العنصرية التركية تقود العراقيين هناك للعودة إلى بلدهم.. ما سبب صعود الطورانية ضد المهاجرين الآن؟
ما مصير أملاك العراقيين العملاقة؟
العنصرية التركية تقود العراقيين هناك للعودة إلى بلدهم.. ما سبب صعود الطورانية ضد المهاجرين الآن؟
انفوبلس/..
لم تعد العنصرية التركية تقف عند حد اللاجئين إلى ذلك البلد المُطل على أوروبا وآسيا، بل تمددت لتشمل المقيمين وحتى السائحين، ومن حَمَلة الجنسية العربية بالتحديد، ونتيجة ذلك بدأ الكثير من العراقيين العودة إلى بلادهم، رغم أملاكهم العملاقة هناك!
يشكو مواطنون عراقيون، من الأساليب العنصرية والتمييز التي يمارسها مواطنون أتراك وحتى حكوميين ضد العراقيين المقيمين هناك بصورة خاصة أو الجالية العربية بشكل عام.
وقد تعرضت عدة أُسر عراقية ومواطنون لاعتداء عنصري خلال الفترة الأخيرة من بينها عائلة كردية عراقية من محافظة أربيل صارت هدفا لتلك الأساليب بعد اعتداء “عنصري” تعرضت له أثناء زيارتها لتركيا بقصد السياحة، من قبل مجموعة من الأتراك ممن اعترضوا سيارتهم على الطريق الواصل ما بين ميرسين وأنطاكيا، ليقوموا بعدها بالاعتداء عليهم بالحجارة والضرب المبرح، مما أدى إلى إصابة رب الأسرة وابنه الصغير بجروح بليغة.
*حدة متصاعدة
وكان تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" قد أشار إلى تصاعد حدة "حوادث الكراهية" في تركيا، من ناحية العدد والفئة المستهدفة، فبينما كانت تستهدف في السابق وبالعموم اللاجئين السوريين والعراقيين، تحوّلت في الوقت الحالي لتطال شرائح مختلفة من الأجانب والعرب سواء السياح منهم أو المقيمين.
ويقول المدون العراقي والباحث مفيد عباس، إن "العنصرية في تركيا ضد العراقيين بصورة خاصة والسوريين ارتفعت خلال الفترة وهي شعارات قومية يستخدمها النظام التركي كلما تقترب الانتخابات"، مشيرا إلى أن "العنصرية التركية ضد العرب تحمل في طياتها جذورا تاريخية، وهنا لابد أن نذكّر كم أُسرة عراقية أو مواطنين سياح تعرضوا لأساليب العنصرية والتمييز".
وانتقد عباس في منشور له عبر صفحته الشخصية عدم إدراج اللغة العربية في أحد المطارات التركية، موضحا أن "المنطق هو أنك تستخدم عبارات ترحيب بلغات الشعوب الأكثر زيارة لك، أو على الأقل باللغات التي ينطق بها غالبيات كبيرة من البشر … أظن أن اللغة العربية، هي الرابعة عالميا في عدد البشر الناطقين بها بعد الانكليزية والصينية والهندية، وربما العرب هم أكثر الشعوب في العالم زيارة لأسطنبول، لقربها الجغرافي أولا، وللاعتبارات الدينية المشتركة، وأشياء كثيرة أخرى"، مبينا بالقول "استغربت امس أن الأتراك كتبوا على كاونترات سيطرة الجوازات عبارات ترحيب بلغات عديدة، لكن ولا عبارة ترحيب باللغة العربية، الانكليزية والفرنسية والفارسية والروسية والصينية، والأغرب من كل هذا العبرية .. يعني كم إسرائيلي يزور اسطنبول مقارنة بأصغر دولة عربية؟!".
*مشاكل وأزمات
ويواجه اللاجئون العراقيون في تركيا مشاكل وأزمات كثيرة، أبرزها تفرض الحكومة التركية على العراقيين توقيعا أو بصمة لكل ممن هم فوق الثامنة عشرة، بدوائر الهجرة في المدينة التي يعيشون بها لتأكيد التزامهم بالمكان المخصص لهم، ويعتبر التخلف عن التوقيع أو أخذ البصمة، خرقاً للقوانين التركية، يمكن في حالة تكراره، أن يؤدي باللاجئ العراقي إلى إلغاء إقامته في تركيا وترحيله إلى العراق قسراً خلال خمسة عشر يوماً.
