الروتين المُمل والشروط التعجيزية يُحجّمان أعداد الحسابات المصرفية في العراق.. 81% من السكان لا يملكونها
انفوبلس/ تقارير
رغم إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منذ يناير/ كانون الثاني الماضي جملة من الإصلاحات المالية والاقتصادية في البلاد، أبرزها تفعيل نظام الدفع الإلكتروني، إلا أن معضلة فتح الحسابات في البنوك الحكومية والأهلية لا زالت قائمة، وهذا ما برهنته شركة فيزا العالمية التي أكدت أن 81 بالمئة من العراقيين بلا حسابات مصرفية عازيةً ذلك إلى جملة من الأسباب تصدَّر الروتين القاتل والشروط التعجيزية قائمتها.
*شركة فيزا: 81% من العراقيين بلا حسابات مصرفية
وبهذا الصدد، كشفت المدير الإقليمي لشركة فيزا العالمية، ليلى سرحان، في الثالث من نيسان الماضي، عن انخفاض تعامل العراقيين مع البنوك، مشيرة إلى أن 81 % من السكان ليس لديهم تعامل مصرفي.
بالتزامن مع ذلك، أوضحت أن الجهاز المصرفي العراقي، بدأ يتحول نحو الخدمات المصرفية الرقمية، بينما رحبت بالتوجه نحو نظام المدفوعات الإلكتروني.
وقالت سرحان، وفق الصحيفة الرسمية إن "لقاءات فريق الشركة في العراق مع رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي ركزت على تطوير واقع الدفع الإلكتروني داخل سوق العمل العراقية وبالشكل الذي يحقق أهداف المركزي العراقي بالتوجه صوب التعاملات الإلكترونية بشكل كامل".
وأضافت، إن "الدفع الإلكتروني في البلاد يشهد حاليا تحولاً كبيراً لأن الفرص كبيرة داخل السوق العراقية في مجال المدفوعات، في ظل انخفاض تعامل المواطنين مع البنوك، إذ نجد أن 81 % من السكان ليس لديهم تعامل مصرفي، والسبب الثقافة المالية المنخفضة"، مرحبةً بالجهود الحكومية لتشجيع المدفوعات الإلكترونية.
*عدد حسابات "خجول" لمصرف الرافدين
بإحصائية خجولة لا تتناسب وحجم أكبر بنك في الشرق الأوسط، أعلن مصرف الرافدين، اليوم الأحد، أن عدد الحسابات المفتوحة للمواطنين وفئات أخرى في فروعه ببغداد والمحافظات في شهر حزيران، بلغت 4240 حساب توفير وجاري بالدينار والدولار وحسابات الودائع.
وذكر المصرف في بيان، أن "عدد الحسابات الجارية التي تم فتحها للمواطنين وفئات اخرى في شهر حزيران وصلت إلى 818 حسابا جاريا بالدينار والدولار في حين بلغت حسابات التوفير المفتوحة للمواطنين 3199 حسابا بالدينار والدولار، بالإضافة إلى عدد حسابات الودائع التي بلغت 223 وديعة".
ولفت إلى، أن "المصرف مستمر في تقديم خدماته وذلك بفتح الحسابات للمواطنين الراغبين في إيداع أموالهم فيه والحصول على الفوائد وفق شروط وضوابط وُضِعت، كما وبإمكان زبائن المصرف زيارة فروعه في بغداد والمحافظات للاطلاع عليها".
*روتين مُمل وشروط تعجيزية
إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي مهيمن السلماني، إن "هناك العديد من الأسباب التي تمنع أغلب العراقيين من التعامل مع المصارف العراقية الحكومية أو الأهلية من أبرزها الهاجس الأمني وتكرار حوادث السطو على البنوك وترصد عصابات الزبائن على أبوابها وكذلك الروتين المعقد لها حيث ما زالت تعتمد الإجراءات الورقية وليس الإلكترونية الحديثة عدا عن أسباب أخرى مثل الشروط التعجيزية القاتلة والتعاملات الربوية في المصارف.
وأضاف السلماني، إن "أسباباً أخرى وراء عدم امتلاك أغلب العراقيين لحسابات مصرفية منها الروتين المُمل في التعاملات المصرفية في حال افتتاح حساب مصرفي لأحدهم وهذا الروتين الممل يسبب ابتعاد المواطنين عن التعامل مع المصارف".
فيما اعتبر آخرون أن انتشار ما يُعرف بظاهرة الاكتناز لدى التجار والأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال نتيجة الوضع الأمني المتردي منذ عام 2003 جعل نسبة الحسابات المصرفية للبالغين قليلة للغاية.
المواطنون من جانبهم، اعتبروا أن فتح حساب مصرفي يحتاج إلى معاملات روتينية مُملة جدا فضلاً عن عدم وجود ثقة بأي بنك في العراق.
*إحصائيات
يبلغ عدد المصارف الحكومية في العراق 7 مصارف، إضافة إلى 25 مصرفا تجاريا أهليا، و3 مصارف أهلية إسلامية، و3 فروع لمصارف إسلامية أجنبية، وذلك وفق الموقع الرسمي للبنك المركزي.
أما عن عدد المصارف الأجنبية التجارية، فيبلغ 16 مصرفا يتبع كلا من تركيا ولبنان وإيران والأردن، مع الأخذ بعين الحُسبان أن البنك المركزي وضع 7 من هذه المصارف تحت الوصاية مع تصفية أعمالها في البلاد عام 2020، وذلك وفق موقع البنك المركزي، مع وجود مكتب لمصرف "سيتي" الأميركي وآخر لمصرف "كوميرز" الألماني، حيث يتخذان من فندق بابل ببغداد مقرا لهما.
وكان البنك المركزي العراقي قد استبعد قبل 3 أشهر 4 مصارف محلية من مزاد بيع العملة، وذلك بسبب اتهامات طالت هذه المصارف تتعلق بتهريب الدولار وغسيل الأموال، حيث تزامن ذلك مع بدء العراق بتطبيق نظام التحويلات المالية الدولي المعروف بـ"سويفت".
*غياب الثقافة المصرفية
يجمع خبراء الاقتصاد، على أن العراقيين لا يزالون يواجهون مشكلة الثقة بالمصارف العاملة في البلاد، فضلا عن قلة الوعي المصرفي، وهو ما يتبناه المحلل المالي محمود داغر بالقول، "إن المصارف العراقية وفروع المصارف الأجنبية لديها القدرة على استيعاب مئات آلاف الحسابات المصرفية في البلاد، بيد أن المشكلة تكمن في الثقافة المصرفية التي لا تزال متواضعة".
ويتفق أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني مع هذا الرأي جزئيا، ويضيف، أن هناك قصورا في الثقافة المصرفية بسبب إحجام العراقيين عن التعامل مع المصارف بسبب قلة الخدمات التي تقدمها، مقترحا على الحكومة منح "عطلة ضريبية" تمتد لـ 5 سنوات لأجل تشجيع جميع القطاعات التجارية على العمل بنظام الدفع الإلكتروني.