السلف.. إرهاقٌ لكاهل المواطنين وإضعافٌ لقدرتهم الشرائيَّة
أنفوبلس/..
مازال القطاع المصرفي العراقي، يعاني من تخلّف كبير، بسبب عدم استخدام التقنيات الحديثة، في تعاملات المصارف وخاصة الحكومية التي مازال الفساد ينخر ارجاءها، ويعد عاملاً مهماً لتأخير منح السلف، وظهور طفيليين على شكل سماسرة، للتوسط والحصول على السلف، أما الفوائد فهي “تثقل كاهل” المواطن، كونها تراكمية بمعنى تكرار الفائدة على مجمل المبلغ، مما يعد ذلك نوعاً من استنزاف جيوب المقترضين. أما المصارف الأهلية فهي تأخذ الأموال المخصصة لمبادرة البنك المركزي لسلف المواطنين والموظفين، وتعمل بها في مزاد العملة، وتحصل على أرباح ضخمة، ولا تمنح أية قروض للمواطنين، وهذا يعود الى الفساد والتغاضي عن تلك الجرائم المالية .
الحديث عن سلف البناء وشراء الوحدات السكنية، يعد أكبر عملية فساد منظمة من قبل تلك المصارف، فهناك تواطؤ واضح ما بين البنك المركزي والمستثمر الذي يحصل على قروض ضخمة من دون فوائد، لإنجاز وحدات سكنية في مناطق تقع وسط العاصمة، أما عملية الشراء، فيتم منح السلف للمواطنين لشراء وحدات سكنية عمودية، وخاصة المجمعات التي مُنحت لها القروض، حتى يستطيع البنك المركزي استعادة أمواله، أما عملية الاقتراض فهي معقدة، بسبب شروط وضعتها المصارف تكبّل المقترض، فضلاً عن حجز العقار مع جلب كفيل، وإجراءات أخرى، وتلك القروض تمنح بفوائد متراكمة، تصل ظاهرياً الى 9%، بينما في حقيقة الأمر تتجاوز فوائد تلك السلف أكثر من سبعين مليون دينار، مما يشكل عبئاً كبيراً على المقترض.
أما قروض المشاريع الصغيرة، فالبلاد بحاجة ماسة الى النهوض بعجلة الإنتاج، وعند المطالبة بقرض لأصحاب المشاريع الصغيرة والورش، فأنها تخضع للعرض والطلب، وهو أمر خاطئ، فهذا النوع يجب ان يُمنح أموالٌ من دون فوائد، وليس بفائدة تتراوح من (8-5)% وأيضا متراكمة .
النائب أحمد مظهر الجبوري، أكد في تصريح سابق إنه تلقى شكاوى كثيرة بشأن آليات منح السلف للموظفين من قبل مصرف الرافدين، بسبب بطء الآليات والفوائد الفاحشة المترتبة على السلف، بالإضافة إلى إلغاء التقديم الإلكتروني وإجبار الموظفين على التجمعات الخطيرة التي ربما تقود لزيادة الإصابات بفيروس كورونا ووقوع كوارث وبائية.
وأضاف، أن نسب الفوائد المترتبة على السلف عالية وخيالية وتبلغ 9%، وأكثر من ذلك على كثير من تلك القروض، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في آليات السلف وتسهيل إجراءاتها للمواطنين، في ظل الأزمة الصحية والمالية المتفاقمة التي تعانيها البلاد.
وبهذا الشأن، يرى المختص في الشأن الاقتصادي د. عباس الجبوري ان العراق بحاجة الى توعية وثقافة مالية قبل الخوض في موضوع السلف الشخصية التي تمنح للموظفين والمتقاعدين وغيرهم، فما يحدث في عملية منح السلف، يعد نوعاً من التعسف بحق المقترض، لان الفوائد كبيرة جداً، وكمثال سلف المتقاعدين تفرض أكثر من أربعة ملايين ونصف كفوائد لمبلغ عشرة ملايين دينار، فعملية تقييده وأخذ معظم الراتب هو أمر غير مقبول.
وتابع: “قروض المشاريع السكنية كارثة، فعلى سبيل المثال، ان القسط الشهري لمشروع بسماية يبلغ (486) ألف دينار ويضاف مبلغ (152) ألفا فوائد، فتصبح العملية معقدة، ونصف مبلغ السلفة يدفع فوائد وبذلك تصبح السلف متعبة ومكلفة”.
من جانبه، يرى المختص في الشأن المالي، سامي سلمان ان القروض ذات الفوائد العالية جداً، تحوّلت إلى تجارة رابحة على حساب الفقراء وبغطاء قانوني، والمواطن هو الخاسر الأكبر. وأوضح، أما المواطن فهو يتحمّل أعباءً أخرى بتوفير الكفيل ليحصل على مبلغ عشرة ملايين دينار، وبفوائد تقارب نصف المبلغ، وهو أمر خطير، فالأرباح التي تحصل عليها المصارف ربوية، لكن العراقيين يعيشون واقعاً مالياً متردياً وهذا نتيجة سياسة الحكومة المالية.