مَن الذي رضخ العراق أم كردستان؟ استئناف تصدير نفط الإقليم بين ضغوط واشنطن ومطامع أربيل و"تسرّع" بغداد

انفوبلس..
بين مَن يصدّر ملف استئناف تصدير النفط من شمال العراق عبر ميناء جيهان التركي، بوصفه نصراً لبغداد ورضوخاً من سلطات الإقليم للحكومة الاتحادية، وبين مَن يراه امتثالاً عراقياً لأوامر أمريكية تسعى لاستئناف تصدير نفط الإقليم لزيادة الضغط على طهران ومنعها من بيع نفطها للعالم، يقف العراقيون متحيرين خصوصاً مع التصريحات "الحاسمة" لوزير النفط وتناقضها مع موقف الشركات العاملة في الإقليم.
يوم أمس، نشر موقع "أويل بريس" الأمريكي، المختص بشؤون الطاقة، تقريراً بشأن استئناف ضخ النفط من إقليم كردستان، مؤكدا أن واشنطن ضغطت على بغداد من أجل ذلك، لتقليل صادرات النفط الإيراني.
ووفقا للتقرير فإنه "ورغم تأكيدات الحكومة العراقية الاتحادية بأن استئناف صادرات النفط من كردستان بات وشيكاً، قالت شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم إنها لن تستأنف صادرات النفط اليوم".
وأشار التقرير إلى أن "صادرات النفط من كردستان متوقفة الآن منذ ما يقرب من عامين، بعد أن توقفت منذ مارس 2023 بسبب الخلاف حول مَن يجب أن يسمح بالصادرات الكردية".
وأوضح، أن "الشركات الأعضاء في APIKUR لتصدير النفط من الإقليم، مستعدة لاستئناف الصادرات على الفور بمجرد التوصل إلى اتفاقيات رسمية لتوفير ضمان الدفع للصادرات السابقة والمستقبلية بما يتوافق مع الشروط القانونية والتجارية التعاقدية الحالية".
وبين التقرير، أن "منتجي النفط الأجانب في كردستان يريدون اتفاقيات وضمانات ثابتة قبل استئناف الصادرات، في حين تتعرض بغداد لضغوط من الولايات المتحدة للسماح بتوريد الإمدادات الكردية إلى السوق، حيث تتطلع إدارة ترامب إلى فرض تخفيض كبير في صادرات النفط الإيرانية في إطار حملة "الضغط الأقصى".
وأعلنت ثماني شركات نفط دولية تعمل في إقليم كردستان، أمس الجمعة، أنها لن تستأنف صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي رغم إعلان بغداد عن الاستئناف الوشيك للتصدير.
وذكرت رابطة صناعة النفط في كردستان (أبيكور) التي تمثل 60% من إنتاج الاقليم، إنه "لم تجرِ أي اتصالات رسمية لتوضيح الاتفاقيات التجارية وضمانات الدفع للصادرات الماضية والمستقبلية".
وفي وقت سابق من أمس الجمعة، أعلن نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، المباشرة باستئناف صادرات نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي خلال الساعات المقبلة، وجاء ذلك في تصريح أدلى به على هامش زيارته إلى ميناء خور الزبير للاطلاع على عمليات ربط أنبوب الغاز، ونقلته وزارة النفط في بيان، لكن وبالرغم من تصريح الوزير إلا أن ذلك لم يحدث، لتعلن وزارة النفط صباح اليوم السبت، تحديد الثلاثاء المقبل موعداً لعقد اجتماع مع الشركات النفطية في إقليم كردستان لمناقشة القضايا المتعلقة بالعقود المبرمة.
ودعت وزارة النفط الاتحادية، الشركات الأجنبية المنضوية تحت “أبيكور” والمتعاقدة مع حكومة إقليم كردستان لتطوير حقوله، إلى اجتماع في العاصمة بغداد، الثلاثاء المقبل، لمناقشة القضايا المتعلقة بالعقود المبرمة والتوصل إلى تفاهمات.
وذكرت الوزارة في بيان: "دعت وزارة النفط الاتحادية، الشركات الأجنبية المنضوية تحت “أبيكور” والمتعاقدة مع حكومة إقليم كردستان لتطوير حقوله، إلى اجتماع في العاصمة بغداد، الثلاثاء المقبل، لمناقشة القضايا المتعلقة بالعقود المبرمة والتوصل إلى تفاهمات".
وفي هذا الشأن كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أنه "من الصعب جدا إعادة تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان التركي من دون التوصل الى اتفاق مكتوب مع الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم تتضمن آلية واضحة لتسديد تكاليف الإنتاج والنقل والتسويق والتكاليف النفطية المتراكمة التي انفقتها الشركات الأجنبية ولم تستردها بعد وحل المشكلة المتعلقة بنسبة الأرباح التي تحصل عليها الشركات الأجنبية بموجب عقود المشاركة".
ويواجه نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير النفط، حيان عبد الغني، انتقادات حادة بعد تصريحاته الأخيرة حول استئناف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، والتي بدت وكأنها إعلان رسمي محسوم، قبل أن تتناقض مع موقف الشركات النفطية العاملة في الإقليم، التي أكدت عدم استئناف التصدير بسبب غياب التفاهمات التجارية وضمانات الدفع.
