توقيف بطاقات الدفع العراقية دولياً.. قرار يُشعل الشارع وتضارب المواقف يزيد الجدل.. انفوبلس تكشف الحقيقة

انفوبلس/..
مصرف يؤكد وآخر ينفي، حيرة في الأوساط الشعبية، بعد تداول أنباء على نطاق واسع تفيد بتوجه البنك المركزي العراقي لتعليق العمل ببطاقات الدفع الإلكتروني، مثل "ماستركارد" وغيرها، في التعاملات الدولية اعتباراً من شهر حزيران 2025. ومع اقتراب الموعد المحدد، توالت الإعلانات والتصريحات التي تصبّ في الاتجاه ذاته والاتجاه المعاكس.. فأين الحقيقة؟
*بلاغ رسمي
وفي هذا الصدد، أعلن مصرف العراق الأول (FIB) رسمياً لعملائه عن إيقاف آلية تسوية المدفوعات الدولية لبطاقاته.
وأوضح المصرف في بيان، أن "هذا الإجراء سيؤدي إلى توقف خدمة استخدام بطاقاته المصرفية على الصعيد الدولي، مُطَمْئِناً في الوقت ذاته عملاءه بأن البطاقات ستستمر في العمل بشكل طبيعي داخل العراق، وأن جميع خدماته المصرفية الأخرى ستبقى فعّالة بكامل كفاءتها".
ويأتي إعلان المصرف ليعزّز ما صرّح به الخبير الاقتصادي منار العبيدي، اليوم السبت أيضاً، والذي أكد أن عدداً كبيراً من بطاقات الدفع الإلكترونية الصادرة عن مختلف المصارف العراقية ستتوقف عن العمل خارج البلاد اعتباراً من يوم غد الأحد، الموافق الأول من حزيران 2025.
وأرجع العبيدي هذا التوقف المرتقب إلى الإجراءات الجديدة التي اتخذها البنك المركزي العراقي بخصوص آلية تعزيز أرصدة هذه البطاقات.
ووفقاً للعبيدي، فقد ألزم البنك المركزي المصارف العراقية بتحويل أرصدة بطاقاتها المقومة بالدولار الأميركي مباشرةً إلى شركتي "فيزا" و"ماستركارد" العالميتَين، وذلك بشكل حصري عن طريق بنوك مراسلة أميركية. وأشار إلى أن "هذا الشرط المتعلق ببنوك المراسلة الأميركية لا يتوفر حالياً لدى غالبية المصارف العراقية، مما يجعل استمرار عمليات الدفع الدولية عبر بطاقاتها متعذراً".
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن الاستخدام الواسع لهذه البطاقات في تحويل الأموال إلى الخارج بسعر صرف مقارب للسعر الرسمي للدولار قد شكل ضغطاً كبيراً على احتياطيات العملة الأجنبية في العراق، مقدراً حجم الإنفاق الخارجي عبر هذه البطاقات بما يتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار سنوياً.
وكان مصدر مصرفي قد كشف لوسائل إعلام محلية، في شهر نيسان الماضي، عن توجيه للبنك المركزي العراقي للمصارف المحلية بتعليق العمل ببطاقات الماستر كارد في التعاملات الخارجية.
وقال، إن "التعاملات المالية الخارجية ستكون حصراً عبر بطاقة (سويج) من تاريخ 1 حزيران 2025، حيث وجّه البنك المركزي العراقي المصارف المحلية بتعليق العمل ببطاقات الماستر كارد في التعاملات المالية الخارجية".
وبحسب المصدر، فإن "العمل ببطاقة (سويج) الأميركية، سيمنح البنك المركزي إمكانية مراقبة عملها وتحركاتها المالية".
وعلّق المختص في الشأن المصرفي مصطفى أكرم حنتوش بشأن المسألة، وقال إنه "سيكون عمل بطاقات ماستر كارد مقتصر فقط للمصارف الأجنبية العاملة في العراق وكذلك شركة كي كارد، والمصارف المحلية التي لديها بطاقات دفع إلكتروني عليها أن تتفق مع المصارف الأجنبية العاملة في العراق لاستمرار عمل بطاقات الماستر كارد خارجياً، أو أن تتفق مع مصارف أجنبية دولية خارجية".
*نفي من الرافدين
من جهته، نفى مصرف الرافدين، اليوم السبت، إيقاف عمل بطاقات الدفع الإلكتروني.
