بنحو 8 ملايين طن.. العراق يحقق الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة ويتجه للتخزين ويفكر بالتصدير
انفوبلس..
مع انتهاء موسم تسويق الحنطة في 9 محافظات وسطى وجنوبية، أعلن العراق الاكتفاء الذاتي من المحصول والاتجاه نحو زيادة الخزين الاستراتيجي مع وجود خطط ودراسات لتصدير الفائض أو تحويله إلى المصانع الأهلية لإنتاج "طحين الصفر" والتوقف عن استيراده.
إعلان تحقيق الاكتفاء
وزير التجارة أثير الغريري، أعلن في بيان له، إن "الموسم التسويقي انتهى في (9) محافظات من الوسط والجنوب"، مؤكدا "تخطي العراق مرحلة الاكتفاء الذاتي والعمل على زيادة الخزين الاستراتيجي من الحنطة".
من جانبه، أكد مدير عام الشركة العامة لتجارة الحبوب حيدر الكرعاوي، "نجاح خطة التسويق لمحصول الحنطة المحلية لعام 2024 في (9) محافظات وسطى وجنوبية، حيث بلغت نسبة متوسط معدل الزيادة من محصول الحنطة المحلية مقارنةً بالعام الماضي قرابة 21 بالمئة".
ولفت، إلى "الدور الكبير لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوادني، ووزير التجارة، اللذَين أكدا على النجاح منذ انطلاق الموسم".
وأشاد، "بالجهود الكبيرة والاستثنائية للعاملين في كافة مواقع الشركة والجهات الساندة والرقابية والأجهزة الأمنية التي تضافرت للوصول إلى هدف النجاح الأكبر في تاريخ شركة تجارة الحبوب".
إحصائيات وزارة التجارة
وفي الخامس والعشرين من أيار الماضي، أحصت وزارة التجارة، الأموال المخصصة لتسويق الحنطة، فيما أعلنت عن دراسة خيار تصدير محصول الحنطة بعدما أكدت تحقيقها الاكتفاء الذاتي.
وقال مدير عام الشركة العامة لتجارة الحبوب حيدر الكرعاوي أحد تشكيلات وزارة التجارة، إن" المبالغ المرصودة هذا العام خُصصت لـ 6 ملايين طن من المحاصيل وبلغت بحدود 5 تريليونات و800 مليار دينار وتأتي بشكل متسلسل".
وأضاف، إنه" قبل موسم التسويق تم تحويل 500 مليار دينار إلى الشركة العامة لتجارة الحبوب وقبل استلام أي كمية قامت الشركة بتوزيع المبالغ على المحافظات الجنوبية باعتبارها أول المحافظات التي تم استلام كميات المحاصيل منها"، مبيناً أن "كمية المبالغ المستلمة لغاية الآن بلغت 2 تريليون ونصف التريليون دينار بقرابة نصف المبلغ المخصص لموسم الحصاد".
وأوضح الكرعاوي، إن "الوزارة تدرس عمليات تصدير محصول الحنطة لاسيما أن كميات الحنطة لهذا العام ستبلغ 7 ملايين و800 ألف طن وحاجة العراق الفعلية مع الخزين الاستراتيجي تبلغ 6 ملايين طن"، مشيراً إلى أن "الفائض ستقوم الوزارة ببحث عملية تصديره خارج العراق أو التنسيق مع المطاحن الأهلية وتسليمها المحاصيل الزائدة لإنتاج الطحين الصفر وعدم الاعتماد على الطحين الصفر المستورد خاصة أن تلك المطاحن تحتاج إلى حنطة مستوردة تُخلط مع الحنطة المحلية لغرض إنتاج الطحين الصفر وفي النهاية سنقدم دراستنا لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار الأخير".
