العراق يتجه لتأسيس "مدينة المال والأعمال".. البنك المركزي يتبنى مشروع إنشاء مدينة اقتصادية حديثة لإدارة الهندسة المالية
انفوبلس..
ضمن حملة الحكومة والبنك المركزي في الآونة الأخيرة لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد العراقي والبدء بجملة من المشاريع التي تنسجم ومتطلبات الواقع الاقتصادي في العراق، كشف محافظ البنك المركزي علي العلاق العمل بالتعاون مع الحكومة وإسهام القطاع المالي والمصرفي وقطاع الأعمال على إنشاء مدينة "مركز المال والأعمال في العراق"، فضلا عن مشروع تأسيس مصرف ريادة، ومشروع تأسيس شركة ضمان القروض التي تسهّل عملية الإقراض للمشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.
إعلان البنك المركزي
في الثامن عشر من شهر حزيران/ يونيو الحالي، أعلن محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق، توجه الحكومة والبنك المركزي لإنشاء مدينة مركز المال والأعمال في العراق.
وذكر المكتب الإعلامي للبنك المركزي في بيان، أن "محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق استقبل الأمين العام المساعد لهيئة الأمم المتحدة والمدير الإقليمي للدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عبدالله الدردري والوفد المرافق له". مبينا، أن "الطرفين ناقشا تعزيز التعاون الثنائي وبحث إمكانية خلق تعاون مؤسسي في مجال الدعم الإنمائي وإنجاح البرامج التنموية التي يرغب العراق بتنفيذها".
وأكد العلاق، أن"مساهمة البنك المركزي العراقي في تنويع الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص من خلال سياسة نقدية غير تقليدية، تميزت بدعم وتحفيز الاقتصاد بشكل مباشر". مشيراً، إلى "تبني هذا البنك العديد من المبادرات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، فضلاً عن مبادرة الطاقة المتجددة".
وأضاف، أن "البنك المركزي العراقي يعمل بمرونة كافية تؤهله لبناء نموذج اقتصادي متميز يساعد الاقتصاد العراقي بتوفير فرص عمل مختلفة في القطاع الخاص". معلناً، "إطلاق استراتيجيات لتعزيز العمق المالي منها تأسيس مصرف ريادة، وشركة ضمان القروض، ومركز مالي للأعمال، وتحديد الأولويات لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها النواة الأساسية للنمو الاقتصادي والتشغيل ضمن المبادرات التي يتبناها هذا البنك".
بدوره، استعرض رئيس الوفد عبدالله الدردري "محفزات الدعم الأممي للعراق"، مؤكداً أن "البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة يسعى لتقديم الدعم للقطاع المصرفي العراقي لخلق فرص عملٍ أكبر في القطاع الخاص".
وأبدى رئيس الوفد، "رغبة الأمم المتحدة بخلق شراكة وتعاون مؤسسي في المجالات الفنية". مشدداً على، "اهتمامه بمبادرات البنك المركزي العراقي في الطاقة المتجددة و تمويل مشاريع تنموية صغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن إمكانية العمل على تخفيض المخاطر في مجال دعم القروض من خلال حزمة مفاهيمية ستكون وثيقة لبرنامج تنموي واعد بين البنك المركزي العراقي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ".
الحكومة توضح
المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، كشف عن أبرز مهام مركز المال والأعمال في العراق، فيما أكد أنه سيكون مكاناً لأنشطة بيع وتداول الأوراق المالية الحكومية والأهلية وعلى غرار ما موجود في العالم.
وقال صالح، إن أهمية إقامة المركز المالي في العراق الذي أعلن عنه البنك المركزي العراقي تكمن في نطاق استراتيجية التطوير المالي والمصرفي للبلاد وانطلاقة جديدة في أهمية تأسيس وبناء موقع مكاني أو جغرافي تتركز فيه العمليات المالية التي يسهم فيها طيف واسع من المؤسسات المشاركة في النشاط المالي في بلادنا والتي تتكامل فيه أعمالهم وتترابط في مدخلاتها ومخرجاتها.
