يحاصرك بـ1.424 صفحة على فيسبوك.. تحسين برواري.. يروج للعلاج بالأعشاب وأغلب الآراء بشأن منتجاته سلبية.. ماذا نعرف عن الطب البديل؟
انفوبلس..
يظهر دائماً عند تصفح العراقيين لمواقع التواصل الاجتماعي، ليطرح عليهم منتجاته العشبية كبدائل للأدوية لعلاج عشرات الأمراض كالسكري والسمنة ومشاكل الجهاز التنفسي ومشاكل البشرة ومشاكل النوم وغيرها الكثير، واللافت أنه يتبع طريقة تسويقية غريبة جداً وتتلخص بأن المتلقي لا يمكنه الإفلات من منشوراته مهما حاول حيث تتم مطاردته بنحو 1.424 صفحة على موقع فيسبوك فقط،، فلا يوجد مستخدم يمكنه حظر هذا العدد من الصفحات وهذا بالضبط ما يعول عليه تحسين برواري، الذي يصنف نفسه كخبير وطبيب للعلاج بالأعشاب، فماذا نعرف عنه وعن الطب التكميلي أو البديل؟ هل هو علم زائف أم لا؟
عند تصفح مواقع التواصل الاجتماعي والبحث عن اسم "تحسين برواري" تظهر أمامك آلاف النتائج أغلبها لصفحات ومنشورات تخص برواري نفسه، والبقية تنقسم بين مستخدمين يتذمرون من كثرة ظهور إعلاناته في صفحاتهم، وآخرين يتحدثون عن زيف ما يدعيه وفشل تجاربهم لعلاجاته التي ينشرها مئات المرات يومياً.
أحد المستخدمين كتب على صفحته في فيسبوك: "كثرت في الآونة الأخيرة اعلانات بخصوص العلاج بالأعشاب ومنها علاج هيموماكس، وتمت تجربة عبوتين من العلاج وكان العلاج فاشل جدا جدا جدا"، مضيفاً: "على أساس العلاج مضمون وفي حالة عدم الاستفادة يعاد المبلغ والنتيجة تم حظري من الصفحة".
وتابع: "اني مو غايتي استرجاع المبلغ لأن اعرف الشراء عن طريق الانترنيت غير مضمون، لكن لفائدة الناس انشر المحادثة والتجربة، المحادثة بيني وبين الصفحة الخاصة بالخبير تحسين برواري من خلال الماسنجر ومن خلال الواتساب ومن خلال الاتصال هاتفيا وبالنتيجة تم حظري من الفيس ولا يردون على اتصالاتي، هذه البيجات التابعة لتحسين برواري جميعها تقفيص وعلاجهم غير فعّال".
وكتب آخر: "صاحب هذا الفيديو المدعو ( تحسين برواري ) يدعي بانه طبيب اعشاب وبأنه يعالج الامراض الذي عجز الطب الحديث عن علاجها بأعشاب يقول انه جمعها من الجبال سعر العلبة الواحدة (45) الف عراقي وله اكثر من صفحة على الفيس ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى يظهر يتكلم ببعض المصطلحات الطبية ويقسم بأغلظ الايمانات على ان دواءه سيشفي الامراض، إحذروه فانه مدلس كذاب كذاب كذاب وقد جرّبتُ دواءه وظهر كذبة، لعنة الله عليه".
ونشر ثالث متسائلاً عن فعالية العلاجات وهي هي حقيقية أم لا، فكانت التعليقات كالتالي:
- "اخوان كله جذب بجذب جنت بالدوام ومن رجعت لكيت الوالد طالب من يمهم اعشاب ب 40 الف اكلاوات ما بي أي فائدة. ف لا تطلبون نصيحه. وكل ما يطلع الإعلان انطيه غير مهتم بعد ما يطلعلك".
- "صاحبي جرب المنحف مالته وكلوله اذا ما بيه نتيجة نرجعلك الفلوس، والعلاج ولا سوة نتيجة ويرالسهم حظروه".
