النفط تدعو نظيرتها في كردستان لاجتماع سريع.. هل يُحسم ملف التصدير عبر جيهان؟
خبراء يكشفون المعرقل الرئيسي
النفط تدعو نظيرتها في كردستان لاجتماع سريع.. هل يُحسم ملف التصدير عبر جيهان؟
انفوبلس/..
عام ونصف العام تقريباً مضى على توقف خط تصدير النفط من كردستان العراق عبر جيهان التركي، لكن الآن ثمة بوادر على انتهاء هذه الأزمة، بعدما دعت وزارة النفط الاتحادية نظيرتها في الإقليم إلى اجتماع سريع لحلحلة هذا الموضوع، في وقت كشف فيه نائب كردي عن عراقيل تمنع الشركات الأجنبية من العمل بهذا المجال بسبب السياسات البارزانية.
*دعوة مركزية
قبل يومين، دعت وزارة النفط، نظيرتها في إقليم كردستان إلى اجتماع سريع لبحث إعادة الإنتاج عبر خط جيهان التركي.
وذكر بيان للوزارة، أنه "لحرص وزارة النفط الاتحادية على موضوع إعادة الإنتاج في الحقول الواقعة في إقليم كردستان واستئناف التصدير عبر المنظومة الشمالية وبما يوفر المصلحة الوطنية، ندعو وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم والشركات العالمية المشغلة للحقول الواقعة في الإقليم لعقد اجتماع في بغداد بأسرع وقت".
وبينت، أن ذلك "لغرض التباحث وتداول الموضوع والتوصل إلى اتفاق لتسريع إعادة الإنتاج واستئناف تصدير النفط المنتج عبر ميناء جيهان التركي وحسب الكميات المثبتة في قانون الموازنة".
وتوقف تدفق النفط عبر خط الأنابيب بعد أن قضت غرفة التجارة الدولية، ومقرها باريس، بأن تركيا قد انتهكت بنود اتفاقية 1973 من خلال تسهيل صادرات النفط من إقليم كردستان العراق دون موافقة الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد.
*مأزق
يؤكد عضو مجلس النواب سوران عمر، أن "المفاوضات متوقفة حاليا حول موضوع إعادة تصدير النفط من كردستان عبر تركيا".
وقال عمر في حديث صحافي، إن "الشركات الاجنبية في إقليم كردستان تطالب باستحقاقاتهم من استخراج النفط"، مبيناً أن "حكومة الإقليم لم ترسل آلية معينة لوزارة النفط لإعادة صياغة التعاقد مع الشركات او التوصل لاتفاقات جديدة".
وبين، أن "الشركات الاجنبية المتعاقدة مع الاقليم هي طرف رئيسي في هذا التأخير وحكومة الاقليم لم تكشف حتى للحكومة الاتحادية عن تفاصيل هذه التعاقدات".
وكشف النائب في البرلمان العراقي عن المكون الكردي، عن أن "المسألة الاخرى التي تُعيق عودة خط التصدير أنه لم يتم التوصل لاتفاقات حول كلفة استخراج برميل النفط، فالشركات الاجنبية تطلب مبلغا أكثر من 26 دولارا لاستخراج البرميل الواحد وهذا مكلف جداً فالمخصص بالموازنة هو مبلغ 6 دولارات فقط للبرميل".
*شروط تركية مجحفة
من جهته، يلفت الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، إلى أن "الجميع يعلم أن هناك قرار عقوبات على الجانب التركي كونها سمحت بتصدير النفط من الاقليم دون علم بغداد، وكانت العقوبة عبارة عن غرامات مالية تزيد على مليار دولار تدفعها تركيا للعراق، لكنها لا تزال ترفض هذا القرار وتحاول المماطلة فيه".
ومضى المحسن، بالقول: "من هنا فإن تركيا قامت بغلق الأنبوب الذاهب الى ميناء جيهان والمتعلق بنفط الاقليم، ومع مرور أكثر من عام فإن تركيا ترفض السماح بتدفق النفط الى ميناء جيهان إلا وفق شروطها وهو الأمر الذي لم توافق عليه بغداد، أما محاولة التحجج بعدم جاهزية الخط فهو غير صحيح، لأن الشروط التركية حقيقة مجحفة، والتي منها أن تتحمل بغداد أعباء أكبر مما كانت تتحمله في السابق، وحتى مع تدخل بعض الدول في هذا الموضوع لكن يبدو أن لا حل في الأفق، طالما أن تركيا تُصر على شروطها في حين تجد بغداد أن هذه الشروط غير ممكنة التنفيذ لأنها تؤثر على الإيرادات النفطية".
