الإمام الخامنئي وقيادة الثورة الإسلامية.. 34 عاماً من المنجزات.. هكذا تحوّلت إيران إلى مصاف الدول المتقدمة
انفوبلس/ تقارير
تولى الإمام السيد علي الخامنئي قيادة الثورة الإسلامية وولاية أمر المسلمين في إيران يوم 4 حزيران 1989 بعد اجتماعات عقدها مجلس خبراء القيادة بعد يوم واحد من ارتحال مُفجِّر الثورة الإسلامية الإمام الخميني "قدس"، وتعتبر فترة قيادة الإمام الخامنئي استكمالًا لخط ومشروع الإمام الخميني وتميّزت بمنجزات على المستويات كافة؛ سياسية وعسكرية وأمنية واجتماعية وقضائية واقتصادية وثقافية وفكرية وفنية، وتميّزت فيها إيران بالمنجزات العلمية واحتلالها المراكز الأمامية عالميًا في مجالات البحث العلمي والتصنيع، كما تميّزت ببناء استراتيجيات في المجالات المذكورة سابقًا يمكن اعتبارها نموذجاً يُحتذى به لباقي الدول.
*مجلس الخبراء
مع رحيل الإمام الخمينيّ "قدس سره" في 3 حزيران 1989م، عقد مجلس الخبراء في صباح اليوم التالي جلسة طارئة بحضور جميع الأعضاء، ولم تمضِ عشرون ساعة على الجلسة حتّى تمّت مبايعة آية الله العظمى الإمام الخامنئيّ دام ظله وليًّا لأمر المسلمين وقائدًا للثورة الإسلاميّة بـ(60) صوتًا مؤيِّدًا من مجموع (74) خبيرًا حضروا الاجتماع.
*حياته السياسية قبل الثورة
حياة الإمام الخامنئي السياسية بدأت عمليًّا عام 1952 عندما التقى بـ"مجتبى نواب صفوي" زعيم حركة فدائيي الإسلام السرّيّة في مدينة مشهد، وأدى هذا اللقاء إلى بناء أواصر صداقة بين الشابَّين وتم اعتقال الإمام الخامنئي لأول مرة بسبب مشاركته في اجتماع احتجاجي لأعضاء منظمة فدائيي الإسلام لدعم القضية الفلسطينية في مشهد عام 1962، حيث كان يُلقي بكلمة يُدين فيها تعاون الشاه السابق مع الكيان الصهيوني. التقى السيد الإمام الخامنئي لأول مرة بالإمام الخميني عام 1957 حيث تتلمذ على يديه وتأثر بأفكاره السياسية.
*حياته السياسية بعد الثورة
قام الإمام الخميني بتشكيل لجنة الثورة لتشكيل نظام جديد للجمهورية الإسلامية الإيرانية ضمَّت عددًا من رجال الدين والحكماء والثوريين وكان السيد الخامنئي عضوًا ثابتاً في اللجنة إلى جانب هاشمي رفسنجاني، وتم دمج هذه اللجنة مع الحكومة بقرار من الإمام الخميني نفسه وأضحى عدد من أعضاء هذه اللجنة ذوي مناصب حكومية مثل السيد الخامنئي الذي صار مساعد الشؤون الثورية لوزارة الدفاع في حين كان مصطفى شمران وزيرًا للدفاع.
كان أحد أهم قرارات لجنة الثورة تشكيل قوات عسكرية لحماية الثورة سُميت بالحرس الثوري واللجان الثورية والتعبئة الشعبية (باسيج)، وأشرف الإمام الخامنئي على هذه القوات حتى أواخر عام 1979 حيث استقال ليترشح لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي.
قام الإمام الخميني بتعيين السيد الخامنئي بمنصب إمام جمعة طهران بتاريخ 14 يناير/ كانون الثاني 1980، حيث أقام صلاة الجمعة في طهران منذ ذلك الحين وحتى 26 يونيو/ حزيران 1981؛ حينها أقدم عناصر منظمة مجاهدي خلق بزرع قنبلة في ميكروفون جامع أبي ذر بطهران ومحاولة اغتياله، ولكنه نجا من محاولة الاغتيال هذه بصعوبة بالغة أدت إلى إصابته بجروح بليغة وخسارة أعصاب يده اليمنى واضطراره إلى ترك مسؤولية إقامة صلاة الجمعة لمدة طويلة بسبب حالته الصحية.
