بنك مورغان يزيد من هيمنته على تفاصيل الاقتصاد العراقي.. اجتماع البنك المركزي مع الأمريكان يخرج بنتائج أكثر "إذلالاً"
انفوبلس/..
ضجّت المواقع الإخبارية ووكالات الأنباء المحلية العراقية صباح اليوم السبت، بنشر نتائج اجتماع عُقد في دولة الإمارات بين البنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي بشأن عمليات التحويلات الخارجية لتغطية الاستيرادات وتعزيز أرصدة المصارف بالدولار، لكن مراقبين للشأن الاقتصادي رأوا بهذه النتائج "أكثر إذلالاً من السابق".
وفي أسلوب مستغرَب، عمد مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى نشر نتائج اجتماع البنك المركزي مع الجانب الأمريكي في أبو ظبي، إلى عدد من وسائل الإعلام وبشكل خاص وبتسمية "مصدر حكومي" فيما لم ينشره على صفحة رئاسة الوزراء الرسمية أو حتى على صفحات ومواقع البنك المركزي كبيان رسمي.
*النتائج
كشف مصدر حكومي، اليوم السبت، مخرجات اجتماع عُقد بين البنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي بشأن عمليات التحويلات الخارجية لتغطية الاستيرادات.
وقال المصدر، إن "الأيام القليلة الماضية شهدت انعقاد اجتماعات مكثّفة ما بين وفد من البنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي المسؤول عن عمليات التحويلات الخارجية لتغطية الاستيرادات، في أبو ظبي".
وأضاف، إن "المفاوضات تكلَّلت عن جملة من القرارات والآليات التي تُسهم في تسهيل الإجراءات الخاصة بالتحويلات الخارجية المتعلقة بالاستيرادات من خلال نافذة بيع العملة الأجنبية، حيث تم: ـ
ـ الاتفاق على تعزيز رصيد مسبق لخمس مصارف عراقية في حساباتهم بالدولار لدى المصارف الأردنية والحوالات عن طريق jp morgan.
ـ حل المشاكل المتعلقة بالحوالات المرفوضة وتم الاتفاق بأن يكون رفض الحوالات مستنداً لأسباب قوية.
ـ كما جرت اجتماعات أخرى جمعت أحد المصارف الإماراتية والبنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي لتنفيذ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي للمصارف العراقية UAE Dirham pilot".
وتابع، إن "الأمور تسير على ما يرام بهذا الجانب حيث تم حسم جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالموضوع، ومن المتوقع أن تبدأ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي خلال الأيام القليلة المقبلة".
وأكد المصدر (الذي فضل عدم كشف اسمه)، إن "هناك مفاوضات جدّية وصلت إلى مراحلها الأخيرة لتعزيز أرصدة بعض المصارف العراقية باليورو لدى مصرف يوبافUBAF ؛ لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي".
وفي ذات السياق، أشار إلى "زيادة عدد المصارف التي يتم تعزيز أرصدتها باليوان الصيني من خلال مصرف التنمية السنغافوري، حيث تم فتح حسابات لـ6 مصارف عراقية في هذا المصرف وسيتم خلال الفترة القادمة إضافة 7 مصارف أخرى لتمويل التجارة والاستيرادات العراقية من الصين، حيث تُقدّر تلك الاستيرادات بنحو 12 مليار دولار سنوياً".
وتابع حديثه: "كما تم البدء بفتح حسابات مصرفية بالروبية الهندية لعدد من المصارف العراقية في ذات المراسل مصرف التنمية السنغافوري (فرع نيودلهي)، وفعلاً تمت عمليات تعزيز الرصيد لمصرفين عراقيين كمرحلة أولى".
وتوقع، أن تُساهم "هذا الآلية في تمويل استيرادات العراق من الهند وخاصة الأدوية والمواد الغذائية والتي تُقدّر بنحو 3 مليارات دولار".
*خطط بديلة
ومع الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار مقابل الدينار وعدم قدرة البنك المركزي على السيطرة على السعر في السوق السوداء، يبدو أن البنك لجأ إلى خطط بديلة لكنه ما زال لا يفصح عنها علانية ويحاول بثّها عن طريق وكالات الأنباء من خلال مصادر حكومية لم تسمّ نفسها!
ومع مطالبة بعض أعضاء مجلس النواب بعقد جلسة طارئة لمجلس النواب لمناقشة الموضوع، واستضافة المسؤولين في البنك المركزي، أكد عضو اللجنة المالية معين الكاظمي، أنه "لا وجود لجلسة طارئة لمجلس النواب بخصوص ارتفاع أسعار الدولار واستضافة محافظ البنك المركزي". مبينًا، أن "هذا الأمر رأي شخصي لأحد أعضاء اللجنة ولا يمثل رأيها بالكامل".
