خضوع مركزي جديد لكردستان.. أطنان من الغاز دون أي مقابل وانفوبلس تكشف كواليس الصفقة
انفوبلس/ تقارير
بعد التكفل بالرواتب، وغض النظر عن التصدير غير القانوني للنفط، وافقت الحكومة المركزية على تزويد إقليم كردستان بأطنان من الغاز السائل، في قرار عُدَّ تكريساً لمبدأ "المشاطرة" الذي تتبعه أربيل مع بغداد، كما عُدَّ "فضيحة" وفق النائب مصطفى سند، وسط معلومات بأن التجهيز سيكون من الناصرية، بمعنى أن الجنوب سينتج الغاز والإقليم يستهلك. فما هي تفاصيل هذه الصفقة؟ وهل سلّم الإقليم الإيرادات النفطية أولاً حتى ينتقل إلى هذه المرحلة؟ إليك أبرز ردود الفعل المستهجنة إزاء ما حدث.
*كواليس ما قبل التجهيز
في الـ 27 من نيسان الماضي، وجهت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، كتاباً رسمياً إلى وزارة النفط المركزية موقَّعاً من الوزير وكالةً، كمال محمد صالح، تطالب فيه بالموافقة والإيعاز إلى الجهات المعنية في الوزارة بتجهيز الإقليم بالغاز لحين استئناف العمل في حقل كورمور إثر استهدافه الأخير.
وأشار بيان وزارة الثروات الطبيعية آنذاك، إلى أن الكميات المطلوبة للمحافظات هي 300 طن يومياً لمحافظة أربيل و260 طناً يومياً لمحافظة السليمانية و160 طناً يومياً لمحافظة دهوك.
*المركز يستجيب
قبل خمسة أيام، وافق رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، على تجهيز إقليم كردستان بـ720 طناً من الغاز يومياً لحين استئناف إنتاج الغاز في حقل كورمور.
بعد ذلك، ردّت وزارة النفط العراقية عبر كتاب رسمي ورد فيه حصول موافقة رئيس الوزراء العراقي على ما جاء في كتاب الثروات الطبيعية بخصوص تجهيز إقليم كردستان بالغاز السائل من قبل الحكومة الاتحادية لحين استئناف العمل في حقل كورمور.
*خنوع لسلطة الإقليم
إلى ذلك، انتقدت أوساط سياسية وشعبية، قرار تجهيز إقليم كردستان بـ720 طنا من الغاز السائل، عادّين القرار بالخنوع لضغوط سلطة الإقليم.
وقال الأستاذ كاظم المرياني في مقال له: "تَعَدٍّ آخر يُضاف الى قائمة التعديات من قِبَل حكومة الإقليم على الغاز السائل، بِداعٍ لا مُبرر له سوى الخنوع للضغط السياسي والتخادم فيه".
وتساءل، "أين يذهب الغاز المُسال الناتج عن حقل كورمور بالإضافة الى حقل جمجمال اللذَين تم التعاقد فيهما مع شركات عِدّة (دانه والهلال، ومع تقادم الزمن دخول شركات أخرى كـ إو ام في ام إو إل آر دبليو دي) منذ عامي 2008 و2009 ومن ثم الأعوام 2018 و2020 و2022 .. حيث كانت نسبة الإنتاج عالية جداً (إنتاج الغاز المسال)؟ وأيـن تذهب أموال ذلك كله؟".
كذلك تساءل، "هـل تستطيع حكومة المركز على إرغام حكومة الإقليم في توفير الغاز للمحطات الكهربائية الغازية الجنوبية بدلاً عن استيراده من دول أخرى؟".
وتابع، إن "الجواب رهين التَفَكر والتدبر والمعاناة الجنوبية، ولكل سامع او قارئ نَبِه وجهنا كلماتنا، ولا عزاء لحقلَي التاجي والناصري في أسِر غازيهما ورهنه لدى الإقليم بعد أن وافقت حكومة المركز طواعيةً على ذلك".
*مصطفى سند يصف قرار التجهيز بـ"الفضيحة"
بدوره، وصف النائب مصطفى سند، قرار الحكومة المركزية بتجهيز إقليم كردستان بـ720 طناً من الغاز السائل بـ"الفضيحة".
ونشر سند وثائق القرار معلقاً بالقول، "طبعاً هذا الكتاب فضيحة، فهو اعتراف واضح من حكومتي أربيل وبغداد على وجود إنتاج (غازي) يتم بيعه (خارج العراق) و(داخل العراق)، لأن غاز المنازل لا يوزع مجاناً، ولا شركات الكهرباء والمصانع التجارية والصناعية تشتريه مجاناً وكذلك المجمعات السكنية، وهذا الحقل أحد الحقول (الغازية والنفطية) التي تنتج خارج سلطة الحكومة المركزية وتجبي المليارات، دون منح خزينة الدولة دينارا واحدا".
