أوبك في بغداد.. بعد 63 عاماً يمارس العراق دوره في المنظمة التي أُسسها
انفوبلس/..
بمناسبة الذكرى الـ 63 على تأسيس منظمة أوبك في بغداد عام 1960، وقّعت وزارة النفط العراقية، أمس الجمعة، مذكرة “إعلان تأسيس أوبك” لعام 2023، وذلك خلال احتفالية أُقيمت على قاعة الشعب في العاصمة، وهي نفس المكان الذي شهد ذلك الحدث قبل عقود، فيما حضر الحفل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزراء وممثلو الدول الأعضاء والأمين العام.
*مسؤولية لا تنتهي
بدوره، حضر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، احتفالية الذكرى 63 لانعقاد المؤتمر التأسيسي لمنظمة أوبك، ورحّب بالضيوف الحضور من أعضاء المنظمة من وزراء النفط، مستذكراً الرعيل الأول منهم، حيث اجتمعوا في هذه القاعة قبل 63 عاماً، ليؤسِّسوا منظمة أوبك التي أضحت اليوم واحدة من بين أهم المنظمات الدولية.
وخلال الاحتفالية، قال السوداني وفق بيان لمكتبه، إن "النفط مازال يمثل مصدراً أساسياً للطاقة في العالم، وله أهميته في السياسة والاقتصاد والتنمية والبيئة، وأهميته للبلدان التي تعتمد عليه، إنتاجاً أو استهلاكاً". مشيراً إلى، أنه "حين تأسست أوبك، كانت الثروة النفطية تُدار من قبل الشركات الاحتكارية التي أفقدت البلدان سيادتها وتأثيرها في سوق النفط". مؤكداً، إنه "بات أعضاء أوبك يديرون خطط وإنتاج وصناعة نفطهم بكامل سيادتهم ويرسمون سياساتهم النفطية".
وتابع، إن "مسؤولية المنظمة لا تنتهي عند حدود التصدير، بل تتعداها إلى عمليات التنظيم السوقي، وضبط الأسعار، بما يحقق سعراً عادلاً للمنتجين والمستهلكين". لافتاً إلى، أن "دخول الغاز الطبيعي والمصاحب في سوق الاستثمارات الخاصة بالطاقة، قد أضاف مسؤوليات جديدة على الدول الأعضاء". معتبراً، إن "الغاز أصبح مورداً حيوياً لصناعات كثيرة، ما يستدعي من الدول الأعضاء أن تضع نُصب أعيُنها التحديات المضاعفة التي تواجهها".
وتابع رئيس مجلس الوزراء العراقي، إن حكومته "اهتمت بملف الطاقة بكل تفاصيله، وفي مقدمتها ما يتعلق بالنفط والغاز الطبيعي والمصاحب". مبيناً، إن "العراق يعتمد، منذُ سنوات بعيدة، على النفط كمورد أساس للاقتصاد والمال، وجرى إهمال الغاز الطبيعي والمصاحب، ما أفقدنا الكثير من فرص التنمية، فضلاً عن التأثيرات البيئية المرافقة للصناعة النفطية".
وأعلن السوداني "البدء بمعالجات لتطوير الصناعة النفطية والاستثمار في المهمل منها، ووقعنا عقوداً مهمةً لاستثمارِ الغاز بنوعيه الطبيعي والمصاحب"، كاشفاً عن قرب "التوقيع على الجولة السادسة التي تستهدف رُقعاً مهمةً لحقول الغاز الطبيعي".
كما لفت إلى "التعاون مع كبرى الشركات في مجال الطاقة، ومنها الاتفاق الأخير مع شركةِ توتال الفرنسية، لتحقيق تكامل في استثمار الطاقة، وجعل العراق عنصراً فاعلاً في سوق الغاز خلال السنوات القليلة المقبلة"، معتبراً أن "الاستثمار في الغاز سينهي الهدر في الثروة الغازية التي تكلفُ العراقَ سنوياً ما يقارب 4 مليارات دولار".
وأردف: "وضعنا على رأس أولوياتنا فسح المجال للقطاع الخاص والشركات العالمية، وتقديم التسهيلات لها"، منوهاً إلى أن "العالم يبحث اليوم عن بدائل للطاقة التقليدية، ويتجهُ نحو مصادر الطاقة البديلة، التي ستكون منافساً للنفط والغاز في غضونِ سنواتٍ قليلة"، مشدداً على ضرورة الاستعداد من الآن لوضع الخطط لمواكبة التحولات العالمية نحو بدائل الطاقة".
