أوبك الجديدة تُطبخ على نار "هادئة".. اتفاق روسي صيني إيراني عراقي يخص النفط "يُزعج" الغرب
انفوبلس/ تقرير
خلال الفترة الماضية، ظهرت اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والأمن والخدمات اللوجستية بين العراق وإيران وروسيا والصين، والذي قال عنه خبراء اقتصاد إنه يمكن أن يؤسّس لأوبك ثالثة بعد أوبك وأوبك+، الأمر الذي سيشكل صداعاً للغرب خصوصاً الولايات المتحدة الامريكية.
وشهد الأسبوع الماضي، اتفاقيات للتعاون في مجالات الطاقة والأمن والخدمات اللوجستية بين العراق وإيران وروسيا والصين. ويُتوقع أن تكون لهذه الاتفاقيات تأثيرات فورية على إمدادات النفط والغاز في العالم وسعرهما.
يأتي هذا في وقت يقول فيه خبراء إن هذا التعاون الرباعي بين الصين كأكبر مستهلك للنفط والغاز في العالم وثلاثة من المنتجين البارزين يمكن أن يؤسّس لأوبك ثالثة بعد أوبك وأوبك+، وتتحرر أوبك الجديدة من بعض الالتزامات الصارمة في أوبك وأوبك+، خاصة ما تعلق بتحديد الكميات التي ينتجها كل طرف، وكذلك التحكم في الأسعار.
وجود منظمة جديدة متحررة من الضوابط السابقة سيخدم بدرجة أولى الصين التي ستتحصل على ما تحتاجه من نفط وغاز في مخططها الإستراتيجي "الحزام والطريق".
*منظمة جديدة متحررة من الضوابط السابقة
ويقول الخبراء إن وجود منظمة جديدة متحررة من الضوابط السابقة سيخدم بدرجة أولى الصين التي تريد أن تحصل على إمدادات ذات كميات كبيرة من النفط والغاز طويلة الأمد وبأسعار معقولة لا تتغير في كل مرة بحسب التغيير الذي يطال العرض والطلب، أو تحت تأثير تدخل سياسي خاصة من الولايات المتحدة بالضغط على هذه الدولة أو تلك لزيادة المعروض أو خفضه.
وبقطع النظر عن شكل المنظمة الجديدة وتسميتها، فإن المهم أنها تتولى تسهيل حصول الصين على ما تحتاجه من نفط وغاز في مخططها الاستراتيجي "الحزام والطريق".
سايمون واتكينز: الصين تريد تحويل الشرق الأوسط إلى محطة نفط وغاز كبيرة يمكن من خلالها تعزيز نموها الاقتصادي
ويرى سايمون واتكينز، الباحث الاقتصادي في موقع أويل برايس الأميركي، أن الصين تريد تحويل الشرق الأوسط إلى محطة نفط وغاز كبيرة يمكن من خلالها تعزيز نموها الاقتصادي لتتفوق على الولايات المتحدة باعتبارها القوة العظمى الأولى بحلول 2030.
وتوجد في المنطقة أكبر ثلاثة احتياطيات من النفط والغاز، في إيران والعراق والسعودية، مما يدفع بكين إلى الاهتمام بالمنطقة وعقد اتفاقيات طويلة الأمد مع الدول الثلاثة ودول أخرى.
وتبحث روسيا بدورها عن منظمة جديدة تتسم بالمرونة وتسمح لها بإنتاج وتصدير ما تريده دون ضوابط ولا اشتباك مع شركاء مثل ما جرى من توتر صامت مع السعودية في ظل اتهامات لموسكو بعدم الالتزام باتفاق خفض الإنتاج الذي أقرّه اتفاق أوبك+.
وتحتاج روسيا إلى فائض من الإنتاج للإيفاء بتكاليف حربها في أوكرانيا والتغطية على الخسائر التي تتلقاها بفعل العقوبات الغربية.
وتجد موسكو في تشكيل منظمة نفطية محدودة الأعضاء خير مساعد لها على التحرك بحرية وتدعيم نفوذها في مناطق تأثيرها التقليدية.
ويكمن أحد أهدافها بالاستمرار في ممارسة النفوذ في العديد من البلدان التي تعتبرها أساسية للحفاظ على سيطرتها على دول الاتحاد السوفييتي السابق، خاصة دول آسيا الوسطى التي تسبح فوق ثروات ضخمة من النفط والغاز. وسيمكّنها هذا التأثير من تعزيز مكانتها كشريك مهم للصين.