وأوضح الكاظمي، أن "سبب استمرار ارتفاع أسعار الدولار هو تعقيدات البنك الفيدرالي الأمريكي ورفضه الكثير من الحوالات". مشيراً إلى، أن "هناك سياسة متعمدة من قبل البنك الفيدرالي لتعقيد الحوالات الصادرة من البنك المركزي العراقي وعدم إطلاقها إلى المستفيدين النهائيين في الدول المختلفة مما يدفع التجار إلى اللجوء إلى السوق السوداء وبذلك يستمر سعر الدولار في الارتفاع".
*إجراء لن يعيد السيطرة على الدولار
وحول إجراءات البنك المركزي الأخيرة المتعلقة بتعزيز الأرصدة من العملات الأجنبية، أشار مصدر من داخل البنك المركزي إلى، أن "هذا الإجراء لا علاقة له بالسيطرة على سعر صرف الدولار في السوق السوداء". مبينًا، أن "المشكلة الأساسية ليست في تمويل التجارة مع الدول المذكورة، إنما في كيفية تمويل التجارة معها".
وتساءل المصدر: "إذا كان مثل هذا الإجراء قادرًا على تخفيض سعر الصرف في السوق السوداء، لماذا لا يتحلى مسؤولو البنك بالشجاعة للحديث عنه؟"، موضحًا أن "العملية معقدة نوعًا ما وبحاجة إلى قرارات حازمة وحاسمة ولا يمكن السيطرة على السوق الموازي من خلال قرارات لا علاقة لها بالسوق أصلًا".
*هيمنة
وبحسب مصادر أخرى، فإن "بنك جي بي مورغان سيزيد من هيمنته على تفاصيل الاقتصاد العراقي".
وفي 9 حزيران الماضي، التقى محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاَّق، نائب رئيس مصرف جي بي مورغان الامريكي (دانيال زيليكو) في بغداد.
وناقش الطّرفان سبل التعاون بين مصرف جي بي مورغان والبنك المركزي العراقي، واستعداد المصرف الامريكي لدعم عددٍ من المصارف العراقية في عمليات تمويل التجارة الخارجية بعملة الدولار الأمريكي، وفق بيان للبنك المركزي.
وأشاد زيليكو، وفق البيان، "بالإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي العراقي في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واعتماد المعايير الدولية في التحويلات المالية".
ودعا محافظ البنك المركزي العراقي، "زيليكو لفتح مكتب تمثيلي في العراق، واعداً إياه بتقديم الدعم اللازم لتسهيل هذه الخطوة لما تمثله من انعكاسات إيجابية على الاقتصاد العراقي بشكل عام، والقطاع المصرفي بشكل خاص، فيما تطرّق اللقاء الى التعاون المشترك في مجالات إدارة الاستثمارات والدعم الفني والتدريب، في مجالات مختلفة".
وسبق هذا الاجتماع بيوم واحد، وتحديداً في 9 حزيران المنصرم، استقبال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وفداً من مصرف جي بي مورغان الأمريكي، ضمّ نائب مدير المصرف دانيل زيليكو، ومدير مجموعة المصرف الخاصة بالقطاع العام، في منطقة الشرق الأوسط غالي لاراكي، وخلال اللقاء رحَّبَ السوداني بفتح فروع للمصرف في العراق، كما دعا جي بي مورغان إلى استمرار دعمه للبنك المركزي العراقي وتطوير المصرف الصناعي ليكون مؤهلاً للتنمية والاستثمار، مثلما حصل سابقاً مع المصرف العراقي للتجارة.
وسبق لـ "جي بي مورغان" أن تولى عملية التحويلات المالية الخاصة بالتجارة العراقية مع الصين عبر منصة سويفت في شباط الماضي، لتسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى النظام المصرفي الصيني بهدف تمويل استيرادات القطاع الخاص بشكل مباشر.
وكان البنك المركزي العراقي، قد أعلن في 11 شباط الماضي، عن لقاء جمع المحافظ علي العلاق مع نائب رئيس مجلس الإدارة في مؤسسة جي بي مورغان دانيال زيليكو على هامش زيارة الأول لواشنطن آنذاك، وبحسب البيان فقد جرى الاتفاق على قيام مصرف جي بي مورغان بتسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى جمهورية الصين الشعبية لتمويل استيرادات القطاع الخاص بشكل مباشر.
ولـ"جي بي مورغان" دور في عدد من القضايا المتعلقة بإدارة الاحتياطيات العراقية وإدارة السيولة فضلاً عن الدعم الفني المقدم من المصرف المذكور للبنك المركزي العراقي وللقطاع المصرفي في العراق. بحسب بيانات الجهات ذات العلاقة علاوة على حرص الجانب العراقي المستمر لإظهار مدى التزام البنك المركزي بتطبيق المعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز العلاقات مع البنوك المركزية في الدول المنخرطة في المنظومة ذات التعاملات والتداولات مع جي بي مورغان.
ومنذ قرابة العشرة أعوام، تحدث ممثل مصرف جي بي مورغان الأميركي في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا جون كبنز، عن رغبة الشركات العالمية في الدخول إلى السوق العراقية إثر الخروج من طائلة الفصل السابع.