في الوقت الذي أكد فيه الوزير أن العراق على وشك استئناف التصدير بمعدل 185 ألف برميل يوميًا، جاءت مواقف الشركات النفطية لتكشف أن الإعلان كان سابقًا لأوانه، ما يطرح تساؤلات حول مدى دقة المعلومات التي استند إليها الوزير عند إعلانه عن القرار. هل كان التصريح مجرد محاولة لتهدئة الرأي العام، أم أن هناك خللًا في التنسيق بين الوزارة والشركات النفطية الفاعلة في الإقليم؟، وفقاً لمراقبين للوضع النفطي العراقي.
ويرى المراقبون، أن هذا التناقض يعكس إما سوء تقدير سياسي وإداري أو غياب التواصل الفعّال بين بغداد والشركات الأجنبية، مما يضع وزير النفط أمام تحدٍ جديد يتمثل في استعادة الثقة، ليس فقط أمام المستثمرين، ولكن أيضًا أمام الرأي العام الذي يراقب عن كثب مصير صادرات النفط وانعكاساتها على الاقتصاد العراقي.
ويوم الأربعاء الماضي، شرح وزير النفط حيان عبد الغني، آخر التطورات حول الاتفاق مع إقليم كردستان لتصدير النفط عبر أنبوب ميناء جيهان التركي، قائلاً إن العقود أُبرمت فعلياً من قبل شركة سومو الاتحادية مع الزبائن، مع انتظار إشارة فنية أخيرة من أربيل.
وقال عبد الغني: "بعد سلسلة من الاجتماعات والنتائج التي تم التوصل إليها مع حكومة الإقليم تم الاتفاق على المباشرة بتصدير النفط المنتج من الحقول العاملة في إقليم كردستان حسب ما نص عليه قانون الموازنة وتعديلاته الأخيرة التي سهلت من تسريع هذا الاتفاق".
وأضاف، "جرت العديد من المفاوضات في الأيام السابقة من خلال الوفد الذي يمثل وزارة النفط وتم عقد سلسلة من الاجتماعات مع وزارة الثروات الطبيعية والتوصل إلى التعجيل بعملية التصدير من خلال الأنبوب العراقي التركي".
وتابع: "كما يعلم الجميع أن الأنبوب العراقي التركي توقف قبل أكثر من 18 شهراً عن العمل وهنالك التزام بين الحكومة العراقية والحكومة التركية بضرورة تشغيل هذا الأنبوب للاستفادة من الإمكانيات المتاحة لتصدير النفط عبر ميناء جيهان، وتم التوصل إلى اتفاقية تضمن عملية التشغيل المشترك للأنبوب العراقي التركي وتشغيل ميناء جيهان".
وأشار إلى أنه "تم تشكيل اللجان الخاصة بعملية المعايرة والقياس للنفط المنتج الذي سوف يضخ من خلال هذا الأنبوب ابتداءً من نقطة فيشخابور الحدودية باتجاه الأراضي التركية".
وأكد، أنه "سيتم قياس هذه الكميات ومعايرتها عند ميناء جيهان للتأكد من وصول نفس الكمية التي تنتج وتضخ من قبل الإقليم باتجاه الميناء. طبيعي الجهة المسؤولة عن عملية تصدير النفط ستكون هي شركة تسويق النفط العراقية (سومو) التي وقعت العقود مسبقاً مع الشركات التي تشتري هذا النفط بالاتفاق مع سلطات الإقليم".
وبين الوزير: "نحن ننتظر بعض الأعمال الفنية التي يتم إنجازها الآن ضمن منطقة كردستان، كان لنا اتصال مع وزير الثروات الطبيعية، اليوم بعد الظهر، حول التعجيل بالتصدير والإنتاج، وأبلغني بأنه خلال يوم أو يومين سوف يتم تصدير النفط، هناك بعض الأمور الفنية التي يتم معالجتها الآن ونحن ننتظر الإشارة من الأخوة في الإقليم للمباشر العملية بتصدير النفط".
وأوضح، أن "الكميات الأولية التي سوف يتم تصديرها بحدود 185 ألف برميل يومياً، هذه تعتبر كمعدل أولي لتصدير نفط الإقليم، وسوف يتم زيادة هذه الكمية تباعاً وصولا إلى المعدلات المطلوبة"، مؤكدا: "نحن نأمل أن تكون هنالك معدلات أكثر من 300 ألف برميل يومياً لرفد موازنة الدولة العراقية بالمبالغ المطلوبة".
وفي مطلع شباط الماضي، أعلن وزير النفط حيان عبد الغني، الشروع بإجراءات تسليم نفط إقليم كردستان إلى شركة التسويق (سومو)، وقال عبد الغني إن "وزارة النفط بدأت تحركاتها مع حكومة الإقليم من خلال توجيه كتاب رسمي لتسليم النفط بشكل أصولي إلى شركة التسويق (سومو)"، مؤكدًا، "على تمكين الحكومة الاتحادية من استلام منتجات نفط الإقليم وتصديره عبر الشركة الوطنية".
وأشار إلى، أن "هناك إجراءات مع الحكومة التركية لتهيئة الخط العراقي – التركي لتصدير النفط من خلال ميناء جيهان".
وأوضح عبد الغني، أن "الكميات المحددة لا تقل عن 300 ألف برميل يوميا من نفط الإقليم تسلم إلى وزارة النفط الاتحادية يتم تصديره عبر الأنبوب العراقي التركي"، منبها إلى، أن "الديون التي بذمة إقليم كردستان يجري الاتفاق عليها بين الطرفين".