العراق يتوجه لخزينه المائي.. وقلة الأمطار تهدده بالجفاف المبكر
انفوبلس/..
يومًا بعد آخر، يفقد العراق ما يملكه من المياه إثر الجفاف الذي اجتاحه من الشمال إلى الجنوب نتيجة التغير المناخي الذي ضرب دول العالم أجمع، وسط مخاوف متزايدة من تحوّل الأراضي إلى صحراء، مع استمرار تراجع الأمطار وإطلاقات الأنهر في البلاد.
العراق بدأ يستخدم خزينه المائي منذ شهر حزيران الماضي
وخلال الأعوام القليلة الماضية، دخل العراق في دوامة التغير المناخي التي تسببت بارتفاع كبير في درجات الحرارة صيفًا مع تراجع الأمطار شتاءً، الأمر الذي أجبر الحكومة على إرسال وفود رفيعة المستوى للتفاوض مع إيران وتركيا بشأن الإطلاقات المائية.
وقطعت كل من تركيا وإيران منذ العام الماضي، معظم التدفقات المائية نحو العراق، ما أسفر عن وضع خطة حكومية طارئة لمواجهة الجفاف والذي تضمن تقليص الأراضي الزراعية بـ50% والاعتماد على مياه الآبار.
تعليق حكومي على الأزمة
ويقول مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب، في حديث صحفي، إنّ "العراق بدأ باستخدام الخزين المائي منذ شهر حزيران الماضي، كون أن الآلية المستخدمة في البلاد تنص على خزن المياه في الشتاء والربيع واستخدامها في فصل الصيف".
ومع قلّة الأمطار خلال فصل الشتاء الماضي أسفر عن تراجع الخزين المائي، والكلام لذياب الذي أشار إلى أنّ "كميات المياه التي تخرج من السدود أكبر بكثير من المياه الداخلة إليه".
ورفض المستشار الحكومي، الإفصاح عن أرقام الخزين المائي في البلاد واكتفى بالقول "ما يملكه العراق من خزين أقل من العام الماضي بنسبة 60%"، مبينًا أنّ "تراجع الخزين المائي في البحيرات والسدود أجبر الحكومة على تقليص الزراعة الشتوية لمحصول الحنطة إلى مليون و500 ألف دونم بالتنسيق مع وزارة الزراعة".
وبحسب حسابات، فإنّ إيرادات العراق الحالية من المياه ربّما لا تبلغ أكثر من 21 مليار متر مكعب، وهو رقم يتناسب نسبيًا مع إحصائيات دولية سابقة تحدثت عن أن واردات نهر دجلة انخفضت إلى 9.7 مليار متر مكعب سنويًا، ونهر الفرات إلى 9.3 مليار متر مكعب.
ويتابع ذياب، حديثه قائلًا إنّ "هناك العديد من الآليات التي توجهت وزارة المواد إلى استخدامها أبرزها تقليص زراعة الرز الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه، فضلًا عن تقليل كميات المياه التي تستخدم لري الأراضي الزراعية".
والوزارة مع الجهات المعنية تعمل أيضًا على إزالة أحواض الأسماك غير المجازة التي تطل على الأنهر في جميع المحافظات، كونها تستهلك كميات كبيرة من المياه، وفقًا لحديث ذياب.
وتشير تقديرات المختصين إلى أنّ "المساحات المزروعة في العراق تراجعت من 33 مليون دونم إلى أقل من 10 ملايين دونم حاليا، جراء الأزمة المائية وخطة وزارة الزراعة التي قلصت المساحات المزروعة".
وفي تصريح سابق، لوزارة الموارد المائية، فإنّ العام الحالي سجل أقصى سنوات الجفاف في العراق منذ العام 1930، في حين حذرت من أنّ "الخطة الزراعية الشتوية ستكون حرجة جدًا".
خسائر اقتصادية كبيرة
ويخسر العراق يوميًا 10 مليارات دينار (نحو 7 ملايين دولار) جراء التغير المناخي، وفقًا لتصريح رسمي صدر عن وزير البيئة جاسم الفلاحي قبل أيام.
وفي هذا الصدد، يقول الفلاحي، إنّ "العراق يعد من أكثر البلدان تأثرًا بالتغيرات المناخية"، مبينًا أنّ "تقرير الأمم المتحدة صنّف العراق واحدًا من خمسة بلدان تأثرًا بموضوع التغير المناخي".
ويضيف، أنّ "التغير المناخي بات من أهم التحديات التي ستواجه العراق، حيث بدا ذلك واضحًا من خلال ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التصحر وتدهور الأراضي بتأثير الجفاف وارتفاع معدلات العواصف الغبارية والرملية".
وفي نهاية العام الماضي، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20% في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغير المناخي، فيما دعت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، دول المنطقة إلى بدء حوارات حول تقاسم المياه، في ظل الأزمة المائية التي تعصف في البلاد.
مؤشرات خطيرة
في المقابل، يقول سلمان خيرالله، المدير التنفيذي لجمعية حماة دجلة، إنّ "العراق في موقف حرج جدًا جراء تراجع الخزين المائي، والأمر الذي يتزامن مع المؤشرات العالمية التي تتحدث عن توقعات قلة الأمطار في العراق".
وفي ظل هذه الأزمة، يزاد التخوف من عدم تساقط الكميات المطلوبة من الأمطار خلال فصل الشتاء الأمر الذي ينذر بكارثة حقيقة في العراق بشأن المياه.
ويشير خير الله، إلى أنّ "الحكومة العراقية ترفض الكشف عن أرقام الخزين المائي رغم إصرار العديد من الجهات بمعرفتها"، لافتًا إلى أنّ "الحكومة تدير الملف المائي بشكل ضبابي ولا تكشف عن أي معلومات حوله".
ويستطرد خيرالله، قائلًا إنّ "الحكومة العراقية غير جادة بمسألة رفع التجاوزات على الأنهر، مع تقليل الصرف المائي مما يستدعي إلى التخوف تجاه الملف المائي في البلاد"، مبينًا أنّ "العراق خسر جميع أهواره جراء إدارة الحكومة للملف المائي بهذه الطريقة".
ويختم مدير الجمعية الخيرية حديثه بالقول إنّ "السدود حاليًا وصلت إلى مرحلة الجفاف بعد فقدان أغلب الكميات المائية جراء إطلاقها من قبل الحكومة العراقية"، محذرًا في الوقت نفسه من "الجفاف التام في العراق خلال الفترة القليلة المقبلة".
صدرت تحذيرات رسمية من الجفاف التام في العراق خلال الفترات المقبلة
وبحسب تقديرات حكومية، فإنّ التصحر اجتاح 39% من الأراضي العراقية، في حين باتت الملوحة تهدّد التربة في المناطق الزراعية بنسبة تجاوزت الـ54% الأمر الذي تزامن مع موسم مطري منخفض جدًا خلال الشتاء الماضي.