وبالحديث عن الاكتفاء الذاتي، بين مدير عام الشركة العامة لتجارة الحبوب حيدر الكرعاوي، إنه "من العام الماضي وعندما استلمنا 5 ملايين و 194 ألف طن كان لنا الاكتفاء الذاتي وحاجتنا الفعلية لتلك المحاصيل هي 4 ملايين و700 ألف طن والخزين الاستراتيجي يبلغ مليوناً و 350 ألف طن لثلاثة أشهر"، منوهاً بأن: "موسم التسويق بدأ في 11 نيسان، وكان لدينا مليون و600 ألف طن حصة لأربعة أشهر وهذه لم يحدث بتاريخ العراق ولحد الآن في موسم التسويق استلمنا مليونين و400 ألف طن وإلى الآن ومع خزين عام الماضي لدينا خزين يبلغ 3 ملايين و 500 ألف طن من المحصول، ويعتبر حصة تموينية وخزيناً استراتيجياً، ونحن مستمرون بالاستلام ومن المتوقع استلام ما بين مليونين ونصف المليون طن إلى 3 ملايين طن، ونُطمئن الشعب العراقي أننا لا نحتاج لاستيراد الحنطة أبداً مهما بلغت الظروف".
وقال الكرعاوي، إن "موسم الحصاد في المحافظات الغربية بدأ من الأنبار التي تزامنت مع بغداد وبعدها ديالى وصلاح الدين وكركوك وأخيراً نينوى التي كانت آخر محافظة تحصد الحنطة والآن أصبح العدد 15 محافظة".
وأضاف: "نتوقع أن يكون التسويق بالمحافظات الغربية أكبر كمية من العام الماضي إذ من المتوقع أن تتجاوز محافظة نينوى المليون طن، وستلامس صلاح الدين أيضاً عتبة المليون طن، فضلاً عن كركوك التي من الممكن أن تتجاوز النصف مليون طن، والأنبار من الممكن أن تزيد الكميات بعدد أكثر من العام الماضي الذي بلغ 386 ألف طن".
وبخصوص موجة الأمطار الغزيرة التي شهدتها البلاد خلال الشهر الماضي ومدى تأثيرها على المحاصيل أوضح الكرعاوي، إنه "قبل بداية موسم الأمطار بخمسة أيام وجهنا جميع فروعنا بعملية التغطية، وذلك لأن أكثر كميات المحاصيل كانت في الساحات، وتعتبر هذه المرة الأولى التي تشهد بها البلاد هكذا أمطار في موسم التسويق، وقمنا باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على المحاصيل"، مؤكداً أنه "تم أيضاً توجيه جميع الفلاحين بالمباشرة بالحصاد وجلب محاصيلهم إلى السايلوات من أجمل ضمان عدم تضرر المحاصيل لديهم، وأن البعض تمكن من جلب الكميات، والبعض الآخر تأخر في الحصاد، والأمطار أضرّت بعض المحافظات مثل ميسان وواسط والمثنى فيما تضررت بعض المناطق في كركوك وديالى".
وأشار إلى، أن "الشركة بعد انتهاء الأمطار وجدت أن هنالك تغيراً أصاب المحاصيل واتخذت إجراءاتها لإبعاد الضرر والخسارة عن الفلاحين".
نتائج متوقعة
وفي منتصف نيسان الماضي، ومع بداية موسم الحصاد السنوي لمحصول الحنطة في المحافظات العراقية، ووسط الحديث عن تجاوز مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي المتحققة خلال العام الماضي، ظهرت تساؤلات عن تأثير زيادة الكميات المسوقة من الحنطة على كمية الاستيراد السنوية من باقي الدول، وكذلك تأثيره على سعر منتجات الطحين في السوق المحلية العراقية.
وأكد في حينها المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، إن "التقديرات تشير إلى تجاوز مرحلة تحقيق الاكتفاء الذاتي المتحققة خلال العام الماضي بواقع إنتاج خمسة ملايين و200 ألف طن"، مشيرا الى أن "الحديث يجري حول تحقيق 7 ملايين طن، وهذا قد يحدث لأول مرة في تاريخ العراق من حيث كميات الحنطة، ما يعزز استقرار العراق الغذائي، ويعني تجاوز مرحلة صعبة كنا نعاني منها عندما يكون العجز بمحصول الحنطة أكثر من 50٪، ونضطر إلى استيراده من خارج العراق، وما يعنيه ذلك من عملة صعبة وتخصيصات مالية كبيرة جدا".
