الكيان خاسر بجميع الأحوال.. الفشل الصهيوني يؤدي للتلويح بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ولبنان

انفوبلس..
مع دخول اتفاق التهدئة في غزة مرحلة حساسة، تزداد المخاوف الدولية من انهياره في ظل استمرار التعثر في تنفيذ مراحله المقبلة، حيث كشفت تقارير أن كيان الاحتلال يستعد لاستئناف عدوانه على غزة إذا لم يتم إحراز تقدم في المفاوضات، وهو ما يعكس توجهاً تصعيدياً يُعيد سيناريو الحرب إلى الواجهة، ويوضح ما تمر به حكومة الاحتلال من أزمات على المستويين الداخلي والخارجي، حيث لا حلول تمكّنها من الظهور بمظهر جيد أمام مواطنيها وحلفائها.
وفي هذا السياق، نقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين صهاينة، أن نتنياهو سعى للتأثير على ترامب خلال لقائهما، بهدف الحصول على دعم أميركي لأي عملية عسكرية جديدة في غزة.
ويرى مراقبون، أن هذه الخطوة قد تكون محاولة من نتنياهو لتعزيز موقفه الداخلي وسط الضغوط السياسية التي يواجهها.
ويُعد ملف الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية أحد أبرز القضايا التي تؤثر على مسار المفاوضات. وفقاً لرئيس مجموعة الحوار الفلسطيني صادق أبو عامر، فإن "الطرف الصهيوني يسعى للإفراج عن الأسرى، بينما ترغب المقاومة الفلسطينية في تسريع الجانب الإنساني وإعادة إعمار غزة". هذا التباين في الأولويات قد يعقّد تنفيذ الاتفاق، خصوصاً في ظل الضغوط الداخلية الإسرائيلية التي تطالب بحل سريع لهذه القضية.
وأشار أبو عامر أيضاً إلى، أن "الاتفاق يعتمد على مبدأ المزامنة، وينتهي بإطلاق آخر الأسرى لدى حماس"، مما يعني أن أي تعثر قد يؤدي إلى انهيار شامل للاتفاق.
كما لفت إلى أن "استمرار الحرب يتعارض مع فلسفة إسرائيل كملاذ آمن لليهود"، وهو ما يفسّر الانقسامات داخل المؤسسة الصهيونية بشأن جدوى التصعيد العسكري.
ووسط هذه التوترات، تواصل مصر وقطر جهودهما للحفاظ على الاتفاق ومنع انهياره. حيث أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على "أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة بما يؤدي إلى استعادة الاستقرار الإقليمي"، مشدداً على ضرورة تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
من جهته، شدد وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على أهمية التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق، مشيراً إلى أن "المفاوضات بشأن المرحلة الثانية لم تبدأ بعد بسبب عدم وجود خطة واضحة"، وهو ما يعكس حالة الجمود التي تهدد الاتفاق.
وبحسب صادق أبو عامر، فإن "السيناريو المحتمل لانهيار الاتفاق مستبعد في الوقت الحالي"، لكنه لم يستبعد إمكانية التعثر أو تمديد مراحل الاتفاق.
وأضاف، إن "الإعلام العبري يتحدث عن دمج المرحلة الثانية والثالثة لتسريع الاتفاق بدلاً من تمديده"، وهو ما يعكس محاولات تجنب العودة إلى مربع الحرب.
إلا أن هناك سيناريو آخر يتمثل في التصعيد العسكري، خاصة في حال فشل التفاوض بشأن الأسرى أو استمرار الضغوط الداخلية على نتنياهو. وفي هذا السياق، يؤكد أبو عامر أن "أي انهيار لوقف إطلاق النار لا يصب في مصلحة أي طرف، بينما الفلسطينيون دائماً هم من يدفعون الثمن الأكبر".
وفي 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية الكيان الصهيوني، بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة. ويتكون الاتفاق من ثلاث مراحل مدة كل منها 42 يوماً، يجرى خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة وصولاً إلى إنهاء حرب الإبادة. وبموجب الاتفاق، يفترض أن تبدأ المفاوضات حول آليات تنفيذ المرحلة الثانية في موعد أقصاه اليوم السادس عشر من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، على أن تنتهي قبل أسبوع من انتهاء المرحلة الأولى.
ويوم الجمعة الماضي، عقد نتنياهو اجتماعا لمناقشة إمكانية استئناف الحرب "فوراً" في حال انهيار اتفاق غزة، في وقت قالت فيه وسائل إعلام صهيونية إن مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف نقل رسائل إلى نتنياهو خلال زيارته إلى الأراضي المحتلة بضرورة بدء المحادثات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والحرص على استكماله بمراحله الثلاث.
وفي السياق، قال وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش في مقابلة مع صحيفة جيروزاليم بوست، الجمعة، إن الصفقة بين إسرائيل وحركة حماس "كارثية وخطيرة" على الأمن الإسرائيلي، على حد زعمه، مشيراً إلى أنه "لم ينَم مدة أسبوع" على خلفية الاتفاق، إلا أنه اقتنع أخيراً بأن نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملتزمان بالقضاء على حماس بصفتها سلطةً حاكمةً في غزة، بما في ذلك بالقوة إذا لزم الأمر. وكان سموتريتش قد صوت ضد اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أنه لم يستقِل من الحكومة كما فعل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
بالمقابل، دعا الرئيس الصهيوني إسحاق هرتسوغ وقادة المعارضة إلى استكمال جميع مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وقال هرتسوغ -في بيان الاثنين- إن "هذه لحظات حاسمة أكرر فيها ندائي لاستكمال جميع مراحل الاتفاق، وإعادة جميع إخوتنا وأخواتنا الأسرى بسرعة، وحتى آخر واحد منهم".
