مع بداية موسم الحصاد والتسويق.. انفوبلس تتقصى عن واقع الحنطة بين الإنتاج والاستيراد في العراق
انفوبلس/ تقرير
مع بداية موسم الحصاد السنوي لمحصول الحنطة في المحافظات العراقية، ووسط الحديث عن تجاوز مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي المتحققة خلال العام الماضي، ظهرت تساؤلات عن تأثير زيادة الكميات المسوقة من الحنطة على كمية الاستيراد السنوية من باقي الدول، وكذلك تأثيره على سعر منتجات الطحين في السوق المحلية العراقية.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على مجريات انطلاق موسم الحصاد والتسويق وإحصائيات السنوات الماضية
*انطلاق موسم الحصاد
انطلقت عمليات الحصاد في الكثير من المحافظات بدءا من المحافظات الجنوبية، منتصف شهر نيسان الماضي، وكان وزير الزراعة عباس جبر المالكي، قد أعلن ذلك خلال زيارة قام بها لمحافظة المثنى مؤخراً.
يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، إن "التقديرات تشير إلى تجاوز مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي المتحققة خلال العام الماضي بواقع إنتاج خمسة مليون و200 ألف طن"، مشيرا الى ان "الحديث يجري حاليا حول تحقيق 7 ملايين طن، وهذا قد يحدث لأول مرة في تاريخ العراق من حيث كميات الحنطة، مما يعزز استقرار العراق الغذائي، ويعني تجاوز مرحلة صعبة التي كنا نعاني منها عندما يكون العجز بمحصول الحنطة أكثر من 50٪، ونضطر إلى استيراده من خارج العراق، وما يعنيه ذلك من عملة صعبة وتخصيصات مالية كبيرة جدا".
ويبين أن "وزيرة الزراعة في إقليم كردستان قامت بزيارة لمقر وزارة الزراعة الاتحادية، وتوصلنا إلى تفاهم في الموسم الماضي، وسنتوصل لتفاهم هذا الموسم أيضا، إذ أن الفلاح في إقليم كردستان هو فلاحنا أين ما كان"، لافتا الى ان "الحديث عن 7 ملايين، يعني في عموم العراق، وليس بشكل جزئي".
وأضاف، ان "ما تتم زراعته في إقليم كردستان، تقوم وزارة التجارة الاتحادية باستلامه ضمن تخصيصات الحكومة الاتحادية، من دون أن تدفع حكومة إقليم كردستان أي مصاريف"، وفق ما يقول الخزعلي، ويضيف، أن المحصول "يسوق إلى الصوامع الخاصة بوزارة التجارة الاتحادية، وبالتالي يتم صرف مستحقات الفلاحين في السليمانية وأربيل ودهوك ضمن تخصيصات الموازنة الاتحادية".
في المقابل، أعلنت الشركة العامة لتصنيع الحبوب التابعة لوزارة التجارة في العراق، أن البلاد ستحقق الاكتفاء الذاتي من مادة الحنطة هذا الموسم، حيث من المتوقع أن يتجاوز الإنتاج 6 ملايين طن، فيما أكدت على جاهزية مطاحنها للتعامل مع الكميات المسوقة بشكل كامل.
وتحتاج السوق المحلية سنويا حوالي 4.2 مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ويضاف نحو مليون طن مستورد يخلط لأغراض الجودة مع القمح المحلي الذي لا تتوفر فيه مادة الجلوتين بالنسبة المطلوبة، وفق وزارة التجارة.
*الحنطة بين الانتاج وبين الاستيراد وبين سعر الطحين في العراق
رئيس مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والإستشارات الاقتصادية منار العبيدي، يقول انه بمراجعة بيانات كميات الحنطة المزروعة وكميات الحنطة المستوردة من الدول الرئيسية لاستيراد الطحين والحنطة وهي كل من تركيا واستراليا والولايات المتحدة وكذلك مراجعة اسعار الطحين في الاسواق المحلية، لا نجد اي تأثير لكميات الحنطة المسوقة على الكميات المستوردة او على سعر الطحين في الاسواق المحلية.
*احصائيات السنوات الماضية
ويكشف العبيدي في احصائيات نشرها عبر صفحته عبر الفيسبوك، تابعتها شبكة "انفوبلس"، انه بحسب بيانات وزارة التجارة نجد انه في سنة 2020 بلغت كمية الحنطة المسوقة 6.2 مليون طن، بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 1.3 مليون طن وبلغ معدل سعر الطحين الابيض 1137 دينار للكيلو الواحد.