*فرصة للعراق وإيران
وبانضمامهما إلى هذا التحالف العالمي الجديد تجد الدولتان الباقيتان، إيران والعراق، فرصة للاحتماء بالوزن الاقتصادي والسياسي الصيني، والروسي بدرجة أقل، وهو ما يمكّنهما من مواجهة الضغوط الغربية، وخاصة منها ضغوط الولايات المتحدة.
وإلى جانب ما يوفره التحالف الجديد من مزايا سياسية بالرهان على حماية الصين، فإن إيران أو العراق سيجدان أيضا فرصة لتحقيق المكاسب المالية والاقتصادية من خلال اتفاقيات بينية طويلة الأمد. من ذلك أن إيران والعراق وقّعا مجموعة من اتفاقيات النفط والغاز خلال الأسبوعين الماضيين.
ومارست إيران، منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تأثيرا هائلا على جارتها بشكل مباشر وغير مباشر من خلال وكلائها السياسيين والاقتصاديين والعسكريين.
وكان العراق دائما مستعدا لمثل هذا التعاون في قطاع الطاقة، حيث يشترك البلدان في العديد من أكبر مكامنه النفطية التي تشمل آزاديجان (على الجانب الإيراني) ومجنون (على الجانب العراقي)، وعازار/ بدرة.
وبالنسبة إلى إيران أثبت هذا التعاون فاعليته في تجنب العقوبات، حيث مكّنها بسهولة من إعادة تصنيف نفطها على أنه عراقي غير خاضع للعقوبات وشحنه إلى أي مكان في العالم. كما كان هذا أداة مفيدة للعراق مكّنته من تلقّي مليارات الدولارات من الولايات المتحدة من خلال الوعد بوقف استيراد الكهرباء والغاز من إيران، ثم التراجع عن ذلك الوعد في الوقت الذي تصل فيه تلك الأموال إلى الحسابات المصرفية في بغداد.
وتعزز اتفاقيات التعاون الأخيرة كل هذه العلاقات بين إيران والعراق بشكل أكبر. وبالتوازي مع ذلك تم توقيع اتفاقيات أخرى ساعدت على تمتين العلاقات بين إيران وروسيا من ناحية وبين إيران والصين من ناحية أخرى، وبين الصين والعراق من ناحية ثالثة، وهو ما يعطي مشروعية لتشكيل تحالف رباعي يقوم على تقاطع المصالح.
ووقعت موسكو 10 اتفاقيات تعاون جديدة مع إيران في قطاع النفط في الثامن عشر من الشهر الماضي. وتشمل الاتفاقيات خارطة طريق تعاون عسكري أوسع، وخارطة طريق أخرى تتعلق بالتعاون الثنائي في مجالات الصناعة وتبادل التكنولوجيا وتعزيز استخلاص النفط.
ويُضاف هذا إلى تجديد الاتفاقيات السابقة بين روسيا وإيران وتمديدها لخمس وعشر سنوات، ويسمح ذلك لروسيا (إلى جانب الصين في اتفاقيات منفصلة) بتواجد شركاتها في أي حقل نفط وغاز في إيران تختاره موسكو. كما يسمح بتبادل الضباط العسكريين بين البلدين، مثلما يسمح لروسيا بالوصول الكامل إلى المطارات والموانئ الإيرانية.
وكانت الصين، التي تسعى دائما إلى الدخول بقوة، تنتظر أن تهدأ الأمور قبل أن توقع اتفاقيات تعاون جديدة مع إيران.
وستضمن الصين -في اتفاقية من المقرر أن تكون مدتها 25 عاما- من إيران أسعار نفط وغاز أقل بنسبة 30 في المئة على الأقل من معايير تسعير النفط.
وتجتمع منظمة البلدان المصدِّرة للبترول (أوبك) وحلفائها، ومن بينهم روسيا، في فيينا في الرابع من يونيو/ حزيران لاتخاذ قرار بشأن سياسة الإنتاج الخاصة بهم.
واتفقت المجموعة، المعروفة باسم أوبك بلس، في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي على زيادة الخفض إلى 3.66 ملايين برميل يوميا، وهو ما يعادل 3.7% من الطلب العالمي، بعدما تعهد عدة أعضاء بتخفيضات من جانب واحد.
وساعد هذا الإعلان المفاجئ على رفع الأسعار بنحو 9 دولارات للبرميل إلى ما فوق 87 دولارا للبرميل في الأيام التي تلته، لكن أسعار خام برنت فقدت مكاسبها منذ ذلك الحين.
