بفعل أزمة الدولار.. الأسواق العراقية تواجه الركود الأكبر منذ مطلع 2022
انفوبلس/..
تزداد التحذيرات من تضخم جديد يضرب أسعار المواد في الأسواق المحلية العراقية جراء الارتفاع المفاجئ والمتذبذب في صرف الدولار مقابل الدينار، وسط ركود اقتصادي بات يسيطر على حركة التجارة في عموم المحافظات العراقية.
تشهد الأسواق العراقية ركودًا هو الأكبر في العام 2022 بفعل ارتفاع أسعار صرف الدولار
وعلى مدار الأيام الماضية، تذبذب سعر صرف الدولار في محال الصيرفة، وتجاوز 153 ألف دينار لكل مئة دولار، الأمر الذي أسفر عن اضطراب الحركة التجارية في الأسواق، فيما يواصل البنك المركزي العراقي بيع العملة الصعبة في مزاده إلى المصارف بشكل انسيابي، مما أثار تساؤلات عن أسباب هذا الارتفاع.
وكان البنك المركزي، أعلن رفع الحصة الأسبوعية من مبيعات الدولار النقدية في مزاد العملة، بهدف السيطرة على أسعار الصرف.
ركود.. وتضخم متوقع
يقول أحد التجار المختصين ببيع الملابس في بغداد، إن "الأسواق بفعل ارتفاع أسعار صرف الدولار تشهد الآن ركودًا غير مسبوق وهو الأكبر في العام الجاري"، مبينًا أن "جميع المواد في الأسواق سجلت ارتفاعًا ملحوظًا بسبب الدولار".
ويوضح التاجر، أن "الحكومة من تتحمل مسؤولية ما يحدث في الأسواق لكونها لا تسيطر على المضاربين بأسعار الدولار"، مؤكدًا أن "هذا الركود والارتفاع في الأسعار يسبب تضخمًا كبيرًا في عموم أسواق المحافظات وليس في العاصمة بغداد فقط".
ويشهد العراق ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية على وجه التحديد وأبرزها (القمح، زيت الطعام، بيض المائدة وغيرها)، الأمر الذي عبر عنه العراقيون باستياء وسخط كبير.
شهدت أسعار السلع ارتفاعًا كبيرًا طال حتى المنتجات المصنعة في العراق
فيما يقول أبو محمد، وهو متبضع في أحد أسواق بغداد، إن "جميع السلع شهدت ارتفاعًا خلال الأيام القليلة الماضية، خصوصًا المواد الغذائية"، مبينًا أن "الارتفاع وصل إلى المنتجات التي تصنع في العراق والتجار دائمًا ما يلقون اللوم على أسعار الدولار".
ويشير أبو محمد، إلى أن "المواطن هو المتضرر الوحيد جراء ما يحصل من عمليات فساد تحيط بقضية الدولار"، مستطردًا بالقول إن "الحكومة لا تريد إيجاد الحلول لهذه الأزمة والدليل على ذلك هو عدم إغلاق نافذة بيع العملة التي يشوبها الكثير من الفساد".
ووفقًا لحديث الخبراء، فأن أسباب تأثر العراق بشكل كبير بأسعار الدولار يعود لاستيراد أغلب السلع والمواد الغذائية، وبالتالي فأن السوق يعتمد بصورة أساسية على سعر الدولار وكلما ارتفع سعر الدولار ارتفعت الأسعار في الأسواق لجميع المواد المستوردة.
اقتصاد مهزوز
في المقابل، يرى استشاري التنمية الصناعية والاستثمار عامر الجواهري، أن "الاقتصاد العراقي يعد مهزوزًا لما يسببه تذبذب الدولار في السوق"، مبينًا أن "هناك العديد من العوامل تؤثر على رفع أسعار الدولار في الأسواق أبرزها ما يطرح في الأسواق من العملة الصعبة قليل جدًا".
ويضيف الجواهري، أن "هناك ضغوطًا تمارس على الحكومة بشأن أسعار الدولار، فضلًا عن شائعات تلاعب تغيير سعر صرف الدولار في موازنة العام المقبل بأسعار العملة في الأسواق السوداء".
ويتابع الجواهري حديثه قائلًا، إن "المضاربات بالدولار هو جانب آخر يؤثر على تذبذب الأسعار محليًا وله عوامل سلبية كبيرة على الأسواق"، مشيرًا إلى أن "إرسال الموازنة والكشف عن قيمة الدولار المعتمد فيها سيحد بشكل نهائي من عملية التذبذب".
وصف خبراء الاقتصاد العراقي بالمهزوز، فيما توقع آخرون انتهاء حالة التذبذب في سعر صرف الدولار بعد إرسال موازنة 2023
وبحسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي فأن هناك تسارعًا في نمو الاقتصاد العراقي إلى 9.3 بالمئة نهاية العام 2022، محتلًا بذلك المركز الأول بين الاقتصادات العربية.
كما أظهر تقرير تابع لمجلة "الإيكونوميست" الاقتصادية العالمية، أن العراق ضمن الدول الأكثر نموًا للاقتصاد في الشرق الأوسط لعام 2023، فيما توقعت أن يصل التضخم فيه نحو 4.8 بالمئة.
نظام جديد وراء الأزمة
ووفقاً لتقديرات سابقة للخبراء الاقتصاديين، فإن مستوى التضخم السنوي في العراق ارتفع لشهر تموز/يوليو الماضي بمقدار 12.3% مقارنة مع نفس الفترة من عام 2019، ليصل الرقم القياسي في تموز/يوليو من 2022 إلى 117.8، وهي أعلى نسبة تضخم سجلت منذ أكثر من عشر سنوات.
إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، إن "أسباب التضخم الحالي الذي يضرب السوق يعود إلى ارتفاع سعر الدولار بسبب إدخال البنك المركزي العراقي نظام العمل بتطبيق المنصة الإلكترونية لغرض ربط البنوك في العراق عبر الشبكة العنكبوتية معه".
هذا التطبيق، والكلام للسعدي، يجب أن تدون فيه معلومات كاملة عن التحويل والمصرف القائم بالتحويل والبنك المراسل ومعلومات عن المواد التي تستورد.
العمل بالمنصة الإلكترونية من قبل البنك المركزي العراقي أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار
ويشير الخبير الاقتصادي، إلى إخفاق بعض البنوك في تزويد البنك المركزي بهذه المعلومات، مما أدى إلى رفضها ومن ثم إعادة تعبئتها وهذا يتطلب وقتًا إضافيًا، الأمر الذي أسفر عن نقص في كمية الدولار المعروض ونظرًا للطلب على الدولار فقد ارتفع سعره.