رفع أسعار البنزين المحسن.. خطة لـ3 أشهر لتوفير مئات ملايين الدولارات
انفوبلس/ تقارير
قرر ثم تراجع ثم نفذ، هذا ما أقدم عليه مجلس الوزراء بشأن قرار زيادة أسعار البنزين المحسن الذي دخل حيز التنفيذ اليوم الأربعاء، الأمر الذي دفع البرلمان إلى توعد الحكومة قضائيا كون هذه القرارات من اختصاصه، وفق نواب. لكن ثمة جانب مغيب عن هذا الأمر وهو أن دعم الحكومة لأسعار البنزين يتسبب بخسارة العراق سنويا نحو مليار دولار، كما وأن البنزين المحسن في العراق (حتى بعد ارتفاعه) هو أرخص من العديد من الدول. انفوبلس تقصت عن الموضوع بالتفصيل وتوصلت إلى أرقام وإحصائيات عن حجم الاستهلاك المحلي اليومي للبنزين في العراق، ومدى تأثير هذا القرار على المواطنين، وهل أن أسعار البنزين المحسن أو السوبر ستكون ثابتة أو متحركة.
*نص القرار
خلال جلسته المنعقدة في 26 آذار الماضي، وضمن خطوات الحكومة لمعالجة الزحامات المرورية وتنظيم أوقات عمل دوائر الدولة، أقر مجلس الوزراء توصيات الاجتماع التشاوري المنعقد بتأريخ 16/آذار/2024 المعني بمعالجة الاختناقات المرورية، وكان من بين التوصيات: "زيادة سعر البنزين المحسن الى (850) دينارا للتر الواحد، والبنزين الممتاز الى (1250 دينارا) للتر الواحد، اعتبارا من تاريخ 1 آيار2024".
*التراجع عن القرار
قوبل قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بسخط شديد، ورفض شعبي كبير، وبدأت الجيوش الإلكترونية وبعض الإعلاميين المبتزين بإشعار السوداني وفريقه بالخوف من احتجاجات محتملة ضد القرار وبدأوا بالتحشيد ضده، حتى رضخت الحكومة لهم وتراجعت عن تنفيذه.
وبهذا الصدد، قال النائب يوسف الكلابي، في منشور على منصة "أكس"، جاء في نصه: "موضوع الزيادة على أسعار الوقود انتهى.. ولا زيادة على أسعار الوقود".
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية معين الكاظمي، في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، أن "قرار الحكومة برفع أسعار البنزين المحسن والسوبر قوبل باعتراضات واسعة والآن هنالك تريث في تطبيقه".
كما قال نائب رئيس اللجنة المالية أحمد مظهر الجبوري، في تعليقه على الموضوع: "من قال إننا سنوافق على هذا؟ ننتظر أن تصلنا جداول الموازنة الخاصة بهذا الملف ولن نمررها، وسنرفضه قبل شهر أيار!"، مشدداً "حتى وإن رُفعت الأسعار، ودعها ترفع ما ترفع، والمشروع من شأن مجلس النواب واللجنة المالية، ونحن أصحاب الاختصاص، ونحن غير ملزمين بما تقوم به الحكومة. نحن نمثل الشعب".
*تنفيذ القرار بعد التراجع
اليوم الأربعاء، أعلنت شركة توزيع المنتجات النفطية، إحدى تشكيلات وزارة النفط، عن دخول قرار مجلس الوزراء المتعلق بزيادة أسعار البنزين حيز التنفيذ، وذلك رغم اعتراض وتحفظ لجنة الطاقة النيابية، ورفض الشارع العراقي للقرار.
وقالت الشركة في بيان، ورد لشبكة انفوبلس، إن قرار إعادة أسعار منتوج البنزين المحسن الى 850 ألف دينار والسوبر الى 1250 ألف دينار عاد الى ما كان عليه سابقا ودخل حيز التنفيذ اعتبارا من اليوم الاول من أيار .
