صندوق النقد الدولي يستعرض سياسة العراق الاقتصادية بتقرير "غامض".. قراءة موضوعية أم ضغط من كردستان؟
انفوبلس/ تقارير
في تقرير وُصِف بـ"الغامض"، استعرض صندوق النقد الدولي سياسة العراق الاقتصادية وذلك بعد اختتام خبرائه لقاءهم بممثلي السلطات العراقية في العاصمة الأردنية عمّان خلال المدة 12 - 17 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري. لكن اللافت أن التقرير أكد ضرورة عودة خط النفط بين كركوك وتركيا إلى العمل رغم أن إيقاف الخط جاء بقرار دولي نتيجة عدم التزام تركيا ببنود اتفاق التصدير. وبعد ما استعرضه التقرير توجهت الأنظار نحو غايته، هل هي قراءة موضوعية جاءت لدراسة واقع البلاد الاقتصادي؟ أم أن التقرير جاء بعد ضغط من كردستان لاستئناف تصدير النفط عبر الخط المذكور؟.
*تقرير صندوق النقد الدولي
اليوم الأربعاء، أصدر صندوق النقد الدولي، تقريراً حول سياسة العراق الاقتصادية، فيما توقع نمو الناتج المحلي العراقي الإجمالي غير النفطي بنسبة خمسة بالمئة.
وذكر الصندوق في تقريره، أن "فريق من خبرائه بقيادة جان غيووم بولان، التقى بممثلي السلطات العراقية في عمّان بهدف مناقشة أحدث التطورات والمستجدات وآفاق التوقّعات، إلى جانب مناقشة الخطط المتعلقة بالسياسات في الفترة القادمة".
*توقع بزيادة الناتج المحلي غير النفطي
وقال بولان، بحسب التقرير، "يُتوقع للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي أن ينمو بنسبة 5 في المئة في العام 2023 على ضوء التَّوسُّع الكبير في المالية العامة في إطار قانون موازنة الثلاث سنوات النافذ". مبينا، إنه "ينبغي للاستمرار في تنفيذ الموازنة أن يساعد في استمرار النمو غير النفطي القوي في العام 2024.
*خط النفط بين كركوك وتركيا
وأوضح بولان وفق تقرير النقد الدولي، إنّ هبوطَ الإنتاج النفطي بعد إغلاق خط أنابيب النفط الواصل بين العراق وتركيا، وخفضَ الإنتاج بناءً على طلب مجموعة أوبك+ سوف يعملان معًا على خفض نمو الناتج المحلي الكلي في العامين 2023 و2024".
وأضاف، إن "نسبة التّضخُّم تراجعت عن الذروة التي بلغتها بمقدار 7 في المئة في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي، ومن المتوقّع للتضخُّم أن يستقر خلال الأشهر القادمة، وذلك بفضل اتباع البنك المركزي العراقي سياسة نقدية أكثر تشدّدًا، والأثر المتأتي من رفع سعر صرف الدينار العراقي، وانخفاض الأسعار العالمية للأغذية، وعودة عمليات تمويل التجارة لطبيعتها مع تحسُّن الامتثال لإطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
*الموازنة وتأثيرها
وتابع: إن "اعتماد أُسلوب وضع الموازنة على مدى ثلاث سنوات في حزيران/ يونيو 2023 شكّل تحوّلًا في الممارسة المُتَّبعة لوضع الموازنات في العراق، وذلك بغية تحسين مستوى التخطيط المالي، واستمرارية تنفيذ المشاريع التنموية المهمة على المدى المتوسط". مؤكدا، إنه "بالرَّغم من تأخّر البدء في تنفيذ الموازنة هذا العام، يُتوقَّع لرصيد المالية العامة أن يتحوَّل من فائض كبير تحقّق في العام 2022 إلى عجز في الموازنة للعام 2023".
