هل تتمكن بغداد من إخضاع أنقرة؟.. العراق يبحث إمكانية تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري بدلاً من جيهان التركي
انفوبلس..
بعد أن كسب العراق دعوى قضائية دولية رفعها ضد تركيا بسبب عدم قانونية تسلمها نفط إقليم كردستان، بدأت أنقرة باستخدام الأوراق الممكنة كافة للإضرار بالاقتصاد العراقي وتصدير نفطه عبر ميناء جيهان التركي، فضلا عن عدم التزامها بتسديد الغرامة المفروضة عليها من قبل المحاكم الدولية.
الإصرار التركي دفع العراق إلى البحث عن بديل لميناء جيهان، حيث بحثت الحكومة العراقية مع نظيرتها السورية إمكانية تصدير النفط عبر ميناء بانياس السوري وبذلك سيتمكن العراق من الاستغناء عن الميناء التركي، ما أثار العديد من التساؤلات حول موقف أنقرة بعد هذه الخطوة. فهل سيتخضع أم ستسمر بموقفها المتزمّت؟
السوداني في دمشق
الناطق باسم الحكومة، باسم العوادي، حدد أهمية زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى سوريا، فيما أكد أن العراق يفكر بإعادة إحياء خط تصدير النفط عبر ميناء بانياس.
وقال العوادي، إن "زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى سوريا مهمة، لأنها أول زيارة منذ فترة طويلة، وتأتي في ظروف مهمة، حيث إن العراق ساهم في عودة سوريا إلى الجامعة العربية وبذل جهود كبيرة بشأن ذلك".
وأشار إلى "وجود نقاط مهمة تحدد استراتيجية العراق تجاه سوريا، النقطة الأولى هي أن سوريا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العراقي وأمن المنطقة، وبالتالي فإن أي خلخلة في الأمن السوري من الممكن أن تنتج خلخلة في الوضع الأمني العراقي. والملف الثاني هو أن العراق يرفض عملية العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وهو أيضا يعتبر عاملا مهما في زعزعة الاستقرار، لذلك يعمل العراق على أن تستعيد سوريا عافيتها الاقتصادية".
وأضاف، أن "هنالك ملفات مشتركة مهمة مع سوريا، منها ملف المخدرات الذي يعاني منها البلدان، حيث بدء العراق يدفع ضريبة قاسية نتيجة زيادة عدد المتعاطين وتخصيص أموال ضخمة لعلاجهم، فضلا عن خطورة ملف المخدرات على بنية المجتمع العراقية".
وأوضح، أن "العراق يبحث عن منافذ جديدة لتصدير النفط العراقي"، متوقعا أن "العراق جاهز في أن يناقش مع سوريا ملف إعادة إحياء خط نفط العراق - ميناء بانياس إلى البحر الأبيض المتوسط، في حال تحسن ظروف سوريا، مما سيوفر للعراق أيضا فرصا جديدة لتصدير نفطه وإيصاله بصورة سريعة الى البحر الأبيض المتوسط والدول المشترية".
ولفت إلى، أن "سوريا لديها موانئ كبيرة جدا ومعروفة على البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي إذا ما اقتنعت سوريا أن تنضم لخارطة طريق التنمية للربط البري والسكك من موانئها الى المثلث العراقي السوري التركي، فأنا أعتقد هذا أيضا أنه سيوفر موارد مالية كبيرة".
وبيّن، أن "زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى سوريا أكدت على الملف الزراعي، فمن المعروف أن سوريا لديها منتجات زراعية بنوعية جيدة، لذلك من الممكن أن تكون هناك اتفاقيات للاستيراد والتصدير"، مؤكدا أن "العراق ماضٍ بهذا الاتجاه للاستفادة من المحاصيل الزراعية".
وتابع، "كذلك لدى سوريا مصانع للمنتجات الصغيرة والمتوسطة، سيما الألبسة والاقمشة والقطنيات والأثاث والصناعات اليدوية".
وأستدرك بالقول: "خلال فترة من الزمن ستدخل سوريا في مرحلة الإعمار والنمو، لذلك بإمكان العراق أن يستثمر ماليا في إعادة أعمار سوريا من خلال المستثمرين العراقيين والشركات والحكومة العراقية، وبالتالي كل ما يكون هنالك تعزيز في علاقاتنا الأمنية والاستخبارية والاقتصادية والثقافية، ستفتح بالمستقبل فائدة كبيرة للحكومة العراقية".
