الأردن يخدم تل أبيب.. فتح الطريق البري لنجدة الكيان وقمع التظاهرات المؤيدة لغزة وحاول صد الهجوم الإيراني.. هل يسقط قريبا؟
انفوبلس/ تقارير
سلسلة من الأخطاء وقع فيها الأردن منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، كان أولها فتحه الطريق البري لوصول البضائع إلى الكيان الصهيوني، ثم قمعه التظاهرات المؤيدة والداعمة لفلسطين، ثم آخرها ما حدث ليلة السبت الماضي وتحريكه دفاعاته الجوية لنجدة "إسرائيل" ومحاولة إسقاط الصواريخ والمسيرات الإيرانية، وسط حالة من الاستغراب والتساؤلات عن الحال الذي وصل إليه "الملك عبدالله".. انفوبلس سلّطت الضوء على أخطاء الأردن الثلاث هذه وستشرحها بالتفصيل مع بيان تاريخ العلاقات الأردنية – الصهيونية منذ القرن الماضي.
*ثلاث أخطاء أردنية تسردها "انفوبلس" بدءاً من الأخير
أُثيرت حالة الجدل والانقسام بين جمهور منصات التواصل إثر مشاركة الأردن في التصدي للمسيرات التي أطلقتها إيران -مساء السبت- باتجاه الكيان الصهيوني، والتي مرت فوق الأراضي الأردنية.
وطرح مغردون كثيرا من التساؤلات منها: لماذا شارك الأردن في عملية التصدي؟ ولماذا لم يترك المسيرات تمر إلى إسرائيل؟ إضافة إلى كثير من الأسئلة التي تم تداولها على منصات التواصل.
وقال أحد المدونين إن الأردن ارتكب مرة أخرى خطأ استراتيجيا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول. فأخطأ حين فتح الطريق البري لوصول البضائع إلى إسرائيل، وأخطأ حين قمع المظاهرات الداعمة لفلسطين، وأخطأ حين حرَّك دفاعاته الجوية لإسقاط صواريخ ومسيرات ليست موجهة نحوه.
وعلّق أحد المتابعين على هذه التدوينة بالقول، إن العلاقات الدولية الشائكة والإقليمية المتقلبة حددت طبيعة الانخراط في اعتراض الصواريخ، وإن ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ليس كما قبله.
وأشار آخرون إلى، أن "إسرائيل ستقوم بالرد على الهجمات الإيرانية، ولكن السؤال الذي طرحوه هو ماذا لو كانت صواريخ إسرائيلية انطلقت من تل أبيب نحو أحد الأهداف ومرت في الأجواء الأردنية، "هل ستتصدى لها دفاعاتنا الجوية كما فعلت اليوم مع المسيّرات الإيرانية؟" أي المتجهة نحو الاحتلال".
وردا على هذا السؤال، قال أحدهم إذا كان الأردن يحمي أجواءه من قبل طرفي النزاع (إيران وإسرائيل) فهذا حقه، أما أن تقوم إسرائيل باختراق الأجواء الأردنية لاعتراض المسيرات حسبما ذكرت مصادر إخبارية، فهذا يُعد اصطفافا مع المحتل.
وقال مدون، "إنه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، اكتشفنا أن إسرائيل بحاجة إلى جسر جوي بعد 6 ساعات، وفي 14 أبريل/نيسان، اكتشفنا أن إسرائيل بحاجة إلى دفاعات جوية من أميركا وبريطانيا ودول عربية لحماية أجوائها".
*احتفاء صهيوني بدور الأردن في صد الهجوم الإيراني
بعد ذلك، احتفت صحف صهيونية ومحللون، بالدور الأردني في صد جزء من الهجوم الإيراني على "إسرائيل"، وعدّوا ذلك تعبيرا عن التعاون الوثيق بين الجانبين، ونجاح إسرائيلي في "هندسة" تصدٍّ إقليمي للهجوم الإيراني.
وقالت الصحفية الإسرائيلية، سمدار بيري، إنه بينما اختفى الملك الأردني بالتزامن مع الهجوم الإيراني، ولم يظهر للتعليق على ما يجري، فإنه كان يعمل خلف الكواليس، ويوجه سلاح الجو لصد الهجوم الإيراني.
وأضافت بيري في تقرير لها في صحيفة يديعوت أحرونوت، إنه حتى قبل الهجوم الإيراني الليلة، ومرور الطائرات في أجواء الأردن، فقد أوضح الملك في المحادثات أنه لن يسمح للإيرانيين بالعمل في الأراضي الأردنية.
*الأردن سمح بدخول الطائرات الصهيونية
"بالأمس، فجأة، تم الكشف عن سر التعاون الوثيق بين قوات الأمن الأردنية ونظيرتها الإسرائيلية، وسمحت المملكة للطائرات الإسرائيلية بحرية العمل الكاملة في سماء الأردن، فهاجمت الطائرات الإيرانية بدون طيار، وبدا للحظة أن التعاون العلني والسري في عهد إسحاق رابين والملك حسين يعود إلى عهد عبد الله وبنيامين نتنياهو"، وفق التقرير.
