الكيان الإسرائيلي يغتال خضر عدنان.. تاريخ من الإضراب عن الطعام أرهق الاحتلال حتى الرمق الأخير
انفوبلس..
إنه الإضراب السادس عن الطعام، والأطول الذي امتد إلى 87 يوما متواصلة، حيث عاند الأسير الفلسطيني الشيخ خضر عدنان حتى الرمق الأخير، طالبا الحرية التي كان ينالها دوما بعد كل إضراب، لكنها عاندته هذه المرة حتى أُعلن استشهاده في زنزانة باردة بسجن الرملة الإسرائيلي فجر اليوم الثلاثاء.
وفي حين وصف نادي الأسير الفلسطيني رحيله "بالاغتيال"، أعلنت مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي وفاة الأسير الشيخ خضر عدنان (44 عاما)، بعد معركة إضراب خاضها عن الطعام واستمرت 87 يوما رفضا لاعتقاله.
وقال نادي الأسير الفلسطيني في بيان عاجل، إن "الاحتلال اغتال الأسير الشيخ خضر عدنان عن سبق إصرار".
نادي الأسير أكد أنّ الأسير خضر عدنان الذي اعتُقل في الخامس من فبراير/ شباط الماضي، تعرّض لعملية اغتيال ممنهجة من قبل أجهزة الاحتلال، و"كان من الواضح من التفاصيل كافة التي مرّت على مدار الفترة الماضية أنّ الاحتلال الإسرائيلي كان لديه قرار باغتياله".
ونعى نادي الأسير الشيخ عدنان، قائلًا: "اليوم نخسر قائداً حقيقياً، خاض على مدار السنوات الماضية وحتّى اليوم 6 إضرابات، وخلالها حمل صوت الأسرى إلى كل أرجاء العالم، وتمكّن في كل مرة من نيل حريّته، حتّى قرر الاحتلال في هذه المرة وبأدوات ممنهجة اغتياله عن سبق الإصرار".
وبحسب ما أكدته مصلحة سجون الاحتلال في بيان رسمي، فإن الأسير عدنان عُثر عليه فاقدًا الوعي في زنزانته بمعتقل "نيتسان".
ورفض الاحتلال السماح لعائلة الأسير بزيارته على مدى أيام إضرابه، رغم ما وصل إليه من مرحلة بالغة الخطورة، إذ تمكّنت زوجته بحسب نادي الأسير من رؤيته فقط عبر شاشة الفيديو (كونفرنس) خلال جلسات المحاكم التي عُقدت له، وآخرها كانت يوم الأحد الماضي.
وظل الشيخ عدنان يرفض الفحص الطبي وأخذ مدعمات طبية رغم كل الضغوط من إدارة السجن، متمسكاً بوقف إضرابه عن الطعام مقابل حريته.
وخضر عدنان هو قيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، من بلدة عرابة جنوب جنين، وأب لتسعة أطفال أكبرهم عمره 14 عاماً وأصغرهم عامان.
وباستشهاد الأسير خضر عدنان يرتفع عدد شهداء حركة الأسرى إلى 237 شهيدًا، منذ عام 1967.
سبق إصرار باغتياله
وكانت المحكمة العسكرية الإسرائيلية في سجن "عوفر" (غربي رام الله بالضفة الغربية) رفضت الاستئناف الذي تقدّم به محامي الشيخ عدنان، وطالب فيه بالإفراج عنه بكفالة.
وجاء القرار رغم الوضع الصحي بالغ الخطورة الذي وصل له بعد نحو 3 أشهر من الإضراب المتواصل عن الطعام، ورفض حتى آخرها إجراء الفحوص الطبية، وكما في كل إضراباته السابقة امتنع عن أخذ المدعمات الغذائية أيضا.
ومنذ اعتقاله في الخامس من فبراير/شباط الماضي، وإعلانه الإضراب عن الطعام طلبا للحرية؛ رفضت سلطات الاحتلال السماح لعائلته بزيارته، حيث كان يُحتجز في ما تسمى عيادة سجن الرملة.