واستطاع السيد النجاح بالدخول إلى مجلس الشورى الإسلامي في أول دورة له بعد الثورة، فبراير/شباط عام 1980، حيث شغل منصب رئيس لجنة الدفاع في هذا المجلس. وترك المجلس بعد أن تم انتخابه رئيسًا للجمهورية عام 1981.
واشتهر السيد أيضًا بأنه كان من أشدّ معارضي الإبقاء على العلاقات مع الولايات المتحدة ويصرّ على تصفية كل الحكومة ممن لم يكونوا ثوريين أو لديهم ميول تجاه العلاقات مع الولايات المتحدة أو الدول العربية الرجعية.
*علاقة الإمام الخامنئي برفسنجاني
التقى الإمام خامنئي برفيق دربه ـ حسب وصفه ـ أكبر هاشمي رفسنجاني، عام 1957، في مدينة كربلاء المقدسة بالصدفة وتعرّف إليه من خلال آية الله شبيري زنجاني، وبعد عامين التقيا مجددًا في مدينة قم حيث كان الشابان يدرسان العلوم الدينية وبدأت العلاقات الوطيدة بين الشابين واستأجرا منزلًا مشتركًا في مدينة قم بعد العودة من كربلاء وعاشا سوية لعدة سنوات مع عائلاتهم واستمرت هذه العلاقة فيما بينهم حتى وفاة هاشمي رفسنجاني عام 2017.
وعلى الرغم من نفيه إلى مدينة جيرفت فإن بدء حركة الثورة الإسلامية في إيران أدى إلى انخراط كل الدوائر الأمنية من حوله، وبمجرد إحساسه بفك الحصار عنه عاد الإمام الخامنئي إلى مدينة مشهد عام 1978 ليقود الحركات الثورية ضد نظام الشاه في محافظة خراسان.
*34 عاما على قيادة الثورة الإسلامية
بعد 34 عامًا من تولي الإمام الخامنئي لقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولشؤون المسلمين عامة وما سبقها بفترة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية مباشرة، يمكن رؤية سياسات الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كنموذج يُقتدى به للدولة القادرة على تعزيز مصالح أمنها القومي والاكتفاء الذاتي.
وفيما يلي أبرز منجزات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الجوانب الثقافية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية خلال فترة تولي السيد علي الخامنئي قيادة الثورة الإسلامية:
على الصعيد الاقتصادي:
أبدع الإمام الخامنئي في إنتاج دولة التطور والبحث العلمي، فقد ساهم التحوّل البنيوي في النظام الإيراني، بتأمين الأرضية اللازمة لتحقيق الاكتفاء الذاتي للشعب الإيراني. كما انتقلت إيران من دولة تحتاج إلى الدعم في قطاع الصناعة (قبل الصورة) إلى دولة مُصدِّرة للصناعات بالإضافة إلى مرحلة التطور في البحث العلمي على الصُعد كافة وصولًا إلى الطاقة النووية.
على الصعيد الاجتماعي:
بعد انتصار الثورة الإسلامية واستلام الإمام الخامنئي لقيادتها، توافرت الأجواء المناسبة لتنمية القيم الإخلاقية والإنسانية، والعودة إلى الذات، عبر إزالة مظاهر الفساد من المجتمع، ورفع مستوى الوعي العام والمعنويات، من خلال مكافحة الأُمّية، التي حققت أغراضها إلى حد كبير، في سبيل توفير الأمن الاجتماعي والقضائي والمساواة لأبناء الشعب، والعمل على تنمية روح الوحدة والإخاء وإشاعة الأدب الثوري – الديني.
