انفوبلس تتقصى سرّ التراجع المفاجئ لأسعار الدولار.. هل ستنخفض دون الـ 140 ألفا؟
انفوبلس/ تقارير
انخفاض مفاجئ لأسعار الدولار، جعل العراقيين يتنفسون الصعداء طيلة هذه الأيام وسط آمال باستمرار الهبوط حتى يصل إلى السعر الرسمي للبنك المركزي. وفي الوقت الذي أرجع البعض التراجع الغامض إلى زيارة السوداني لواشنطن، استبعد آخرون ذلك وقالوا إنه انخفاض "وقتي".. وما بين الرأيين آراء كُثر استعرضتها انفوبلس بالتفصيل، فهل سينخفض الدولار إلى ما دون الـ 140 ألفا؟ إليك إجابات خبراء الاقتصاد عن ذلك.
*حسين: الدولار سيواصل الانخفاض
وبهذا الصدد، توقع الخبير في الشأن الاقتصادي، فرمان حسين، أمس الأربعاء، (1 أيار 2024)، استمرار تراجع سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي لغاية وصوله الى السعر الرسمي للبنك المركزي العراقي.
وقال حسين في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "جهود الحكومة والبنك المركزي كانت مهمة في تقوية الاعتماد على الدينار، وإبطال الشائعات التي كانت تروّج لارتفاع كبير في سعر الدولار وعبوره حاجز الـ 200 ألف دينار للمائة دولار".
وأضاف، إن "الحكومة محت مخاوف صعود الدولار وزادت من الاعتماد على الدينار، والإقبال الحالي على الدولار فقط لمحتاجيه، وبالتالي سنذهب باتجاه انخفاض أكبر وقد يستقر في الأسابيع المقبلة عند الـ 140 ألف دينار".
وتوقع حسين "انخفاض الدولار بشكل تدريجي في كل شهر أو شهرين وبمعدل ألف أو ألفين ليصل إلى السعر الرسمي الحكومي".
*التميمي: الدولار لن يهبط دون الـ 1400
من جانبه، رجح الخبير الاقتصادي نبيل التميمي أن يستمر انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي الذي تشهده الأسواق في هذه الأيام أو قد تشهد انخفاضا أكبر يصل إلى 1400 دينار لكل دولار كأدنى سعر.
وقال التميمي في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن هناك ثلاثة مؤثرات تتحكم بسعر صرف الدولار أولها القرارات الخاصة بالخزانة والبنك الفيدرالي بالإضافة إلى التعاملات الخارجية، لافتا إلى أن هذا العامل مستقر بالغالب ولا توجد مؤثرات من خلاله لزيادة الأزمة.
وأضاف التميمي بأن العامل الثاني هو عامل المضاربة والذي يكون من خلال بعض التجار والصفحات والقنوات الخاصة والتي تعمل على رفع أو خفض الدولار لتحقيق الأرباح عبر عامل المضاربة وقد اعتبر التميمي هذا العامل بأنه عامل نسبي ومحدود لا يؤثر بشكل واضح على سعر الصرف.
لكنه اعتبر العامل الثالث وهو العامل الداخلي، العامل الرئيسي المتحكم بسعر صرف الدولار والذي يتمثل بآليات بيع الدولار من خلال النافذة ومدى قدرة البنك المركزي والمؤسسات الحكومية في إجراء تسهيلات خاصة للتجار من خلال النافذة، لافتا إلى أن هذا العامل شهد ارتفاع بيع العملة خلال الشهر الأخير حيث ارتفعت المبيعات من 200 مليون دولار إلى 300 مليون دولار وهذا تسبب بأن جزء كبير من تعاملات التجار في السوق الموازي وبدأوا بالاعتماد بشكل أكبر على السوق الرسمي بإجراء الحوالات ما تسبب بانخفاض سعر صرف الدولار.
