المصارف الرقمية في العراق.. خطوة استراتيجية نحو الاقتصاد الرقمي المتطور.. والمركزي يعلن الضوابط
انفوبلس..
أعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق، الثلاثاء، إطلاق مشاريع استراتيجية لدعم التحول الرقمي، فيما أشار الى أن البنك المركزي أصدر ضوابط لترخيص المصارف الرقمية في العراق.
وقال العلاق في كلمة له خلال المؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع، بعنوان (الخدمات المالية الرقمية – تحديات الواقع واستشراف المستقبل)، إن "تنظيم المؤتمر تم بالشراكة بين المركز المالي والمحاسبي وعدد من الجامعات والمؤسسات الاكاديمية والذي يعطي صورة تهدف الى مناقشة التطورات في مجال الخدمات المالية والرقمية والتحديات التي تواجهها بالإضافة الى استشراف مستقبل هذا القطاع الحيوي".
وأضاف أن "العالم، شهد منذ أواخر القرن الثامن عشر، أربعة اختراعات غيرت وجهه الأولى باختراع المحرك البخاري والثاني الكهربائي والانتاج الكبير والثالثة التي حدثت في منتصف القرن العشرين في ثورة الالكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والرابعة التي بدأت منذ العام 2000 والتي تركزت بالذكاء الاصطناعي والانترنت والروبوتات، وكذلك المعلومات الضخمة".
وأوضح أن "البنك المركزي أولى اهتماماً كبيراً بالتحول الرقمي كأحد أهدافه ضمن خطته الاستراتيجية الثالثة للأعوام من 2014 الى 2026 لتعزيز كفاءة العمل المصرفي وتحسين الأداء المالي وتلبية احتياجات العملاء في ظل التطور التكنولوجي السريع".
وتابع: "لقد قطع البنك المركزي خطوات كبيرة لدعم التحول الرقمي من خلال تدوير البنية التحتية التقنية وإصدار اللوائح والتعليمات التي تسهم في تعزيز الشمول المالي"، لافتاً الى "البدء بإطلاق مشاريع ستراتيجية منها مشروع المدفوعات الفورية والبطاقات المحلية وبوابات الدفع الموحد، فضلاً عن إصدار ضوابط لترخيص المصارف الرقمية في العراق مع الأخذ بنظر الاعتبار متطلبات الأمن السيبرانيوالمخاطر المرتبطة بهذا التحول".
ولفت الى أن "أهداف المؤتمر والتي تشمل تحديد التحديات الحالية للخدمات المالية الرقمية واستشراق التوجهات المستقبلية وتعزيز الابتكار والتعاون مع الجهات ذات العلاقة تعكس الحاجة الملحة الى العمل المشترك".
وأكد أن "الأمن السيبراني يمثل أحد أهم التحديات التي تواجهنا اليوم لذلك أطلق البنك المركزي مشاريع لتعزيز الأمن السيبراني من خلال تطوير أدوات وأنظمة مركز إدارة الأمن السيبراني، واعتماد نهج متقدم لتعزيز الأمن السيبراني للبنك المركزي والقطاع المصرفي".
واستطرد، أن "الذكاء الاصطناعي ودوره في رقمنة الخدمات المالية أصبح موضوعاً لا يمكن تجاهله حيث يفتح آفاقاً جديدة لابتكار وتحسين الخدمات، ونحن في البنك المركزي العراقي نؤمن أن التكنولوجيا المالية تستكمل مستقبل القطاع المالي، وهو ما يتطلب تعزيز الجهود لإعداد الكوادر الوطنية القادرة على استيعاب هذه التقنيات وتطويرها"، مؤكداً "التزام البنك المركزي بمواصلة جهوده لتحقيق التحول الرقمي المالي وتعزيز الابتكار والاستدامة في القطاع المالي".
ويحاول البنك المركزي العراقي مواكبة التكنولوجيا والتقدم في القطاع المصرفي العراقي الذي يحظى باهتمام حكومي كبير لإعادة هيكلته من جديد وفق رؤية إصلاحية جديدة تنتهجها الحكومة العراقية.
فقد اتخذت السياسة النقدية للبنك المركزي العراقي اليوم منحنى غير تقليدي في آلية فتح المصارف؛ إذ كشف البنك المركزي العراقي عن التعليمات والضوابط الخاصة بالمصارف الرقمية نهاية مارس/آذار الماضي، الأمر الذي يوفر للجمهور خيارات أخرى غير المصارف التقليدية مما يسهم في زيادة الدفع الإلكتروني وتعزيز الشمول المالي في العراق.
ويملك العراق أكثر من 70 مصرفا تعرضت العديد منها إلى عقوبات أميركية، بينما تصل نسبة الشمول المالي إلى مستوى متدن بسبب ضعف الثقة بين القطاع المصرفي والمواطنين نتيجة إفلاس بعضها.
وفي شهر آيار الماضي، أكد محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق على هامش احتفالية نظمها البنك، أن الخطوات المتحققة في الشمول المالي والتي أنجزت اليوم متسارعة وتستطيع إغلاق الفجوة التي حصلت خلال السنوات الماضية نتيجة الظروف التي مر بها العراق.
