خط أنابيب النفط بين العراق وتركيا متوقف رغم المفاوضات.. هل اكتفت بغداد بحصتها في أوبك+؟
انفوبلس/ تقرير
بعد مرور أكثر من عام ونصف على إيقاف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي بقرار قضائي دولي، يجري الحديث عن خسائر كبيرة نتيجة ذلك، ترافقها نقاشات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، لاستئناف العمل وفقا لاتفاقيات وآليات جديدة تدرُّ بالمنفعة على الخزينة الاتحادية والموازنة المالية، على عكس ما كان يجري سابقا بدخول الإيرادات لحكومة الإقليم فقط.
وكان العراق قد كسب دعوى للتحكيم رفعها أمام هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية في العاصمة الفرنسية باريس، ضد تركيا بشأن تصدير النفط الخام من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي بدون الرجوع إلى شركة تسويق النفط العراقية "سومو"، - إقليم كردستان كان يستحوذ على كل الإيرادات - وعلى إثر القرار، توقف تصدير نفط كردستان البالغ 480 ألف برميل يوميا في 25 آذار/مارس 2023.
ووفقاً لقرار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة - اعترفت به تركيا - فقد ألزمت المحكمة الجنائية الدولية، تركيا بدفع تعويضات لبغداد تصل إلى 1.5 مليار دولار بسبب الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان بين عامي 2014 و2018.
*تركيا تذكّر العراق بتصدير النفط عبر جيهان
أكد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، أن بلاده لديها حالياً 3 شراكات مع العراق في مجال الطاقة، مشيراً الى أنه من المفيد للعراق أن تكون لديه فرصة لتنويع طرق نقل النفط إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان التركي.
وصرح وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، أن لدى بلاده "إمكانيات تعاون كبيرة" مع العراق في مجال الطاقة، وفقاً للأناضول التركية.
ونوّه الى وجود "حالياً 3 شراكات مع العراق في مجال الطاقة تهدف إلى جعل تركيا أكثر كفاءة ونشاطاً في مجال النفط والغاز الطبيعي"، مضيفا أن بلاده يمكنها أن تلعب دوراً أكبر في تجارة النفط ونقله فضلاً عن لعب "دور مهم" في تحويل مشروع طريق التنمية إلى طريق للطاقة أيضاً.
مشروع "طريق التنمية" عبارة عن طريق برية وسكة حديد تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، يبلغ طوله 1200 كيلومتر داخل العراق، ويهدف إلى نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.
وذكر بيرقدار، أنه "من المفيد للعراق أن يكون لديه بديل وفرصة لتنويع طرق نقل النفط إلى الأسواق العالمية عبر ميناء جيهان التركي إلى البحر الأبيض المتوسط إلى جانب ميناء البصرة"، مشيرا الى أنه "لا توجد عوائق فنية أمام ذلك ولا عوائق تجارية، ولذلك لا بد من إظهار إرادة سياسية جدية".
في المقابل، أكد الخبير والمستشار المختص في الشأن النفطي كوفند شيرواني، عدم وجود أي اتفاق نهائي لغرض استئناف تصدير النفط عبر الخطوط الواصلة بين الإقليم وميناء جيهان في تركيا، فيما أشار إلى أن الحكومة الاتحادية ستستفيد من تصدير النفط عبر جيهان لأن قناة السويس لم تعد آمنة.
وقال شيرواني، أنه "حتى الآن لا يوجد أي اتفاق نهائي، ويجب أن يكون ثلاثي الأطراف، ويضم وزارة النفط الاتحادية، ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم والشركات النفطية، لغرض استئناف التصدير عبر الخطوط الواصلة بين الإقليم وميناء جيهان في تركيا".
وبين، أن "التوقف منذ عام ونصف أدى لخسائر فادحة تقدر بـ 15 مليار دولار"، مؤكدا ان "هذا الرقم مهم جدا للعراق، كون هنالك عجز بنسبة 49 مليار دولار، ولو كانت هذه الإيرادات متحققة، لحققت تقدما وتخفيفا في العجز".