وقال المصرف في بيان ورد لـ شبكة انفوبلس، إن "الأنباء المتداولة بشأن إيقاف عمل بطاقات الدفع الإلكتروني عارية عن الصحة"، مبينا ان "جميع بطاقات ماستركارد وفيزا الصادرة عن المصرف تعمل بكفاءة كاملة وبشكل طبيعي داخل العراق وخارجه، ولم يصدر أي قرار من شركة ماستركارد أو أي جهة رسمية معنية يتعلّق بإيقافها".
وأضاف، إن "المنظومة المصرفية الرقمية مستمرة في تقديم خدماتها دون أي خلل"، مشيرا الى انه "ملتزم بتأمين تجربة مصرفية مستقرة وآمنة لعملائه في جميع الأوقات".
ودعا المصرف المواطنين إلى "عدم الانجرار وراء الإشاعات المغرضة، واعتماد الأخبار والتحديثات حصريًا من المصادر الرسمية للمصرف".
*ضوابط استخدام البطاقات
في 7 نيسان الماضي، أصدر البنك المركزي العراقي تعميماً جديداً يتضمن ضوابط استخدام البطاقات المصرفية (الائتمانية، المدينة، ومسبقة الدفع) خارج العراق، وذلك في إطار تعزيز الرقابة على المعاملات الدولية وضمان سلامة النمو المستقبلي لمدفوعات التسوية الدولية.
وجاء في التعميم الذي يحمل تاريخ 7 نيسان 2025، وتابعته شبكة انفوبلس، أن تفعيل البطاقات الجديدة للاستخدام خارج العراق سيتم بعد مضي 30 يوماً من تاريخ إصدارها، كما سيتم تزويد الجهات المعنية لاحقاً بقوائم فئات التجار (MCC Codes) ذات العلاقة ضمن الضوابط المحددة.
وأكد البنك المركزي على تعليق هذه القواعد اعتباراً من 20 نيسان 2020، مع إمكانية إعادة النظر فيها دورياً لدعم النمو المستدام لمدفوعات التسوية الدولية.
كما أشار إلى استمرار العمل بالسقوف الحالية للمعاملات الدولية الخاصة بالبطاقات مسبقة الدفع، سواء الصادرة عن المصارف أو شركات خدمات الدفع.
من جهة أخرى، أوضح التعميم أن المسافرين سيستمرون في الحصول على حصصهم من العملة الأجنبية (الدولار) بالسعر الرسمي للبنك المركزي، وفق الإجراءات المعتمدة ضمن منظومة الحوكمة الإلكترونية المطبقة حالياً.
وأكد البنك، في تعميمه، أن السقوف الجديدة تهدف إلى تنظيم استخدام بطاقات الدفع الصادرة عن المصارف العراقية، وتشمل بطاقات الخصم (Debit) والائتمان (Credit)، وفقاً للفئات التالية:
المتقاعدون: 10 آلاف دولار شهرياً أو ما يعادلها.
السفر: 20 ألف دولار شهرياً أو ما يعادلها، ويشمل ذلك حجوزات الطيران والفنادق وتأجير السيارات.
العلاج خارج العراق: 50 ألف دولار شهرياً أو ما يعادلها.
الاستخدامات العامة خارج العراق: 5 آلاف دولار شهرياً أو ما يعادلها.
وأضاف، أن سقف استخدام بطاقات التجار المصرفية خارج العراق سيكون 20 ألف دولار شهرياً أو ما يعادلها.
كما أشار إلى أن تفعيل البطاقات الجديدة (المدينة، الدائنة، مسبقة الدفع) للاستخدام الخارجي سيتم بعد مرور 30 يوماً من تاريخ إصدارها، على أن تطبق هذه القواعد اعتباراً من 8 نيسان 2025، مع مراجعتها بشكل دوري لدعم نمو المدفوعات الدولية.
وأوضح البنك أنه سيقوم لاحقاً بتزويد الجهات المعنية برموز فئات التجار (MCC Codes) المرتبطة بهذه الضوابط، فيما يستمر العمل بالسقوف الحالية للبطاقات مسبقة الدفع الصادرة عن المصارف أو شركات مزوّدي خدمات الدفع.
ووجّه البنك المركزي نسخة من التعميم إلى عدد من الجهات، بما في ذلك دائرة الرقابة على المصارف، مديرية الرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية، المصارف الحكومية والخاصة، فروع المصارف الأجنبية العاملة في العراق، وشركات خدمات الدفع الإلكتروني، داعياً إياهم إلى الالتزام بالضوابط المذكورة.
ويوضح هذا الموقف أن ما يجري ليس عملية إيقاف بل الية جديد ضمن سياق "تعزيز الرقابة على المعاملات الدولية".
