القائد ابنُ القائد.. 9 أعوام على استشهاد جهاد عماد مغنية.. سيرة مميزة استكملت خطى عائلة جهادية أصبح جهاد رابع شهدائها
انفوبلس..
في مثل هذا اليوم من عام 2015، استُشهد القيادي في حزب الله جهاد عماد مغنية في غارة صهيونية غادرة مخترقة لقواعد الاشتباك في هضبة الجولان السورية برفقة الجنرال في الحرس الثوري علي الله دادي وأربعة آخرين، ليكون رابع شهيد من عائلة "مغنية" المقاومة بعد والده الذي استُشهد في سوريا عام 2008 وعمَّيه، فؤاد (في منطقة الرويس عام 1992) وجهاد أيضاً (في قصف على الضاحية عام 1984).
وُلد جهاد في 2 أيار/مايو 1991 في مدينة طير دبا بلبنان، وهو الابن الأصغر لعماد مغنية من زواجه الأول من شقيقة مصطفى بدر الدين. لديه 3 أخوات و4 إخوة: فاطمة، إسراء، زهراء، مصطفي، حسن، حسين، فؤاد.
كان أبوه عماد فايز مغنية من كبار قادة حزب الله، استُشهد في الثاني عشر من شباط/ فبراير عام 2008 في حادث تفجير سيارة في حي كفرسوسة في دمشق. واستُشهد اثنان من أعمامه على يد الإسرائيليين وهما فؤاد وجهاد. كما استُشهد خاله مصطفى بدر الدين في سوريا في 13 أيار/ مايو عام 2016 في انفجار نجم عن قصف مدفعي نفذته تنظيمات إرهابية سورية.
وتابع الشهيد جهاد خُطى والده على الرغم من صغر سنّه وانخرط في الصفوف العسكرية لحزب الله منذ العام 2008، حيث خضع للعديد من الدورات التدريبيّة والقتاليّة داخل لبنان وفي إيران. ومع مشاركة حزب الله في التصدّي للحرب الكبيرة على سوريا المموّلة والمُدارة أمريكياً وخاصة بعد انتشار الجماعات الإرهابية وسيطرتها على مناطق واسعة لا سيما عند الحدود اللبنانية – السورية، فكان الشهيد مغنية من الشباب الذين لبَّوا واجبهم الجهادي حيث شارك في العمل العسكري في مدنية القنيطرة بالقرب من الجولان السوري المحتّل بصفة "مسؤول سريّة".
اعتُبر أول ظهور إعلامي له في حفل تأبين والده، كان يبلغ من العمر آنذاك 16 عاماً، وألقى كلمة بايع فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وأكّد على متابعة نهج الحاج رضوان والثبات على خطّ المقاومة، وبعدها استمر في الظهور والمشاركة في الأنشطة التي كانت تُقام في بلدته طير دبّا في جنوب لبنان حيث ولد في العام 1991.
وتابع الشهيد جهاد دراسته الجامعية في الجامعة اللبنانية الأمريكية LAU، حيث مارس أيضاً في الجامعة دوره كشاب في المقاومة، فكان مندوب التعبئة التربوية خلال 3 سنوات في اختصاصه إدارة أعمال، ليقدّم بذلك نموذجا لأبناء جيله يجمع بين العلم والعمل العسكري الجهادي. وخلال مسؤوليته التعبوية كان يرعى شؤون الطلاب وزملائه، ويقيم الأنشطة التي تُعلي ذكرى الشهداء وتشرح نهج المقاومة وتنشر فكر حزب الله، وكان يحثّ الشباب على أوسع مشاركة في الفعاليات الجامعية لما تصقل في شخصيّتهم من مفاهيم وقيم جهادية واجتماعية.
الاغتيال
نظراً لما شكّله الشهيد جهاد من إرباك للأوساط الإسرائيلية وخاصة أنه نجل الشهيد عماد مغنية المخطط للعديد من العمليات التي كبّدت كيان الاحتلال الكثير من الخسائر واخترقته أمنياً، ولما كان اسم الحاج رضوان متداولا جداً بين أوساط الكيان وما شكّله من "رعب" وردع، وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، قد نقلت عن مصادر استخباراتية "إن جهاد مغنية كان يخطط لتنفيذ عملية في هضبة الجولان تهدف إلى قتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين والسكان".
وفي 18 كانون الثاني عام 2015، قام الكيان الإسرائيلي في عملية علنية وفي وضح النهار، بغارة استهدفت سيارتين في مدينة القنيطرة السورية، وبعد نصف ساعة على العملية أصدر حزب الله بياناً نعى فيه القائد محمد أحمد عيسى والمجاهدين جهاد عماد مغنية، عباس إبراهيم حجازي، محمد علي حسن أبو الحسن، غازي علي ضاوي، علي حسن إبراهيم، محملاً الكيان الإسرائيلي المسؤولية.