وأضاف قائلا: إنه وفقا للعوامل الحالية الثلاثة فأن هناك نوع من الاستقرار وإذا ما استمر العامل الداخلي على هذا النحو واستمرت التسهيلات الحكومية للتجار والشركات سنشهد انخفاضا أكبر قد يصل إلى 1450 أو 1400 دينار للدولار الواحد، لكنه استبعد أن يصل سعر الصرف إلى السعر الرسمي باعتبار إن هناك جزءا من التعاملات تبقى رهينة بالسوق الموازي سيما التجارة مع إيران لذلك فأن الانخفاض لن يكون أقل من الـ 1400 دينار لكل دولار في أحسن الأحوال.
*ما سبب الانخفاض؟
وعزا التميمي، سبب انخفاض أسعار الدولار امام الدينار العراقي الى زيادة مبيعات البنك المركزي.
وأشار إلى أن "انخفاض الأسعار جاء نتيجة بيع المركزي أكثر من 270 مليون دولار يومياً"، مبينا أن "ارتفاع المبيعات في البنك المركزي يؤشر الى ان كثير من التجار تركوا السوق الموازي واتجهوا نحو السوق الرسمي ما أدى الى انخفاض أسعاره في السوق المحلية".
وبيّن، إن "زيادة مبيعات البنك المركزي جاءت نتيجة التحويلات الخارجية التي حدثت بعيداً عن نظام المنصة المحتكر للتحويلات، مما فسح المجال لطريق تحويلات ثانية".
من جانبه، أكد الخبير المالي والمصرفي مصطفى اكرم حنتوش، ان "موضوع الدولار تم قطع اشواط طويلة به من قبل الحكومة العراقية، ومعالجات موضوع الذهب والسكائر والتي كانت تهرب عن طريق اقليم كردستان بسبب سوء الادارة من دائرة التقييس والسيطرة النوعية".
وقال حنتوش، إن "المعالجات التي قامت بها الحكومة التي حولت هذين الذي يحكمهما من أكبر التجار في السوق الى التعامل مع السوق الرسمي، وهذا الامر جيد وأدى ذلك لدخول التجار الى المنصة".
ويبين "هناك معالجات اخرى منها ادخال التجار الصغار عبر الـTbi وهم اولئك التجار الذين يمتلكون شركات صغيرة".
وأشار الى، ان "زيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوادني الى الولايات المتحدة ساهمت في اعطاء اريحية للتاجر الذي يحتاج للدولار بانه لا حاجة لعملية الشراء قبل وقت طويل".
*هل سيحلّق الدولار مجددا؟
إلى ذلك، استبعد الخبير الاقتصادي العراقي، أحمد الطبقجلي، عودة سعر صرف الدولار إلى 1600 دينار.
وعزا الطبقجلي انخفاض سعر صرف الدولار إلى أن "الشركات غير الرسمية أو الرسمية التي كانت تعمل بطريقة غير رسمية كي تتجنب دفع الضرائب، بدأت بالتسجيل وفتح حسابات في المصارف، وهو السبب في انخفاض سعر صرف الدولار في الشهرين الأخيرين" بعد انخفاض الطلب عليه "خارج نافذة" البنك المركزي.
وأعرب عن قناعته بأن "سعر صرف الدولار سوف يستقر" مؤكداً أن "الدينار سيقوى أمام الدولار" بعدما بدأت الحكومة تعزز الطلب عليه.
وأشار إلى أن "أساس المشكلة" هو أمران جوهريان، الأول هو أن المصدر الوحيد للدولار حكومي، حيث لا يصدّر العراق سلعاً للعالم، ويشكل النفط 95% من صادراته، و"بالتالي يأتينا الدولار من بيع الحكومة للنفط"، والثاني هو أن العراق "بلد مستهلك لبضاعة مستوردة نسدد ثمنها بالدولار".
كما أشار إلى أمر ثالث هو أن "معظم القطاع الخاص العراقي غير رسمي أو غير مسجّل".
ولفت إلى أن مزاد بيع الدولار من قبل البنك المركزي "لم يعد مزاداً" كما كان في السابق، وهو الآن "نافذة"، متسائلاً: "كيف لشركات غير رسمية أن تطلب الدولار بشكل رسمي عن طريق المصارف؟".
وشدد على أن ذلك "كان أمراً خاطئاً عالجته التغييرات التي حصلت في المنصة، لذلك ارتفع سعر صرف الدولار كثيراً في السوق كثيراً في بادئ الأمر، ثم بدأ بالانخفاض بعد فترة".
وسجّل سعر صرف الدولار 1455 ديناراً في بورصة بغداد صباح اليوم الخميس.
*ما علاقة زيارة السوداني لواشنطن وزيارة أردوغان لبغداد بالانخفاض؟
من جهته، كشف المتحدث الرسمي باسم سوق العملة في السليمانية، جبار كوران، عن أسباب تراجع قيمة الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي، مشيراً إلى أهمية زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.
وقال كوران في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "السبب الرئيسي لانخفاض قيمة الدولار مقابل الدينار هو تأثير زيارة السوداني لواشنطن التي أدت إلى زيادة الدعم الأمريكي للاقتصاد العراقي، وتفاءل الأطراف الأمريكية بشأن البنية التحتية والإصلاحات الحكومية في النظام المصرفي في العراق".
وأضاف "الدولار انخفض مقابل الدينار في الأيام الأخيرة بسبب عدد من العوامل أهمها، استخدام البطاقات الذكية التي تمكن أصحاب الحسابات التجارية من سحب الدولارات في الخارج، وهو سبب وجيه لانخفاض قيمة الدولار".
وبحسب كوران، فإن السبب الآخر لانخفاض قيمة الدولار مقابل الدينار هو زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد التي تمخض عنها عدة اتفاقيات حول عدد من القضايا، ومنها أن يكون التبادل التجاري بالدينار العراقي والليرة التركية، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا يتراوح ما بين 20 إلى 24 مليار دولار سنوياً والتعامل بالدينار والليرة التركية سيقلل الطلب على الدولار.
وبين أن "جميع التعاملات مع الدول سابقاً كانت بالدولار الأمريكي، لكن بحسب الاتفاقات الأخيرة فسيسمح للعراق باستخدام عملات أخرى في معاملاته، ففي الأيام الأخيرة، زار وفد من البنك المركزي العراقي السعودية وتم الاتفاق على أن يكون التبادل المستقبلي بالعملة التي يتم التعامل بها في ذلك البلد".
وأشار كوران إلى إنه "في السابق، عندما كان المواطنون يستلمون رواتبهم، كانوا يحولون جزء منها إلى دولارات لسداد قروض السكن أو السيارات أو أي أموال أخرى مستحقة عليهم، أما الآن فقد تم تحويل معظم هذه المعاملات إلى العملة المحلية فالناس ليسوا بحاجة إلى الدولار".
ولفت إلى أنه "من غير المرجح أن ينخفض الدولار عن 1400 دينار للدولار الواحد لأن الوقت مبكر جداً وقد وصل البنك المركزي إلى هدفه، لكنه قد يصل إلى 1420 ديناراً للدولار الواحد".
*صالح: سعر صرف الدولار في السوق الموازية يقترب تدريجياً من الرسمي
بدوره، أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح، اليوم الخميس، أن سعر صرف الدولار في السوق الموازية يقترب تدريجياً من الرسمي.
وقال صالح في حديث للوكالة الرسمية تابعته شبكة انفوبلس، إن "دعوات تعويم الدينار لإنهاء الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسوق الموازية، قد تكون ممكنة في اقتصاد تكون السوق الحرة لوحدها المؤثرة في حركة ميزان المدفوعات وليس في اقتصاد يكون فيه القطاع الحكومي الريعي مهيمناً ومولداً لاحتياطيات العملة الأجنبية، إذ تعد السلطة النقدية وحدها المصدر الرئيس لعرض العملة الأجنبية والملبية للطلب المرغوب على النقد الأجنبي في سوق النقد، لتوفير الاستقرار في هذه السوق وبلوغ سعر صرف مرغوب ومتجانس عبر الدور التدخلي الذي تؤديه السياسة النقدية".
وأضاف أن "المطالبات بالتعويم تعني في الأحوال كافة اعتماد سعر الصرف السائد في السوق الموازية لبلوغ هدف الاستقرار والتوازن في السعر الرسمي للصرف نفسه عند نقطة جديدة تبلغها السوق عند نهاية سياسة التعويم المفترضة والعودة إلى الثبات ثانية، كما أن سيناريو التعويم يعني في الأحوال كافة انسحاب السلطة النقدية من كونها عارضاً مركزياً أساسياً للعملة الأجنبية، لتحل محلها قوى جديدة عارضة للعملة الأجنبية من صناع السوق الحرة والتي لا تمتلك إلا عرضاً واهناً محدوداً من النقد الأجنبي، وهي تحمل في الوقت نفسه حزمة غير مسيطر عليها من التوقعات التضخمية وتسمى في الأدبيات الاقتصادية بالقوى المولدة للتوقعات التضخمية".
وتابع أن "قوى العرض الجديدة الافتراضية للنقد الأجنبي التي تعتمدها سوق الصرف في ذلك السيناريو ستعني هيمنة قوى عرض من مضاربين محدودي الكميات جداً من النقد الأجنبي المتاح للعرض في السوق الموازية، يقابلها طلب مفتوح على العملة الأجنبية من جانب السوق يفوق بلا شك ذلك العرض المحدود الموازي من النقد الأجنبي ربما بأكثر من 10 مرات على الأقل في تقديرنا، ومثل هذه السياسة في التعويم لبلوغ سعر التوازن المتجانس للصرف ستكون حالة مفتوحة وربما منفلتة، طالما أن العرض الحكومي المركزي للعملة الأجنبية سيكون غائباً عن السوق، ولم نحصل عندها على أي نقطة توازنية في سعر صرف يبحث عنه التعويم إلا بتدهور واسع للصرف طالما تتولاه قوى مولدة للتوقعات التضخمية كما نوهنا في اقتصاد ريعي شديد الأحادية، وهو سعر صرف ستتحرك آلياته في سوق غير مكتملة الأركان من الناحية الإنتاجية في تعويضها للعرض السلعي والخدمي المطلوب".
وحذر صالح، من أنه "عندها لا أحد يعلم كم سيبلغ سعر الصرف الجديد الناجم عن التعويم الذي سترافق ذلك من دون شك موجة مسبقة من التوقعات التضخمية وهي موجة خطيرة يصعب السيطرة على اتجاهاتها، ما قد يجبر السياسة النقدية على وفق هذ السيناريو التعويمي بالتدخل باحتياطيات أجنبية فائقة وتبذير غير مبرر في النقد الأجنبي لفرض حالة الاستقرار في المستوى العام للأسعار ثانية لمجرد اعتماده عند بلوغ أسعار الصرف معدلات منخفضة لا أحد يعلم كم ستبلغ".
ولفت إلى أن "فرق السعرين حالياً والذي تقترب فيه السوق الموازية نحو السوق الرسمية بشكل تدريجي لم يأت بسبب قصور العرض من النقد الأجنبي لدى السلطة النقدية بل جاء بفعل عامل خارجي مفاجئ فرضته منصة الامتثال والقيود الإدارية التدقيقية على حركات التحويل الخارجي وهو أمر يتعلق بعجز احتياطيات السلطة النقدية عن التقريب بين السعرين في ظل مستوى عالٍ جداً من الاحتياطيات الأجنبية، فالكفاءة التجارية لتلك الاحتياطيات الأعلى في تاريخ العراق المالي وهي تغطية بالعملة الأجنبية تلامس أكثر من 16 شهراً استيرادياً مقارنة بالمقياس العالمي البالغ ثلاثة أشهر استيرادية".
*خلاصة
لقد أجمع خبراء الاقتصاد، على أن أسعار الدولار في تراجع مستمر وأنها لن تحلق مجددا كما في السابق وتصل إلى الـ160 ألفا لكل 100 دولار، لكن في ذات الوقت فقد أكدوا بأن هذا التراجع وقتي وسيتوقف في الغالب عند الـ140 ألف دينار ولا ينخفض دونه.
أما عن أسباب الانخفاض، فقد بات واضحا وبحسب أغلب المتحدثين أعلاه، إنها عديدة لكن في مقدمتها زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن وأيضا زيادة مبيعات البنك المركزي، فضلا على جهود الحكومة بتقوية الدينار وتفويت الفرصة على المضاربين بالدولار.