- "والله العظيم ضحك علينا والدواء لا يشتغل ولا ينزل سكر الله شاهد. والضحايا الناس الفقراء والمرضى".
- "اخوان انتبهوا من هذا النصاب الذي عامل نفسه خبير واستخرج اعشاب لكل الامراض ثبت إنه اكبر كذاب ومخادع ومجرد أن تشتري العلاج منه يعطيك حظر حتى لا تكشف الاعيبه فحذاري منه لأنني أحد ضحايا نصبه عامل نفسه وعنده علاج لكل الأمراض مهما كانت المزمنة وغير المزمنة ومن تراسله تقول هذا العلاج ما افادني ينطيك حظر".
- "خبير الاعشاب تحسين برواري كذاب وعلاجه ميسوي شي لان اخذنا منا ولمدة شهر مافاد اذا كلا كذب بكذب وخداع".
طب الأعشاب في العراق
في مطلع العام الجاري، أعلنت دائرة صحة محافظة ديالى، عن إجراء مراجعة شاملة لطب الاعشاب في المحافظة، بعد تسجيل حالات خطيرة ناجمة عن طب اعشاب "مزيف"، وهي المراجعة الأولى من نوعها لمؤسسة صحية رسمية في البلاد.
وقال مدير إعلام صحة ديالى فارس العزاوي، إن "طب الاعشاب مسار علاجي دأبت عليه الأسر منذ مئات السنين، ولا يمكن تجاهل وصفاته الدقيقة والمؤثرة، لكن في ظل بروز طارئين واستيراد ما يسمى بالخلطات التجارية والتي تدخل بها مواد كيمياوية ادى الى اشكاليات ومضاعفات خاصة للأطفال بشكل هدد حياة بعضهم".
وأضاف العزاوي، إن "دائرته قررت اجراء مراجعة شاملة لطب الاعشاب من ناحية المراقبة المستمرة والتحقيق في كل الشكاوي خاصة في ملف الخلطات التجارية والتي بعضها يمنح للأطفال بحجة قدرتها على علاج بعض الامراض لكنها في الحقيقة تقود الى مضاعفات تنتهي في بعض الاحيان بالوفاة".
واشار الى ان "الطارئين على مهنة طب الاعشاب كثيرون وهم يحاولون ايجاد طرق غير صحيحة للكسب من خلال ابتكار خلطات تكون نتائجها سلبية على حياة المرضى وهذا ما دفعنا الى اجراء مراجعة شاملة والتحقيق في كل الشكاوى".
والتداوي بالأعشاب، هو طب شعبي أو تقليدي يعتمد على استخدام النباتات والمستخلصات النباتية، وله اسماء متعددة منها الطب النباتي، طب الأعشاب، علم الأعشاب، طب العرب، وأحيانا يشمل طب الأعشاب منتجات النحل (العسل) والفطريات، وبعض المعادن، والأصداف، وأجزاء معينة من الحيوانات.
ويعتبر التداوي بالأعشاب طريقة قديمة لعلاج الأمراض التي تصيب الإنسان، وتعود هذه الطريقة في المعالجة إلى ازمنه بعيدة ضاربة في القدم، صاحبت تاريخ الإنسان منذ بداية وجوده على ظهر الأرض.
ويعود استخدام الأعشاب في الطب بالعراق إلى السومريين قبل أكثر من 5000 سنة، والذين ابتكروا أقراصا طينية تحتوي على مئات النباتات الطبية مثل الأفيون والمر، وهي صمغ طبيعي مستخلص من أشجار وأعشاب صغيرة وشائكة.
وفي عام 2021، كشفت الطبيبة المعالجة خريجة جامعة بغداد والعاملة في احد المراكز الصحية بالسويد، الدكتورة نادية العاني، أن "الطب البديل هو من اقدم أنواع الطب التي عرفها البشرية، حيث كان الانسان قديماً يستخدم الأعشاب والاحجار لتسكين الالم، فضلا عن استخدامه سموم الافعى وغيرها من المحاليل المستخلصة من الطبيعة واثبات فاعليتها عليه بالتجربة".