*تعرّف على الفارق بين منظمتي "أوبك" و"أوابك" المصدِّرة للبترول
كثيراً ما يحدث خلط لدى الكثير بين اسم منظمتي "أوبك" و"أوابك"، وخصوصاً عند نقل الأخبار عنهما، والتي تحمل مضموناً متشابهاً حول مجال النفط وصادراته، لذا وجب إلقاء الضوء على الفرق بينهما، وتوضيح العلاقة التي تربطهما.
رغم أنهما اسمان لمنظمتين مستقلتين، ولكل منهما دورها، إلا أن هناك علاقة تربطهما أيضاً، يتمثل هذا الرابط في وجود 7 أعضاء من الدول المشاركة في منظمة "أوبك" أعضاء في منظمة "أوابك" أيضاً، علاوة على نص المادة الثالثة من اتفاقية إنشاء "أوابك"، بألاّ تتعارض أهدافها مع أهداف "أوبك"، وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق والتزامات أعضاء الأخيرة.
وتُعتبر منظمة "أوبك" – OPEC المنظمة العالمية التي تضم جميع الدول المصدِّرة للنفط على مستوى العالم، فيما تقتصر منظمة "أوابك" – OAPEC على الدول العربية فقط المصدّرة للنفط. وطبقاً لاتفاقية "أوابك" فإن أي عضو ينضم إليها يجب أن يلتزم بمستويات مراعاة الأسعار التي تهدف إليها قرارات "أوبك"، بما يساعد على تقوية دول المنظمة العالمية المصدّرة للبترول "أوبك" في العمل على استقرار الأسواق والحفاظ على مستويات الأسعار.
*الفارق بين منظمتي "أوبك" و"أوابك"
– منظمة "أوبك":
*تضم دول العالم المصدِّرة للنفط.
*تأسست عام 1960، وتُشرف على صوغ السياسة النفطية العامة للأعضاء، مثل الإنتاج وكميتة وحصص كل دولة من الإنتاج والتسعير والدفاع عن مصالح الأقطار المنتجة.
*تضم في عضويتها 13 دولة منتجة للنفط من بينها دول عربية وأجنبية.
*هدفها تنسيق وتوحيد السياسات النفطية لدولها الأعضاء، وتحديد أفضل وسيلة لحماية مصالحها الفردية والجماعية.
*تسعى إلى توصل إلى أفضل السبل والوسائل لضمان استقرار الأسعار في أسواق النفط الدولية.
*تعمل على ضمان حصول الدول الأعضاء في المنظمة على دخل ثابت من صادراتها ليُساعدها في خطط التنمية التي تضعها كل دولة لنفسها.
*المقر الرئيسي لها في فيينا عاصمة النمسا.
*الدول الأعضاء هي: الإكوادور، الإمارات، إندونيسيا، أنغولا، إيران، الجزائر، السعودية، العراق، فنزويلا، قطر، الكويت، ليبيا ونيجيريا.
– منظمة "أوابك":
*هي منظمة الأقطار العربية المصدّرة للنفط.
*تأسست عام 1968 في أعقاب حرب العام 1967.
*الهدف من إنشائها، تطور وتعاون الأقطار العربية الأعضاء في مختلف أوجه النشاط الاقتصادي في صناعة البترول، وتوثيق العلاقات فيما بينها.
*تضم في عضويتها عدداً من الدول العربية – دول مؤسِّسة وهي: الكويت، السعودية وليبيا. ودول منظمة وهي: قطر، البحرين، الإمارات، الجزائر، العراق، سوريا ومصر.
*شروط الانضمام للمنظمة، أن يكون البترول مصدراً مهماً للدخل القومي لدى الدولة الراغبة في الانضمام.
*أهم المشروعات المنفِّذة من قبل المنظمة هي: "الشركة العربية البحرية لنقل البترول"، والتي تهدف إلى القيام بجميع عمليات النقل البحري للمواد الهيدروكربونية، و"الشركة العربية لبناء وإصلاح السفن"، وتهدف إلى القيام بجميع عمليات البناء والإصلاح والصيانة لجميع السفن والناقلات ووسائل النقل البحري المتعلقة بنقل المواد الهيدروكربونية وغيرها. و"الشركة العربية للاستثمارات البترولية" – "أبيكورب"، والتي تهدف إلى الإسهام في تمويل المشروعات والصناعات البترولية، وأوجه النشاط المختلفة، مع إعطاء الأولوية للمشروعات العربية المشتركة.