بغداد سيطرت على نفط الإقليم.. سومو تبرم العقود مع المشترين واستئناف التصدير عبر جيهان قريب جداً.. ماذا عن التهريب؟
انفوبلس..
تستعد الحكومة العراقية لاستئناف تصدير النفط من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي خلال يومين، بعد اتفاق مع أربيل وفقاً لتعديلات قانون الموازنة. ومع الاتهامات المستمرة بتهريب النفط من الإقليم، أكدت الوزارة أن العقود وُقّعت مع المشترين من قبل سومو، والتصدير بانتظار إشارة فنية نهائية.
ويوم أمس، شرح وزير النفط حيان عبدالغني، آخر التطورات حول الاتفاق مع إقليم كردستان لتصدير النفط عبر أنبوب ميناء جيهان التركي، والمتوقع تنفيذه خلال يوم أو يومين، قائلاً إن العقود أُبرمت فعلياً من قبل شركة سومو الاتحادية مع الزبائن، مع انتظار إشارة فنية أخيرة من أربيل.
وقال عبد الغني: "بعد سلسلة من الاجتماعات والنتائج التي تم التوصل إليها مع حكومة الإقليم تم الاتفاق على المباشرة بتصدير النفط المنتج من الحقول العاملة في إقليم كردستان حسب ما نص عليه قانون الموازنة وتعديلاته الأخيرة التي سهلت من تسريع هذا الاتفاق".
وأضاف، "جرت العديد من المفاوضات في الأيام السابقة من خلال الوفد الذي يمثل وزارة النفط وتم عقد سلسلة من الاجتماعات مع وزارة الثروات الطبيعية والتوصل إلى التعجيل بعملية التصدير من خلال الأنبوب العراقي التركي".
وتابع: "كما يعلم الجميع أن الأنبوب العراقي التركي توقف قبل أكثر من 18 شهراً عن العمل وهنالك التزام بين الحكومة العراقية والحكومة التركية بضرورة تشغيل هذا الأنبوب للاستفادة من الإمكانيات المتاحة لتصدير النفط عبر ميناء جيهان، وتم التوصل إلى اتفاقية تضمن عملية التشغيل المشترك للأنبوب العراقي التركي وتشغيل ميناء جيهان".
وأشار إلى إنه "تم تشكيل اللجان الخاصة بعملية المعايرة والقياس للنفط المنتج الذي سوف يضخ من خلال هذا الأنبوب ابتداءً من نقطة فيشخابور الحدودية باتجاه الأراضي التركية".
وأكد، إنه "سيتم قياس هذه الكميات ومعايرتها عند ميناء جيهان للتأكد من وصول نفس الكمية التي تنتج وتضخ من قبل الإقليم باتجاه الميناء. طبيعي الجهة المسؤولة عن عملية تصدير النفط ستكون هي شركة تسويق النفط العراقية (سومو) التي وقعت العقود مسبقاً مع الشركات التي تشتري هذا النفط بالاتفاق مع سلطات الإقليم".
وبين الوزير: "نحن ننتظر بعض الأعمال الفنية التي يتم إنجازها الآن ضمن منطقة كردستان، كان لنا اتصال مع وزير الثروات الطبيعية، اليوم بعد الظهر، حول التعجيل بالتصدير والإنتاج، وأبلغني بأنه خلال يوم أو يومين سوف يتم تصدير النفط، هناك بعض الأمور الفنية التي يتم معالجتها الآن ونحن ننتظر الإشارة من الأخوة في الإقليم للمباشر العملية بتصدير النفط".
وأوضح إن "الكميات الأولية التي سوف يتم تصديرها بحدود 185 ألف برميل يومياً، هذه تعتبر كمعدل أولي لتصدير نفط الإقليم، وسوف يتم زيادة هذه الكمية تباعاً وصولا إلى المعدلات المطلوبة"، مؤكدا: "نحن نأمل أن تكون هنالك معدلات أكثر من 300 ألف برميل يومياً لرفد موازنة الدولة العراقية بالمبالغ المطلوبة".
ويوم السبت الماضي، أكد الوفد التفاوضي لحكومة كردستان، التزام الإقليم بتطبيق قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، فيما يخص إعادة تصدير النفط المنتج من الحقول التابعة له عبر شركة تسويق النفط (سومو) إلى ميناء جيهان التركي.