وأضاف، "بالطبع لا أستخف بالمخاوف والهموم والألم المرتبط بهذه الصفقة، فأنا أفهمها جيدا. ولكن يجب أن نتذكر: هذا هو العهد الأسمى بين الدولة ومواطنيها".
في غضون ذلك، قال زعيم المعارضة الصهيونية يائير لبيد، إن على الإدارة الأميركية أن تعلم أنه لا خطر على حكومة نتنياهو إذا مضت في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وكان لبيد قد عرض مراراً "شبكة أمان" لتجنيب حكومة نتنياهو السقوط إذا مضت في إتمام مراحل الاتفاق الذي يعارضه خصوصاً وزراء اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي.
في السياق نفسه، قال زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس، إن مسؤولية نتنياهو هي "عدم الخضوع للضغوط الائتلافية وإعادة جميع الأسرى".
يأتي هذا وسط اتهامات لنتنياهو في إسرائيل بمحاولة تعطيل الاتفاق والحيلولة دون الانتقال إلى مرحلته الثانية.
ورداً على أنباء انهيار الاتفاق، تحدث قائد حركة أنصار الله اليمنية، عبد الملك الحوثي، حول "جهوزية القوات المسلحة اليمنية للتصعيد في حال نكث العدو بالاتفاق مع لبنان أو غزة". مبينا أن "نتنياهو يحاول تعويض فشله في غزة بالعدوان على الضفة الغربية".
وقال الحوثي، إن "الأمريكي هو المسؤول الأول عن استهداف الشهيد الصماد، وهو المتحمِّل لوزر العدوان السعودي على البلد"، مشيرا إلى أن "أي دعم للأمريكي هو دعم للإسرائيلي"، مبينا أن "مئات المليارات التي تقدم للأمريكي من ثروات الشعوب، يقدم هو من خلالها السلاح والقنابل التي تقتل الشعب الفلسطيني".
وأوضح، إن "الإجرام في غزة لم يحقق لرئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، النتائج المرجوة، لذلك هو يحاول أن يعوض ذلك بالاعتداءات والجرائم في الضفة الغربية".
كما اعتبر أن "هناك مسؤولية على الأمة لمناصرة الشعب الفلسطيني تجاه ما يقوم العدو الإسرائيلي من اعتداءات في الضفة، ومسؤولية أيضاً على السلطة الفلسطينية التي مهدت للعدو الإسرائيلي الكثير من الجرائم".
ولفت الحوثي إلى أن النجاح في غزة يقابله فشل مطلق للصهاينة، بالرغم من حجم الخذلان من معظم الأمة وتواطؤ البعض من الأنظمة والقوى.
ورأى أن مشهد مسار تنفيذ الاتفاق هو الشاهد على جدارة المقاومة في فلسطين بالوقوف معها وتأييدها ومساندتها.
وأوضح، إن "رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، الذي تحدث عن تغيير ملامح الشرق الأوسط، أصبح الآن يرى ملامح أخرى، ويرى في مشاهد انتصار للشعب الفلسطيني ومجاهديه فشلاً مطلقاً له".
كما أشاد الحوثي بما قام به أبناء الشعب اللبناني في جنوب لبنان من تحرك عظيم ومقاوم لاستعادة قراهم، وهم الذين قدموا تضحيات كبيرة، وتحركوا رجالاً ونساء بروحية جهادية متفانية ضد العدو الإسرائيلي.
وختم قائلا، إن "على الأمة أن تقف مع الشعب اللبناني"، وأكد "جهوزية القوات المسلحة اليمنية للتحرك الفوري وللتصعيد في حال نكث العدو بالاتفاق وعاد إلى التصعيد في غزة أو في لبنان".
وفي هذه الأثناء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الإثنين، أن "لا ضمانات" على أن وقف إطلاق النار القائم في قطاع غزة بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية، والذي دخل حيز التنفيذ منذ توليه السلطة قبل أسبوعين، سيظل صامداً.
وفي تصريحاته للصحافيين في البيت الأبيض عشية لقائه مع نتنياهو، قال ترامب: "ليست لديّ أي ضمانة بأن السلام سيصمد".
من جانبه، أضاف مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي كان جالساً بجانبه، أن الهدنة "صامدة حتى الآن"، معبراً عن أمل الولايات المتحدة في إخراج الأسرى. وأضاف ويتكوف، أنه يأمل في التوصل إلى تسوية سلمية للوضع في غزة.
وكان ترامب قد أشار، في وقت سابق، إلى أن خمسة عشر شهراً من القتال حوّلت الأراضي الفلسطينية إلى "دمار"، وروج مراراً لخطة "لتطهير" قطاع غزة، داعياً الفلسطينيين إلى الانتقال إلى دول مجاورة مثل مصر أو الأردن.