سلسلة صفقات ضخمة لم تُنهِ الأزمة الكهربائية في العراق رغم حجم الإنفاق الحكومي

أكبر 10 مشاريع عملاقة
انفوبلس..
تتصاعد أزمة الكهرباء في العراق بصورة سنوية، رغم سلسلة من الصفقات الكبرى التي أبرمتها الحكومات المتعاقبة بهدف مواجهة العجز الطاقوي المزمن، وانكشف استمرار النقص الحاد في توليد الطاقة مع بلوغ ساعات القطع المبرمج عشرات الساعات يومياً وعدم تحسّن جودة الشبكة.
العقود مع شركات عالمية ومحلية بقيمة مليارات الدولارات لم تُثمر توفير قدرة إنتاجية كافية أو نقل للطاقة نتيجة الفساد وسوء التخطيط وهيكلية القطاع المتهالكة، ومع الطلب الذي يتجاوز الإنتاج بنحو 15 ألف ميغاواط، في حين الحاجة تقترب من 45 ألفاً، تبرز علامات استفهام حول قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاح شامل ينهض بالمنظومة ويكسر دائرة العجز.
ومنذ عام 2003 تشهد شبكة الكهرباء العراقية سلسلةً من الصفقات الكبرى بهدف مواجهة أزمة الطاقة المزمنة، ويٌقدر أن العراق أنفق نحو 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003، ومع ذلك ظل العجز في الإمدادات كبيراً بسبب الفساد والبيروقراطية.
في هذا التقرير نستعرض أهم 10 صفقات وعقود أبرمتها الحكومة العراقية منذ 2003 لتطوير القطاع الكهربائي، مع بيان الأطراف، القيم، الأهداف، الوضع الحالي، وأية تعليقات سياسية أو اقتصادية ذات صلة.
1. مشروع نمو الغاز المتكامل Total Energies – يوليو 2023.
الأطراف: وزارة النفط العراقية وشركات توتال إنيرجي الفرنسية (45% من المشروع)، قطرإنرجي القطرية (25%)، وأكوا باور السعودية (شريك في مشروع الطاقة الشمسية)
القيمة: نحو 27 مليار دولار
الهدف: استعادة الغاز المهدور في حقول غاز البصرة واستغلاله لتشغيل محطات الكهرباء، بالإضافة إلى حقن المياه في آبار النفط المحلية، وإقامة محطة طاقة شمسية بقدرة 1 غيغاواط في محافظة البصرة (بتمويل مشترك مع أكوا باور)
الوضع: وقع الاتفاق وُضع حيز التنفيذ منتصف 2023، مع إعلان البدء بحفريات وتنفيذ أولى المشاريع الصيف نفسه
تعليقات: وصف رئيس توتال ووزير النفط العراقي الاتفاق بأنه "يوم تاريخي" يشكل نقطة انطلاق لكسر حلقة العجز الكهربائي، ويُنظر إلى هذا المشروع كجزء من سعي العراق لتأمين الطاقة محلياً وتقليل الاعتماد على واردات الغاز.
2. مذكرة تفاهم مع GE Vernova لإنتاج 24,000 ميغاواط (أبريل 2025)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة GE Vernova الأميركية (أكبر شركة حالية لتوليد الطاقة بالغاز)
القيمة: لم يُكشف عنها رسمياً، لكن المذكرة تشمل خططاً طموحة لتأسيس محطات توليد بالغاز قدرتها الإجمالية نحو 24,000 ميغاواط
الهدف: بناء محطات توليد كهرباء بالغاز تعمل بتقنية الدورة المركبة لزيادة الإنتاج بثلاث مراحل (تحسين كفاءة الوحدات الحالية، إضافة وحدات جديدة بأحدث التقنيات، وتدريب الكوادر المحلية)
الوضع: وُقّعت مذكرة التفاهم في 9 أبريل 2025 في بغداد بحضور رئيس الوزراء، وهي الآن قيد وضع خطط التنفيذ مع انتظار التمويل من مؤسسات دولية.
سُجلت هذه الصفقة كأكبر تعاون أجنبي في تاريخ قطاع الكهرباء العراقي، ويُنظر إليها على أنها محاولة لتقليل الاعتماد على الغاز المستورد وتحسين الاستقرار الكهربائي.
3 - مذكرة تفاهم مع UGT Renewables لمشروع طاقة شمسية (أبريل 2025)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة UGT Renewables الأميركية (مقرها ميامي).