ويبين، إن "وزيرة الزراعة في إقليم كردستان قامت بزيارة لمقر وزارة الزراعة الاتحادية، وتوصلنا إلى تفاهم في الموسم الماضي، وسنتوصل لتفاهم هذا الموسم أيضا، إذ إن الفلاح في إقليم كردستان هو فلاحنا أين ما كان"، لافتا الى أن "الحديث عن 7 ملايين، يعني في عموم العراق، وليس بشكل جزئي".
وأضاف، إن "ما تتم زراعته في إقليم كردستان، تقوم وزارة التجارة الاتحادية باستلامه ضمن تخصيصات الحكومة الاتحادية، من دون أن تدفع حكومة إقليم كردستان أي مصاريف"، وفق ما يقول الخزاعي. ويضيف، إن المحصول "يُسوَّق إلى الصوامع الخاصة بوزارة التجارة الاتحادية، وبالتالي يتم صرف مستحقات الفلاحين في السليمانية وأربيل ودهوك ضمن تخصيصات الموازنة الاتحادية".
في المقابل، أعلنت الشركة العامة لتصنيع الحبوب التابعة لوزارة التجارة في العراق، أن البلاد ستحقق الاكتفاء الذاتي من مادة الحنطة هذا الموسم، حيث من المتوقع أن يتجاوز الإنتاج 6 ملايين طن، فيما أكدت على جاهزية مطاحنها للتعامل مع الكميات المسوقة بشكل كامل.
وتحتاج السوق المحلية سنويا حوالي 4.2 مليون طن لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح ويضاف نحو مليون طن مستورد يُخلط لأغراض الجودة مع القمح المحلي الذي لا تتوفر فيه مادة الجلوتين بالنسبة المطلوبة، وفق وزارة التجارة.
إحصائيات السنوات الماضية
رئيس مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والإستشارات الاقتصادية منار العبيدي، يقول إنه بمراجعة بيانات كميات الحنطة المزروعة وكميات الحنطة المستوردة من الدول الرئيسية لاستيراد الطحين والحنطة وهي كل من تركيا واستراليا والولايات المتحدة وكذلك مراجعة أسعار الطحين في الاسواق المحلية، لا نجد أي تأثير لكميات الحنطة المسوقة على الكميات المستوردة او على سعر الطحين في الاسواق المحلية.
ويكشف العبيدي في إحصائيات نشرها عبر صفحته عبر الفيسبوك، إنه بحسب بيانات وزارة التجارة نجد أنه في سنة 2020 بلغت كمية الحنطة المسوقة 6.2 مليون طن، بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 1.3 مليون طن وبلغ معدل سعر الطحين الأبيض 1137 دينارا للكيلو الواحد.
ويضيف، بينما في سنة 2022 بلغ مجمل الحنطة المسوقة 2.7 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 1.5 مليون طن وبلغ معدل سعر الطحين الابيض في السوق المحلية 1333 دينارا حسب بيانات وزارة التخطيط، اما في سنة 2023 فبلغ كمية الحنطة المسوقة 4.2 مليون طن بالمقابل بلغت كمية الطحين والحنطة المستوردة من الدول الثلاث 2.1 مليون طن وبلغ معدل الطحين في السوق المحلية 1420 دينارا للكيلو غرام الواحد.
ويوضح، إنه من خلال مراجعة البيانات للسنوات السابقة لكميات التسويق وكميات الحنطة والطحين المستورد وأسعار الطحين في السوق المحلية نجد عدم وجود تأثير مباشر لكمية الحنطة المسوقة لا على الكميات المستوردة ولا على سعر الطحين في السوق المحلية.