بيان للحرس الثوري الإيراني أكد أن "عددا من مقاتلي وقوات المقاومة الإسلامية مع الجنرال محمد علي الله دادي تعرضوا لهجوم بمروحيات النظام الصهيوني أثناء تفقدهم منطقة القنيطرة.. هذا الجنرال الشجاع وعناصر آخرون من حزب الله استُشهدوا".
وروى بيان للحزب، أنه "أثناء قيام مجموعة من مجاهدي حزب الله بتفقد ميداني لبلدة مزرعة الأمل في القنيطرة السورية تعرضت لقصف صاروخي من مروحيات العدو الصهيوني، ما أدى إلى استشهاد عدد من الإخوة المجاهدين"، مشيرة إلى استشهاد ستة في الغارة من بينهم القيادي محمد أحمد عيسى وجهاد نجل "الحاج عماد مغنية"، وكان يبلغ من العمر 25 عاما.
الرد على الاغتيال
بعد حوالي عشرة أيام على عملية الاغتيال، أصدر حزب الله بياناً أطلق عليه اسم "البيان رقم 1"، وقال فيه إن "مجموعة شهداء القنيطرة" في المقاومة الإسلامية قامت عند الساعة 11.25 من صباح الأربعاء، باستهداف موكب عسكري إسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، مؤلف من عدد من الآليات، ويضم ضباطاً وجنوداً صهاينة، بالأسلحة الصاروخية المناسبة ما أدى إلى تدمير عدد منها ووقوع إصابات عدة في صفوف العدو". وصف الكيان الإسرائيلي الرّد بالهجوم الصعب والأخطر منذ حرب تموز 2006.
ومثّلت عملية الاغتيال اختراقاً لقواعد الاشتباك من جانب الاحتلال، وفي كلمة للسيد نصر الله بمناسبة اغتيال الشهداء وتنفيذ عملية الرّد، رسم السيد نصر الله معادلة ردع جديدة حيث قال "من الآن فصاعداً، أي كادر من كوادر حزب الله المقاومين، أي شاب من شباب حزب الله يُقتل غيلةً سنحمّل المسؤولية للإسرائيلي وسنعتبر أن من حقنا أن نرد في أي مكان وأي زمان وبالطريقة التي نراها مناسبة".
وأضاف "نحن في المقاومة الإسلامية في لبنان لم تعد تعنينا أي شيء اسمه قواعد اشتباك. نحن لا نعترف بقواعد اشتباك. انتهت. ولا في مواجهة العدوان والاغتيال، لا توجد قواعد اشتباك، ولم نعد نعترف بتفكيك الساحات والميادين، ومن حقنا، من حقنا الشرعي والأخلاقي والإنساني والقانوني وفي القانون الدولي لمن يريد أن يناقشنا بالقانون، أن نواجه العدوان، أياً كان هذا العدوان، وفي أي زمان، وكيفما كان، أن نواجهه في أي مكان وأي زمان وكيفما كان".
شارك في مراسم تشييع جثمانه الكثير من الناس وجماهير المقاومة الإسلامية من مختلف المناطق اللبنانية يتقدمهم قيادات من حزب الله وشخصيات سياسية وحزبية. أُقيمت المراسم في بيروت وانطلق موكب التشييع من أمام قاعة الحوراء في الغبيري إلى روضة الشهيدين، حيث أَمَّ رئيس المجلس السياسي في حزب الله إبراهيم أمين السيد الصلاة على جثمانه. وتردّدت صرخات «الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل».
وحُمل نعش جهاد مغنية على أكتاف أخوته وسط صيحات التكبير. حضرت وفود سياسية وحزبية منذ الصباح الباكر لتقديم التهاني والتبريكات لقيادة حزب الله وعائلة مغنية باستشهاد ولدهم في قاعة الحوراء زينب في الغبيري.
وأخيرا دُفن جثمان جهاد مغنية إلى جانب والده القائد الراحل لحزب الله عماد فايز مغنية وإخوة السلاح في روضة الشهيدين ببيروت.
وفي حينها، قام الجنرال الشهيد قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، بزيارة الضاحية الجنوبية لبيروت، خصيصا لزيارة ضريح جهاد عماد مغنية، حيث قرأ القرآن ترحُماً عليه. وجاءت زيارة الجنرال الشهيد لضريح جهاد مغنية عقب هجوم القنيطرة بـ 48 ساعة، وتمت الزيارة لأقل من 24 ساعة التقى خلالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لتقديم العزاء له.