وبخلاف المرات السابقة التي حُوّل فيها للاعتقال الإداري (وفق ملف سرّي)، وجّه الاحتلال للشيخ عدنان علنا تهمة "التحريض على الإرهاب والانتماء لتنظيم محظور".
وقال نادي الأسير إن القرارات التي صدرت في قضية الأسير عدنان كانت تعكس قرار الاحتلال ونيّته بقتله. في حين صرّحت زوجته رندة عدنان في وقت سابق بأنه أبلغها مواصلة الإضراب حتى "الحرية أو الشهادة"، كما نقل لها في وصيته.
إضراب بالضفة واستنفار بالسجون
عمّ الإضراب الشامل، اليوم الثلاثاء، محافظات الضفة الغربية، فيما شهدت السجون الإسرائيلية (خاصةً سجن عوفر) حالة من الاستنفار، بعد الإعلان عن استشهاد الأسير خضر عدنان.
وأكدت مصادر محلية أنّ الإضراب شلّ غالبية مناحي الحياة في محافظات الضفة الغربية كافة، حداداً على استشهاد خضر عدنان، حيث تعطلت المدارس والجامعات كما شهدت إغلاقاً للمحال التجارية.
من جانب آخر، أكد نادي الأسير الفلسطيني في بيان صحافي مقتضب، أنّ حالة من الاستنفار الشديد تسود سجن (عوفر) بعد مواجهة أحد الأسرى لأحد السجّانين على خلفية استشهاد الأسير خضر عدنان، وأنّ إدارة السجن تستخدم الغاز بحق الأسرى.
من جانبها، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين أنّ الطاقم القانوني للهيئة علق العمل، اليوم الثلاثاء، أمام محاكم الاحتلال الإسرائيلي احتجاجاً على استشهاد الأسير خضر عدنان.
الجهاد تتوعد بالرد
في الأثناء، أكدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، صباح اليوم الثلاثاء، أنّ "قتال الشعب الفلسطيني ضد العدو الصهيوني ماضٍ ولن يتوقف، وسيدرك العدو المجرم أنّ جريمة استشهاد القائد خضر عدنان لن تمر دون ردّ".
وقالت حركة الجهاد في بيان لها: "في مسيرتنا الطويلة نحو القدس سنفقد الكثير من الرجال الشجعان والكثير من القادة والمقاتلين، والقائد المجاهد الشيخ خضر عدنان كان واحداً من الذين فتحوا طريقاً عريضاً لكل الذين ينشدون الحرية في فلسطين والعالم".
وأشارت الحركة إلى، أنّ "الحُر البطل خضر عدنان ارتقى شهيداً، في جريمة ارتكبها العدو أمام مرأى العالم الذي يوافق على الظلم والإرهاب ويحميه ويوفر له الغطاء".
ولفتت الجهاد إلى، أنّ "شهادة الشيخ القائد خضر عدنان ستكون مدرسة لأجيال من الرجال الشجعان، ونحن لن نغادر طريق الجهاد والمقاومة طالما بقيت فلسطين تحت الاحتلال".
وأضاف البيان: "إننا ننعى اليوم رجلاً ما تخلى يوماً عن واجباته لنصرة الحق والدفاع عن أبناء شعبه، وأفنى لحظات عمره في حمل قضيته ونصرة مقدساته، ونؤكد أننا ماضون على ذات الطريق والنهج الذي مضى عليه القائد خضر عدنان وكل من سبقه من القادة والمجاهدين".
فيما أكّد الأمين العام للحركة زياد النخالة، اليوم الثلاثاء، أنّ "شهادة الشيخ خضر عدنان الطويلة هي عنوان لمسيرة شعبنا الشجاع والعنيد، ولو لم يكن لدى الشعب الفلسطيني أمثال الشيخ خضر لذهبت قضيتنا أدراج الرياح".