*مذكرة إعلان تأسيس أوبك في بغداد
وخلال الاحتفالية، وقّع وزراء وممثلو أعضاء منظمة الدول المصدِّرة للنفط "أوبك" مذكرةَ إعلان تأسيس "أوبك" في بغداد لعام 2023.
فيما اعتبر نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة، وزير النفط، حيان عبد الغني، هذه الخطوة "تأكيداً للمبادئ التي تم التوقيع عليها قبل ثلاثة وستين عاماً وهي وثيقةٌ لتجديدِ التضامنِ الدولي من أجل الحفاظِ على الثروةِ الطبيعية، وفي القاعةِ نفسِها التي شهدتِ الإعلانَ الأول، فيتجددُ المسارُ الصحيح تاريخياً بفعلِ حماسِكم مستنداً الى الماضي العريق بشهادةِ الحاضرِ المزدهر وبالنظرِ إلى المستقبلِ المشرقِ بثقةٍ عالية".
وأضاف وزير النفط، "ونحنُ نشهدُ التوقيعَ على مذكرةِ احتفالِنا لمناسبةِ مرورِ ثلاثةٍ وستينَ عاماً على انبثاقِ "أوبك" هنا في هذا المكان، فإننا نعملُ لكي يكونَ النفطُ مصدرَ إلهامٍ لتطويرِ ودعمِ الاقتصادِ الوطني، مؤكد أنه كانت لنا خُطواتٌ واعدة في هذا الاتجاه، فمضينا وفقَ خارطةِ طريقٍ مستقبلية، بدعمٍ من مجلسِ الوزراءِ ومجلسِ النواب وبتعاونٍ مثمرٍ من جميعِ الوزارات من أجلِ الارتقاءِ بالاقتصادِ العراقي نحوَ الأفضل".
وأشار إلى، أن "التعاون المشترك والتفاهماتِ مع دولِ منظمةِ "أوبك" و(أوبك بلس) خدمةً للمصالحِ المشتركة للدولِ الأعضاء، وكما انتصرنا على الجائحة فإننا نضيفُ في كلِ يومٍ مأثرةً جديدة، يترافقُ معها الجهدُ الوطني والمساهمةُ الفاعلة في تطويرِ البُنى التحتية خدمةً للإنسانِ العراقي، عبرَ مدِّ الطرقِ وإنشاءِ الجسورِ وبناءِ المدارسِ والمستشفيات، ونستطيعُ أنْ نقولَ بكلِ فخر إننا نعملُ وفقَ رؤيةٍ حكوميةٍ حديثة تحترمُ السيادةَ الوطنية وتحرصُ على التعاملِ مع دولِ الجوارِ بروحِ الأُخوّة، وعلى تمتينِ الأواصرِ مع دولِ العالم وفقَ دراساتٍ نظريةٍ معمّقة وتطبيقاتٍ عملية ناجحة".
وأوضح عبدالغني، "نواصلُ استخدامَ النفط بشكلٍ يجعلُهُ دِعامةً اقتصادية، بإرادةٍ وطنيةٍ تَحترمُ المواثيقَ مع الدولِ الأخرى من أجل موقفٍ يمنحُ الشعوبَ المحبةَ والسلامَ والاستقلال ويُمكِّنُها من الاستخدامِ الأمثلِ لثرواتِها الطبيعية، وما تأسيسُ "أوبك" واستمرارُها إلا دِلالةٌ عملية على صحةِ المسار، وتَعاضُدِ جهودِ جميعِ الأطراف لإعلاءِ موقفِ المنظمة واحترامِ مواثيقِها وتأكيدِ صحةِ خُطواتِها".
وأتم: "نسعى إلى استخدامِ التكنلوجيا الحديثة في الصناعةِ النفطية، ونعقدُ الاتفاقياتِ لحمايةِ المناخ، عبرَ توفيرِ مصادرِ الطاقةِ النظيفة، فنقفُ على أرضيةٍ صُلبة، مالكينَ لإرادتِنا وفقَ المواثيقِ التي تم تدوينُها مع دولِ التأسيس: المملكةِ العربيةِ السعودية، وجمهوريةِ إيرانَ الإسلامية، ودولةِ الكويت، وجمهوريةِ فنزويلا، ومع الدولِ الأخرى حيثُ كَبُرَتْ شجرةُ أوبك بالتحاقِ عددٍ من الدول المُحِبَّةِ للسلام والتي تعملُ لخيرِ شعوبِها ورفاهيتِها وتأمينِ مستقبلِ أجيالِها".