وقالت بيري، إن "طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ومعدات إلكترونية متطورة نصبت كمينا للطائرات بدون طيار الإيرانية في سماء الأردن، وفي الوقت نفسه خرجت طائرات أردنية من قواعدها لإطلاق النار على الطائرات بدون طيار الإيرانية التي شقت طريقها إلى الأراضي الإسرائيلية".
وقد أعلن الأردن إغلاق مجاله الجوي، وأغلق مطار عمان، بالضبط خلال الساعات التي تم فيها تعليق الرحلات الجوية في إسرائيل".
وقال بيري، إنه "ليس هناك جدل في أن موقف الأردن الواضح إلى جانب إسرائيل ضد إيران سيعتبر مفاجأة كبيرة في أي قاموس دبلوماسي".
*ديفيد هيرست: لأول مرة يحارب "الجيش العربي" دفاعا عن إسرائيل
قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، إن الهجوم الإيراني على الاحتلال الإسرائيلي، كشف للمرة الأولى عن "قتال جيش عربي إلى جانب إسرائيل".
وأوضح هيرست في مقال بـ"ميدل إيست آي"، إن "الشيء الأكثر غباءً الذي فعلته مصادر أمنية إسرائيلية يوم الأحد، هو التبجح علناً بشأن التعاون الذي حصلت عليه من سلاح الجو الأردني الذي ساعدها على إسقاط الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز".
وتفاخرت مصادر إسرائيلية بأنه تم اعتراض صواريخ متجهة إلى القدس على الجانب الأردني من غور الأردن، وأخرى بالقرب من الحدود السورية.
وتابع هيرست، إن "الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها هي أنه على الرغم من الأمر الظاهر، فإن لإسرائيل حلفاء في المنطقة مستعدون للدفاع عنها".
وعلق هيرست: "لكن هذه لعبة حمقاء إذا أرادت إسرائيل الحفاظ على النظام الملكي الأردني الضعيف، ومحاربة تيار الرأي العام الراغب في اقتحام الحدود".
وأوضح: "ربما كان الأردن ذا وجهين في الماضي، وقد قام الملك حسين بتمرير معلومات استخباراتية إلى صديقه الذي يدخن السيجار، رئيس الوزراء السابق الراحل إسحاق رابين".
وأردف: "لكن هذه هي المرة الأولى التي أتذكر فيها أن الجيش الأردني، الذي لا يزال يحمل اسمه الأصلي منذ وقت التحرير من الإمبراطورية العثمانية باسم "الجيش العربي"، انضم بالفعل إلى القتال لحماية حدود إسرائيل، وهذا خطأ كبير".
وتحدث هيرست عن التباين في الموقفين الشعبي والرسمي، قائلا إنه "وبينما كان سكان الأردن، سواء من الفلسطينيين أو الأردنيين من الضفة الشرقية، يهتفون لتلك الصواريخ ويتمنون وصولها لأهدافها، قام الجيش الأردني بمحاولة إسقاطها نيابة عن إسرائيل".
وقال هيرست، إن "إسرائيل لا تقيم علاقات إلا مع القادة العرب الذين يتحدون إرادة شعوبهم ويفرضون عليها حكمهم الفاسد. قد يمنح التحرك الأردني يوم السبت نجاحا على المدى القصير لإسرائيل، لكنه على المدى الطويل يسبب مشاكل على طول حدود إسرائيل".
وخلُص هيرست إلى، أن الاحتلال الإسرائيلي ربما يحتفل بحقيقة أن لديه حلفاء حقيقيون، "لكنه بذلك يقوض شرعية أصدقائه بشكل قاتل".
يشار إلى أن الأردن شارك بشكل علني في صد الهجمات الإيرانية الأولى من نوعها على الاحتلال الإسرائيلي، فيما ذكرت صحف إسرائيلية أن عمّان سمحت لتل أبيب باستخدام أجوائها أيضا في صد الصواريخ والمسيّرات الإيرانية.
*الخطأ الثاني.. قمع التظاهرات المؤيدة لفلسطين
في الرابع والعشرين من تشرين الثاني من العام الماضي، أعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات الأردنية اعتقلت وضايقت مئات الأردنيين الذين شاركوا في احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء البلاد أو شاركوا في المناصرة عبر الإنترنت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووجهت إلى بعضهم اتهامات في إطار قانون الجرائم الإلكترونية الجديد الذي لاقى انتقادات واسعة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، شارك آلاف الأردنيين في مظاهرات سلمية في مختلف أنحاء البلاد تضامنا مع الفلسطينيين في غزة. وقال محامون أردنيون يمثلون المحتجزين لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات اعتقلت على الأرجح المئات بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات أو المناصرة عبر الإنترنت. ووثّقت هيومن رايتس ووتش حالات وجهت فيها السلطات اتهامات إلى أربعة نشطاء بموجب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد، منهم الناشط البارز أنس الجمل، وأيمن صندوقة، وهو أمين عام حزب سياسي.
