بعد تضخم أموال متداولي العملة الإلكترونية.. الداخلية ترصد وتُشرِع بجملة اعتقالات في بغداد.. المالية تُعلّق
انفوبلس/ تقارير
بعد رصد وزارة الداخلية بعض العائلات في بغداد الجديدة والمنصور ومناطق أخرى في بغداد ببدء مظاهر الثراء السريع عليهم، حيث السيارات الفارهة والفلل والقصور بشكل مبالغ فيه جداً، أُثيرت العديد من التساؤلات حول طريقة ذلك، وبشكل يدعو للشك بأن ثمة شيء غير طبيعي يحدث، قبل أن تكشف بعض البنوك أسرار ذلك التضخم غير المسبوق، وتوعز للمالية بأسبابه، لتشرع الأخيرة بجملة إجراءات ستفصّلها "انفوبلس" في سياق التقرير.
*خروج أموال بالملايين من حسابات مصرفية
بعد التساؤلات التي طُرحت عن أسباب التضخم المالي غير المسبوق لمتداولي العملة الإلكترونية في العراق، قامت بعض البنوك، مثل بنك الرافدين وبنك الرشيد والبنك التجاري، بإبلاغ وزارة المالية عن خروج أموال بالملايين من حسابات مصرفية لعملائهم لحساب شركة غير معلومة أنشطتها، وبنفس الوقت دخول مئات الملايين أيضا إلى حسابات عملاء آخرين بمنطقة بغداد، البصرة، إقليم كردستان وأربيل ومحافظات أخرى حول العراق، مما أثار الجدل فيما يحدث من وراء الكواليس.
*الداخلية ترصد وتُشرِع بجملة اعتقالات
من جانبها، رصدت وزارة الداخلية بالتعاون مع البنوك أسماء أشخاص من محافظة بغداد، والذين تضخمت حساباتهم البنكية بصورة غير منطقية ومُبالغ فيها، مما يثير التساؤلات حول مصادر تلك الملايين، وبدأت أيضاً بعض الصحف والمواقع على الإنترنت تتحدث عن هذه الظاهرة، وانتشر الخبر على العديد من المنتديات والمواقع الاجتماعية.
على إثر هذه الاحداث، كلّفت وزارة الداخلية الإدارة العامة للتحريات المالية بالبحث عما يجري في هذه المناطق بهدف معرفة مصادر هذه الأموال، حيث رصدت الإدارة العامة للتحريات المالية بأن هناك 66 فردا من بغداد فقط قد تضخمت ثروتهم بما يزيد عن مليار دينار، ومنهم موظفين في الدولة، لا تتجاوز رواتبهم المليون دينار شهرياً.
*ما علاقة الإمارات؟
وقد تم استجواب 25 منهم، وتبين بالأدلة والمستندات إثبات بأن هذه المبالغ تم تحقيقها من خلال ما يسمى بتداول العملة الرقمية على الإنترنت، أو ما يُسمى بالعملة الجديدة، من خلال شركة جديدة تتخذ دبي مقراً لها، والتي تستخدم أنظمة تقنية متقدمة جداً للتجارة بالعملات على الإنترنت.
وعلى أثر ما حدث، بدأ الجدل الكبير جداً حول هذه الشركة في مناطق مختلفة من العراق، وهناك الآلاف الذين بدأوا في إيداع مبالغ طائلة للاستثمار بهذه العملة الافتراضية، والتي وصلت شعبيتها الذروة عندما قام شخص في بريطانيا بتحقيق 42 مليون جنيه استرليني في أقل من عام، وباستثمار لم يتعدَّ 1,000 جنيه استرليني. وحتى الآن لا يوجد أي سند قانوني يُتيح للسلطات إيقافهم.
*500 مليون دولار في أقل من نصف سنة
وقد كشفت التحقيقات مع الشركة بأنها تعمل بشكل قانوني تماماً، وهناك أيضاً معلومات مؤكدة تثبت بأن هذه الشركة قد تلقت ما يزيد عن 500 مليون دولار في أقل من نصف سنة، وهناك تخوف كبير من السلطات بشأن هذه الأموال، وحاليا تعكف تلك السلطات على مراقبة أنشطة هذه الشركة بشكل يومي لحماية أموال المواطنين.
وقد ورد عن العديد من المواطنين، بأن هذه الشركة لا تقبل الكثير من المُودِعين، حيث لابد على الشخص المودع أن يجتاز مقابلة هاتفية طويلة أولاً، وأن أغلب المودعين يتم رفضهم بسبب الإقبال الكبير والذي يُعد بآلاف الاتصالات يومياً، وعدم قدرة هذه الشركة للرد عليها بسبب حجمها الحالي.
*خطر تجارة العملات الرقمية
من جانب آخر، قال وزير التجارة والاستثمار، بأن تجارة العملات الرقمية قد تحمل الكثير من المخاطر، ولكن هذه الشركة لديها نظام يحمي المتداولين من الخسارة بنسبة قد تصل إلى 88%.