وأضاف شيرواني، أنه "على الرغم من تواصل زيارات الوفود من الإقليم إلى بغداد وبالعكس، والاجتماعات الأخيرة التي حضر فيها ممثلين عن الحكومة الاتحادية، لكن لم تتوصل إلى أي اتفاق"، مستدركا بالقول "لكن الموضوع يبدو أنه لا يشكل أهمية للحكومة الاتحادية، لأنها مكتفية بحصتها في أوبك، المصدر من حقول البصرة".
وأشار إلى أن "الحكومة الاتحادية ستستفيد من تنويع مصادر التسويق والإنتاج، لآن ميناء جيهان، هو المنفذ الأفضل والأكثر أمنا وسلامة لتسويق النفط إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، كون هنالك شحنات نفطية عراقية مصدرة إلى أوروبا، تم استهدافها في البحر الأحمر، وبالتالي فأن الشحنات المصدرة عبر قناة السويس لم تعد أمنة، ولهذا يجب الاعتماد على ميناء جيهان".
كما تشير بعض التقارير الى إمكانية قيام تركيا بمد أنبوب نفط من حقل كابار وربطه بأنبوب النفط العراقي كركوك – جيهان لنقل النفط المنتج من الحقل المذكور ومن منطقة كانديل الى موقع ادلة Idle ومنه الى دورتبول وجيهان، بحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي.
المرسومي ذكر في تدوينة قبل أيام، أن بعض التقارير ومنها تقرير الخبير أحمد موسى جياد تشير الى إمكانية قيام تركيا بمد أنبوب نفط من حقل كابار وربطه بأنبوب النفط العراقي كركوك – جيهان لنقل النفط المنتج من الحقل المذكور ومن منطقة كانديل الى موقع ادلة ومنه الى دورتبول وجيهان.
يبلغ طول الانبوب الذي يجري العمل لإكماله 37 كم، فيما يبلغ حجم الإنتاج في حقل كابار 50 ألف برميل يوميا تنقل حاليا بالصهاريج وتسعى تركيا الى رفع الإنتاج الى مليون برميل يوميا.
وأضاف، إن المخالفة التركية تكمن بربط أنبوب نفط كابار بأنبوب النفط العراقي كركوك - جيهان بما لا يسمح لتركيا القيام بذلك بموجب نص "تعديل اتفاقية النقل عبر منظومة الخط العراقي-التركي" لعام 1973 واخر تعديلاتها النافذة منذ عام 2010، مشيرا الى ان منظومة خط الانابيب والخزانات والمرافق الأخرى التابعة لخط الانابيب العراقي- التركي مخصصة لنقل وتحميل النفط الخام القادم من العراق حصرا واقصى ما تسمح به اتفاقية الانبوب هو تخصيص جزء من طاقة الخزن او استخدام الأرصفة فقط.
كما أن هذا السماح محصور بفترة زمنية معينة وليست بشكل دائم او متواصل مع اشتراط وجود طاقة كبيرة عاطلة للمنظومة في الخزن او استخدام الأرصفة وبعد اتفاق الطرفين العراقي والتركي، وفقا للمرسومي.
*النقاشات مفتوحة
من جهته، قال باسم محمد خضير وكيل وزارة النفط، الشهر الماضي، إن "النقاش مفتوح مع حكومة إقليم كردستان وان شاء الله سيغلق هذا الموضوع ولا يوجد نفط خاص بإقليم كردستان وأية محافظة أخرى وسنصل إلى تفاهمات من أجل المصلحة العامة وتوفير العوائد المالية لدعم خطط الدولة".
وأضاف: "دعونا الشركات النفطية الأجنبية العاملة بالإقليم إلى تعديل عقودها والمشاركة في المشاريع المستقبلية "، مشددا على أنه "يجب أن نصل إلى اتفاق مع إقليم كردستان من أجل المصلحة العامة لأن ملف النفط يجب أن يدار اتحاديا ونأمل أن يتحقق ذلك قبيل نهاية العام الحالي".
وذكر أن معدل صادرات العراق النفطية للشهر الحالي يبلع ثلاثة ملايين 300 ألف برميل يوميا ومعدل الإنتاج لا يتجاوز 4 ملايين برميل يوميا.