على الصعيد العسكري:
شملت الثورة الإسلامية في إيران أيضًا البُعد العسكري حيث شهدت إيران نقلة نوعية على صعيد تطوير الأسلحة لديها لا بل تجاوزت هذه الحقبة رغم الحصار وغاصت في صناعة الأسلحة كافة بمجهودها الذاتي كصناعة وتطوير الصواريخ الباليستية والأقمار الاصطناعية وصناعة المدرعات والسفن الحربية والمقاتلات الجوية، بالإضافة إلى صناعة الرادارات والدفاعات الجوية وصولًا إلى امتلاك تقنية التشويش الإلكتروني المتطورة، لتصل الجمهورية الإسلامية بفضل قيادتها إلى مرحلة الجهوزية لخوض الحروب الإلكترونية وعلى نطاق واسع، ومثال على ذلك عملية السيطرة وإنزال الطائرة الأميركية التجسسية RQ170.
على الصعيد السياسي:
تمكنت الحكومة في إيران من بلورة تشكيلات سياسية مختلفة مع شفافية في المواقف، من أجل تحقيق وتعزيز الاستقلال السياسي للبلاد، وقطع أيادي التسلط الأجنبي عنها، عن طريق المساهمة في نمو الوعي السياسي والوعي العام للشعب وتواجده في مختلف المجالات، والحركة نحو التقنين والمجتمع المدني الديني.
ونجحت قيادة وإدارة السيد الخامنئي في إيران من خلال توليه لقيادة الثورة المباركة برسم معالم الوجه الحقيقي للإسلام وإثبات مظلومية الشعب المسلم في إيران، وعرض نظرية حوار الحضارات والعمل على إيجاد العلاقات بين شعوب العالم، وإزالة أشكال التوتر على المستوى الدولي.
على الصعيد الأمني والدفاعي:
حققت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاكتفاء الذاتي في تصنيع المعدات العسكرية والدفاعية في شتى الصنوف، فقد استطاعت امتلاك القدرات الصاروخية بفضل جهود علمائها الشُبّان، إضافة إلى تصنيع مختلف الأسلحة البرية والجوية والبحرية مثل الدبابات والمدافع والطائرات المقاتلة والمسيّرة والبوارج والزوارق الحربية، وبإمكانيات ذاتية.
وعلى الصعيد الأمني، تعتبر إيران حاليا من أكثر الدول مستقرة أمنيا في هذا المنطقة المضطربة والحافلة بالتوترات، وتمكنت من تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية التي حاولت التسلسل من خارج الحدود للقيام بأعمال تخريبية.
على الصعيد العلمي والطبي:
بتوجيهات الإمام الخامنئي وقيادته، حقق الباحثون الإيرانيون الإبداعات والاختراعات في مختلف المجالات العلمية والطبية، حيث تمكنت من امتلاك الطاقة النووية السلمية بجهود علمائها الشُبّان بالرغم من محاولات ومؤامرات الدول الاستكبارية عرقلة برنامجها النووي للأغراض السلمية، كما استطاعت إيران تأسيس برنامج فضائي أطلقت خلاله عدة مركبات فضائية وأقمار صناعية للاتصالات والبحث العلمي، وتم إنشاء عشرات الجامعات في مختلف المدن حيث زاد عدد الطلاب الجامعيين على أربعة ملايين طالب، وباتت وتيرة التقدّم العلمي في إيران أكثر من المعدل العالمي، وحققت الجمهورية الإسلامية تطورا في تقنية النانو وزراعة الخلايا الجذعية إضافة إلى إجراء عمليات زرع الأعضاء مثل القلب والكلية والكبد.
على الصعيد الثقافي والرياضي:
شهدت الساحة الثقافية في إيران تطورا كبيرا فقد نشطت الحركة السينمائية والمسرحية بعيدا عن مظاهر الابتذال في السينما الغربية، وحصدت الأفلام الإيرانية العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية مثل أوسكار وكان وبرلين، لتناولها قضايا إنسانية واجتماعية.
على الصعيد الرياضي:
حققت إيران أيضا إنجازات كثيرة في العديد من المسابقات والدورات العالمية، فقد حصل الرياضيون الإيرانيون على العديد من الميداليات في الدورات الأولمبية والقارية والعالمية وفي مختلف الألعاب مثل رفع الأثقال والمصارعة والفنون القتالية وكرة القدم والسلة والطائرة والكرة الشاطئية وكرة الصالات، كما فازت إيران بالمركز الثالث في بطولة العالم بكرة الصالات التي أُقيمت عام 2017 في البرازيل، ووصلت إلى نهائيات كأس العالم بكرة القدم أربع مرات.