وفي تصريح وُزِّع على وسائل الإعلام، قال النخالة إنّ "كل يوم يمرّ في تاريخ شعبنا يؤكد أنّ انتصارنا قادم بإذن الله، وأنّ الإرادة التي جسّدها الشيخ خضر في معركته الطويلة واشتباكه المباشر مع العدو وجهاً لوجهه، والتي تُوِّجت أخيراً بالاستشهاد، هي وسام شرف على صدر الشعب الفلسطيني الشجاع".
وشدد النخالة على أنّ "الشيخ خضر سيبقى رمزاً كبيراً من رموز شعبنا ورموز مقاتلي الحرية في العالم، وراية عالية في مسيرتنا نحو القدس".
حماس تحمّل الكيان الصهيوني المسؤولية
من جانبها، نعت حركة حماس الشهيد بكلمات جاء فيها: إلى "الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية الباسلة والأمة العربية والإسلامية وحركة الجهاد الإسلامي"، الشهيد الأسير الشيخ المجاهد خضر عدنان".
وحمّلت حركة حماس في بيان صحافي، اليوم الثلاثاء، الاحتلال المجرم وحكومته الفاشية المتطرفة كامل المسؤولية عن جريمة اغتياله، مؤكدةً أنّ "هذه الجريمة تمّت عن سبق إصرار وبدم بارد".
وتوعّدت حركة حماس بأنّ "حكومة الاحتلال المجرمة ستدفع الثمن عن جريمة اغتيال الشهيد المجاهد خضر عدنان برفضها الإفراج عنه، وإهماله طبياً، ولا بد من ملاحقتها على جرائمها".
وأكدت الحركة أنّ "الشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله سيُصَعِّد بكل الوسائل والأدوات أشكال المقاومة والتصدي لجرائم الاحتلال بحق الأسرى والمسرى".
وأضافت "حماس" أنّ هذه الجريمة تُضاف لسجل جرائم الاحتلال وإرهابه بحق الأسرى وبحق الشعب الفلسطيني، وأنها "لن تزيد أسرانا الأبطال وشعبنا إلا صموداً وإصراراً على كسر قيد السجّان وتحرير أسرانا رغم أنف الاحتلال".
من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومسؤول مكتب الشهداء والجرحى والأسرى زاهر جبارين، إنّ "المقاومة الفلسطينية الباسلة باقية على العهد، وستفي بوعد الحرية للأسرى، وإنها لن تترك أبناء شعبنا داخل السجون في مواجهة الموت والقتل البطيء".
وفي نعي خضر عدنان، أضاف جبارين في تصريح وُزّع على وسائل الإعلام: "رحل عنا اليوم فارس من فرسان الوطن، ترجّل البطل العنيد خضر عدنان خلف قضبان الاحتلال بعد ملحمة بطولية خُطّت فصولها بمعركة الأمعاء الخاوية رفضاً لظلم الاعتقال الإداري".
وشدّد على أنّ "سجلّ الاحتلال وإدارة سجونه حافل بالجرائم التي تمارس بحق أسرانا الأبطال، هو انعكاس جليّ للسياسة الممنهجة التي تُنفذ بحق الأسرى في السجون، وقد تجاوز الاحتلال بجرائمه كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، وخصوصاً جريمة الاعتقال الإداري والإهمال الطبي".
وحمّل جبارين "الاحتلال وإدارة سجونه المسؤولية الكاملة عن استشهاد الأسير البطل خضر عدنان، وعن حياة 600 أسير مريض داخل السجون، وأكثر من 1000 معتقل إداري، وأنّ مواصلة اعتقالهم بشكل تعسّفي والإهمال الطبي الذي يُمارس بحقهم تعني الحكم عليهم بالإعدام".
تاريخ من الإضراب عن الطعام
والأسير الشيخ خضر عدنان من مواليد 1978، من بلدة عرابة في منطقة جنين (شمال الضفة الغربية)، متزوج وأب لـ9 من الأبناء، أصغرهم يبلغ من العمر سنة ونصف السنة وأكبرهم 14 عاما، وهو قيادي في حركة الجهاد الإسلامي.