القيمة: التفاصيل المالية غير معلنة، لكن المذكرة تتضمن مشروعاً شمسيّاً متكاملًا بقدرة 3,000 ميغاواط بالإضافة إلى نظام بطاريات لتخزين 500 ميغاواط-ساعة
الهدف: إنشاء حقل شمسي ضخم (3000 ميغاواط) يشتمل على بنية تحتية للبطاريات، وربط ذلك بخطوط نقل عالية الجهد (HVDC) بطول يصل إلى 1000 كم، بهدف تنويع مصادر الطاقة وتعزيز استقرار الشبكة
الوضع: وُقّعت مذكرة التفاهم في 9 أبريل 2025 أيضاً، وتُعتبر خطة جديدة في مرحلة التخطيط والدراسات. من المتوقع أن يُتم توليد أولى الطاقة الشمسية خلال عامين مع الاعتماد على تمويل من وكالة تصدير الوكالات الأميركية وشركاء دوليين
4. عقد توربينات الغاز مع شركة جنرال إلكتريك (GE) – ديسمبر 2008
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة GE Energy الأميركية
القيمة: نحو 3 مليار دولار
الهدف: توفير 9 توربينات غازية من نوع Frame 9E بقدرة إجمالية 7,000 ميغاواط، لتعزيز توليد الطاقة في مواقع رئيسية حول العراق ودعم الشبكة الوطنية الكهربائية.
الوضع: أعلن توقيع العقد في بغداد بتاريخ 16 ديسمبر 2008، وبدأت بعدها عمليات التوريد والتركيب على عدة مراحل. وفي السنوات التالية دخلت أجزاء من المشروع الخدمة، إلا أن العجز القائم لم يُلغَ الحاجة لاتفاقيات جديدة.
5. الاتفاقية الإطارية مع سيمنز الألمانية (Roadmap Phase 1) – أبريل 2019
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة سيمنز الألمانية.
القيمة: لم يُعلن إجمالي محدد، لكن المرحلة الأولى تضمنت عقوداً بقيمة 700 مليون يورو (≈785 مليون دولار) لتشييد محطة غازية بقدرة 500 ميغاواط، وتجديد 40 توربينة غازية، وتركيب 13 محطة محولات و34 محولاً كهربائياً عبر العراق. وأفاد رئيس الوزراء حينها بأن هناك خططاً لأوامر شراء بقيمة نحو 14 مليار دولار لتحديث البنية الكهربائية العراقية.
الهدف: بناء محطات توليد إضافية عالية الكفاءة، وترميم وترقية المحطات القائمة، وتوسيع شبكات نقل وتوزيع الكهرباء لتعزيز الاستقرار وزيادة القدرة الإنتاجية بنسبة تقارب 50%
ووقّعت حكومة العراق وسيمنز الاتفاقية الإطارية في 30 أبريل 2019 في برلين، وتُعد المرحلة الأولى منها تحت التنفيذ حالياً حسب الإعلانات الحكومية.
وكانت هذه الصفقة الأكبر في تاريخ العراق حتى ذلك الحين، وقد أُبلغ عن ضغوط أمريكية سابقاً لإحجام بغداد عن التعاون مع سيمنز لصالح شركات أميركية، لكن الاتفاق في برلين أثار تفاؤلاً بتدفق استثمارات عالمية، ويأتي هذا ضمن جهود العراق لإعادة بناء قطاع الكهرباء بعد سنوات من الإهمال.
6. عقد محطة الـ3,200 ميغاواط في كربلاء CITIC الصينية – أكتوبر 2021
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة تشيتيك (CITIC) الصينية
القيمة: حوالي 2.85 مليار دولار لكل من مرحلتي المشروع، أي نحو 5.7 مليار دولار للمشروعين
الهدف: بناء محطة توليد كهرباء تعمل بالزيت الثقيل بقدرة إجمالية 3,200 ميغاواط (4 وحدات × 400 ميغاواط لكل مرحلة) بالقرب من مصفاة كربلاء النفطية، وتستهدف المحطة استغلال النفط الخام الثقيل المحلي لتوليد الكهرباء وتحسين الإمدادات في وسط وجنوب البلاد.
أُعلن فوز CITIC بالعقد في 12 أكتوبر 2021، ومن المقرر أن تبدأ أعمال الهندسة والتوريد والبناء في المراحل التالية. (المشروع لا يزال قيد الإنشاء حالياً)، وتعد هذه الصفقة الأكبر مع الصين في قطاع الكهرباء العراقي، وتعكس التوسع المتزايد للتعاون الصيني في مجال الطاقة بالعراق.
وشاركت شركات صينية سابقاً في مشاريع نفطية وغازية، وهذه الصفقة تعزز حضور بكين في توليد الطاقة. كما يجري انتظار تمويل محتمل من الحكومة العراقية ليرسخ المشروع المستقبلي على أرض الواقع.
7- الربط الكهربائي مع السعودية (أكتوبر 2022)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وهيئة الربط الكهربائي الخليجية (GCCIA) المدعومة من الصندوق السعودي للتنمية.
