قراءة رقمية عن رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية ومخصصات الرئاسات الثلاث في العراق خلال 2024
انفوبلس/ تقرير
مع تداول الحديث في الأوساط السياسية العراقية عن وجود نقص في السيولة بوزارات ومصارف الدولة، ظهرت اليوم، إحصائيات عن حجم الرواتب المخصّصة للرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، البرلمان، الحكومة)، خلال العام 2024، والتي وُصفت بـ"الضخمة"، وكذلك إنفاق ثلثَي الإيرادات النفطية على الرواتب والرعاية الاجتماعية!، فما هو مستقبل العراق من الناحية المالية؟
وفي تقرير نشرته مؤسسة "عراق المستقبل" المستقلة المعنية بالشؤون الاقتصادية مؤخرا، كشف عن أن العراق يُعد الدولة الأكبر بعدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة بالاعتماد على دراسة أعدتها منظمة العمل الدولية وبيانات المؤسسة.
*ثلثا الإيرادات النفطية تُنفق على الرواتب والرعاية الاجتماعية!
أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، اليوم الخميس، أن رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية تلتهمان الموازنة العامة للعراق، حيث بلغت رواتب الموظفين 49.456 تريليون دينار حتى أكتوبر 2024، فيما وصل الإنفاق على الرعاية الاجتماعية إلى 22 تريليون دينار، ليشكل الإجمالي أكثر من 71% من الإنفاق التشغيلي.
وذكر المرسومي في تدوينة عنوانها "الرواتب والرعاية الاجتماعية يلتهمان الموازنة العامة!!"، تابعتها شبكة "انفوبلس"، "بلغت رواتب الموظفين على الملاك الثابت فقط 49.456 تريليون دينار لغاية شهر تشرين الأول 2024 وبمتوسط شهري بلغ 4.9 تريليون دينار وهو الأعلى في تاريخ العراق، فيما وصل الإنفاق على الرعاية الاجتماعية خلال نفس الفترة إلى 22 تريليون دينار.
وأضاف، "مجموع هاتين الفقرتين يبلغ 71.456 تريليون دينار ويشكلان أكثر من 71% من الإنفاق التشغيلي ويستحوذان على ثلثي الإيرادات النفطية التي تحققت خلال تلك الفترة".
وبعد ذلك، كشف نبيل المرسومي، عن حجم الرواتب المخصّصة للرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، البرلمان، الحكومة)، خلال العام 2024، فيما بين أنها تتجاوز 5 تريليونات دينار بالعام.
وقال المرسومي في مدوّنة أخرى على حسابه بمنصة التواصل "فيسبوك"، إن هذه الأرقام تخص 10 أشهر من 2024، أي تستثني شهرَي تشرين الثاني الماضي وكانون الأول الجاري. وبحسب المرسومي بلغت رواتب الرئاسات الثلاث، لغاية شهر تشرين الأول الماضي، 419 مليار دينار لمجلس النواب، 36 مليار دينار لرئاسة الجمهورية، و5.157 تريليونات دينار لمجلس الوزراء.
في حزيران 2023، أقرّ مجلس النواب العراقي الموازنة المالية العامة للبلاد لسنوات 2023 و2024 و2025، عقب سلسلة جلسات عقدها البرلمان. وتعتبر الموازنة المعتمدة، الأضخم في تاريخ البلاد، حيث تبلغ قيمتها نحو 153 مليار دولار لكل عام، مع تسجيل عجز مالي كبير يقدر بنحو 48 ملياراً سنوياً، وهو الأعلى حتى الآن ويزيد على أكثر من ضعفي العجز المسجل بآخر موازنة لعام 2021.
وفي حزيران 2024، أقر مجلس النواب الموازنة العامة الاتحادية للعام الحالي، وهي "تضمّنت 156 تريليون دينار موازنة جارية، و55 تريليوناً للجانب الاستثماري موزعة بين الوزارات والمحافظات، لكن الأرقام التي تحدّث عنها الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ضخمة، مع تداول الحديث في الأوساط السياسية العراقية عن وجود نقص في السيولة بوزارات ومصارف الدولة.