وذكر، أن "العراق بدأ استعادة مكانته عربياً خلال السنوات الأخيرة، سيما مع حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث ازدادت مظاهر الاستقرار، وأصبحت عاملا مطمئناً، مما جعل خطاب الدولة العراقية فيه نوعاً من الثقة المتعالية".
وتوجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الأحد الماضي، الى الجمهورية العربية السورية في زيارة رسمية.
وعقد رئيس مجلس الوزراء مع الرئيس السوري بشار الأسد جولة مباحثات موسعة تضمنت تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين وتطويرها، كما تم البحث في آفاق توسعة التبادل في مجالات الاقتصاد والنقل والتجارة والسياحة، والمياه ومواجهة آثار التغير المناخي، فضلاً عن مناقشة التنسيق الأمني المشترك في مجال محاربة الإرهاب وتدعيم أمن البلدين واستقرار شعبيهما.
تركيا تحارب العراق والعالم يدفع الثمن
شبكة "بلومبيرغ" الاقتصادية أعلنت أن سوق النفط العالمي ولاسيما الأوروبي، بات "يدفع ثمن" النصر الذي حققته بغداد بما يتعلق بالقضية التي رفعتها ضد السلطات التركية قبل تسعة أعوام.
وأوضحت الشبكة، أن "القرار الذي حصلت عليه بغداد في مارس/ آذار الماضي ومنعت بموجبه تركيا من تصدير النفط الصادر عبر إقليم كردستان العراق من أراضيها، يدفع العالم ثمنه"، مؤكدة أن "تركيا قررت إيقاف تصدير النفط منذ 109 أيام ومازالت مستمرة حتى الآن".
وتابعت، "خلال الفترة الماضية لم يتم تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي الأمر الذي ترك أثره الكبير في سوق النفط العالمي"، مشيرة إلى أن "السلطات العراقية غير قادرة على إقناع تركيا بإعادة ضخ النفط مرة أخرى"، على حد تعبيرها.
وأشارت الشبكة أيضا، إلى أن "عدم قدرة الحكومة العراقية على إصلاح أنبوب النفط الذي ينقل المورد من شمال البلاد الى ميناء البصرة، أجبرها على الاعتماد كليا على ميناء جيهان التركي للتصدير"، موضحة أنه "على الرغم من توصل حكومة بغداد لاتفاق نفطي مع أربيل، الا أن تركيا لديها أفكار أخرى".
ونوهت بأن "انقرة باتت تستغل حاجة العراق لميناء جيهان لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية على حساب البلاد".
وكان لفقدان النفط الصادر من الإقليم، بحسب الشبكة، "تأثيرا مضاعفا نتيجة لمحاولة السوق العالمي تعويض النقص الحاصل من العقوبات المفروضة على روسيا من قبل الغرب والتي قللت بشكل كبير من قدرة موسكو على تصدير نفطها".
وشددت على أن "انقرة الآن تبدو راضية بفقدان واردات النقل حتى تحقق أهدافها من المنع الحالي"، وفقا لشبكة "بلومبيرغ".
تركيا ترفض تسديد الغرامة
مطلع الشهر الحالي، كشفت وزارة النفط عن أسباب عدم التوصل إلى اتفاق مع تركيا بشأن استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة، عاصم جهاد، "شهد الاجتماع الأخير مناقشة استئناف صادرات النفط من إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان التركي، ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن".
وأشار إلى أن "الجانب التركي لا يزال يرفض دفع الغرامة التي فرضتها عليه المحكمة"، مبينا أن "الموضوع لا يزال بحاجة إلى مزيد من المفاوضات واللقاءات للوصول إلى حلول يرضي جميع الأطراف".
وفي نهاية آذار الماضي، ألزمت هيئة تحكيم دولية تركيا بدفع 1.5 مليار دولار إلى العراق كتعويض عن تصدير النفط من كردستان العراق عبر ميناء جيهان في الفترة من 2014 إلى 2018 دون موافقة بغداد.