ويلفت الى، أن الأمر الذي يدفعنا الى تساؤل مهم وهو إن كانت كمية الحنطة المسوقة لا تؤثر على كميات الاستيراد ولا على سعر الطحين في السوق وبالتالي سعر المنتجات الرئيسية للطحين من الخبز والصمون فما الفائدة الحقيقية من زيادة إنتاج الحنطة والدعم الكبير المقدم لزراعة الحنطة؟ والسؤال الآخر الذي، هل تمتلك الحكومة استراتيجية واضحة لتقليل الكمية المستوردة من الحنطة او الطحين من خلال زيادة الانتاج وتحسين نوعية المنتج بالشكل الذي يضمن استخدامه بمختلف منتوجات الحنطة؟ وهل ستعمل كمية الحنطة المسوقة على تقليل أسعار الطحين في السوق المحلي وبالتالي تقليل أسعار المخبوزات والتي لها أهمية نسبية كبيرة بنسب التضخم؟
ويبين، إنه لا ننكر أهمية الدعم المفروض للقطاع الزراعي والتشجيع على الزراعة ومقدار مساهمتها بالناتج المحلي وتحقيق الامن الغذائي ولكن يجب أن يكون هذا الدعم مدروساً وذات مخرجات تتوازى مع حجم الدعم المقدم لهذا القطاع من أجل العمل على استدامته وتقليل الدعم شيئا فشيئا على القطاع الزراعي من أجل القدرة على استدامته بعيدا عن الدعم المعرض للتوقف مع أي انهيار في أسعار النفط عالميا.
ويعتمد العراق بالدرجة الأساس على الحنطة في إنتاج مادة الطحين ضمن مفردات السلّة الغذائية، إذ يُعد العراق من الدول التي تضع الخبز ضمن المواد الأساسية للغذاء على موائد العراقيين.
الأسعار العالمية وتشجيع الزراعة
أما بالنسبة لأسعار الحنطة العالمية، فقد كشف خبراء اقتصاد في العراق أن أسعار القمح العالمية حاليا تتراوح بين 250-300 دولار للطن، وبالتالي فإن معدل الطن الواحد من القمح عالميا يبلغ بالدينار العراقي ما بين 360 ألف الى 450 ألف دينار.
وأضافوا، إن الحكومة العراقية قامت بتثبيت سعر الحنطة المسوقة محليا بمقدار 850 ألف دينار للطن الواحد ما يمثل بحدود 90% زيادة عن السعر العالمي، وهو نوع من التشجيع للمزارع الحقيقي العراقي ولتشجيع الزراعة المحلية.
يشار إلى أن المجلس الوزاري العراقي للاقتصاد قد قرر يوم 18 من شهر آذار/ مارس الماضي، اعتماد سعر 850 ألف دينار للطن الواحد من محصول القمح لهذا الموسم الزراعي فقط، على أن تقوم وزارتيّ الزراعة والتجارة بدراسة أسعار شراء القمح للمواسم المقبلة على أسس محددة (أسعار السوق العالمية وتكاليف الإنتاج الواقعية وأية متغيرات أخرى) مع الأخذ بعين الاعتبار تمييز المزارعين الذين يستخدمون طرق الري الحديثة.
وتسببت التحولات البيئية جراء الجفاف بتراجع المساحات المزروعة في العراق إلى النصف. وفي حين تبلغ المساحات الصالحة للزراعة حالياً 14 مليون دونم، لن يتمكن العراق من زراعة سوى أقل من ثلث هذه المساحة فقط ضمن الخطة الزراعية الشتوية، وفق ما تذكر تصريحات رسمية.
وزارة الموارد المائية أكدت في بيان سابق أنها اتفقت على زراعة 5.5 ملايين دونم للموسم الشتوي 2023 – 2024، وهي تساوي المساحة المزروعة في الموسم الزراعي الشتوي الماضي 2022 – 2023. وتشمل زراعة 1.5 مليون دونم على المياه السطحية و4 ملايين دونم على المياه الجوفية، إضافة إلى الاستمرار بتأمين المياه للاحتياجات الأخرى بالنسبة للاستخدامات المدنية والبيئية وسقي البساتين بمساحة 1.1 مليون دونم.