"أزمة قد تضرب العراق".. ناقوس الخطر يقرع ودعوات لخفض أسعار النفط في موازنة 2025

انفوبلس/..
تزامناً مع الحرب التجارية التي يشهدها العالم، والتذبذب الحالي في أسعار الذهب الأسود، وتلافياً لعدم الوقوع في المحظور، بدأت تتعالى أصوات برلمانية ومن مختصين أيضاً، بعدم تكرار الأخطاء السابقة عند إقرار الموازنة وبناء الهرم المالي على سعر عال، فالمطالبات الحالية تتمحور على تخفيض سعر النفط تجنباً لأي ارتدادات وانخفاضات مستقبلية خاصة مع إعلان أوبك بلس زيادة الإنتاج في حزيران المقبل.
*هبوط حاد
وشهدت أسعار النفط هبوطًا حادًا هذا العام، لاسيما خلال الأسبوعين الماضيين، بعد أن أثارت الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اضطرابات في الأسواق العالمية.
وكان البرلمان قد صادق في منتصف عام 2023 على خطة إنفاق تمتد حتى عام 2025، بافتراض سعر 70 دولارًا للبرميل في موازنة 2023، مع إمكانية مراجعة الأسعار في السنوات اللاحقة.
وبهذا الصدد، أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، إن السعر التقديري للنفط لعام 2025 سيكون أقل من 80 دولارًا للبرميل.
وقال صالح، إن أسعار النفط تشكل مؤشرًا أساسيًا في بناء إيرادات الموازنة العامة للعام 2025، لكنها ليست العامل الوحيد الحاسم.
وأوضح صالح خلال حديث صحافي، أن الأهم في إدارة المالية العامة هو سقف الإنفاق الكلي والانضباط المالي، إلى جانب التحوّط تجاه تقلبات دورة الأصول النفطية، مشددًا على ضرورة اعتماد نهج حذر في احتساب الإيرادات النفطية وتقدير مستويات الاقتراض المحتملة.
وأشار إلى أن أولويات الإنفاق يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار في إعداد الموازنة، وفي مقدمتها تأمين الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية، والرعاية الاجتماعية، والدعم الزراعي، واستكمال المشاريع التنموية والخدمية وفقًا للبرنامج الحكومي.
وبيّن المستشار الاقتصادي أن البلاد دخلت الفصل الثاني من السنة المالية 2025 وسط استقرار ملحوظ في الشأن المالي، مما يُعزز من إمكانية تنفيذ السياسات المالية بكفاءة واتزان.
*تحذير مهم
جهات نيابية واقتصادية حذرت الحكومة العراقية من انخفاض كبير للأسعار بالمرحلة المقبلة، وهو ما يدفعها لوضع سعر ملائم لتحديات المرحلة الحالية.
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، النائب حسين مؤنس، إن اللجنة طالبت منذ إقرار قانون الموازنة الثلاثية في عام 2022 بضرورة التحوط في تسعير النفط.
وحذر مؤنس خلال حديث صحافي، من توجه الأسعار العالمية نحو الانخفاض، وهو أمر متوقع نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، التي رفعت الأسعار إلى مستويات غير طبيعية.
وأوضح مؤنس أن وزارة النفط تمتلك مؤشرات واضحة تؤكد أن الأسعار متجهة نحو التراجع، مشيرًا إلى أن تثبيت سعر النفط لثلاث سنوات متتالية في إطار الموازنة الثلاثية يمثل “خطأً تخطيطيًا”، بدأت تداعياته تظهر فعليًا على المشهد الاقتصادي في العراق.
وأضاف أن جداول الموازنة للعام الحالي لم تصل بعد إلى مجلس النواب، كما لم يُبلغ المجلس حتى الآن بالسعر المفترض للنفط الذي سيتم اعتماده في إعداد الموازنة، مؤكدًا أن “واقع الحال المالي والاقتصادي يُلزم الحكومة بمراجعة تقديرات أسعار النفط نحو التخفيض، تماشيًا مع المستجدات في الأسواق العالمية”.
