ديون وفساد وطائرات محظورة من التحليق.. الخطوط الجوية تنتظر رصاصة الرحمة
انفوبلس/..
تعتبر شركة الخطوط الجوية العراقية واحدة من أقدم شركات الطيران العربية، حيث أسستها جمعية الطيران العراقية عام 1945م، وتمتعت خلال تاريخها بسمعة طيبة. واكتسب “الطائر الاخضر”، وهو اسم اطلقه العراقيون على طائرات شركتهم، ثقة المسافرين العراقيين والاجانب، حيث كانت مؤهلة للهبوط في أغلب المطارات الدولية، وفي عام 1977 هبط “الطائر الاخضر” في مطار جون كنيدي في نيويورك، بعد أن سمحت الولايات المتحدة الامريكية بذلك. لكنها منيت بعد الاحتلال بسلسلة من الانتكاسات بسبب الفساد، أدت لمنعها من التحليق في سماء أوربا.
وفي حين حققت الخطوط الجوية العراقية خلال مسيرتها أرباحاً كبيرة ساهمت في تعزيز اقتصاد البلد، أصبحت اليوم مدينة بالملايين من الدولارات، الامر الذي قد ينتهي بإعلان إفلاسها.
واضطرت وزارة النقل لإقالة آخر مدير لها “عباس عمران” في الثامن من أيلول/سبتمبر الجاري، بعد تكدس الطائرات العاطلة على أرض المطار. وكشف مصدر في الوزارة، عن أن قرار الاقالة جاء على خلفية “ملفات فساد”، وأن وزير النقل عيّن مدير عام الدائرة الادارية والمالية في الوزارة “أحمد خلف بنيان” خلفاً له.
ما قصة الطائرات العاطلة؟
وتمتلك الخطوط الجوية العراقية اسطولاً من 32 طائرة، لم يتبق منها غير 10 طائرات، بعد تعطل 22 منها. وتسربت في آب/أغسطس الماضي وثائق من وزارة النقل، تؤكد وجود هذا العدد من الطائرات الجاثمة على أرض المطار بسبب أعطال عديدة، لعدم خضوعها لأعمال الصيانة الدورية. واعترفت الوزارة بأن أكثر من ثلثي طائرات الشركة “غير عاملة” ولم تخضع للإدامة، مما يعتبر “مؤشر فساد كبير” يتسبب بخسائر مالية فادحة.
وبدأت ملفات الفساد المتراكمة منذ سنين، والتي أوصلت الشركة لهذه النهاية، تتسرب إلى وسائل الاعلام شيئاً فشيئا، حيث كشف الكاتب “حسن جمعة”، عن علاقة تربط مدير الشركة السابق “كفاح جبار” بمافيات المواد الاحتياطية للطائرات والخدمات الأرضية.
وأضاف جمعة، ألذي كان يتحدث في مقابلة تلفزيونية مطلع الشهر الجاري، إن “الخدمات الارضية منحت في سنوات ماضية إلى شخص يدعى “سعد الخفاجي” يعيش في لندن، وآخر يدعى “علي الأوكراني” من شركة (كرويف)، لتجهيز الطائرات بالمواد الاحتياطية عن طريق شقيق الأخير”.
الخطوط الجوية العراقية تحولت من شركة رابحة إلى خاسرة ومدينة ب 50 مليون دولارا
ماذا بعد الافلاس؟
وواصل الكاتب كشف فضائح الشركة، مؤكداً أن هذين الشخصين كانا يشرفان على سرقة قطع غيار من طائرة عراقية، ويدعون أنهم اشتروها لاستخدامها في صيانة الطائرات الأخرى، وأن الهدف من كل ذلك هو دفع الشركة إلى الافلاس لكي يجري بعد ذلك خصخصتها وبيعها إلى القطاع الخاص، فيستولون عليها بمساندة الجهة السياسية التي تدعمهم لتحقيق هذه الغاية.
وتطرق الكاتب لقضية عقود الخدمة الارضية، ألتي شكلت ملف فساد آخر، فأكد أنه “جرى توقيع عقدها مع شركة علي الأوكراني بدون أي شرط جزائي”.
وخلص جمعة إلى القول : إذا استمرت الأمور على هذه الحال، فلن يكون هناك طائر اخضر بعد شهرين، وسيجري تسقيط جميع طائراته وإخراجها من الخدمة، فلا أحد يستطيع محاسبة هذين الشخصين على فسادهم، بسبب نفوذهما في وزارة النقل، مؤكداً أن الخطوط الجوية العراقية “تحولت من شركة رابحة إلى خاسرة ومدينة ب 50 مليون دولارا”.
هل سيرفع الاتحاد الاوربي الحظر؟
ولا يسمح للطائرات العراقية بالتحليق في سماء الاتحاد الاوربي بسبب الحظر المفروض على الخطوط الجوية العراقية. ولم تستطع وزارة النقل تجاوز هذا الحظر الذي مرت عليه 7 سنوات، لعدم تحقيق الشروط التي تسمح بإلغاء القرار، مما تسبب بخسائر اقتصادية كبيرة. وكان الاتحاد الاوربي قد منع طائرات الخطوط الجوية العراقية عام 2015 من استخدام الاجواء الاوربية، لعدم استيفائها معايير المنظمة الدولية للطيران المدني، وفي حزيران/أغسطس الماضي جددت وكالة سلامة الطيران الاوربية الحظر، مؤكدة انها لن ترفعه حتى تلبية متطلبات التشغيل الآمن.
من جهته، قال وزير النقل الاسبق، “عامر عبد الجبار”، إن “المنظمة الدولية للطيران (آيكا) والمنظمات العالمية الأخرى الخاصة بالطيران مثل (إياتا) و(إياسا)، أكدت أن سلطة الطيران العراقية والخطوط الجوية لم يلتزما بإجراءات السلامة وغيرها من الضوابط”، مضيفاً أن “الجهات الاوروبية سجلت أكثر من 230 مخالفة على الطيران العراقي”. واعتبر عبد الجبار أن “قرار الحكومة عام 2018، الخاص بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل بسبب اجتهادات شخصية، كانت له آثار سلبية انعكست على قرار رفع الحظر؛ لأن الوزارة هي الجهة المعنية بالمخاطبات الرسمية، وأصبحت غير قادرة على توجيه سلطة الطيران المدني بحكم قانونية الموضوع”.
وأكد عبد الجبار أن “وعود وزارة النقل بشأن رفع الحظر نهاية عام 2022 غير منطقية ومستبعدة؛ لأن المدراء والمختصين في الوزارة والخطوط الجوية العراقية غير مؤهلين لمناصبهم، وهذه أبرز الأسباب التي تقف أمام القرار المنتظر”.