وأضافت، أنه "مع تقدم العلم وتطور الاجهزة والعقاقير تم الاستغناء عن الطب البديل بالحديث"، مبينة أن "الدول المتقدمة منها السويد، اعتمدت في استخدام الطب البديل كمكمل للطب الحديث، حيث تقوم بمعالجة الامراض المستعصية كالسرطان وامراض المفاصل من خلال الجراحة والعلاج الكميائي، ومن ثم جلسات من العلاج بالابر الصينية لتخفيف الالم وبعدها يتم استخدام الاروماثيربي (العلاج بالزيوت اليوناني)".
من جانبه قال استشاري العظام والكسور الدكتور محمد المحمود، إن "الحاجة انتفت لوجود الطب البديل، اذ مع تطور العلم لم تعد الزيوت والاعشاب تفي بالغرض، مستعينا بمثال، في سبعينات القرن الماضي كان يستخدم دواء (تلدجوكسين) وهو مشتق مباشرة من الاعشاب ويستخدم لعلاج عجز القلب، تم التخلي عنه في الزمن الحالي، لأن الابحاث والتطورات أثبتت عدم فاعليته وهنالك علاجات اخرى تم اكتشافها لعلاج مرض عجز القلب تعد اكثر فاعلية".
وأوضح المحمود، أن "وجود مراكز الطب البديل في الدول المتقدمة، يعود الى اقبال الناس عليها عند الوصول الى اليأس في ايجاد علاج للأمراض مثل الشيخوخة والمفاصل والزهايمر والسرطان وغيرها من الامراض التي مازال العلم مستمرا بعمليات البحث من اجل اكتشاف طرق علاجها".
وتابع، أن "الجهل والفقر وتردي المؤسسات الصحية في مجتمعاتنا، جعلتها بيئة خصبة لامتزاج اعمال السحر والشعوذة ومزجها بحجة الطب البديل".
من جانب آخر، أكد الامين العام لمؤسسة الطب البديل العراقية أحمد العزاوي، أن "الطب البديل، أثبت نجاحه ومقدرته على علاج العديد من الامراض المستعصية والتي عجز الطب الحديث عن علاجها"، لافتا الى أن "الدول المتقدمة أدركت فعالية هذا المجال حيث بادرت بفتح مراكز للطب البديل، بالاضافة الى فتح عيادات خاصة للعلاج بالطب البديل ملحقة بالمراكز الصحية".
وأشار إلى أن "دولة الصين، لديها اكثر من 440 الف مؤسسة تقدم الرعاية الصحية بالطب البديل، علاوة على 520 الف سرير موزعة على اقسام المستشفيات الطبية العامة وتقدم الطب البديل كإجراء مكمل لطرق العلاج الحديثة".
وأضاف العزاوي، أن "الدول المتقدمة، تعمل على تدريس المعالجين الطبيين ومنحهم درجات عليا بالماجستير والدكتوراه في دراستهم للطب البديل، فضلا عن مساعي تلك الدول لتحصين وضمان حقوق المعالجين الطبيين والتكميليين بالطب البديل من خلال تضمين فقرات لهم بقانون العمل".
بدورها أفصحت المعالجة نادية صالح، بأنها عملت في مجال العلاج الطبيعي الفيزيائي، بعد حصولها على شهادتها من معهد الطب الفني في بغداد، وتدربها على يد امهر الاطباء، وكان عملها يأتي بعد علاج المريض جراحياً من اجل تأهيل عضلاته للعودة الى العمل بعد تعرضها للحروق او الكسور"، مبينة أنها "باشرت بأخذ دورات للحصول على شهادة تمكنها من ممارسة الطب البديل عبر الاروماثيربي، وتأهيلها لتقديم العلاج الصحي".
