أسرار محاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني.. تمرد داخلي في فتح يمهّد لاشتعال الضفة
60 ألف مسلح يمكن أن ينقلبوا على العدو
أسرار محاولة اغتيال الرئيس الفلسطيني.. تمرد داخلي في فتح يمهّد لاشتعال الضفة
انفوبلس..
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر لحظة استنفار لدورية أمنية فلسطينية كانت في حالة اشتباك وإطلاق نار، مشيرين إلى أن المقطع يصور "محاولة اغتيال" للرئيس الفلسطيني محمود عباس، في رام الله.
لكن مصادر فلسطينية في مكتب محمود عباس أكدت أنه لا صحة لما يتم تداوله في الإعلام العبري عن محاولة اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وهو في صحة جيدة.
وكان الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين اِدّعى في تغريدة على موقع "إكس" مرفقة بفيديو محاولة اغتيال محمود عباس، مضيفًا أن المحاولة باءت بالفشل إلا أنها أدّت إلى مقتل أحد مرافقيه.
وباستثناء الفيديو الذي لا يظهر مكان الحادثة ولا هوية الأشخاص، لم تعلن أي جهة معلومات إضافية بعد.
وتبين بعد التحقق من الفيديو، أنه لا أساس له من الصحة، وهو يعود لواقعة جنائية حصلت في المخيم الثلاثاء الماضي.
إذ أعلن الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية في الضفة، اللواء طلال دويكات، عن إصابة 6 عناصر أمنية خلال مواجهة مع مطلوب جنائي بقضايا مخدرات، وهتك عرض.
وأوضح دويكات في تصريحات رسمية، أن "قوة من الأجهزة الأمنية توجهت إلى مخيم الجلزون شمال رام الله، لاعتقال أحد المطلوبين على خلفية قضايا تجارة المخدرات وهتك أعراض، ويُدعى بلال أبو عصبة، وخلال العملية جرى إطلاق النار على القوة، ما أدى إلى إصابة عناصر الأمن الستة بالرصاص، أحدهم وُصِفت جروحه بـ"الخطيرة"".
وأكد دويكات، أن عملية إطلاق النار التي استهدفت عناصر الأمن لن تمر دون عقاب، والمؤسسة الأمنية عازمة على مواصلة عملها الوطني، في ملاحقة الخارجين عن القانون، ومحاسبتهم وفق القانون.
*تمرُّد فتح
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، تتصاعد الخلافات الداخلية في حركة فتح رفضاً لموقف الرئيس محمود عباس من تبنّيه الرواية الإسرائيلية والأمريكية، التي أدان من خلالها حماس وحمّلها مسؤولية انفجار الأوضاع في قطاع غزة، وقال إن ما فعلته حماس لا يمثل الكل الفلسطيني.
إلا أن هذا الموقف الرسمي المُعلن من قبل فتح ظل سائداً منذ بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حتى خرج عضو اللجنة المركزية عباس زكي، في لقاء متلفز، أشاد من خلاله بعملية "طوفان الأقصى"، وقال إنها أحدثت حالة من النهوض الفلسطيني، كما أشاد بأداء "القسام" في التخطيط والتنفيذ الناجح لهذه العملية.
أما عن موقف السلطة الرسمي من الحرب، فقال زكي: "ما زلنا في فتح نعاني من ظروف قاسية رغم أننا اخترنا السلام الخادع مع إسرائيل، كما أننا لم نأخذ دورنا بالاستعداد الجيد لهذه المعركة"، فيما وصف لقاء بلينكن-عباس بالفاشل، وقال إن "شعبنا أكبر من قياداته".
وما إن خرجت تصريحات زكي للإعلام حتى سارعت حركة فتح بإصدار بيان ترفض فيه ما جاء على لسانه، وتتبرأ من موقفه، وأن ما تحدث به لا يعبر عن مواقف الحركة أو منظمة التحرير.