*إجراءات المالية بشأن نظام الخزينة العامة الموحّد
في الأسبوع الماضي، ترأس رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اجتماعاً للجنة توطين الرواتب وحساب الخزينة الموحّد، بحضور محافظ البنك المركزي العراقي ووزيرة المالية، ومستشاري رئيس مجلس الوزراء، والمديرين العامّين لمصارف الرافدين والرشيد والعراقي للتجارة، وممثل ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
واستمع السوداني خلال الاجتماع، بحسب بيان لمكتبه الاعلامي، إلى "إيجاز قدّمته وزيرة المالية عن إجراءات الوزارة بخصوص نظام الخزينة العامة الموحد، وسير عملية توطين رواتب موظفي الدولة، والإجراءات المتعلّقة بتطبيق نظام نقاط الدفع الإلكترونية(POS) ".
وأكد السوداني، أنّ "التأخير في تطبيق حساب الخزينة الموحد خلال السنوات الماضية، تسبب بحصول الكثير من حالات الفساد والتجاوز على المال العام، كان آخرها جريمة سرقة أموال الضمانات الضريبية (سرقة القرن)”.
وشدّد على "ضرورة معالجة الأمر بتطبيق نظام الخزينة الموحد للحدّ من الفساد". مشيراً إلى أنّ "استمرار الوضع الحالي يجعل الدولة غير مطّلعة على مقدار أرصدتها وحساباتها أو عدد موظفيها".
وأكد رئيس مجلس الوزراء أنّ "كل من يعمل على إعاقة هذا المشروع، يُعدّ مساهماً في التغطية على الفساد".
*معايير جديدة لشركات الدفع الإلكترونية
ووجّه السوداني "بالإسراع في إعداد معايير جديدة، تشمل أكبر عدد من شركات الدفع الإلكتروني، البالغ عددها نحو 16 شركة، والتعاقد مع الشركات التي تقدّم خدمات أفضل وبكُلف أقل".
كما وجّه "بتشكيل لجنة من ممثلي الوزارات والمحافظات والمصارف الحكومية، لنصب نقاط الدفع الإلكتروني POS، في جميع المؤسسات، والاستعانة بالتجارب الدولية والخبرات الأجنبية، لدعم المشروع وتشجيع المواطنين على اعتماده والتعامل المالي بواسطته".
*إجراءات البنك المركزي بشأن عمليات التحويل
أكد البنك المركزي العراقي، في وقت سابق، أن تأثير النمو انعكس بشكل كبير على حجم الطلبات والمبالغ والمصارف المشاركة في منصة نافذة بيع العملة الأجنبية، فيما أشار إلى أن الإجراءات الحكومية أُلزِمت بدفع أجور ورواتب العاملين الأجانب بالدينار العراقي.
وقال معاون مدير عام دائرة الاستثمارات في البنك المركزي العراقي محمد يونس في تصريح للوكالة الرسمية، إن "النمو ساعد في تقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والموازي، بشكل كبير خلال الأيام الماضية".
*42 طلباً أسبوعياً
وأضاف يونس، إنه "بلغت نسبة النمو في المصارف المشاركة في هذه المنصة 155%، فيما ارتفعت مستويات الطلب من 42 طلباً أسبوعياً، إلى نحو 1280 طلباً".
وأوضح، إن "هذا الارتفاع رافق زيادة كبيرة في حجم المبالغ الخاصة بهذه الطلبات، حيث ارتفعت ما يقرب من 44 مليون دولار أسبوعيا إلى أكثر من 490 مليون دولار أسبوعيا، فيما بلغ حجم المُنفَّذة منه ما يقرب من 80%، والـ 20%، كانت سببها التأخر بالتنفيذ، بسبب نقص المعلومات أو طلب معلومات إضافية".
وتابع يونس، إن "هذه المبالغ توزّعت بين مجموعة متنوعة من السلع، كان من أهمها المواد الغذائية، والصحية والأجهزة الكهربائية، والإلكترونية والمواد الإنشائية، والسيارات وأدواتها الاحتياطية". لافتاً إلى، أنه "بالرغم من التحديات والمعوقات التي رافقت تنفيذ الإجراءات الجديدة، والتي تعاني منها بعض المصارف والشركات، كونها تمثل انتقالة نوعية في عملية تمويل التجارة الخارجية، وتماشياً مع الأعراف والمعايير الدولية، إلا أنها اليوم وصلت إلى مراحل متقدمة جدا".
وأشار إلى، أن "زيادة أعداد الطلب وحجم تطورها دفع بالبنك المركزي، إلى العمل على البدء بإجراءات جديدة سوف تُسهم بشكل كبير في تسهيل عملية التحويل، حيث تستند الآلية على تعزيز أرصدة المصارف التي لديها حسابات في مصارف أجنبية رصينة، لغرض تلبية طلبات زبائنها بالدولار، بالإضافة إلى العملات الأخرى مثل (اليورو) و(اليوان) الصيني".
*الاعتماد على الدينار العراقي
وبيّن يونس، إنه "ستتم تلبية طلبات المصارف بشكل أسرع وأسهل، نظراً لتخفيف حجم المعاملات الذي سيتم بموجبه آلية التعزيز بغية تنفيذها". مؤكداً، إن "هذه الإجراءات يدعمها التوجه الحكومي وتوجُّه البنك المركزي العراقي نحو تعزيز الثقة بالدينار العراقي، وآخرها الإعمام الصادر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى جميع الوزارات ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص، من خلال الاعتماد على الدينار العراقي، واستيفاء الضرائب والرسوم الحكومية والتأمينات، كما ألزمت هذه الإجراءات دفع الأجور والرواتب للعاملين الأجانب، ودفع رسوم الجامعات ورياض الأطفال بالدينار العراقي".