وذكر العلاق، أن البنك لديه اجتماعات متواصلة مع الحكومة العراقية لتوسيع قاعدة المتعاملين في وسائل الدفع الإلكتروني وتعزيز الشمول المالي "إذ إننا نرى تجاوبا كبيرا من مؤسسات الدولة المختلفة في إطار توسيع الثقافة المالية والمصرفية في العراق".
ورأى العلاق، أن العوامل التي تؤدي إلى نجاح وتوسيع دور الشمول المالي هي ثقة المواطن بالمؤسسات والأدوات المتوفرة له فضلا عن رؤية مصلحته في استخدامها.
وتابع، أن البنك المركزي أصبح في مقدمة البنوك المركزية العالمية باستخدام مختلف التقنيات المالية والتي توفر السرعة والدقة، كاشفا في الوقت نفسه عن تلقي البنك أعداد طلبات كبيرة لتأسيس مصارف رقمية.
وتعمل الدوائر المعنية على إمكانية منحها الرخصة لمزاولة عملها وفق الضوابط والتعليمات الصادرة من قبل البنك.
في المقابل، كشف المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية علي طارق، أنه حسب تعليمات البنك المركزي، فإن إنشاء أي بنك رقمي، داخل العراق، يتطلب أن تعود نحو 30% من أسهمه إلى مصرف تقليدي، ويكون نشر الخدمات عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف النقال، ولا يكون هناك أي فرع، وإنما فقط الإدارة العامة، وجميع الخدمات عبر الإنترنت من إصدار بطاقة مصرفية وتحويلات مالية وإيداع وقروض وغيرها.
وردا على إمكانية أن تستغل البنوك المعاقبة فتح المجال للمصارف الرقمية للالتفاف على العقوبات الأميركية بحقها بتدشينها لهذا النوع من المصارف الرقمية، رد طارق، بأن العقوبات على المصارف متنوعة، ومنها ما هو مقيد من استخدام الدولار فقط، دون أي عقوبات أخرى، بحيث تمارس نشاطها بشكل طبيعي داخل البلاد بالعملات الأخرى.
وعن الأهداف التي تتوخاها السلطة النقدية وراء الأمر، أقر طارق بأن العالم يتجه نحو رقمنة الخدمات في جميع القطاعات، وبالتالي، إنشاء بنوك رقمية، وهو ما يؤدي إلى تفعيل الحكومة الإلكترونية وتسهيل الخدمات على المواطنين، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد من خلال سحب الكتلة النقدية المكتنزة في المنازل.
في حين يشير الخبير المالي ورئيس مجلس إدارة مصرف الجنوب الإسلامي، محمود داغر، إلى أن المصارف الرقمية هي مصارف طبيعية كما هي المصارف التقليدية لكنها تعمل من خلال التطبيقات ولا يوجد لها تعامل وجها لوجه. والمصارف الرقمية وفقا لداغر يمكن أن تؤدي عملها كمصرف مستقل رقمي أو حتى كمصارف كلاسيكية.
وتابع داغر أن الجيل الشاب أصبح لديه معرفة في استخدام التكنولوجيا المالية للسحب والتحويل وغيرها.
ويملك العراق اليوم مصرفا رقميا واحدا في حين تنتظر العديد من الطلبات الضوء الأخضر من قبل البنك المركزي العراقي لمنحها الرخصة لمزاولة عملها وفق الضوابط والتعليمات الصادرة من قبله.
إلى ذلك، كشف الباحث الاقتصادي، بسام رعد، أنه بعد إصدار ضوابط ترخيص المصارف الرقمية من قبل البنك المركزي العراقي فإن خريطة القطاع المصرفي ستتغير خلال المدة المقبلة، وستقدم هذه المصارف الرقمية قيمة إضافية إلى جانب المصارف التقليدية وستعمل على زيادة الخدمات الرقمية وتقديمها برسوم أقل، حيث تعمل هذه المصارف على رقمنة كل مستويات الخدمة المصرفية وتحويلها إلى معاملات رقمية تتم عبر الإنترنت.
ويرتبط استخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت ارتباطا وثيقا بإمكانية الاتصال بالإنترنت.
وأكمل رعد أن نضج الخدمات المصرفية الرقمية لن يتحقق إلا مع بنية تكنولوجية جاهزة وبناء الثقة مع العملاء المفترضين وسلوك هؤلاء العملاء في إدارة حساباتهم من خلال المصرف الرقمي، لافتا إلى أن الغالبية من المجتمع ليسوا على دراية بالمصارف الرقمية وتطوراتها مما يسبب مخاوف بشأن سلامة وأمن أموالهم.
ووفق البنك المركزي العراقي، تتضمن اشتراطات الترخيص لمزاولة النشاط المصرفي الرقمي أن تكون تراخيص المصارف الرقمية في العراق لا تزيد نسبتها عن (10%) من إجمالي المصارف المرخصة بالإضافة إلى وجود دراسة جدوى اقتصادية متضمنة خطط الأعمال والإستراتيجيات والمؤشرات المالية لـ4 سنوات تشمل الجانب التقني والخدمات المزمع إطلاقها.
ويجدر بالذكر أن هذه المصارف الرقمية تخضع لكافة القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة من قبل البنك المركزي، بما فيها قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015.