وبينت الشركة، أن الأسعار خاضعة للمراجعة الفصلية كل ثلاثة أشهر وتأتي لتقليل الفجوة بين تكلفة المنتج والسعر المباع وحسب تعاظم منتجات المصافي العراقية والخطط الطموحة في هذا المجال فيما للمصافي الجديدة.
وأكدت الشركة على بقاء سعر البنزين العادي 450 دينار / لتر فضلا عن غاز السيارات 200 دينار / لتر على وضعها الحالي دون تغيير.
*توعد نيابي
توعدت لجنة النفط والغاز النيابية، أمس الثلاثاء، باللجوء إلى القضاء لإيقاف قرار الحكومة برفع أسعار وقود السيارات، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية رفعت شعار "الخدمات" في حين أن قرارها هذا يشكل عبئاً على كاهل المواطن.
وقال عضو اللجنة علاء الحيدري في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، "نحن نستغرب ونُبدي تحفظنا كأعضاء في لجنة النفط والغاز النيابية على قرار وزارة النفط العراقية القاضي برفع أسعار المشتقات النفطية وبالتحديد البنزين المحسن".
وأشار إلى أن "هناك تصريحات لوزارة النفط بإنهاء ملف استيراد المشتقات النفطية والاكتفاء الذاتي للعراق بجميع المشتقات النفطية، بالتالي فإن هناك تطور بعمل المصافي النفطية بإدخال وحدات جديدة في مصافي كربلاء والبصرة وبيجي".
وأكد الحيدري "نحن كأعضاء في لجنة النفط والنيابية سنذهب إلى اتخاذ قرار داخل مجلس النواب أو اللجوء إلى القضاء لإيقاف هذا القرار الذي صدر من مجلس الوزراء بمقترح من وزارة النفط، في حال استمرت الأخيرة برفع سعر البنزين المحسن دون التراجع عن قرارها".
ولفت إلى أن "الحكومة العراقية رفعت شعار حكومة الخدمات بتقديم الخدمات للمواطنين، ورفع سعر البنزين المحسن عبء على كاهل المواطن ويجب أن يكون هناك رأي للحكومة بإيقاف هذا القرار".
وتابع الحيدري "اليوم وزارة النفط نفذت قرارها برفع سعر البنزين المحسن وقد نشهد غداً رفع سعر البنزين العادي إذا استمر الوضع هكذا دون رد".
*سببان وراء رفع الأسعار
بعد قرار جلسة مجلس الوزراء، أكدت لجنة النفط والغاز النيابية، وجود سببين أو مسارين وراء قيام الحكومة برفع أسعار البنزين المحسن والسوبر.
وقال عضو اللجنة النائب علي شداد في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "الحكومة الحالية ألزمت نفسها إيقاف عملية الاستيراد للمشتقات النفطية وعلى رأسها مادة البنزين كونها تستزف البلد، وبالتالي إيقاف هذا الاستيراد يحتاج الى مسارين، الأول هو تطوير البنى التحتية للمصافي المحلية وزيادة حجم الانتاج فيها كما حدث في مصفيي بيجي وكربلاء، والثاني زيادة أسعار البنزين المحسن".
وأضاف شداد، أن "السبب الآخر هو تشجيع المواطنين على استخدام منظومات الغاز السائل في مركباتهم، لان العراق دخل ضمن اتفاقية تعنى بالحفاظ على المناخ والتقليل من الانبعاثات، وبالتالي فإن هذا القرار سيسهم في رفد إيرادات الدولة من جهة ودفع المواطن باتجاه ثقافة استخدام الغاز في السيارات من جهة أخرى".
*أسعار البنزين المحسن المدعوم مقارنة بالعالم
إلى ذلك، أكد وكيل وزارة النفط لشؤون التصفية حامد يونس، أن أسعار البنزين المحسن مدعومة ولا تساوي 30%، من الأسعار العالمية أو 50% من كلفة إنتاجه.