القيمة: لم يُكشف عنها صراحة، لكن الاتفاق يغطي إنشاء خطوط نقل بقدرة 1,000 ميغاواط بين عرعر (السعودية) ويُوسفية غرب بغداد، بطول 435 كلم وبجهد 400 كيلوفولت.
الهدف: ربط الشبكة العراقية مع شبكة دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز تبادل الطاقة، وخصوصاً استيراد كهرباء من السعودية (1000 ميغاواط) وغيرها من دول الخليج.
كما يهدف المشروع إلى تثبيت استقرار الشبكة وتحقيق وفورات اقتصادية بفضل أسواق كهرباء إقليمية مشتركة، وقع الاتفاق التنفيذي بين الطرفين في 16 يوليو 2022 خلال قمة سعودية-عراقية، وأعلن المسؤولون أن أعمال التنفيذ تستغرق نحو 24 شهراً، مما يعني توقع الانتهاء بحلول أواخر 2024، لكن لم يكتمل المشروع لغاية الان ولم يعزز منظومة الكهرباء العراقية بأي انتاج.
8. خط استيراد الكهرباء من تركيا (يوليو 2024)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشبكة النقل التركية TürkAkım أو شركات الطاقة التركية.
القيمة: لم يُعلن رسمياً، لكن المشاريع تشمل إنشاء خط هوائي بطول 115 كلم يربط محطة كيسيك (شمال شرق تركيا) بمحطة الموصل غرب العراق.
الهدف: نقل 300 ميغاواط كهرباء من تركيا إلى محافظات شمال العراق (نينوى، صلاح الدين، كركوك)، لتنويع مصادر الطاقة وتخفيف الانقطاعات في فصل الصيف.
بدأ الخط بالعمل فعلياً في 21 يوليو 2024، حيث أعلن مكتب رئيس الوزراء أن النقل الكهربائي من تركيا إلى شمال العراق قد انطلق واستُفيد منه على الفور.
اعتبر رئيس الوزراء العراقي هذه الخطوة «استراتيجية» لربط العراق بجيرانه. وهي تأتي ضمن جهود التنويع وتقليل الاعتماد على واردات الطاقة من إيران
وبالتزامن، أكملت بغداد قبل ذلك بأشهر خطاً آخر بطول 340 كلم مع الأردن، ما يعكس تحركاً عراقياً لربط الشبكة القومية بالشبكات الإقليمية.
9. خط استيراد الكهرباء من الأردن (مارس 2024)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية والشركة الوطنية الأردنية للكهرباء (NEPCO)
القيمة: لم يُكشف عنها بوضوح، لكن شملت الأعمال بناء خط هوائي من محطة الرصيفة الأردنية إلى محطة الرطبة العراقية بطول 340 كلم.
الهدف: نقل 40 ميغاواط في المرحلة الأولى من الأردن إلى محافظات الأنبار الحدودية في غرب العراق (مع خطط توسعة سعة الربط إلى 150 ميغاواط مستقبلاً)، وذلك لإيصال الطاقة إلى المناطق النائية وتحسين الوضع الكهربائي هناك، دخل الخط الخدمة رسمياً في 30 مارس 2024، ومن المتوقع زيادة السعة لاحقاً إلى 150 ميغاواط كما أعلن المسؤولون.
جاء هذا الربط بالشراكة مع الأردن لتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية وتحسين تغذية المناطق الغربية من العراق. ويؤكد حرص العراق على تنويع إمدادات الكهرباء عن طريق جيران مختلفة، بعدما اعتمد سنوات على إمدادات محدودة من إيران.
10. اتفاق استيراد الغاز من إيران (يوليو 2013)
الأطراف: وزارة الكهرباء العراقية وشركة "استشارات النفط الإيرانية" (ICG)بالتنسيق مع الجانب الإيراني
القيمة: نحو 365 مليون دولار تكلفة إنشاء خط أنابيب بطول 220 كلم عبر السليمانية ووادي حوران في ديالى
الهدف: توفير 850 مليون قدم مكعب غاز يومياً من إيران لتغذية ثلاث محطات كهرباء في ديالى وبغداد، مما سيضيف قرابة 2,500 ميغاواط إلى الشبكة العراقية.
الوضع: اُفتتح خط الأنابيب في أواخر 2013 وبدأ الغاز بالتدفق إلى المحطات المستهدفة بعد اكتمال أعمال البناء، والعقد مدته 4 سنوات مع إمكانية التمديد.
أثارت هذه الصفقة جدلاً سياسياً، إذ جاء توقيعها في ظل ضغوط أمريكية لقطع تمويل صادرات الغاز الإيرانية، وقد تزامن إبرامها مع تسارع واشنطن في تشديد الحصار الاقتصادي على طهران، وأكدت الحكومة العراقية حينها أن الصفقة ضرورية لمعالجة الأزمة الكهربائية، رغم التوتر السياسي الناتج.