لماذا يجب على العراق استيراد الحنطة بدلًا من زراعتها؟.. إحصائيات رسمية
انفوبلس/..
في مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، كانت المعطيات تشير إلى أنّ العراق سيزرع 3.8 مليون دونم من الحنطة خلال الموسم الشتوي المقبل، وهي مساحة لا تنتج أكثر من 3.5 مليون طن من الحنطة تكفي لسد 75% فقط من الحاجة الكلية للعراق، قبل أن ترفع الوزارة الجديدة المساحة إلى 5 مليون دونم عبر استهلاك المياه الجوفية.
ارتفعت المساحات المزروعة للحنطة لوحدها إلى أكثر من 5 مليون دونم
المتحدث باسم الوزارة حميد النايف قال في تصريحات سابقة، إنّ "المعطيات تشير إلى حصول نقص كبير في إنتاج الحنطة، بناءً على الخطة التي أقرتها وزارة الموارد المائية، التي تقدر بزراعة مليون و300 ألف دونم"، مستدركًا لكن "وزارة الزراعة لديها خطة تعتمد على مياه الآبار، حيث حصلت الموافقة على زراعة مليونين ونصف المليون دونم من الحنطة"، فيما اعتبر أنها "غير كافية عمومًا لسد الحاجة بالكامل".
إلا أنّ مجلس الوزراء العراقي أقر، يوم الثلاثاء الماضي 1 تشرين الثاني/نوفمبر، مقترحًا جديدًا للخطة الزراعية للموسم الشتوي 2022 - 2023 المقدم من قبل وزير الزراعة عباس العلياوي، حيث جرى تغيير بزيادة المساحة المزروعة عبر الآبار، من 2.5 إلى 4 ملايين دونم.
وأشارت وزارة الزراعة في بيان إلى أن "المساحات المشمولة بالخطة الزراعية هي بحدود مليون ونصف المليون دونم لمحصولي الحنطة والشعير بالنسبة للأراضي المروية من مياه الأنهر، ومليون ومائة ألف دونم بالنسبة للبساتين وأربعة مليون دونم للأراضي الزراعية المروية عن طريق المياه الجوفية بعد أن كانت مليونين ونصف المليون دونم، وثمانية وثلاثين ألف دونم لمنطقتي ديالى والعظيم على أن تتولى وزارة الموارد المائية إعادة النظر بهذه الخطة بعد تاريخ 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2022".
وبذلك، ارتفعت المساحات المزروعة للحنطة لوحدها إلى أكثر من 5 مليون دونم، وهي مساحة ستكفي لإنتاج 4.5 مليون طن خلال الموسم الحالي، والذي سيتم حصاده في نيسان/أبريل المقبل، وهو رقم يكفي لسد الحاجة السنوية بالكامل.
إلا أنّ الأمر الذي يطرح تساؤلات هو مدى جدوى صرف الأموال والمياه الجوفية واستنزافها لسقي أكثر من 4 ملايين دونم، خصوصًا وأن المياه الجوفية تعتبر ذات أهمية قصوى وخزين استراتيجي.
لماذا استيراد الحنطة أكثر جدوى من زراعتها؟
نقلت "رويترز" عن متعاملين أوروبيين أنّ العراق اشترى مؤخرًا 150 ألف طن من الحنطة لسد النقص الحاصل في إنتاجه، وتقسمت الكميات بين كندي وليتواني، وعمومًا، فإنّ معدل سعر الطن الواحد كلّف الدولة العراقية 490 دولارًا للطن شاملًا أجور الشحن إلى العراق.
وبينما يحتاج العراق 4.5 مليون طن سنويًا، فإنّ استيراده هذه الكميّة بالكامل بهذا المعدل السعري لن يكلف الدولة أكثر من 2.2 مليار دولار (3.2 تريليون دينار).
وبالمقابل، تشتري الدولة من الفلاحين العراقيين طن الحنطة بـ800 ألف دينار، وبرفع المساحات المزروعة باستنزاف مياه أكثر من الآبار، والتخطيط لإنتاج 4.5 مليون طن، فأنّ شراء الدولة للحنطة من الفلاحين العراقيين سيكلّفها 3.6. تريليون دينار عراقي، ما يعني سيكلفها أموالًا أكثر بـ12.5% مما لو قامت باستيراده من الخارج بالكامل.
ويشير الخبير المائي سعد السام في حديث صحفي، إلى إنّ "زراعة كل دونم من الحنطة يحتاج بحدود 4500 متر مكعب"، مستدركًا لكن "هذا يعتمد على الموقع والتربة والمياه حيث من الممكن أن تكون النسبة المطلوبة أكثر والسبب أن الأرض مالحة والمياه يتم تمليحها عن طريق إرسالها للثرثار والحبانية"، مبينًا أنّ "الخراب كبير والإجرام بحق الشعب أكبر".
زراعة 5 مليون دونم من الحنطة سيكلّف العراق كميات من المياه تقدّر بأكثر من 22 مليار متر مكعب في الموسم
ووفقًا للرقم المذكور، فإنّ زراعة 5 مليون دونم من الحنطة كما تخطط وزارة الزراعة، سيكلّف العراق كميات من المياه تقدّر بأكثر من 22 مليار متر مكعب في الموسم، لتكون مضافةً إلى خسائر الأموال التي تقدّر بنحو نصف تريليون دينار، مقارنة بما لو قامت الدولة باستيراد الحنطة بالكامل من الخارج والتخلي عن زراعتها، واستغلال المساحات والمياه بزراعة محاصيل أخرى أكثر جدوى أو أقل استهلاكًا للمياه.