*استقرار أسعار النفط
وفي كلمة له في الاحتفالية، أكد الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيض على أن المنظمة ستواصل دورها في الحفاظ على استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية.
وأشاد الغيض بالاتفاق التاريخي الذي أسس المنظمة وحافظ على الحق السيادي للدول الأعضاء الخمس المؤسسة في المجال النفطي.. مبيناً أن عضوية المنظمة تتكون من 13 دولة منتجة للنفط والتي تعمل على نفس الأُسس والمبادئ النبيلة التي تأسست عليها المنظمة.
وشدد الغيض على أن المنظمة "ستستمر بتأدية الدور المحوري للحفاظ على استقرار أسعار النفط في أسواق الطاقة العالمية".
*أوبك حققت غاياتها
في السياق، أكد وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان، أن منظمة أوبك قد "حققت غاياتها" و"حافظت" على استقرار سوق الطاقة.
وقال ابن سلمان في كلمة له خلال الاحتفالية "نشكر العراق على حفاوة الاستقبال"، مؤكدا أن "أوبك كان لها دور فاعل في إنشاء صندوق أوبك للدول النامية".
وأضاف، إن "منظمة أوبك حققت غاياتها"، مشيرا إلى أن "أوبك بلس حافظت على استقرار أسواق الطاقة".
*ركيزة مجتمع الطاقة
بدوره، عدّ وزير النفط، وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة بالوكالة الكويتي مناف الهاجري، أن أوبك "تمثل ركيزة مهمة في مجتمع الطاقة بالعالم وتظل مفتاحا وصماما أساسيا لضمان أمن الإمدادات والاستقرار المستدام لدعم تماسك جميع أعضائه الذين يواصلون الاستثمار في القدرة الإنتاجية لضمان إمدادات كافية للطلب العالمي حاليا وفي المستقبل".
وقال الهاجري، إن "أوبك تؤكد من خلال أهدافها الرئيسية ووفقا لنظامها الأساسي واستراتيجيتها الطويلة الأمد التزامها بأمن أسواق النفط العالمية واستقرارها وتحرص على أن توثّق أُطر التعاون مع المنتجين الآخرين والحوار مع كل المجموعات المؤثرة من أصحاب المصلحة في الصناعة واحتضان الاهتمامات الإنسانية مثل التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة والتعامل مع شح الطاقة وتحدياتها الأخرى".
وتابع "لقد أثمر توقيع إعلان التعاون التاريخي وغير المسبوق في عام 2016 دعم الاستقرار في سوق النفط العالمية بشكل فعّال وبموجب إعلان تعاون تعمل (أوبك) مع 10 دول منتجة من خارج المنظمة من أجل الحفاظ على استقرار أسواق النفط".
*أوبك وأهدافها
وأوبك هي منظمة حكومية دولية مكونة من 13 دولة. تأسست في عام 1960 في بغداد من قبل الأعضاء الخمسة الأوائل (العراق وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية وفنزويلا)، ومقرها الرئيسي في فيينا في النمسا منذ عام 1965، رغم أن النمسا ليست دولة عضو فيها.
وأهداف أوبك المعلنة في النظام التشريعي لأوبك، والمتاحة للعامة على موقعها الإلكتروني هي تنسيق وتوحيد السياسات البترولية للدول الأعضاء وتحديد أفضل الطرق لحماية مصالحها الفردية والجماعية، وإيجاد السبل والوسائل الكفيلة باستقرار الأسعار في أسواق البترول العالمية بهدف الحد من التقلبات السلبية وغير الضرورية، والأخذ في الاعتبار مصالح الدول المنتجة وضرورة تأمين عائد ثابت لها من خلال تأمين إمدادات فعالة واقتصادية ومنتظمة من البترول للدول المستهلكة، وبالإضافة للعائد العادل على رأس أموال المستهلكين الذين يستثمرون في صناعة البترول.