ويبلغ عدد العراقيين المقيمين في تركيا وفقا لأحدث تقديرات وزارة الهجرة العراقية أكثر من 700 ألف شخص، ومن ثم يعد العراقيون ثاني أكبر جالية في تركيا بعد الجالية السورية التي يبلغ عددها 3.6 ملايين وفقا لآخر إحصائية أعلنتها دائرة الهجرة التركية.
*"لا حدود لنمطية الاعتداءات"
وهناك جملة من "العوامل المحرّضة" للمشهد الذي تعيشه تركيا في الوقت الحالي، بينها حسب مراقبين حملات الكراهية، التي تقودها بعض التيارات السياسية هناك، إضافة إلى غياب الموقف الحازم من جانب الحكومة التركية، وعدم اتخاذ إجراءات قانونية وتجريمية بحق كل من يمارس السلوك العنصري.
وتحدث الباحث السياسي التركي، هشام جوناي أن "العنصرية موجودة منذ زمن داخل المجتمع التركي، لكنها تصاعدت في الوقت الحالي مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي".
ويقول: "بدأنا نلاحظ حالات العنصرية بشكل واضح وأكبر، لأن الإعلان المرئي والمكتوب والمسموع لم يتناول هذه الظاهرة كما يجب في السابق".
ويرى الباحث: "ما نراه أن معالجة هذه الظاهرة من قبل الحكومة ضعيفة، حيث يتم التغطية على هذه الظاهرة ويكون هناك نفي للعنصرية، وأن هناك حالات منفردة. هكذا يتم تبريرها، إن جئنا على الحقيقة فالموضوع غير ذلك".
*تحذير!
ووسط هذه الأجواء المشحونة سادت تحذيرات، خلال الأيام الماضية، من أن تؤثر "حوادث الكراهية" على القطاع السياحي لتركيا، وهو ما استشعرته ولاية طرابزون، أحد أبرز الوجهات السياحية في البلاد، قبل أيام.
وتداولت وسائل إعلام تركية، الأسبوع الماضي، فيديوا يظهر شابا تركيا يقوم بشتم وإهانة السياح العرب وسط شوارع طرابزون، مما دفع السلطات لاعتقاله.
وعقب هذه الحادثة التقى والي طرابزون، إسماعيل أستا أوغلو ببعض السياح العرب، وقال حسب ما نقلت وسائل إعلام تركية: "لن نتسامح مع من يريد تعكير الأجواء. البعض غير مرتاح بسبب الحركة السياحية النشطة في طرابزون"، مضيفا: "الضيوف القادمون إلى طرابزون من الخليج العربي تاج على رؤوسنا".
ملف العنصرية التركية ضد العرب ليس بجديد أبدا، وبحسب محللين فإن الملف تاريخي يعود إلى أيام الدولة العثمانية وحُكمها عددا من الدول العربية آنذاك، فبين الأتراك والعرب، يقف مؤرخون منهما على عدد من الروايات الخلافية التي ولّدت كراهية بين الطرفين.
لكن أزمة العنصرية الحالية ضد العرب تحديداً هي الأكثر شراسة منذ عقود وفقا لمراقبين، وصلت إلى حد إبطال إقامات عدد كبير منهم من دون أسباب منطقية، فيما يحمّل البعض الحكومة التركية مسؤولية ما يحدث مؤكدين أنها داعمة لهذه الحملات الممنهجة بسبب قرب انتخابات البلدية والتي ستكون بداية العام المقبل.
ويتحجج الأتراك الذين يمارسون أنواعا من العنصرية ضد العرب، بأسباب عدة أبرزها استحواذ العرب على فرص العمل ومفاقمتهم للأزمة الاقتصادية التي تضرب تركيا من نهايات العام 2019.
*هجرة العقارات التركية
وبينما كان العراقيون يتصدرون قائمة مشتري العقارات في تركيا خلال السنوات الماضية، شهد العام الحالي تراجعاً بنسبة كبيرة بلغت 75%.
في عام 2021، أعلنت المديرية العامة للطابو والمسح العقاري التركي، تم بيع 68 ألفا و600 عقار للأجانب في 2021، مشيرة إلى أن العراقيين في صدارة قائمة المشترين الأجانب للعقارات التركية.
بينما في تموز 2023، أعلنت هيئة الإحصاء التركية، انخفاض شراء العقارات من قبل العراقيين خلال النصف الأول من العام 2023 بنسبة 75% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2022.
ويعزو مراقبون أن ذلك الانخفاض يرجع إلى الممارسات العنصرية التركية، وهو ما دفع العراقيين إلى عدم الإقبال نحو شراء العقارات في تركيا.