ويعتمد العراق بشكل كلي على الإيرادات النفطية، بالرغم من وجود بنود في الموازنات الاتحادية تتمثل بتعزيز الإيرادات غير النفطية، مثل المنافذ الحدودية والجباية، لكن جميعها لم تفعل بشكل صحيح، وبقيت إيراداتها قليلة، ولا تشكل نسبة يعتد بها.
*أزمة قد تضرب العراق
الى ذلك، حذر الخبير في الشأن الاقتصادي، صلاح الموسوي، من أزمة مالية مستقبلية قد تواجه العراق نتيجة التراجع الحاد المتوقع في أسعار النفط العالمية، مشيرًا إلى أن المؤشرات على هذا التراجع بدأت منذ أزمة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وقال الموسوي خلال حديث صحافي، إن "أسعار النفط تتجه نحو الهبوط منذ تلك الأزمة، ومن المتوقع أن تصل في عام 2033 إلى نحو 15 دولارًا للبرميل الواحد"، مؤكدًا أن مثل هذا الانخفاض سيتسبب في تراجع كبير في إيرادات العراق النفطية، وقد ينعكس سلبًا على تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين.
واقترح الموسوي على الحكومة العراقية أن تعتمد سعرًا تحوطيًا للنفط يبلغ 50 دولارًا للبرميل في الموازنة، لافتًا إلى أن هذا السعر يعكس واقع السوق الدولي.
وبيّن أن السعودية قادرة على رفع إنتاجها بمقدار مليوني برميل يوميًا، في حين يمكن للولايات المتحدة زيادة إنتاج النفط الصخري بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا، وهو ما سيسهم في هبوط الأسعار إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل، الأمر الذي يصب في مصلحة الأسواق الغربية، لاسيما أوروبا والولايات المتحدة
ويصدّر العراق، وهو ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، نحو 85 بالمئة من نفطه الخام عبر موانئ في جنوب البلاد، لكن الطريق الشمالي عبر تركيا لا يزال يمثل نحو 0.5 بالمئة من إمدادات النفط العالمية.
يشار إلى أن موازنة العراق لهذا العام تجاوزت الـ226 ترليون دينار، بعد إقرارها من قبل البرلمان، وهي أعلى من موازنة العام الماضي البالغة 198 ترليون دينار.
*زيادة الإنتاج
وأعلنت ثماني دول منضوية في تحالف أوبك بلس، أمس السبت (3 نيسان 2025)، عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط لشهر حزيران، رغم خطر تراجع الأسعار المنخفضة أصلاً.
وسيقوم العراق والسعودية وروسيا وخمس دول أخرى في التحالف، بإنتاج 411 ألف برميل إضافي يومياً في حزيران، كما هو المستوى خلال شهر أيار، وفقاً لبيان صادر عن أوبك بلاس، بينما كانت الخطة الأساسية تنص على زيادة قدرها 137 ألف برميل يومياً.
وقال جورج ليون من شركة ريستاد إنرجي لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ "أوبك بلاس ألقى قنبلة للتو في سوق النفط".
"بعد الإشارة التي قدمها الشهر الماضي، يُرسل القرار المُتخذ اليوم رسالة واضحة: المجموعة تغيّر استراتيجيتها وتسعى إلى استعادة حصتها في السوق بعد سنوات من التخفيضات"، أضاف ليون.
وعمدت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلى تشكيل تحالف أوبك بلاس عام 2016 مع دول أخرى من بينها روسيا، للتعامل مع التحديات التي تواجهها السوق.
حتى وقت قريب، استغلّت الدول الـ22 المنضوية في التحالف، والتي تعتمد غالبيتها بشكل كبير على الثروة النفطية، نُدرة الإمدادات لرفع الأسعار، فاحتفظت بملايين البراميل كاحتياطيات.
وإضافة إلى السعودية وروسيا، وافق العراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وعُمان على مواصلة زيادة الإنتاج.