وجاء في البيان، أن "الاجتماع الذي عُقد في أربيل بتاريخ 18 فبراير 2025 بين وفد حكومة الإقليم ووفد وزارة النفط الاتحادية، شهد مناقشة عدة قضايا أساسية، من بينها تحديد كميات النفط اللازمة للاستهلاك المحلي في الإقليم وفق الاحتياجات الفعلية، أسوةً بباقي أنحاء العراق. وأوضح الجانب الاتحادي أن استئناف التصدير يتطلب موافقة رئيس مجلس الوزراء الاتحادي".
كما شدد الوفد التفاوضي لحكومة الإقليم، وفق البيان، على "ضرورة الاتفاق على آلية واضحة لدفع مستحقات شركات الإنتاج والنقل، وفق ما نص عليه القانون، وهو أمر يتطلب مناقشة مع وزارة المالية الاتحادية".
واختتم البيان بدعوة الحكومة الاتحادية إلى "الإسراع في حسم هذه الملفات واستحصال الموافقات اللازمة لضمان استئناف التصدير في أقرب وقت ممكن عبر شركة (سومو)، وإيداع إيراداته في الخزينة الاتحادية لتعظيم الموارد المالية بما يخدم الصالح العام".
جاء هذا البيان في سياق أزمة مستمرة بشأن تصدير النفط من إقليم كردستان، والتي تصاعدت بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا عام 2022، الذي اعتبر قانون النفط والغاز لحكومة الإقليم غير دستوري، مطالبا بربط تصدير النفط بالحكومة الاتحادية.
ومنذ ذلك الحين، جرت مفاوضات متكررة بين أربيل وبغداد للوصول إلى اتفاق يضمن استئناف التصدير ضمن الإطار القانوني الجديد.
وفي منتصف عام 2023، تم التوصل إلى اتفاق مبدئي ينص على تسويق النفط عبر شركة “سومو” وإيداع إيراداته في الخزينة الاتحادية، مع تخصيص حصة من العائدات لحكومة الإقليم. إلا أن تنفيذ الاتفاق تعثر بسبب خلافات حول آليات دفع مستحقات شركات النفط العاملة في الإقليم، وحصة الإقليم من الإيرادات، بالإضافة إلى تحديد كميات النفط المخصصة للاستهلاك المحلي.
وفي مطلع الشهر الجاري، أعلن وزير النفط حيان عبد الغني، الشروع بإجراءات تسليم نفط إقليم كردستان إلى شركة التسويق (سومو)، وقال عبد الغني إن "وزارة النفط بدأت تحركاتها مع حكومة الإقليم من خلال توجيه كتاب رسمي لتسليم النفط بشكل أصولي إلى شركة التسويق (سومو)"، مؤكدًا، "على تمكين الحكومة الاتحادية من استلام منتجات نفط الإقليم وتصديره عبر الشركة الوطنية".
وأشار إلى، أن "هناك إجراءات مع الحكومة التركية لتهيئة الخط العراقي – التركي لتصدير النفط من خلال ميناء جيهان".
وأوضح عبد الغني، أن "الكميات المحددة لا تقل عن 300 ألف برميل يوميا من نفط الإقليم تسلم إلى وزارة النفط الاتحادية يتم تصديره عبر الأنبوب العراقي التركي"، منبها إلى، أن "الديون التي بذمة إقليم كردستان يجري الاتفاق عليها بين الطرفين".
وعبّر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن تقديره للخطوة المسؤولة والبناءة من جانب مجلس النواب، بإقرار تعديل قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنوات المالية 2023-2024-2025، قانون (13 لسنة 2023)، على وفق نص التعديل الذي ورد من مجلس الوزراء فيما دعا كلًا من حكومة إقليم كردستان العراق، بمؤسساتها المختصة، ووزارة النفط الاتحادية، إلى المباشرة والعمل فورًا بهذا التعديل؛ من أجل الاستثمار الأمثل لثرواتنا الطبيعية، وعلى وجه الخصوص الثروة النفطية، ولتكن هذه الثروة عاملًا لتدعيم الاستقرار، ودافعًا إلى المزيد من إنجاز الخطط والبرامج التي تلاقي حاجات أبناء الشعب العراقي.
