العراق يطبّق الترانزيت البرّي بعد غياب دام أكثر من 40 عاما.. تعرّف على فائدته الاقتصادية
انفوبلس/ تقارير
في خطوة وُصِفت بالمهمة لما يمكن أن توفّره من آلاف فرص العمل وملايين الدولارات، باشر العراق العمل بالترانزيت البرّي الدولي من خلال منافذه الحدودية بدخول أول شاحنة قادمة من لبنان عبر منفذ طريبيل مروراً إلى دولة الكويت، فما هي الفائدة الاقتصادية من ذلك؟ وهل سيتم استثمار الإيرادات بالطريقة الصحيحة؟.
*ما هو نظام "الترانزيت"؟
نظام "التير" هو نظام نقل برّي ونظام دولي مُطبّق حاليا في كثير من الدول، يُمكّن من شحن البضائع من بلد المنشأ عبر بلدان العبور إلى بلد المقصد في مقصورات نقل مختومة من قبل الجمارك، حيث تخضع للمتابعة عبر نظام متعدد الأطراف مُعترَف به بين الدول المطبِّقة للنظام.
وبحثت اللجنة الوطنية لتسهيل حركة النقل والتجارة بمنطقة "إسكوا" -وهي اللجنة التابعة لوزارة النقل العراقية- مع الشركة العامة للنقل البري التابعة لوزارة النقل إجراءات تطبيق نظام "التير" المُطبَّق في كثير من دول العالم والمنطقة، إذ من المؤمّل أن يُسهم تطبيقه في تقليل مدة النقل بنحو 80%، إلى جانب تقليل التكاليف بحدود 38%، حسب ما أكده عضو اللجنة عبد الحسن الزيادي في تصريح للوكالة الرسمية.
*تطبيق النظام بالعراق
باشر العراق اليوم، العمل بالترانزيت البري الدولي من خلال منافذه الحدودية بدخول أول شاحنة قادمة من لبنان عبر منفذ طريبيل مروراً إلى دولة الكويت.
ووفقاً لبرقية صادرة عن الهيئة العامة للكمارك، فإن "العراق دشّن العمل بالترانزيت البري الدولي عبر منافذه الحدودية". مبينة، أنه "تمت الموافقة على إرسالية بنظام العبور (ترانزيت) إلى دولة الكويت عبارة عن خضار وفواكه إلى شاحنة واحدة والمسوّقة بنظام العبور إلى دولة الكويت."
وتأتي هذه الخطوة بعد أكثر من 40 عاما على توقف العراق عن العمل بنظام الترانزيت إثر اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980.
*لبنان يشكر العراق
وبعد تطبيق النظام والإعلان عن توجه حمولة أولى من لبنان إلى الكويت، عبّر وزير الأشغال اللبناني علي حمية عن شكره للعراق بتغريدة على تويتر جاء في نصِّها، "مجدداً شكراً للعراق السماح لعبور الشاحنة اللبنانية الأولى إلى الأراضي العراقية بنظام الترانزيت من معبر طريبيل على الحدود العراقية مع الأردن، وهي متجهة حالياً نحو مقصدها النهائي إلى دولة الكويت عبر منفذ صفوان الحدودي".
*آلية العمل
وحول آلية عمله، أوضح الزيادي، أن النظام سيُتيح شحن البضائع من بلد المنشأ عبر بلدان العبور إلى بلد المقصد في مقصورات نقل مختومة من قبل الجمارك، بينما تكون متابعة البضائع عبر نظام متعدد الأطراف مُعترَف به بين الدول المُطبِّقة للنظام.
وأشار إلى، أن هذه الطريقة تُعد الأسهل والأكثر أمانا وموثوقية لنقل البضائع عبر حدود دولية متعددة، فضلا عمّا توفره من وقت ومال لمشغّلي النقل وسلطات الجمارك، بما يخفّض تكاليف شركات النقل.
وتابع الزيادي، أن نظام "التير" سيُسهم إسهاما مباشرا في تنفيذ الأهداف الرئيسية لاتفاقية تيسير التجارة لمنظمة التجارة العالمية TFA، مثل التدابير التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، وتوفير البضائع وحرية العبور والتعاون الجمركي ونشر المعلومات وتوافرها.