وقال يونس في إيضاح تابعته شبكة انفوبلس، إن "الوزارة تعمل على إنجاز مشاريع متعددة بهدف رفع جودة المنتجات ومنها مشروع الـ fcc بمصفى البصرة"، مبينا، أن "نسبة الإنجاز وصلت إلى 76%".
وأضاف، إنه "تم إنجاز وحدات الأزمرة في مصفيي البصرة والدورة والآن في مرحلة التشغيل التجريبي وإدخال العامل المساعد"، لافتا، إلى أن "هذه سترفع من جودة المنتجات النفطية".
وتابع، إن "هناك مشاريع أخرى قيد التنفيذ وهي إدخال وحدات الهدرجة وتحسين البنزين في المصافي بالمحافظات"، موضحا، أن "الوزارة تعمل على رفع طاقة المصافي الصغيرة وإدخال وحدات هدرجة وتحسين البنزين".
وأكد، أن "جميع المنتجات تخضع للسيطرة النوعية ويتم تحليلها ضمن المواصفات القياسية العراقية"، لافتا، إلى أنه "بإمكان أي جهة تستهلك الوقود وتستلمه من المصافي أخذ نماذج من التحليل المختبري ومطابقتها للمواصفات عندما يتم تحميل الكميات من هذه المادة".
وحول أسعار البنزين، أكد يونس أنه "لا يوجد تخفيض بأسعار البنزين"، موضحا، أن "سعر البنزين المحسن على سبيل المثال يبلغ 650 دينارا للتر الواحد وهو مدعوم ولا يساوي 30% من الأسعار العالمية أو 50% من كلفة إنتاجه، كون كلفة إنتاجه أعلى بكثير من قيمته التي يباع بها".
وتبيع وزارة النفط 5 ملايين لتر من البنزين المحسن يوميا، بحسب الوزارة، هذا يعني ان الوزارة تخسر أكثر من 3 مليار دينار يوميا ببيع البنزين المحسن، بحسب مختصين.
*الاستهلاك اليومي المحلي للبنزين
من جانبها، أكدت شركة توزيع المنتجات النفطية، أن نسبة استهلاك نوعي البنزين المحسن والسوبر تشكل 18% من إجمالي البنزين المستهلك المحلي فقط، فيما كشفت أن أجمالي الاستهلاك اليومي للبنزين بكافة أنواعه يصل إلى 32 مليون لتر.
وقال مدير عام الشركة حسين طالب للوكالة الرسمية، إن "الأهم لدينا هو توفير البنزين العادي الذي يباع بسعر 450 ديناراً للتر الواحد، وهو النوع الأغلب استهلاكاً من المواطنين، إذ يشكل 82% من إجمالي الاستهلاك اليومي، والمتوفر هو من إنتاج المصافي الوطنية مع إضافة كميات من المستورد تخلط معه".
وأضاف طالب، أنه "في عام 2023 عندما كنا نستورد 14-15 مليون لتر يومياً كانت تصل كلفة لتر هذا النوع من البنزين بحدود الألف دينار، أما الآن فأصبحت بحدود 800-850 ديناراً بعد دخول مصفى كربلاء حيز الخدمة إذ قل الاستيراد لحدود 7.5 – 8 ملايين لتر ومع زيادة إنتاجه ودخول مصافي الشمال للإنتاج سينخفض الاستيراد إلى 4 ملايين لتر يوميا".
وتابع، أن "الدولة لا تزال تدعم المنتجات النفطية، لكن الدعم الآن سيتجه إلى المفاصل الضرورية ليذهب إلى المواطن البسيط مثل سائق التكسي من خلال البنزين العادي الذي يباع بسعر 450 ديناراً للتر الواحد، وسنركز بالدعم على هذا المنتج وكذلك منتج زيت الغاز، أما منتجا البنزين المحسن والسوبر فهما يستهدفان أصحاب المركبات الحديثة".