وتابعت صالح، أنه "في الآونة الأخيرة انتشرت مراكز عديدة للعلاج بالأعشاب والزيوت والحجامة، الا أن البعض من تلك المراكز دمج اعمال السحر والشعوذة ونتيجة لضعف دور الرقابة الصحية أسهم في عزوف الكثير من الناس في مجتمعاتنا على اعتماد الطب البديل لعلاج الامراض".
بين مؤيد ومعارض، هل يحقق الطب البديل النجاح في مجتمعاتنا واعتماده لعلاج الامراض المستعصية؟.. على الطب الحديث تفسيرها.
الطب البديل عالميا
ويمثل علاج آلام الظهر والمفاصل وخشونة الركبة، فقدان الوزن الزائد بلا جهد يُذكر وخلال فترة زمنية قصيرة، محاربة أمراض الضغط والسكر والتهاب الكبد والتخلص منها، وكل ما سبق هو بعض الوعود التي يُطلقها مروّجو العلاج بالأعشاب ومسوقوه. سواء أكنت تشاهد التلفاز أو تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي، فمؤكد أنك تعرضت لهذا النوع من الإعلانات الذي يَعِد بحل "مختلف" لجميع مشكلاتك الصحية من خلال تناول حبة واحدة من نوع ما من الأعشاب الدوائية.
في السنوات الأخيرة، تحوّل العلاج بالأعشاب أو المكملات التي تحتوي عليها إلى تجارة كبيرة ومزدهرة. في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال، تشكل هذه المكملات، سواء أكانت على شكل حبوب أو كبسولات أو مساحيق، 5% من جميع مبيعات البقالة، مع هوامش ربح أعلى بنحو 10 أضعاف من المنتجات الغذائية الأخرى. وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز في عام 2013، ينفق الأميركيون فقط ما يُقدّر بنحو 5 مليارات دولار سنويا على المكملات العشبية غير المثبتة علميا بدرجة كافية، والتي تَعِد بكل شيء، بدءا من محاربة نزلات البرد، مرورا بمعالجة الأمراض المزمنة، ووصولا إلى الوعد بتقوية الذاكرة وتعزيز القدرات الذهنية.
يشير تقرير الصحيفة الأميركية أيضا إلى أن صناعة الأعشاب والمكملات الطبية أصبحت نطاقا سريع النمو ضمن ما يعرف بـ"الطب البديل"، شملت هذه الصناعة في عام 2013 ما يُقدّر بنحو 29 ألف نوع من المنتجات والمواد العشبية التي تباع في مختلف أنحاء أميركا الشمالية. ووفقا لجيمس جونسون، كبير محللي السوق في "Nutrition Business Journal"، فإن معظم الأميركيين، الذين يأملون في تحسين صحتهم، يتوقعون من هذه المنتجات أن تمكنهم من تحقيق هذا الهدف، ولذلك فهم يخصصون جزءا من دخلهم لشرائها.
في السياق ذاته، يوضح المركز الوطني الأميركي لمعلومات التكنولوجيا الحيوية أن السنوات الأخيرة شهدت اهتماما متزايدا بالنباتات الطبية، بالإضافة إلى الاستخدام العلاجي للمواد الكيميائية النباتية. وفقا لبيانات التصدير العالمية لسنة 2014، بلغ حجم تجارة مواد النباتات الطبية ومنتجاتها المشتقة ذات الصلة، بما في ذلك المستخلصات والزيوت الأساسية والمستحضرات الصيدلانية النباتية والصمغ والتوابل المستخدمة في الطب ومكونات مستحضرات التجميل، نحو 33 مليار دولار أميركي.
يستخدم الناس الأدوية العشبية منذ آلاف السنين. تشمل مزايا هذا النوع من العلاجات التوافر الجيد، والملاءمة للجوانب الثقافية المحلية، والتوافق مع التفضيلات الفردية. لكن المشكلة الأساسية تكمن في أنه، على الرغم من شعبية الأدوية التقليدية بشكل عام والأعشاب بشكل خاص، لا يزال هناك الكثير من الالتباس وعدم اليقين حول مدى فاعليتها.