ويُعد الأسير عدنان من أبرز الأسرى الذين واجهوا الاعتقال الإداري، خاصة عبر النضال بأمعائه الخاوية، كما جاء في بيان تعريفي عنه. ونفّذ "الشيخ خضر" المعروف في الشارع الفلسطيني على نطاق واسع 5 إضرابات عن الطعام سابقًا، وهذا الإضراب السادس، وكان الأطول:
خاض الشيخ أول تجربة إضراب عن الطعام عام 2004 رفضًا لعزله في سجون الاحتلال واستمر 25 يوما.
وفي عام 2012، فجّر الشيخ خضر ما عُرف لاحقا باسم "ثورة الإضراب الفردي" في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ومضى على دربه عشرات الأسرى رفضا للاعتقال الإداري. وفي هذه المرة خاض إضرابًا استمر 66 يوما، وتزامن مع حراك شعبي واسع حتى قرّر الاحتلال الإفراج عنه.
وقال وزير شؤون الأسرى الفلسطينيين في حينها عيسى قراقع إن إضراب الشيخ عدنان "شكّل حالة نادرة وتاريخية ومفصلية في تاريخ النضال الفلسطيني، وأحرج إسرائيل دوليا".
في عام 2015، أضرب الشيخ خضر عدنان فور اعتقاله أيضا ولمدة 56 يومًا.
وفي عام 2018 خاض الإضراب عن الطعام 58 يومًا.
وفي عام 2021، خاض إضرابًا عن الطعام استمر 25 يومًا.
وعلى مدار الإضرابات السابقة تمكّن من نيل حريته، ومواجهة اعتقالاته التعسفية المتكررة.
وتعرّض الشيخ خضر عدنان للاعتقال 12 مرة، وأمضى ما مجموعه نحو 8 سنوات في سجون الاحتلال، ومعظمها قيد الاعتقال الإداري، أي بلا لائحة اتهام مُعلنة ووفق "ملف سرّي". وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات الاقتصادية.
حزب الله اللبناني يعزي ويدعم
يتقدم حزب الله من الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة وخصوصاً الأخوة في حركة الجهاد الإسلامي وهيئات ونوادي وجمعيات شؤون الأسرى بأحر التعازي والتبريكات باستشهاد البطل المقاوم الأسير الشيخ خضر عدنان الذي قضى صباح اليوم في سجون الاحتلال الاسرائيلي بعد مسيرة طويلة حافلة بالصمود والمقاومة والتصدي لممارسات العدو التعسفية طيلة أكثر من ثماني سنوات قضاها في الاعتقال والتعذيب.
ان استشهاد الشيخ عدنان اليوم يكشف مجدداً حجم المأساة الكبيرة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون والعرب في سجون العدو الإسرائيلي وتعرضهم لأشد أنواع التنكيل والارهاب.
إن حزب الله إذ يطالب المؤسسات الدولية والانسانية بالعمل الجاد لكشف جرائم الاحتلال في السجون الصهيونية، يعرب عن مواساته لأسرة الشهيد وتأييده لكل الخطوات التي تقوم بها حركات المقاومة في فلسطين رداً على جرائم الاحتلال ولتحرير جميع الأسرى والمعتقلين من سجونه.
وصية الشهيد
في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، أرسل الشيخ الأسير وصية مكتوبة لعائلته، وقال فيها "أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي…". وأوصى زوجته بأطفاله، ودعاها إلى "قول الحق في كل زمان ومكان…". وأضاف أن "خير بيوت فلسطين هي بيوت الشهداء والأسرى والجرحى والصالحين".
وقال عدنان في وصيته "إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي، وسجّوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان".
وفي كلمته للشعب الفلسطيني، قال عدنان "هذه أرض الله ولنا فيها وعد منه إنه وعد الآخرة، لا تيأسوا فمهما فعل المحتلون وتطاولوا في احتلالهم وظلمهم وغيّهم فنصر الله قريب، ووعده لعباده بالنصر والتمكين أقرب".