*رواتب الموظفين خلال 2025
طمأن عضو لجنة المالية النيابية، معين الكاظمي، المواطنين بأن رواتبهم مؤمَّنة لعام 2025، مستبعداً حدوث أي تغيير في سعر صرف الدولار، وذكر الكاظمي في لقاء متلفز تابعته شبكة "انفوبلس"، أن "هناك 4 ملايين و200 ألف موظف و3 ملايين و500 ألف متقاعد والرعاية الاجتماعية رواتبهم مؤمّنة".
وأضاف، إن "رواتب الموظفين والمتقاعدين التي تبلغ 65 تريليون التي خُصصت في 2024 لن تزداد كثيرا خلال العام المقبل"، داعياً إلى "التوجه الحقيقي نحو إيجاد الإيرادات غير النفطية وعدم الاعتماد كليا على تصدير النفط".
وأشار إلى أنه "من المفترض أن يكون لدى الحكومة جهد في زيادة الإيرادات غير النفطية، من خلال هيئة الضرائب العامة، وهيئة الجمارك، وهيئة الإعلام والاتصالات، والشركات الرابحة في دوائر الدولة، والجباية المطلوبة للماء والكهرباء والخدمات الأخرى". وتابع الكاظمي: "في عام 2025 تصل إلى 30 ترليون مع 120 إيرادات نفطية كافية لتأمين رواتب الموظفين".
وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، جمال كوجر، إن "ما يُشاع في الإعلام بشأن عدم تأمين رواتب الموظفين لا أساس له من الصحة، وإن وزارة المالية لا تواجه أي مشكلة في تأمين الرواتب حتى لو انخفضت أسعار النفط".
*الوزارات التي تشكل 80% من قيمة الرواتب
ومؤخرا، كشف رئيس مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية منار العبيدي، الوزارات التي تشكل 80% من قيمة الرواتب في العراق. وقال العبيدي في تدوينة عبر الفيسبوك "انفوبلس"، ان الوزارات التي تشكل 80% من قيمة الرواتب هي: وزارة الداخلية 14 ترليون دينار سنويا، ووزارة التربية 10 ترليون دينار سنويا، ووزارة الدفاع 8 ترليون دينار سنويا، ومجلس الوزراء وكل الهيئات المنضوية تحتها 6 ترليون دينار سنويا، بالإضافة الى وزارة الصحة 5.6 ترليون دينار سنويا، والتعليم العالي 2.6 ترليون دينار سنويا، فضلا عن مجلس النواب 500 مليار دينار سنويا.
وأضاف، إن اغلب الوزارات شهدت نموا سنويا برواتبها خلال 2024 و2023، لافتا الى ان بعض الوزارات كالكهرباء والنفط والصناعة والاتصالات اغلب مديرياتها ذات تمويل ذاتي، فلا تظهر جداول رواتبهم في النفقات التشغيلية للحكومة.
*العراق بالمرتبة الـ89 عالميًا
في المقابل، استقر متوسط راتب الفرد العر اقي في 2024 مقارنة بالعام الماضي 2023، بالرغم من تغير متوسط الراتب الشهري بالعديد من البلدان، فيما جاء العراق بالمرتبة الـ89 عالميًا من بين 196 دولة حول العالم بمتوسط الراتب الشهري.
وبلغ متوسط الراتب الشهري للفرد العراقي 583 دولارا وهو ذات المتوسط المسجل العام الماضي 2023، في الوقت الذي تغير متوسط راتب الدولة ذات المرتبة الأولى والعديد من البلدان الأخرى، حيث ان سويسرا جاءت بالمرتبة الأولى بمتوسط راتب شهري للفرد بلغ 8111 دولار، مقارنة بـ2023 حيث بلغ 6142 دولارًا، حسب مجلة سي وورلد.