ويضيف، بينما في سنة 2022 بلغ مجمل الحنطة المسوقة 2.7 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 1.5 مليون طن وبلغ معدل سعر الطحين الابيض في السوق المحلية 1333 دينار حسب بيانات وزارة التخطيط، اما في سنة 2023 فبلغ كمية الحنطة المسوقة 4.2 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 2.1 مليون طن وبلغ معدل الطحين في السوق المحلية 1420 دينار للكيلو غرام الواحد.
ويوضح انه من خلال مراجعة البيانات للسنوات السابقة لكميات التسويق وكميات الحنطة والطحين المستورد واسعار الطحين في السوق المحلية نجد عدم وجود تأثير مباشر لكمية الحنطة المسوقة لا على الكميات المستوردة ولا على سعر الطحين في السوق المحلية.
*تساؤلات عديدة
ويلفت الى ان الامر الذي يدفعنا الى تساؤل مهم وهو ان كانت كمية الحنطة المسوقة لا تؤثر على كميات الاستيراد ولا على سعر الطحين في السوق وبالتالي سعر المنتجات الرئيسية للطحين من الخبز والصمون فما الفائدة الحقيقية من زيادة انتاج الحنطة والدعم الكبير المقدم لزراعة الحنطة، والسؤال الاخر الذي يدفعنا هل تمتلك الحكومة استراتيجية واضحة لتقليل الكمية المستوردة من الحنطة او الطحين من خلال زيادة الانتاج وتحسين نوعية المنتج بالشكل الذي يضمن استخدامه بمختلف منتوجات الحنطة، وهل ستعمل كمية الحنطة المسوقة على تقليل اسعار الطحين في السوق المحلي وبالتالي تقليل اسعار المخبوزات والتي لها اهمية نسبية كبيرة بنسب التضخم؟.
ويبين انه لا ننكر اهمية الدعم المفروض للقطاع الزراعي والتشجيع على الزراعة ومقدار مساهمتها بالناتج المحلي وتحقيق الامن الغذائي ولكن يجب ان يكون هذا الدعم مدروسا وذات مخرجات تتوازى مع حجم الدعم المقدم لهذا القطاع من اجل العمل على استدامته وتقليل الدعم شيئا فشيئا على القطاع الزراعي من اجل القدرة على استدامته بعيدا عن الدعم المعرض للتوقف مع اي انهيار في اسعار النفط عالميا.
ويعتمد العراق بالدرجة الأساس على الحنطة في إنتاج مادة الطحين ضمن مفردات السلّة الغذائية، إذ يُعد العراق من الدول التي تضع الخبز ضمن المواد الأساسية للغذاء على موائد العراقيين.
90% زيادة عن السعر العالمي
أما بالنسبة لأسعار الحنطة العالمية، فقد يكشف خبراء اقتصاد في العراق أن أسعار القمح العالمية حاليا تتراوح بين 250-300 دولار للطن وبالتالي فإن معدل الطن الواحد من القمح عالميا يبلغ بالدينار العراقي ما بين 360 ألف الى 450 ألف دينار.
وأضافوا ان الحكومة العراقية قامت بتثبيت سعر الحنطة المسوقة محليا بمقدار 850 ألف دينار للطن الواحد ما يمثل بحدود 90% زيادة عن السعر العالمي، وهو نوع من التشجيع للمزارع الحقيقي العراقي ولتشجيع الزراعة المحلية.
يشار إلى أن المجلس الوزاري العراقي للاقتصاد قد قرر يوم 18 من شهر آذار/ مارس الماضي، اعتماد سعر 850 ألف دينار للطن الواحد من محصول القمح لهذا الموسم الزراعي فقط، على أن تقوم وزارتيّ الزراعة والتجارة بدراسة أسعار شراء القمح للمواسم المقبلة على أسس محددة (أسعار السوق العالمية وتكاليف الإنتاج الواقعية وأية متغيرات أخرى) مع الأخذ بعين الاعتبار تمييز المزارعين الذين يستخدمون طرق الري الحديثة.
وتسببت التحولات البيئية جراء الجفاف بتراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف. وفي حين تبلغ المساحات الصالحة للزراعة حالياً 14 مليون دونم، لن يتمكن العراق من زراعة سوى أقل من ثلث هذه المساحة فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية، وفق ما تذكر تصريحات رسمية.
وزارة الموارد المائية أكدت في بيان سابق أنها اتفقت على زراعة 5.5 ملايين دونم للموسم الشتوي 2023 – 2024، وهي تساوي المساحة المزروعة في الموسم الزراعي الشتوي الماضي 2022 – 2023. وتشمل زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، إضافة إلى الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم.