بسبب حصتها القليلة في مزاد العملة.. السوق العراقي يصمد بوجه العقوبات الأمريكية الأخيرة التي طالت 14 مصرفاَ
انفوبلس..
تسببت العقوبات الأمريكية الأخيرة بحق 14 مصرفاً عراقياً بارتفاع سعر صرف الدولار الذي كان يتراوح بين (1450-1460) دينارا مقابل الدولار الواحد، وأصبح يتراوح بين (1510-1520) دينارا مقابل الدولار، بعد عدة أيام على قرار العقوبة، إلا أنه لم ينعكس على الشارع العراقي بشكل كبير حيث حافظت المواد الغذائية والأدوية وغيرها على نفس أسعارها قبل فرض العقوبات الأخيرة وذلك بسبب أن المصارف المعاقبة تمتلك 8% فقط من مزاد العملة.
وبيّنت مصادر محلية في عدة محافظات عراقية استقرار أسعار المواد الاستهلاكية كالخضروات واللحوم والحبوب والدواء والوقود وغيرها في الأسواق العراقية بعد القرار الأمريكي بمنع 14 مصرفاً من التعامل بالدولار بنفس المستوى الذي كانت عليه قبل قرار العقوبات، ولكن كثرة الشائعات والهلع الذي يصيب المواطنين بالتزامن مع قرارات كتلك هو ما يُربك السوق لعدة أيام ثم يعود بعدها للاستقرار.
ويوم الأربعاء الماضي، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الولايات المتحدة منعت 14 بنكَاً عراقيا من إجراء معاملات بالدولار.
وجاء في تقرير الصحيفة أن الحظر، الذي فرضته وزارة الخزانة وبنك الاحتياط الفيدرالي، يأتي في إطار "حملة شاملة على تحويل العملة الأميركية إلى إيران".
وأضافت الصحيفة، أن الولايات المتحدة كشفت معلومات تفيد بأن البنوك العراقية شاركت في غسل أموال ومعاملات احتيالية، ربما شارك في بعضها أفراد مشمولون بالعقوبات، وأثارت مخاوف من أن إيران قد تستفيد من هذه المعاملات.
عقوبات موضعية
وقال مصدر مسؤول في البنك المركزي العراقي، إن "إدارة البنك تلقت بشكل رسمي فرض العقوبات الأميركية على عدد من المصارف، والتي شملت كلًا من مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف القرطاس الإسلامي للاستثمار والتمويل، شركة طيف العراق، مصرف إيلاف، مصرف أربيل للاستثمار والتمويل، البنك الإسلامي الدولي، مصرف عبر العراق، مصرف الموصل للتنمية والاستثمار، مصرف الراجح، مصرف سومر التجاري، مصرف الثقة الدولي الإسلامي، مصرف أور الإسلامي، مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف زين العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل".
وتابع المصدر: "عملت إدارة البنك المركزي على إيقاف كل التعاملات بالدولار مع تلك المصارف ومنعها من دخول مزاد العملة ليوم الخميس".
وبين المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن العقوبات موضعية لافتاً إلى أن الأخيرة "لن توقف كل أعمال المصارف هذه، لكن سيتم فقط منعها من التعامل بالدولار، فيما العمليات المصرفية الأخرى لن تتأثر بالعقوبات المفروضة، خصوصاً أن تلك المصارف لديها حسابات مصرفية لمواطنين بمليارات الدنانير، كذلك لدى تلك المصارف الكثير من رواتب الموظفين المُوطّنة فيها، فهذه الأعمال ستبقى مستمرة بشكل طبيعي".
وأضاف، أن "فرض العقوبات الأميركية على 14 مصرفاً عراقيا، سيكون له تأثير كبير على الوضع الاقتصادي والمالي العراقي، وهذه العقوبات سيكون لها تداعيات على رفع سعر صرف الدولار في السوق المحلي، فمنع تعامل هذه المصارف بالدولار سوف يسبب شحة جديدة في العملة الأميركية، وسيكون هناك لجوء من جديد لشراء الدولار وسحبه من السوق مما يرفع قيمته".
وختم المصدر المسؤول في البنك المركزي العراقي، أنه "بحسب المعلومات الواردة من وزارة الخزانة الأميركية، هناك مجموعة مصارف عراقية أخرى، قد تطالها العقوبات خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أن الحوالات المالية بالدولار كلها مراقبة بشكل دقيق من قبل الخزانة الأميركية والبنك الفيدرالي الأميركي".
إجراءات البنك المركزي للحد من ارتفاع الدولار
واتخذ البنك المركزي إجراءات للحد من ارتفاع سعر الدولار، أمس الاثنين، بالسماح لشركات الصرافة فئة " A وB " بفتح حسابات إيداع لدى البنك بعملتي الدينار والدولار والاشتراك بنافذة بيع وشراء العملة.
وخلال اليومين الماضيين، ارتفعت أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي بشكل كبير، في أسواق بغداد، وفي أربيل عاصمة إقليم كردستان، لتصل الى 155 ألف دينار لكل مئة دولار في بعض الصيرفات.
ويبلغ سعر الصرف الرسمي 1320 دينارا للدولار في الموازنة العراقية.
وعلى إثر ذلك استضافت اللجنة المالية في البرلمان العراقي، محافظ البنك المركزي علي العلاق، لبحث إجراءات البنك لاستقرار أسعار العملة.
ويقول نائب محافظ البنك المركزي عمار حمد، إن "الهدف الأساسي للبنك المركزي هو تحقيق استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي"، موضحاً أن "البنك المركزي وفّر المنصة الإلكترونية لتوفير الدولار ولشراء السلع والخدمات من الخارج".
وأبدى حمد استغرابه من قيام "التجار أو المواطنين بالذهاب إلى السوق لشراء العملة الأجنبية بسعر فارق كبير عن السعر الرسمي"، مشيراً الى أن "البنك المركزي وفّر الدولار بسعر رسمي، لكن ضمن استخدامات القطاع الخاص لشراء السلع والخدمات من الخارج".
ولفت نائب محافظ البنك المركزي إلى "عمليات مضاربة في السوق تسببت في ارتفاع سعر صرف الدولار حالياً وسيتم إرجاعه للسعر السابق قريبا"، مؤكداً أن "العملة الأجنبية متاحة ومتوفرة لكن المشكلة في الطلب على عليها، وأن ذهاب التجار إلى السوق بدلا عن المصارف أو القنوات الرسمية تسبب في ارتفاع سعر الصرف".
وأطلق البنك المركزي العراقي منذ بداية العام الحالي تقريباً آلية عمل في منصة إلكترونية ونظام التحويل المالي الدولي "سويفت" (SWIFT)، لكن ذلك لم يسعف أسعار صرف الدولار بالاستقرار في العراق، رغم محاولات الحكومة والبنك المركزي السيطرة على سعر الصرف في الأسواق الموازية (السوداء).
تأثير الشائعات
ويقول صاحب صيرفة في بغداد، إن "سعر صرف الدولار يتأثر بالشائعات بشكل كبير وخاصة بعد أن عاقب الفدرالي الامريكي 14 مصرفا".
ويضيف، إن "المبيعات النقدية التي يقوم البنك بتمويلها للسوق الموازي عبر المصارف قد انخفضت بمقدار 35 إلى 40 مليون دولار ما أثّر على العرض النقدي للدولار في السوق الموازي".
قلة المبيعات النقدية
ويقول الخبير الاقتصادي وأستاذ علم الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني في حديث له، إن "المصارف الأربعة السابقة التي عوقبت والـ 14 اللاحقة كانت سبباً في رفع سعر الدولار لأنها بكل الاحوال لها حضور ووجود بالسوق المحلي وليس من الممكن تجاهل هذه المصارف وهذا الحجم من العمل".
ويشير الخبير إلى، أن "هذه المصارف المعاقبة حصتها 8 بالمائة من نافذة العملة لغرض التحويلات الخارجية وهذه النسبة تعني 16 مليون دولار من مبيعات النافذة للتحويلات الخارجية، ولكن حصتها كبيرة للبيع النقدي، حيث الملاحظ بمبيعات البنك المركزي النقدية انخفاضها للسوق الموازي من 40 او 60 مليون دولار ليصل الى 17 مليون دولار".
ويبين المشهداني، إن "لحل مشكلة ارتفاع الأسعار، فعلى البنك المركزي تعويض حصة المصارف المعاقبة بأن يعطيها لمصارف اخرى وشركات صرافة، فهناك 38 مصرفا يدخل نافذة العملة من أصل 72 مصرفا، وبالتالي على البنك إدخال مصارف أخرى لنافذة بيع العملة التي كان تصنيفها لا يؤهلها لنفاذة العملة لكونها ضعيفة".
ويتابع، إن "الإجراء الثاني.. إن العقوبات جاءت نتيجة ذهاب المبيعات النقدية للسوق الموازي فيستحوذون عليها التجار لتمويل تجارتهم مع الدولة الممنوعة، وإيران على رأس هذه القائمة"، مشيراً إلى أنه "يتوجب على الحكومة العراقية توسيع اتفاق النفط الأسود مقابل الغاز على أن يشمل جزءا من تجارة القطاع الخاص حيث إن التاجر يجمع قيمة الفاتورة التي يستوردها بالدينار العراقي لحساب الحكومة العراقية والأخيرة تسدد قيمة الفاتورة بالنفط الأسود للحكومة الإيرانية والأخيرة هي التي تدفع للتجار الإيرانيين قيمة البضائع".