وأشار إلى أن العمليات المالية تشمل الأعمال المصرفية وإدارة مختلف الأصول والموجودات المالية، وأعمال القطاع المالي غير المصرفي كشركات التأمين وإعادة التأمين وصناديق الاستثمار المالي والتحوط ومختلف الأعمال اللوجستية الداعمة لنشاط السوق المالي، أي بشقيها (المصرفية وغير المصرفية)، تؤازرها في الوقت نفسه مختلف أعمال الوساطة المالية التي ستستخدم التكنولوجيات المالية شديدة الحداثة.
وأضاف، أن المركز المذكور سيكون مكاناً لأنشطة بيع وتداول الأوراق المالية الحكومية والأهلية سواء الأسهم كأدوات ملكية أو السندات بكونها أدوات دين سواء المدرج منها في سوق العراق للأوراق المالية وغير المدرج منها، فضلاً عن عمليات المقاصة المختلفة وعموم نشاطات السوقين المالية الأولية والثانوية كجهات إصدار وتداول للأوراق المالية.
وتابع، "المركز المالي يضم مكاتب استشارية مثل مكاتب شركات المحاسبة والتدقيق ومكاتب قانونية ذات صلة ووكالات التصنيف الائتماني".
ولفت صالح، إلى أنه على هذا النحو يكون المركز المالي مجمعاً متكاملاً من الخدمات وبقعة جغرافية تمكن المتعاملين من الوصول المباشر إلى تجمعات رأس المال الكبيرة والتي تكون المصارف المحلية والدولية وشركات التأمين وصناديق الاستثمار وسوق رأس المال في مقدمتها.
وبيّن، أن "المركز المالي يُعد موقعاً مهماً في تسيير المعاملات المتعلقة بالهندسة المالية الحديثة كعمليات (التسنيد المالي) وغيرها من إدارة المشتقات المالية وأدواتها الحديثة، بالإضافة إلى أعمال التنظيم الضريبي لها".
وأكد، أن الأدوات المالية المعتمدة في أسواق العالم المالية ستجد ولادتها الصحيحة والقانونية في المركز المالي للعراق على غرار المراكز المالية في العالم مثل دبي وسنغافورا وشنغهاي والكثير منها في مدن عالمية في لندن وفرانكفورت ونيويورك وغيرها.
سوق العراق للأوراق المالية
وبعد الحديث عن المدينة الاقتصادية الجديدة بدأت التساؤلات عن مستقبل سوق العراق للأوراق المالية في ظل وجود تلك المدينة ومدى التداخل الذي يمكن أن يحصل بين المؤسستين وأدوار كل منهما وتأثيرهما على الاقتصاد العراقي.
مراقبون ومختصون أكدوا لـ"انفوبلس" أن مدينة المال والأعمال ستكون مؤسسة أكبر وأكثر شمولية من سوق العراق للأوراق المالية، وستستمر الأخيرة بالعمل دون مشاكل أو تداخل مع أدوار ومهام المدينة الاقتصادية.
كما أشاروا إلى أن المدينة الجديدة نقلة نوعية كبيرة بمضمار الاقتصاد العراقي يمكنها أن تنقله إلى مستوى آخر أكثر حداثة وسلاسة في مجال التعاملات المالية ما ينعكس بشكل كبير جودة الاقتصاد والسيطرة على السوق والتخلص من الإشكاليات القائمة حاليا كوجود فجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي في الأسواق العراقية.
وسوق العراق للأوراق المالية (ISX) هو سوق للأوراق مالية في بغداد، تأسس حزيران 2004، ويعمل تحت إشراف هيئة الأوراق المالية العراقية، وهي هيئة مستقلة تم تأسيسها على غرار الهيئة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات.