تشير هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة إلى أن الأدلة على فعالية الأدوية العشبية بشكل عام محدودة للغاية، تضيف الهيئة أن استخدام المستهلكين لمثل هذه الأدوية في كثير من الحالات يستند إلى المعتقدات الشعبية أكثر من الاعتماد على الأدلة والبحث العلمي.
خلال كتابه "101 أسطورة حول طب الأعشاب"، يوضح المؤلف "روبرت ديل روجرز" أنه من المُلاحَظ، رغم كون العلاج بالأعشاب قد حظي مؤخرا بالكثير من الانتشار والشعبية، تكرار الأساطير والمغالطات وأنصاف الحقائق التي يرددها كثيرون حول فوائد الأعشاب. يشرح "روجرز" أن وسائل التواصل الاجتماعي أساءت تقديم وشرح الكيفية التي تعمل بها المنتجات الطبيعية، مضيفا أنه غالبا ما ينقل المعلنون والأشخاص غير المختصين أنصاف الحقائق دون فهم الصورة كاملة.
تؤكد توصيات معاهد الصحة الوطنية الأميركية الأمر نفسه، قائلة إن هناك العديد من الأساطير التي نُسجت حول المنتجات الطبيعية الشعبية. تُسوَّق العديد من المنتجات الطبيعية التي تُباع بوصفها مكملات غذائية على أساس أنها تعزز الصحة والرفاهية وتقي من الأمراض، غير أن الأدلة والإثباتات العلمية التي تدعم هذه الادعاءات غالبا ما تكون قليلة وغير كافية.
في الواقع، قد يكون من الصعب اختبار مدى فعالية المكملات العشبية. على سبيل المثال، يُروَّج حاليا بشكل واسع لنبتة "سانت جون" بأنها تتمكن من علاج الاكتئاب، لكن نتائج الأبحاث التي أُجريت حولها ومدى فاعليتها في علاج الاكتئاب كانت مختلطة، والأهم، ثبت أن نبتة "سانت جون" يمكن أن تتفاعل بطرق خطيرة، وأحيانا مهددة للحياة، مع مجموعة متنوعة من الأدوية.
بخلاف نبتة "سانت جون"، توضح معاهد الصحة الوطنية الأميركية أن هناك أساطير منتشرة على نطاق عالمي حول كون بعض الأعشاب، مثل الناردين والبابونج والكافا، فعالة في علاج الأرق، والحقيقة أن هذه الأعشاب قد تُستخدم أحيانا بوصفها أدوات مساعِدة على النوم، لكن لم تثبت فعاليتها في علاج الأرق بشكل علمي دقيق ومؤكد. وفي الوقت نفسه، أثيرت مخاوف مهمة تتعلق بالسلامة حول بعض هذه الأعشاب، على سبيل المثال، رُبطت مكملات الكافا بخطر الإصابة بأمراض الكبد الحادة.
هناك خرافة أيضا متعلقة بزهرة يُطلق عليها اسم زهرة الآلام أو زهرة العاطفة، حيث يُعتقد أن هذه الزهرة يمكنها تقليل التوتر وتحسين الصحة العامة. الحقيقة هي أن هناك عددا قليلا جدا من الدراسات التي أُجريت على زهرة العاطفة، ومن ثم لا توجد أدلة كافية لتحديد ما إن كانت هذه الزهرة فعّالة فعلا في كل الحالات أم لا.