من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية، إنه يجب على السلطات الأردنية أن توقف فورًا حملتها القمعية على الاحتجاجات المؤيدة لغزة، وأن تفرج حالًا عن عشرات النشطاء الذين اعتقلوا بشكل غير قانوني لمجرد انتقادهم السلمي لسياسات الحكومة تجاه إسرائيل.
فمنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، اعتقلت السلطات الأردنية ما لا يقل عن 1500 شخص، من بينهم حوالي 500 محتجز منذ مارس/آذار في أعقاب احتجاجات ضخمة أمام السفارة الإسرائيلية في عمان.
وقالت رينا وهبي، مسؤولة حملات معنية بالأردن في منظمة العفو الدولية: “يتعين على الحكومة الأردنية الإفراج فورًا عن جميع الذين اعتقلوا تعسفيًا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 بسبب نشاطهم المؤيد لفلسطين. ويجب على الحكومة أن تضمن حرية المحتجين والنشطاء في الانتقاد السلمي لسياسات الحكومة تجاه إسرائيل من دون تعريضهم للملاحقة أو الاعتقال العنيف من قبل قوات الأمن”.
*الخطأ الأول.. فتح الطريق البري لوصول البضائع إلى الكيان
بعد الضربات التي نفذتها المقاومة في البحر الأحمر والتي تسببت بشلل جزئي للقطاع الاقتصادي الصهيوني، وبعدما مُنعت سفن الكيان من المرور من هناك، سارعت دول الأردن والسعودية والبحرين والإمارات إلى فتح ذرعانها والاتفاق على إنشاء طريق برّي يكون بديلاً عن الطريق المحاصر بحرياً بفعل هجمات الحوثيون.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة شبكة الشاحنات Trucknet Enterprise Ltd الإسرائيلية حنان فريدمان خلال افتتاحه الطريق قبل نحو شهرين من الآن، إن شركته تقوم بإرسال البضائع، بما في ذلك المواد الغذائية والبلاستيكية والمواد الكيميائية والكهربائية، من الموانئ في الإمارات والبحرين، عبر السعودية والأردن، إلى إسرائيل ثم إلى أوروبا.
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي تفتح فيها طرق تجارية تمر عبر قلب الشرق الأوسط لتجاوز البحر الأحمر، الذي يتعرض مدخله عند باب المندب لهجمات من الحوثيين في اليمن، تستهدف السفن المتجهة إلى إسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إسرائيلية وحشية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
بعد ذلك، نظم ناشطون، سلسلة بشرية بدعوة من "الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الأردن" (تجمع يضم أحزابًا وشخصيات ومؤسسات مجتمع مدني) على جسر النعيمة باتجاه محافظة إربد (شمالي الأردن)، رفضاً للجسر البري الذي يمد الاحتلال الإسرائيلي بالبضائع من دول خليجية ويمرّ عبر الأراضي الأردنية.
ووقف المشاركون في الفعالية في صف طويل على طول الطريق الواصل للحدود مع فلسطين المحتلة، وهو الطريق الذي تمر منه الشاحنات في طريقها إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ورفض المشاركون في الفعالية التي رفعت بها الأعلام الأردنية والفلسطينية سماح الحكومة الأردنية بمرور الشاحنات المحمّلة بالبضائع والقادمة من دول خليجية عبر أراضي المملكة.
وطالبوا بمنع تلك الشاحنات من الوصول إلى الاحتلال الإسرائيلي، سيما وأن ذلك يجري في ظلّ الحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
*العلاقات الأردنية الصهيونية
أول علاقات دبلوماسية بين الأردن والكيان الصهيوني كانت منذ عام 1994، عندما وُقِّعت "معاهدة السلام" بين البلدين. قبل هذه المعاهدة كان بين البلدين علاقات لم تكن علنية، وتتوصلان إلى اتفاقات فيما بينهما. وقد سبق توقيع معاهدة السلام الأردنية الصهيونية لقاء عُقد في واشنطن قبل ذلك بثلاثة أشهر بين الملك حسين ورئيس الوزراء إسحاق رابين، حيث أعلن الزعيمان عن انتهاء حالة الحرب بين بلديهما.
العلاقات الأردنية الصهيونية مرتبطة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني من قضية اللاجئين، الجدار الإسرائيلي العازل، مبادرة السلام العربية، المستوطنات. المعاهدة بين الأردن وإسرائيل كانت بداية عصر جديد من العلاقات السلمية بين الدولتين. والتي ادت لسلام وتعاون بين البلدين في مجالات عديدة منها الاقتصادية، الأكاديمية، والزراعية. أما العلاقات الثنائية بين عمان وتل أبيب فتعاني من مشاكل أبرزها الموقف الشعبي الأردني المعارض للتطبيع مع إسرائيل وعدم استجابة الأخيرة لمبادرة السلام العربية التي تبناها العرب في مؤتمر قمة بيروت عام 2002.