ويمتلك العراق مسارين للنفط عبر الأنابيب مع تركيا، الأول من خلال حقول إقليم كردستان (المحافظات الشمالية) وهو متوقف جراء نزاع قانوني بين بغداد وأربيل منذ أكثر من عام ونصف، والثاني من كركوك توقف نتيجة هجمات إرهابية عام 2014 نفذها تنظيم "داعش".
وفي وقت سابق، سعى العراق إلى فرض واقع جديد في ملف تصدير النفط من شأنه إنهاء أي دور لإقليم كردستان في تصدير النفط الخام، وذلك من خلال إعادة تفعيل خط أنابيب كركوك – جيهان والذي توقف العمل فيه منذ 10 سنوات.
*خسارة العراق 19 مليار دولار
في المقابل، أكد المتحدث باسم مجموعة الصناعة النفطية في كوردستان (أبيكور) مايلز كاغينز، عدم وجود اتفاق حتى الآن على إعادة تشغيل خط الأنابيب بين العراق وتركيا واستئناف تصدير النفط الخام من إقليم كوردستان إلى الأسواق العالمية، مقدراً خسارة البلد 19 مليار دولار جراء تعليق العملية.
وقال مايلز كاغينز المتحدث باسم جمعية صناعة البترول الكردستانية (أبيكور) الشهر الماضي: "لم تتخذ الحكومة العراقية أي إجراءات لاستئناف صادرات النفط، بينما أعلنت تركيا أن خط الأنابيب إلى ميناء جيهان جاهز، وفي الوقت نفسه أعطت حكومة إقليم كردستان موافقتها، وأبيكور مستعدة لحل المشاكل".
وذكر كاغينز، "لا يوجد حالياً اتفاق لاستعادة تدفق النفط عبر خط الأنابيب العراقي، لكن هذا يظل أولوية لشركات أعضاء APIKUR"، مضيفا، "نحن على علاقة وثيقة وفي محادثات مع حكومة إقليم كردستان ووزارة الموارد الطبيعية وهدفنا هو إعادة النفط عبر خط الأنابيب في أقرب وقت ممكن".
وفقاً كاغينز، فإن "الشعب العراقي خسر ما يزيد عن 19 مليار دولار".
وعلى الرغم من عدة جولات من المحادثات بين مسؤولي حكومتَي إقليم كردستان والاتحادية والأتراك، لم تُستأنف الصادرات بعد وعلقت العديد من شركات النفط العالمية الإنتاج. كما عقدت بغداد وأربيل وشركات النفط العالمية اجتماعاً في بغداد في 9 حزيران 2024، بهدف حل جميع العقبات المتبقية، لكنها لم تصدر أي بيان مشترك.
القضايا المتعلقة بالعقود مع منتجي النفط هي نقطة الخلاف الرئيسية. وفي آذار، قالت وزارة النفط العراقية إنه وفقاً للميزانية الاتحادية، يبلغ متوسط تكلفة إنتاج برميل واحد من النفط 6.90 دولاراً، في حين يطلب المنتجون العاملون في إقليم كردستان ثلاثة أضعاف هذا المبلغ، بالإضافة إلى سداد مليارات الدولارات من الديون التي قالت الوزارة إنها "غير معروفة للحكومة الاتحادية".
وقال كاغينز، إن "أعضاء APIKUR يريدون إجراء مناقشات حول تعديلات العقود، ويجب أن يتضمن أي تعديل على تلك العقود ضماناً للمدفوعات المتأخرة، وكذلك ضماناً لكيفية حدوث المدفوعات المستقبلية"، مشيرا الى أنهم يبحثون عن ضمان للمدفوعات وأن أي تغييرات على العقود يجب أن توافق عليها حكومة إقليم كوردستان وكذلك الحكومة الفيدرالية.
وتابع: "ما نريده من بغداد هو أن تتولى القيادة في هذه القضية، والإيفاء بالوعود التي قدمتها خلال اجتماع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الرئيس جو بايدن في البيت الأبيض".