وفي الفترة التي قبل الغزو الأمريكي للعراق 2003 كان يطلق على السوق الحالية اسم بورصة بغداد والتي كانت تديرها وزارة المالية العراقية، أما الآن فهي هيئة ذاتية التنظيم مثل بورصة نيويورك، واعتباراً من عام 2005 أصبحت سوق العراق للأوراق المالية هي البورصة الوحيدة في العراق، وعندما افتُتحت في عام 2004، كانت هناك 15 شركة فقط مدرجة في السوق، أما الآن فتم إدراج أكثر من 100 شركة، وفي عام 2005 كان تداول الأسهم في الجلسة الواحدة ما يقارب الخمسة ملايين دولار، وتشمل الأسهم الكبيرة أسهم شركة مصرف بغداد، وأسهم شركة بغداد للمشروبات الغازية، وأسهم الشركة العراقية للسجاد والمفروشات.
أُسِّس سوق العراق للأوراق المالية بموجب القانون رقم 74 لسنة 2004 وباشر نشاطه في 24 يونيو، 2004، يقع مركز السوق في بغداد، وله الحق بفتح فروع له في مدن عراقية أخرى، له شخصية معنوية ومستقلة مالياً وإدارياً عن الحكومة ووزارة المالية ولا يستهدف الربح وتعود ملكيته للأعضاء، ويهدف السوق إلى تنظيم وتسهيل التعامل بالأوراق المالية، وكذلك إعمال التسوية المالية والمقاصة والحفظ والإيداع وغيرها، كما يسعى السوق إلى نشر الوعي الاستثماري وكذلك فرص الاستثمار، علاوة على التواصل مع اتحادات أسواق المال العربية والدولية بهدف تطوير نشاط السوق. كما أن السوق هو كيان قانوني ذو استقلال مالي وإداري، وله الحق في رفع الدعاوى أمام المحاكم، وله الحق بفرض غرامات مالية على الخاضعين لسلطة السوق والذين يخرقون اللوائح والقوانين والتعليمات الخاصة بالسوق والهيئة. ويمول نفسه من الرسوم التي تُدفع من الشركات المدرجة والعمولات التي يحصل عليها من حجم التعامل التجاري الذي يتم في السوق إضافة إلى الغرامات المفروضة.
ويختلف هذا السوق عن سوق بغداد للأوراق المالية بأمور كثيرة منها الهيكل الإداري، حيث أصبح سوق العراق منفصلاً إدارياً عن وزارة المالية، إذ كانت إدارة سوق بغداد متمثلة بالمدير العام تمت الاستعاضة عنه بمجلس المحافظين والمكون من تسعة أعضاء تنحصر مهمتهم بتنظيم السوق ورسم السياسة العامة له والإشراف على نشاطات السوق. كما أن هذا المجلس وبهذه التشكيلة الممثلة لجميع الإطراف المتعاملة قد ضمن اتخاذ قرارات تعكس مصالح ووجهات نظر الجميع بعد أن كانت محصورة بشخص المدير العام في السوق السابق، كما تضمن السوق تغيراً واضحاً في هيكله التنظيمي، فلم يعد هناك ارتباط مالي وتنظيمي بوزارة المالية ولا بوزارة التجارة وارتباطه بمسجل الشركات فيها ومنح الرخص لشركات الوساطة. وأصبح هيكله الهرمي مكوناً من الهيئة العامة ومجلس المحافظين والمدير التنفيذي ومركز الإيداع وسبعة أقسام إدارية، وهذا الهيكل الهرمي يضمن الإدارة الذاتية للسوق وكل أُسس إدارية واقتصادية سليمة وإبعاد عامل التأثير الحكومي عليه. وهناك تغير آخر ايضاً إذ أصبح السوق هو المسؤول عن منح الرخص لشركات الوساطة المالية دون أي تدخل حكومي ومن ثم قيام تلك الشركات بتأسيس اتحاد وسطاء الأوراق المالية في أيلول 2004 ليكون مسؤولاً عن إيصال المقترحات ووجهات النظر إلى مجلس السوق.