*تكامل دولي
في نهاية شباط 2025، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، عن تفاصيل الدفع الإلكتروني في عموم العراق، وفيما أشار الى ارتفاع نسبة الشمول المالي الى أكثر من 40 %، أكد أن البنك حقق تكاملاً دولياً عبر ربط منظومة الدفع الإلكتروني العراقية بشبكات عالمية
وقال العلاق في كلمة له خلال المعرض والمؤتمر السنوي التاسع للمالية والخدمات المصرفية في العراق، إن "هناك خارطة طريق كاملة لرقمنة الخدمات المصرفية عبر الدفع الإلكتروني باعتباره أداة رئيسة للتحول الرقمي إذ بلغ عدد الأجهزة 63 ألف جهاز في محافظات العراق".
وأضاف، أن " عدد أجهزة الصرافات الإلكترونية بلغ أكثر من 4000 جهاز وعدد البطاقات المصرفية حوالي 17 مليون بطاقة".
وتابع، أن "البنك المركزي دعم ترخيص وتشغيل المحافظ الإلكترونية عبر الهاتف النقال التي تتيح الشحن والتحويل ودفع الفواتير ما رفع نسبة الشمول المالي الى أكثر من 40 % مقارنة بـ 20 % قبل ثلاث سنوات".
وأشار الى أن "عدد المحافظ الدائمية بلغ مليوناً و200 ألف محفظة كما حققنا تكاملاً دولياً عبر ربط منظومة الدفع الإلكتروني العراقية بشبكات الدفع العالمية مما يتيح تحول قبول البطاقات الأجنبية محلياً وتوسيع قبول البطاقات العراقية دولياً".
وأوضح، أن "الإنجازات المتحققة في مجال تقنية المعلومات والمدفوعات الالكترونية في البنك المركزي تعد نقلة جوهرية في النظام المالي".
ولفت الى انه "سنكون قريباً أمام تحولات أكبر في عالم يشهد تحولاً رقمياً كبيراً وعصر الهيمنة الرقمية الطاغي، عصر الاقتصاد الرقمي والمعرفي"، مردفاً ان "القيمة السوقية لأكبر الشركات في العالم تتمثل بشركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومنها شركة مايكروسوفت التي تبلغ قيمتها السوقية 3 تريليونات و462 مليار دولار ولا تقل عن ذاك قيمة أبل وأمازون والانترنت ومقارنة بالسنوات الماضية كانت الشركات الصناعية والنفطية هي التي تتصدر الشركات الأكبر قيمة سوقية في العالم وهذا يعكس تحويلاً في الاقتصاد".
واستطرد بالقول: "في إطار هذه الدورة يستعد النظام المالي والمصرفي لتحولات كبرى ومن هذه التحولات ان المصارف الموجودة اليوم لم تكن كما نعرفها وإنما تتحول الى منصات ذكية قائمة على التكنولوجيا كما سيشهد النظام المالي والمصرفي تحولات جوهرية منها".
ونوه بأن "انحسار العملات الورقية لتحل محلها المدفوعات الرقمية بالبنوك المركزي الأمر الذي سيحدث تغييرا كبيرا قي النشاط المالي والمصرفي وستكون له انعكاسات كبيرة على طبيعة الاستثمارات والمعاملات والسيطرة على كثير من الظواهر المعلقة بحركة النقد سواء الاستثمارية أو الاقتصادية".
وبين أن "البنك المركزي العراقي يتحرك لإنشاء عملة رقمية خاصة بالبنك المركزي لتحل تدريجيا محل العملة الورقية وستكون عملية تحول كبرى يجري التنسيق مع الجهات المختصة دوليا وكذلك مع بعض المنظمات في المنطقة والبنوك المركزية في المنطقة العربية ومع صندوق النقد العربي".
وأوضح، أن "من مظاهر التحول التي سنشهدها تغير النمط التقليدي للمصارف"، مستدركاً انه "أنجزنا قبل فترة قليلة نظام التجارة الإلكترونية الذي أقره مجلس الوزراء".
وتابع، أن "التوجه نحو استخدام الروبوتات الاستثمارية التي ستدير أنظمة الذكاء بطريقة أكثر كفاءة ومن المتوقع أن يكون عدد الروبوتات عام 2025 بحدود 20 مليار روبوت"، مستدركاً أننا "نفكر جديا بإنشاء مركز بيانات في العراق وبدأ البنك المركزي يتحرك على الموضوع وسيكون من أكبر المشاريع الاستثمارية قادر على استعمال جميع البيانات".