*توقع بزيادة العجز
وبين، إنه "يتوقّع الخبراء أن يتوسَّع حجم العجز المالي لدى الحكومة بدرجة أكبر في العام 2024 بما يعكس الأثر السنوي الكامل لإجراءات الموازنة. كما أنّ التوسع الكبير في المالية العامة، بما في ذلك حدوث زيادة جوهرية في أعداد المنتسبين للقطاع العام والتقاعد، يخلق متطلبات دائمة من الإنفاق العام الذي سوف يشكّل ضغطًا على الأموال العامة على المدى المتوسط."
ومضى بالقول: "ويتطلَّبُ ضمان استمرار أوضاع المالية العامة، في إطار سياق آفاق التوقعات غير المؤكّدة لأسعار النفط، تشديد موقف سياسة المالية العامة بصورة تدريجية، وفي الوقت نفسه، العمل على ضمان حماية الاحتياجات بالغة الأهمية للبنية التحتية وللإنفاق الاجتماعي. ومن شأن ذلك أن يتطلّب أيضًا تعبئة المزيد من الإيرادات غير النفطية، واحتواء فاتورة أجور موظفي الحكومة، وإصلاح نظام التقاعد الحكومي. ويجب دعم هذه التدابير بالانتقال إلى العمل على وجود شبكة أمان اجتماعي أكثر استهدافًا، وتعمل على توفير حماية أفضل للفئات الهشّة."
*التنوع الاقتصادي بنظر الصندوق
وأوضح، إن "البعثة رحَّبت بالخطط الحكومية الهادفة إلى تعزيز إدارة المالية العامة، بما في ذلك الترحيب بالخطوات التي اتّخذتها الحكومة باتجاه إنشاء حساب الخزينة الموحّد. وفي هذا السياق، كرّرت البعثة التنويه بأهمية الالتزام بالإطار الخاص بإدارة الضمانات الحكومية". لافتا إلى، أن "البنك المركزي العراقي شدّد سياسته النقدية بصورة ملائمة، ويتضمّن هذا التشديد زيادة سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية ورفع متطلبات الاحتياطي الإلزامي. وقد رحّبت البعثة بالتقدم المُحرَز على صعيد تعزيز إطار إدارة السيولة المحلية، وشجّعت على استمرار الجهود المبذولة للتّخلص من فائض السيولة، وتطوير سوق التداول ما بين المصارف بهدف تعزيز عملية انتقال إثر السياسة النقدية."
ومضى بالقول: "وتظل الإصلاحاتُ الهيكلية الهادفة إلى تحفيز التنوُّع الاقتصادي واستحداث فرص العمل بقيادة القطاع الخاص عاملًا محوريًّا في تحقيق النمو المستدام والشمولي. وتتضمن الأولويات على هذا الصعيد إيجاد فرص متكافئة للقطاع الخاص من خلال إجراء إصلاحات في العمل المصرفي وفي قطاع الكهرباء، وتقليص التّشوُّهات في سوق العمل، والاستمرار في بذل الجهود الرامية إلى تعزيز الحوكمة والحد من انتشار الفساد."
*قراءة موضوعية أم ضغط من كردستان؟
ووفق اقتصاديين، فإن تقرير صندوق النقد الدولي عن السياسة الاقتصادية في العراق لم يأتِ من فراغ ولا من نظرة اقتصادية بحتة، فزيارة وزير النفط قبل يومين إلى أربيل وإطلاقه وعودات بإعادة استئناف تصدير النفط بين كروك وتركيا، وقبله الدعوات الكردية للضغط على المركز إعادة استئناف التصدير، توحي بأن الإقليم مارس ضغطا على صندوق النقد الدولي للمطالبة بإعادة تصدير النفط عبر هذا الخط.
ويؤكد الخبراء، أن كردستان تضررت كثيرا من توقف الصادرات بين كركوك وتركيا، وباتت تخسر ملايين الدولارات، كونها كانت معتمدة على إيرادات هذا التصدير لوحدها وبمعزل عن حكومة المركز، لذلك بدأت باتباع مختلف الأساليب والطرق لإعادة ضخ النفط عبر هذا الخط بغية إنعاش خزينتها من جديد.