدت الليرة نحو 30 في المئة من قيمتها حتى الآن هذا العام، مع الانخفاض أكثر من 20 في المئة في يونيو وحده، بعد أن أشار أردوغان إلى التحول نحو سياسات اقتصادية أكثر تقليدية بما في ذلك رفع أسعار الفائدة.
ومنذ ذلك الحين رفع البنك المركزي سعر الفائدة 900 نقطة أساس إلى 17.5 في المئة في اجتماعَيه بقيادة الرئيسة الجديدة للبنك، حفيظة غاية أركان، لكن مع بقاء وتيرة التشديد النقدي أقل من توقعات السوق.
في غضون ذلك، قفز التضخم في تركيا بنسبة 9.49 بالمئة وهي أعلى وتيرة شهرية في أكثر من عام في يوليو الماضي بفعل زيادات الضرائب المختلفة والانخفاض الحاد لقيمة الليرة.
وقال معهد الإحصاء التركي، إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين ارتفع إلى 47.83 في المئة، بعد التراجع لثمانية أشهر ليصل إلى 38.21 في يونيو، وسط عوامل من بينها استقرار الليرة نسبيا حتى إعادة انتخاب أردوغان.
وكانت زيادة التضخم متوقعة بعد أن رفعت أنقرة العديد من الضرائب، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة وضريبة الشركات وضريبة الاستهلاك الخاص على الوقود.
وكان المركزي التركي الشهر الماضي قد رفع الفائدة من 15 بالمئة إلى 17.5 بالمئة، في محاولة منه للحدّ من وتيرة التضخّم المتسارع، مؤكدا أنّه سيواصل تدريجياً تشديد السياسة النقدية، إذا لزم الأمر إلى حين حدوث تحسّن كبير في توقّعات التضخّم.