ثم قال، "التجهيز من الناصرية"، في إشارة إلى أن الغاز المرسل إلى الإقليم سيتم تجهيزه من غاز الجنوب.
*إرسال الرواتب
لم يكن قرار تجهيز الإقليم بالغاز السائل هو الأول من ناحية "الطلبات والأوامر" لبارزاني، إذ أعلن مصدر في وزارة المالية الاتحادية في تاريخ (1 أيار 2024)، إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان بعد الانتهاء من تدقيق قائمة الأسماء.
وقال المصدر في تصريح تداولته وسائل إعلام كردية، إنه “تم الانتهاء من جميع الإجراءات لإرسال رواتب موظفي الإقليم”، مبينا أن “الرواتب جاهزة ولم تبقَ سوى استشارة الوزيرة”، متوقعا أن “يتم إرسال رواتب شهر نيسان خلال يومين".
وهذا يعني أن المركز بات يرسل الرواتب والغاز وأيضا النفط باعتبار أن الإقليم لم يسلم الإيرادات النفطية له وكما سيتناوله التقرير.
*هل سلّم الإقليم الإيرادات النفطية؟
تزعُم كردستان أنها سلّمت الإيرادات النفطية مؤخرا إلى المركز، لكن المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، أكد في وقت سابق، أنه “لغاية نهاية شهر حزيران الماضي، بلغت الأموال في ذمة الإقليم أكثر من ثلاثة أضعاف حصة الإقليم، حسب الإنفاق الفعلي للدولة، في حين لم تسلم حكومة الإقليم الإيرادات النفطية وغير النفطية كما أوجب تسليمها قانون الموازنة الاتحادية".
وأضاف، أنه “بالرغم من عدم التزام حكومة الإقليم أخذت الحكومة الاتحادية قراراً بعدم تحميل المواطنين العراقيين في الإقليم جريرة عدم الالتزام، وعملنا بما يسمح به القانون باتخاذ قرار في مجلس الوزراء بإقراض الإقليم لحين حسم مشاكله المالية أصولياً”.
النفط: خسائر البلاد بسبب عدم تسليم الإقليم لإيراداته بلغت 6 مليارات دولار
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة النفط أن خسائر اقتصاد البلاد بسبب عدم تسليم إقليم كردستان لإيراداته بلغت 6 مليارات دولار، مشيرة إلى أن ما يسوقه بعض المسؤولين في حكومة الإقليم من تبريرات ومسوغات "غير منطقية وغير واقعية".
وذكرت الوزارة في بيان، عدم إفصاح الإقليم عن نشاطهم النفطي ورفضهم تسليم الإيرادات المتحققة إلى الخزينة الاتحادية طيلة السنوات الماضية 2010، 2011، 2012، 2013 على الرغم من حصول الإقليم على حصته كاملة من الموازنة الاتحادية وبنسبة 17% أدت إلى خسائر تجاوزت قيمتها نحو 119 مليارا و70 مليون دولار”. وأكد أن” الإقليم يرفضون الإعلان عن مصير هذه الأموال والى أين ذهبت”.
*سياسة المشاطرة
بعد ذكر خلفيات لخروقات الإقليم، وبالعودة إلى تداعيات إرسال أطنان من الغاز السائل إلى كردستان، أكد عضو مجلس النواب ثائر الجبوري تعليقا على الموضوع ان حكومة الإقليم تسير بسياسة "المشاطرة" مع بغداد (تأخذ ولا تعطي).
وقال الجبوري في حديث له، إن "سياسة حكومة الإقليم لم تتغير منذ 2003 ولغاية الان"، مبينا ان "مراعاة الدولة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار من كردستان عبر الالتزام بتطبيق المسؤوليات التي تقع على عاتقها".
وتابع، إن "الحكومة مطالبة بتحقيق متطلبات جميع المكونات ومحافظات البلد مع عدم التهاون مع الجهات التي لا تلتزم بالنقاط القانونية"، لافتا الى أن "هنالك العديد من الجوانب التي لا تلتزم فيها حكومة أربيل مع بغداد لغاية الآن".
*خلاصة
لقد تسبب إرسال بغداد لـ720 طنا من الغاز السائل إلى كردستان، بموجة غضب عارمة واستهجان كبير كون الإقليم دأب على حلب المركز دون الإيفاء بالتزاماته وفي مقدمتها الإيرادات النفطية التي وبحسب المعلومات المتوفرة لم تصل منها "فلس" واحد إلى الحكومة الاتحادية.
ما أثار الاستياء أيضا، هو السياسة العدائية لأربيل وطريقة نظرها إلى بغداد كعدو لها عندما تكون بحالة جيدة وكصديق ومنقذ عندما تتعرض إلى ضيق، وهذه هي سياسة المشاطرة التي تعتمدها أربيل مع المركز منذ القِدم.