بدوره أكد مسؤول شعبة التنسيق والتكامل في الأمانة التنفيذية للجنة الوطنية أحمد البارودي، أن نظام "الترانزيت" سيعتمد على التكنولوجيا، حيث ستُرسَل تفاصيل الشحنة إلكترونياً في وقت واحد إلى معابر حدودية متعددة قبل وصول الشاحنة إلى نقاط الدخول والمغادرة، مبينا أن البضائع المنقولة في إطار نظام "التير" تصل إلى الحدود في حاويات مختومة من مكتب جمارك المغادرة، بينما يغطي ضمان "التير" الرسوم الجمركية والضرائب المُعرّضة للخطر.
*الأهداف
ويُشير البارودي إلى، أن نظام "التير" يعمل على تعميم الإجراءات على الحدود للتقليل من العبء الإداري الذي تتحمله الجمارك وشركات النقل والخدمات اللوجستية، كما يهدف لتقليل فترات الانتظار على الحدود لتوفير المال والوقت.
ويمكن لناقلي "الترانزيت" المعتمدين نقل البضائع بسرعة عبر مناطق جمركية متعددة تحت رقابة الجمارك، وذلك باستخدام ضمان واحد بحيث لا يتطلب من المُشغّلين إلا تقديم بيانات تصاريحهم مرّة واحدة أثناء عبور الحدود، حيث تتم مراقبة كل عملية نقل منذ بدايتها إلى نهايتها عبر الإنترنت، حسب قول البارودي.
*مكاسب اقتصادية
أما بشأن ما يمكن أن يوفره تطبيق النظام للعراق، فقد أوضح خبير النقل باسل الخفاجي، أن العراق يتمتع بموقع جغرافي متميز يربط القارة الأوروبية بالآسيوية، حيث يمكن أن يوفر منفذ إبراهيم الخليل (شمالا) ممرّاً رئيسياً لوصول البضائع التركية والأوروبية إلى الخليج العربي والأردن والعكس، وذلك يقلل من الوقت المستقطع لوصول البضائع والتكاليف، ومن ثم يوفر ملايين الدولارات ونحو 10 آلاف فرصة عمل.
فضلا عن ذلك، يرى الخفاجي أن النظام سيُتيح دخول ما لا يقل عن ألف شاحنة لنقل البضائع يوميا، كما أن نقل البضائع الأوروبية والتركية من ميناء مرسين التركي إلى ميناء الشويخ الكويتي يستغرق عبر البحر 23 يوما، بينما سيستغرق 4 أيام من تركيا إلى الكويت والسعودية عبر ممر منفذ إبراهيم الخليل العراقي البرّي.
وأشار إلى، أن توفير الوقت سيشمل كُلّاً من البحرين وقطر وسلطنة عمان التي ستصلها البضائع في غضون 4 إلى 7 أيام، مبينا أن هذا الاختصار في الوقت سيضمن ما وصفه بـ"العمر الصحي" للمواد الغذائية، حسب تعبيره.
وفي ختام حديثه، كشف خبير النقل عن أن هذا المشروع الاستراتيجي سينشِّط الحركة التجارية مع ضمان حصول البلاد على أرباح كبيرة وهي رسوم لقاء مرور شاحنات نقل البضائع، فضلا عن أنه سيبعث برسالة اطمئنان لجذب الاستثمارات.
في غضون ذلك، أكد رئيس غرفة تجارة بغداد فراس الحمداني، أن تطبيق النظام سيوفر مردودات اقتصادية كبيرة، وأنه سيقضي على المعرقلات في إجراءات الاستيراد والتصدير.
جدير بالذكر أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة غرب آسيا (الإسكوا) هي واحدة من 5 لجان إقليمية أسّسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة عام 1973، ومقرّها الرئيسي كان العاصمة اللبنانية بيروت، قبل نقلها إلى العاصمة العراقية بغداد عام 1982 على خلفية الاجتياح الصهيوني، ثم إلى الأردن عام 1991 إثر غزو العراق للكويت، ليعود المقر بعد ذلك إلى بيروت عام 1997.