*السلطة تختار الحياد
وبدأ لافتاً أنه مع دخول الحرب الإسرائيلية في غزة يومها العاشر، حاولت السلطة الفلسطينية وحركة فتح التزام الصمت والوقوف على الحياد حتى أطول فترة ممكنة، وعدم التطرق إلى مسألة المجازر التي ارتكبتها إسرائيل بحق المدنيين في القطاع.
وقد أثبتت العديد من الشواهد انحياز السلطة إلى الموقف الإسرائيلي والأمريكي من هذه الحرب، إذ لم تدعُ حركة فتح أو السلطة الفلسطينية حتى هذه اللحظة إلى أي مسيرات تضامن أو توجيه دعم وإسناد سياسي لقطاع غزة، كما لم يدعُ رئيس السلطة إلى أي اجتماع على مستوى القيادة لبحث تداعيات الحرب، أما مجلس الوزراء فلم يخصص أو يدعُ إلى اجتماع طارئ على مستوى الحكومة لمناقشة الأوضاع الإنسانية في القطاع.
*تمرُّد وانقلاب في حركة فتح
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي ومكبرات الصوت دعوات في مدن مختلفة من الضفة الغربية، تدعو من خلالها المواطنين إلى مسيرات حاشدة واشتباكات بالأسلحة على نقاط التماس مع الجيش الإسرائيلي.
صدر البيان باسم أقاليم فتح المتمردة -تيار المقاومة والتحرير، ما يؤشر إلى مستوى الغضب الداخلي في قواعد فتح التنظيمية، التي باتت تهدد بالخروج عن السياق والخط العام للحركة، وتتبنى مواقف تتناقض في جوهرها مع موقف الحركة الرسمي.
ورغم أن مثل هذه الدعوات قد لا تجد استجابة من قبل الشارع للتفاعل معها؛ خشية الملاحقة الأمنية، فإنها تؤسس لحالة جديدة في الضفة الغربية، قد تجد فيها السلطة نفسها غير قادرة على ضبط وإدارة الحالة العامة في الضفة، بسبب فقدان رصيدها داخل قواعد التنظيم.
كما أن هذه الدعوات في هذا التوقيت تُغضب السلطة، التي تتهيأ في منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2023 لعقد المؤتمر الثامن لحركة فتح، الذي سيناقش ضمن أجندته ملفات عديدة، منها تصويب الأوضاع التنظيمية الداخلية داخل الحركة، ومستقبل الرئاسة، واستكمال ما بدأ به الرئيس بالتدوير الشامل في المواقع الوظيفية والتنظيمية في فتح.
وقد قال الكاتب والمحلل السياسي عبد المجيد سويلم، إن "الموقف الرسمي المُعلَن لحركة فتح متأخر كثيراً عن موقف الشارع تجاه ما يجري من أحداث في غزة، وهذا قد يكون مرتبطاً بضغط أمريكي وإسرائيلي بتجنب أي رد فعل غير متوقع في الضفة الغربية هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن غياب المعلومة عما يدور في ذهن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية يجعل السلطة مترددة في إعلان موقف نهائي تجاه ما يجري في القطاع".
وأضاف على المستوى السياسي، فإن "الموقف الرسمي المعلن من قبل الرئيس لا يلبّي تطلعات الشارع، الذي كان يأمل أن لا يضع الرئيس، المقاومة وإسرائيل في كفة واحدة، أما التفاعل على مستوى الشارع فتقييمه كان جيداً ولكنه لم يحظَ بتغطية إعلامية كافية؛ نظراً إلى سيطرة غزة على عناوين الأخبار الرئيسية".
*انقلاب على العدو
وبحسب مراقبين فلسطينيين، فإن "60 ألف مسلح هم قوام قوى الأمن الفلسطينية في الضفة يمكن أن تتحول أسلحتهم باتجاه الكيان في حال سقوط عباس".