وعربيًا، جاء العراق في المرتبة العاشرة بعد كل من الامارات التي جاءت بالمرتبة الأولى عربيًا والـ18 عالميًا بمتوسط راتب شهري يبلغ 3663 دولارًا، وبعدها، قطر، السعودية، الكويت، البحرين، المغرب، لبنان، فلسطين، الأردن، ثم العراق.
*ماذا عن سُلَّم الرواتب الجديد؟
ولا يزال الموظف العراقي، ينتظر سماع الاخبار عن سلم الرواتب الجديد، على أمل ان تحمل بشرى حكومية تزف له الخبر الموعود الذي غاب لسنين وغاب معه "الإنصاف والعدالة" والمساواة مع أقرانه في الرواتب والحوافز وغيرها من المخصصات.
وكانت المالية النيابية قد أكدت في 13 آذار/ مارس الماضي، على أهمية أن يكون الحد الأدنى للراتب يسد حاجة المواطن بسبب الظروف الصعبة وتقلبات السوق، مع ضرورة إضافة بعض الملاحظات على القانون لتحقيق العدالة بين جميع الوزارات"، مؤكدة أنها "لن تذخر جهدا في إطار تحقيق العدالة والمساواة وإنصاف موظفي الدرجات الدنيا بما يضمن حقوق الجميع ويلبّي تطلعات ذوي الدخل المحدود".
يشار إلى أن وزارة المالية كانت قد أكدت في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي، أنها جهة تنفيذية تقع عليها مسؤولية تنفيذ القوانين والتشريعات الصادرة من الجهات العليا، مبينة أن ملف سلم رواتب الموظفين ليس مسؤولية حصرية بها، إذ إن لجنة الأمر الديواني رقم 24 لسنة 2022 تضم عددا من الجهات التنفيذية والتشريعية والرقابية ومن مؤسسات الدولة ذات الشأن.
يذكر أن هناك تباينا كبيرا بين رواتب موظفي الدولة العراقية، إذ إن موظفا بدرجة وظيفية معينة في إحدى الوزارات يتجاوز راتبه المليون ونصف المليون دينار في حين لا يتقاضى نظيره في وزارة أخرى نصف هذا الراتب، وتتصاعد الرواتب بتصاعد الدرجات الوظيفية واختلاف المخصصات الشهرية، فضلا عن الأرباح السنوية في بعض الوزارات المنتجة.
على إثر هذا التباين يعرب الموظفون في الوزارات ذات الرواتب المتدنية منذ سنوات عن استيائهم مما يصفونه بـ "الإجحاف والتمييز" بين موظفي الدولة، مما دفع الحكومة إلى إعداد مسودة قانون لسلّم رواتب جديد يحقق العدالة بين الموظفين.
بالمقابل، يعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، أن "هناك صعوبة حقيقية في تشريع قانون سلم الرواتب الجديد، كون هذا القانون، سوف يرفع التخصيصات المالية في الموازنة التشغيلية بشكل كبير جداً، وربما تتحول الموازنة فقط لدفع الرواتب وتختفي الموازنة الاستثمارية".
ومنذ العام 2008، أجرى العراق تعديلاً على سلم رواتب الموظفين، وبعد سنوات تصاعدت الدعوات بشأن إجراء تعديل آخر على السلم، بما يواكب التضخم الحاصل في السوق العراقية، وهو مسار دخل في "قيل وقال" وكثرة سؤال، وسط تباين في الآراء بشأنه.
جدير بالذكر، أن رئيس مجلس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، قد أعلن مؤخرا وصول أعداد موظفي الدولة العراقية إلى عتبة الـ 5 ملايين موظف، إضافة إلى نحو 3 ملايين متقاعد، الأمر الذي يعني أن أكثر من نصف موازنة العراق التي تعتمد بنسبة 92 بالمئة على واردات النفط تذهب لسد رواتب الموظفين.