وبين، أن "الكميات المستهلكة من البنزين المحسن والسوبر يوميا تشكل 18% من إجمالي الاستهلاك اليومي، والبلاد تستهلك يومياً 32 مليون لتر من البنزين بأنواعه كافة".
وأوضح، أن "80% من كميات البنزين المحسن تستورد من الخارج، وإجمالي الاستهلاك يصل لحدود 4 ملايين ونصف المليون وفي ذروة الاستهلاك في موسم الصيف يصل إلى خمسة ملايين لتر، أما البنزين السوبر فهو مستورد بشكل كامل ويكلف بحدود ألف و400 دينار للتر الواحد".
*أسعار بنزين الخليج بالدينار العراقي مقارنة مع العراق
بدوره، استعرض خبير عراقي أسعار البنزين في دول الجوار “بالدينار العراقي” استناداً لموقع “غلوبال بترول برايس” المعتمد بين الخبراء المحليين، وأظهرت التفاوت بين العراق ودول الخليج، كما قارن بين الأرخص والأغلى في العالم، بينما ذكر عادل صادق وهو مهندس يعمل في حقل الطاقة، أن بغداد تتحمل كلفة 1000 دينار للتر البنزين العادي، بينما تبيعه بـ450 ديناراً، كما تستورد المحسن بـ1700 دينار، وتبيعه بـ650، ما يفسر بعض أسباب محاولة الحكومة تقليل الدعم وترشيد الإنفاق.
أسعار البنزين المحسن (فوق 91 أوكتان) عند دول الخليج:
الإمارات المتحدة: 1،200 دينار عراقي.
السعودية: 870 دينار عراقي.
قطر: 870 دينار عراقي.
سلطنة عمان: 890 دينار عراقي.
البحرين في المركز العاشر عالميًا في قائمة أرخص الدول من حيث أسعار البنزين: 550 دينار عراقي.
الكويت في المركز الخامس عالميًا بقائمة أرخص الدول من حيث أسعار البنزين: 450 دينار عراقي.
أرخص الدول:
إيران 38 دينار عراقي.
ليبيا 40 دينار عراقي.
أغلى الدول:
هونغ كونغ أولاً 4000 دينار عراقي.
موناكو ثانياً 3020 دينار عراقي.
ايسلندا ثالثًا 2975 دينار عراقي.
*كم يخسر العراق سنويا بسبب دعم أسعار البنزين المحسن؟
يؤكد الخبير الاقتصادي والنفطي نبيل المرسومي أن العراق يخسر سنويا نحو مليار دولار بسبب دعم أسعار الوقود المحسن.
وقال المرسومي في إيضاح تابعته شبكة انفوبلس: إن "أسعار البنزين ترتبط بدرجة كبيرة بأسعار النفط الخام، إذ بلغ سعر لتر البنزين المحسن عام 2021 نحو 1000 دينار لكل لتر وهو ما أدى إلى تحمل العراق لخسارة سنوية مقدارها أكثر من مليار دولار لدعم سعر البنزين المحسن داخليا".
واستبعد المرسومي أن "يكون لقرار رفع أسعار الوقود الأخير أي تأثير على كلفة نقل الأشخاص والبضائع وكذا الحال بالنسبة للأسعار النهائية للسلع مادام سعر البنزين العادي وزيت الغاز الذي تستخدمه معظم سيارات النقل لم يتغير".
*خطة لـ3 أشهر فقط
في النهاية، أكد مدير إعلام توزيع المنتجات النفطية رافد صادق، اليوم الأربعاء، أن أسعار البنزين المحسن والسوبر متحركة وليست ثابتة.
وقال صادق في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "خطوة رفع الأسعار للبنزين سوف تبقى لـ 3 أشهر فقط، وبعدها سيكون هناك تقييم ومن الممكن إعادة السعر السابق"، مبينا أن "أسعار البنزين المحسن والسوبر متحركة وليست ثابتة".
ودعا صادق المواطنين إلى "اقتناء غاز السيارات كون هذه التجربة أثبتت نجاحها وهو رخيص الثمن".