وفي مطلع العام الجاري، فجّر المعارض الكردي محمد شريف، فضيحة متعلقة بإقليم كردستان الذي يواصل تهريب النفط خارج الحدود، إذ تم الكشف عن تهريب 350 ألف برميل نفطي يومياً إلى تركيا، مؤكدا أن حكومة كردستان تدّعي خسارة ما يقارب 25 مليار دولار بسبب منع الحكومة الاتحادية تصدير النفط إلى الإقليم.
وقال شريف، إن "حكومة الإقليم صرحت بأنها مديونة بمبالغ مالية تصل الى 36 مليار دولار إلا أنها مستمرة في تهريب النفط وتصدّر 350 الف برميل يومياً إلى تركيا".
وأضاف، إن "الأزمة المالية تتفاقم بشكل كبير وسريع لا تصدق، بل إنها باتت تؤثر على كل مواطن في الإقليم"، مطالباً "بتطبيق قرارات المحكمة الاتحادية وتوطين الرواتب في البنوك الاتحادية".
وأشار الى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني في العام الماضي قام بتهريب 112 مليون برميل عن طريق الصهاريج".
من جهته، كشف الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، وجود منافذ تهريب للمشتقات النفطية من إقليم كردستان إلى تركيا خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية.
وقال السعدي، إن "منافذ حدودية في مناطق إقليم كردستان غير نظامية وخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية يتم من خلالها تهريب كميات كبيرة من المشتقات النفطية الى تركيا على الرغم من الإجراءات المشددة من قبل الحكومة المركزية لملاحقة المتورطين بعمليات التهريب إلا أنها لا تزال مستمرة دون توقف".
وأضاف، إن "خسائر العراق من عمليات تهريب المشتقات النفطية الى تركيا بالإضافة الى هبوط أسعار النفط كبيرة، حيث إن انخفاض كل برميل دولار واحد سيضر العراق سنويا مليار و 200 مليون دينار ناهيك من الخسائر المادية الكبير الناجمة من توقف ميناء جيهان التركي لتصدير النفط الخام حيث يصدر العراق سابقا نحو 400 الف برميل يوميا".
وتابع السعدي، قائلا إن "عمليات تهريب النفط العراقي الى تركيا لم تتوقف على الرغم من توغل الجيش التركي باتجاه مناطق شمال العراق وتجري بشكل سري أمام مرأى ومسمع قوات الجيش دون وجود اي تأثيرات على عمليات التهريب".
وتستمر منذ أعوام طويلة عمليات تهريب النفط من إقليم كردستان لتسجل أرقاما مهولة لا يعود منها دولار واحد إلى خزينة الدولة العراقية، حيث يتم بيع برميل الخام بأقل من نصف سعره في الأسواق العالمية وبكميات لا تقل عن 350 ألف برميل يوميا، وعلى الرغم من تصريحات العديد من النواب والمسؤولين في الحكومة الاتحادية إلا أن أي إجراء على أرض الواقع لم يتم اتخاذ لوقف عمليات التهريب هذه.
وفي هذا الصدد، قال مقرر حزب الموقف الكردي المعارض، وعضو برلمان إقليم كردستان السابق، علي حمه صالح، إنه “منذ أشهر نجمع المعلومات حول نفط إقليم كردستان، حيث ينتج يوميا أكثر من 350 ألف برميل، ويتم تهريب هذه الكمية إلى تركيا عن طريق شركات حزبية مثل شركة نفط شيخان”.
وأضاف صالح، إن “الطن الواحد من النفط يباع بـ270 دولارا، أي بما معناه أن سعر برميل النفط الواحد يباع بـ35 دولارا بينما يباع سعر النفط العراقي نفسه بنحو 80 دولارا للبرميل الواحد”.
وأشار إلى أن “العائدات المالية لا تدخل إلى ميزانية وزارة المالية في حكومة الإقليم، ولا الخزينة العامة، بل تذهب إلى جيوب الأحزاب الحاكمة، التي تقوم بتهريب النفط”.