الكركم أو الكركمين ومكملات الجنكة بيلوبا من الأعشاب التي نُسجت حولها الكثير من الخرافات أيضا، لعل أبرزها أنه يمكن لهذه الأعشاب أن تمنع ظهور الخرف ومرض ألزهايمر. الحقيقة هنا هي أن هذه النتائج، رغم وجود بعض الأدلة التي قدّمتها الدراسات المخبرية على أن الكركمين قد يؤثر على وظائف المخ وتطور الخرف، لم تثبت بعدُ في التجارب السريرية. أيضا، في العديد من التجارب السريرية الكبيرة لم تثبت فعالية الجنكة بيلوبا في تقليل معدل الإصابة بالخرف أو الإصابة بمرض ألزهايمر.
أما حينما توضع الأعشاب في كبسولات، فالمشكلة تكون أكبر. عام 2015، اتهم مكتب المدعي العام لولاية نيويورك 4 من كبار تجار التجزئة ببيع المكملات العشبية "الاحتيالية" التي يُحتمل أن تشكل خطورة على صحة المستهلكين، وطالبهم بإزالة المنتجات من أرففهم. أوضحت السلطات أنها أجرت اختبارات على العلامات التجارية الأكثر مبيعا للمكملات العشبية في 4 متاجر تجزئة شهيرة، ووجدت أن 4 من أصل 5 من المنتجات لا تحتوي من الأساس على أي من الأعشاب المدونة على ملصقاتها.
أظهرت الاختبارات أن الحبوب التي توصف بكونها من "الأعشاب الطبية" كانت غالبا ما تحتوي على مواد حشو رخيصة مثل مسحوق الأرز والهليون والنباتات المنزلية، وفي بعض الحالات عُثر على بعض المواد التي يمكن أن تكون خطرة على الأشخاص المصابين بالحساسية.
خلال هذه الحملة، وجدت السلطات في متاجر "وولمارت (Walmart)" الشهيرة أن بعض المكملات الدوائية التي كان من المفترض أن تحتوي على نبات الجنكة بيلوبا، وهو نبات صيني رُوِّج له على أنه مُحسِّن للذاكرة، كانت في الواقع تحتوي على مسحوق الفجل وبعض النباتات المنزلية والقمح، على الرغم من أن هناك ادعاء مُدوَّنا على الملصق بأن المنتج خالٍ من القمح والغلوتين.
عثرت الحملة أيضا على العديد من الأعشاب الدوائية الأخرى، التي وجد أنها تحتوي على مساحيق الأرز والفاصوليا والبازلاء والجزر البري. كانت بعض المنتجات أيضا تحتوي على مساحيق البقوليات، والتي تشمل الفول السوداني وفول الصويا، ما يشكل خطرا على الأشخاص الذين يعانون من الحساسية.
أثار التحقيق، الذي أجراه المدعي العام مدفوعا بمقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز في عام 2013، التساؤلات حول وجود احتيال واسع النطاق في صناعة المكملات العشبية. أشار المقال إلى بحث أجرته جامعة "غويلف (Guelph)" في كندا توصل إلى أن ما يصل إلى ثلث المكملات العشبية المُختبَرة لا تحتوي على النباتات المدونة على ملصقاتها، وهي تحتوي فقط على مواد حشو رخيصة.
لذلك، في المرة القادمة التي تشاهد فيها إعلانا يغريك بشراء تلك المكملات التي تعدك بإنقاص وزنك واستعادة حيويتك والتغلب على مشكلاتك الصحية، فكر مليّا، وتذكّر أن الأمور لا تسير بهذه البساطة، هناك رحلة طويلة ينبغي أن يقطعها أي مكمل غذائي قبل أن تثبت فعاليته، والأهم أمانه للاستخدام على المدى الطويل، ناهيك بأن هناك احتمالا لا يستهان به بأن تكون هذه المكملات مغشوشة ولا تحتوي على المادة المقصودة أصلا. إن كنت تعاني من مشكلة صحية تحتاج إلى حل، استشر طبيبا أو متخصصا، ولا تبحث عن حل سحري، لأن الحلول السحرية الموعودة ليست إلا خُدعا لاستنزاف أموالك، وربما تدمير صحتك أيضا.