وتابع الخبير الاقتصادي، أن "أزمة رواتب الموظفين في إقليم كردستان ليس لها علاقة بإعادة العمل بتصدير النفط، لتوطين الرواتب هناك قرار من المحكمة الاتحادية ملزم لجميع السلطات بالتنفيذ، وأعتقد أن مصرف الـ TBI سيكون التوطين من خلاله وفروعه المتواجدة هناك".
*خسائر مالية
وبعد تسهيل تدفق حوالي 450 ألف برميل يوميا من النفط الخام، تسبب إغلاق طريق تصدير النفط الشمالي عبر تركيا في خسائر اقتصادية كبيرة. وبحسب وزارة النفط العراقية، فقد أدى التوقف إلى خسارة تُقدر بما يتراوح بين 11 و12 مليار دولار. فيما شدد اتحاد صناعة النفط في كردستان على مسؤولية الشركات الأجنبية في حكومة إقليم كردستان، مؤكدا فشلها في تقديم العقود المعدلة كعامل محوري في تأخير استئناف صادرات النفط الخام.
ولا يزال خط أنابيب كركوك-جيهان، الذي توقف عن العمل منذ مارس/آذار2023 بعد تعليق أنقرة التدفقات ردا على حكم التحكيم الصادر عن غرفة التجارة الدولية، نقطة خلاف محورية. كلفت المحكمة الجنائية الدولية تركيا بدفع تعويضات لبغداد تصل إلى 1.5 مليار دولار بسبب الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان بين عامي 2014 و2018.
*العراق يخسر 12 مليار دولار
ويقول المحلل الاقتصادي، عمر الحلبوسي، إن “العراق تكبّد خسائر كبيرة جراء توقف تصدير نفط كردستان العراق عبر خط ميناء جيهان التركي منذ 25 مارس 2023”.
وأوضح، أن “حجم الصادرات اليومي يبلغ (480 ألف برميل)”، مشيراً إلى أن “التوقف جاء بعد دعوة تقدم بها العراق الى محكمة التحكيم الدولي في باريس بسبب تصدير كردستان للنفط عبر الاتفاق مع تركيا دون تسليمه الى وزارة النفط الاتحادية لتسوقه عبر شركة سومو المسوق الحصري للنفط العراقي”.
وكانت حكومة كردستان العراق تصدر النفط دون أن تسلم عوائده الى الحكومة الاتحادية، وبالقياس خلال مدة عام، تكبد العراق خسائر تصل إلى (12 مليار دولار) وهو ما كان أحد الاسباب التي أدت الى تراجع واردات النفط العراقية لعام 2023، بالقياس مع العام 2022 بنسبة (19%)، حسب ما يفصّل الحلبوسي، خسائر العراق، ويقول، إن “نفط كردستان يشكّل (0,5%) من إجمالي امدادات النفط العالمي”.
وأوضح، أن “سبب التوقف هو أن محكمة التحكيم الدولي في باريس أصدرت حكماً على خلفية دعوة تقدم بها العراق، فأصدرت المحكمة قراراً بفرض غرامة مالية على تركيا قدرها (1,5 مليار دولار)، تدفع للحكومة العراقية، وإلزام كردستان تسليم النفط ليصدر عبر شرطة سومو المسوق الحصري للنفط العراقي”.
“وعلى إثر هذا الحكم تفاقمت مشكلة تصدير نفط كردستان عبر خط جيهان التركي”، يقول الحلبوسي الذي يكمل، أن “تركيا ترفض استئناف تصدير نفط كردستان عبر جيهان إلا بعد تنازل العراق عن الغرامة المالية، وكذلك تطالب العراق ببيع النفط الى تركيا دون السعر العالمي، وهو ما ترفضه الحكومة العراقية مما أدى الى استمرار توقف تصدير نفط كردستان عبر جيهان التركي حتى اللحظة”.
*حل المشكلة
وعن إمكانية الحلول المتوفرة للموضوع، يرى الحلبوسي أن هذا الأمر “يتطلب أن تجتمع الأطراف الثلاثة تركيا والعراق وكردستان، والاتفاق على حل الموضوع بالشكل الذي يضمن عودة تدفق نفط كردستان عبر جيهان التركي وحل النقاط الخلافية فيما بينهم”.
ويشير إلى أن “تفاقم الصراعات بين حكومتي المركز والإقليم، أفضى إلى عدم التوصل للحل”، مبيناً أن “حكومة كردستان مستفادة من توقف التصدير لكنها بنفس الوقت تهرب النفط عبر الشاحنات إلى تركيا وإيران بشكل كبير يوميا، والخسائر الكبيرة تتحملها الموازنة الاتحادية”.
ويكمل قائلاً: “لكن مع دعم واشنطن لاستئناف تصدير نفط كردستان كونها مستفادة منه، اتوقع أن يحل الموضوع قريباً ويعاود التصدير في حال رعت واشنطن الحل لهذه الأزمة”.