هل يحيي السوق الأوروبي نفط كركوك المهدد بالجفاف؟
أنفوبلس/..
يقترب العراق تدريجيًا من تعزيز صادراته النفطية إلى أوروبا وأمريكا "مرغمًا"، بعد أن بدأت الهند والصين اللتان تعتبران أكبر مشترين للنفط العراقي، بشراء المزيد من النفط الروسي الذي يقدم خصومات سعرية كبيرة، الأمر الذي دفع العراق لتعزيز مكانته في السوق الغربي، لتعويض ما سيخسره في السوق الآسيوي، وكذلك لتلبية جزء من الطلب الغربي على النفط بعد حظر النفط الروسي في أمريكا وأوروبا، إلا أنّ أهم عقبة سيواجهها العراق هو عدم امتلاكه للمنافذ التصديرية القريبة من أوروبا وأمريكا، وسط ضعف الإنتاج والتصدير في كركوك، ما سيكبد العراق الخسائر الكبيرة لنقل الخام عبر البحر.
لا يمتلك العراق أي منفذ قريب على أوروبا غير أنبوب محافظة كركوك الذي يضخ أقل من 10% من طاقة العراق التصديريةوبدأت تتعزّز صادرات العراق النفطية بالفعل إلى الغرب، حتى وصلت مؤخرًا لما يعادل 30% من صادرات العراق النفطية تذهب غربًا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن صادرات النفط العراقي إلى أوروبا ارتفعت من 500 ألف برميل يوميًا إلى 635 ألف برميل يوميًا بغضون 3 أشهر.
بالمقابل، عزّز العراق صادراته النفطية أيضًا إلى أمريكا، حيث بلغت في الأسبوع الماضي 555 ألف برميل يوميًا، ارتفاعًا من 169 ألف برميل يوميًا مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.
غياب المنافذ نحو أوروبا سيكبد العراق 160 مليون دولار شهريًا
وفق ذلك، فإنّ صادرات العراق النفطية التي تتجه غربًا بدأت تفوق الـ1.1 مليون برميل يوميًا، وهو ما يشكل 33% من صادرات العراق النفطية اليومية البالغة 3.3 مليون برميل يوميًا، في الوقت الذي تبلغ الطاقة التصديرية عبر المنفذ الوحيد نحو أوروبا والمتمثل بأنبوب "كركوك - جيهان" 100 ألف برميل يوميًا، أي أقل من 10% من الطاقة التصديرية المطلوبة من النفط العراقي إلى الغرب.
وتشير التقديرات إلى أن الصادرات النفطية العراقية سترتفع أكثر نحو أوروبا وأمريكا، خصوصًا وأن أوروبا التي حظرت استيراد النفط الروسي مؤخرًا، كانت تستورد 2.7 مليون برميل يوميًا من روسيا، وإذا ما خسر العراق جزءًا من حصته السوقية في آسيا، فسيكون عليه أن يضخ تجاه أوروبا ما يصل لـ1.3 مليون برميل يوميًا ارتفاعًا من 0.6 مليون برميل يوميًا في الوقت الحالي.
وإذا كان مجمل ما ستستقر عليه الصادرات العراقية من النفط إلى أوروبا وأمريكا قرابة 1.8 مليون برميل يوميًا بشكل تدريجي، فإنّ أهم ما سيكون على العراق التفكير به هو وسيلة نقل هذه الكميات من النفط باتجاه الغرب.
وبينما لا يحتوي العراق على منفذ قريب تجاه أوروبا سوى أنبوب كركوك الذي يضخ أقل بـ10% من الطاقة التصديرية العراقية نحو أوروبا وأمريكا، لذلك سيكون المنفذ البحري الطويل هو المنفذ الوحيد لإرسال هذه الكميات من النفط عبر الخليج العربي والمحيط الهندي، ومن ثم البحر الأحمر وقناة السويس، وهو طريق سيكبد العراق كلفة نقل كبيرة تبلغ ربما أكثر من 3 دولارات للبرميل، مقارنة بكلف النقل التي كانت أقل ويتكفل بها المشترون في آسيا.
وعلى هذا الأساس، فإنّ العراق سيتكبد فيما إذا وصلت صادراته النفطية لنحو 1.8 مليون برميل يوميًا إلى الغرب، نحو 5.5 مليون دولار يوميًا، أو أكثر من 160 مليون دولار شهريًا.
بينما تتعزز الصادرات غربًا.. نفط كركوك مهمل
لعل التطورات على سوق النفط العالمي، وإعادة توجيه الصادرات وتبادل الأسواق واقتراب العراق من السوق الأوروبي، هي أهم الأسباب التي تدفع نحو تطوير حقول وإنتاج نفط كركوك، الذي أهمل منذ سنوات حتى وصل الأمر لتحذيرات من أن يتعرض نفط كركوك لـ"الجفاف".
وكان من المقرر أن يرتفع إنتاج حقول كركوك النفطية إلى مليون برميل يوميًا، باتفاق عقد بين الحكومة العراقية وشركة "بي بي" البريطانية في عام 2013، قبل أن تنسحب الشركة من الحقول في 2020 دون إنجاز الأعمال، ليستقر إنتاج حقول كركوك حاليًا عند 300 ألف برميل يوميًا فقط، أي أقل من ثلث الكمية التي كان من المفترض أن تنتجها هذه الحقول.
ووصل الأمر إلى تحذير شركة نفط الشمال من أن تتعرض حقول كركوك إلى "الجفاف"، فيما اعتبر رئيس المهندسين في شركة نفط الشمال، فرهاد حمزة، في تصريح اطلع عليه "ألترا عراق" أن "بقاء الحقول النفطية على وضعها الحالي سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج، فيما تعرض أنبوب نقل النفط إلى ميناء جيهان التركي إلى تدمير تام، وعليه يجب مد أنبوب جديد"، وسط اتهامات للحكومة المركزية بعدم التعامل بشكل جاد مع نفط كركوك.
وفيما إذا ارتفع إنتاج نفط كركوك إلى مليون برميل يوميًا، وتطوير أنبوب كركوك-جيهان لرفع طاقته التصديرية إلى مليون برميل يوميًا، فأنّ ذلك سيؤدي إلى تغطية قرابة 60% من الطاقة التصديرية المطلوبة للنفط العراقي نحو الأسواق الغربية، وتقلل من كلفة نقل النفط الخام إلى أوروبا وأمريكا والتي سيتكبدها العراق والبالغة أكثر من 160 مليون دولار شهريًا.
ظهرت تحذيرات من أن بقاء حقول كركوك بهذا الحال سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج
وتواصل مختصون مع كل من المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، وكذلك مع إعلام شركة تسويق النفط العراقي "سومو"، لغرض الاستيضاح عمّا إذا كانت الوزارة أو الشركة ستأخذ هذه التطورات بنظر الاعتبار والانتباه لضرورة إحياء الانتاج والتصدير النفطي عبر كركوك بما يتناسب مع الأسواق العالمية الجديدة التي سيتعامل معها العراق، ولكن لم يحصل على أي إجابة.