المقاومة غير متفاجئة ومستعدة للرد.. عدوان إسرائيلي يُفجّر أجهزة اتصالات منتشرة في لبنان والمدنيين أكبر المتضررين
انفوبلس..
آلاف الانفجارات الخفيفة والمتزامنة ومحدودة التأثير، حدثت في وقت واحد في لبنان، حيث انفجرت وبشكل مفاجئ أجهزة اتصالات من نوع "بايجر" يستخدمها آلاف المدنيين اللبنانيين في منظمات المجتمع المدني فضلا عن استخدامها من قبل مقاتلي حزب الله والعديد من المؤسسات الأمنية اللبنانية، بعدوان إسرائيلي جديد يجري التحقيق في ملابساته من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان حتى هذه اللحظة، فما هي المعلومات المتاحة لغاية الآن؟ وكيف جرت العملية؟
في الساعة الرابعة من عصر يوم أمس الثلاثاء، أكدت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي اللبناني، أنّ "أجهزة اتصالاتٍ لاسلكية من أنواع معينة تعرّضت للتفجير في عدد من المناطق اللبنانية، ولاسيما في الضاحية الجنوبية"، مفيدةً بأنّ ذلك أدى إلى وقوع إصابات.
وطلبت قوى الأمن الداخلي إلى المواطنين إخلاء الطرقات تسهيلاً لإسعاف المصابين ونقلهم إلى المستشفيات.
ومساء أمس الثلاثاء، أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض استشهاد 9 أشخاص بينهم طفلة، وإصابة نحو 2750 شخصا، أغلبهم من عناصر حزب الله في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت، بعد انفجار أجهزة اتصال لاسلكي يستخدمونها.
واتهم حزب الله، إسرائيل بالوقوف وراء عمليات الاستهداف غير المسبوقة لعناصره وتوعدها بالقصاص، بينما نفت واشنطن أن تكون ضالعة في العملية أو علمت بها مسبقا.
ووصل مئات المواطنين اللبنانيين إلى المستشفيات في عددٍ من أنحاء البلاد، وذلك بعد إصابتهم في انفجارات الأجهزة اللاسلكية.
بدورها، شدّدت وزارة الصحة اللبنانية على جميع المواطنين، الذين يمتلكون أجهزة اتصال "Pagers"، أن يعمدوا إلى رميها بعيداً عنهم "بصورة فورية".
وطالبت الوزارة، المستشفيات بالاستنفار إلى أقصى درجة ورفع مستوى استعداداتها، وطلبت إلى جميع العاملين الصحيين التوجه بصورة عاجلة إلى أماكن عملهم، ليساهموا في تقديم العلاج الطارئ.
ووجّهت الوزارة نداءً للتنسيق مع الصليب الأحمر للتبرع بالدم تحسباً للحاجة التي يمكن أن تطرأ لوحدات دم الجرحى، داعيةً المواطنين، الذين يتجمعون في الطرقات، إلى إفساح المجال أمام سيارات الإسعاف للتنقل بسرعة ونقل المصابين.
من جهته، أعلن الصليب الأحمر اللبناني تجهيز 50 سيارة إسعاف إضافية و300 من فنيي الطوارئ الطبية للمساعدة على إجلاء المصابين.
وجاءت هذه التحذيرات بعد إصابة عشرات اللبنانيين، في مناطق متعددة، بجروح نتيجة انفجار أجهزة اتصال "بايجر" كانوا يحملونها، أمس الثلاثاء.
وتُعد هذه العملية، عدوانا إسرائيليا إلكترونيا، جديدا حيث انفجرت آلاف أجهزة "البيجر" اللاسلكية التي يستخدمها مدنيون ومجاهدون من حزب الله، في الضاحية الجنوبية لبيروت، وفي الجنوب والبقاع، وصولاً إلى سوريا، ما أدّى إلى ارتقاء عدد من الشهداء، وإصابة نحو 3000 جريح، معظم إصاباتهم في العيون والأيدي والبطن.
وإذ أكّد حزب الله مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عن هذا العدوان الآثم، بعد التحقيق في ملابساته.. مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أكدوا أيضاً، اليوم الأربعاء، أنّ "إسرائيل تقف وراء الهجوم، الذي كان عبارة عن عملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي - الموساد، وبين الجيش الإسرائيلي".
وذكر حزب الله في بيان: "قرابة الساعة 03:30 من بعد ظهر يوم الثلاثاء 17-09-2024 انفجرت عدد من أجهزة تلقي الرسائل المعروفة بالـ"بيجر" والموجودة لدى عدد من العاملين في وحدات ومؤسسات حزب الله المختلفة، وقد أدّت هذه الانفجارات الغامضة الأسباب حتى الآن إلى استشهاد طفلة واثنين من الإخوة وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة".
وأضاف: "تقوم الأجهزة المختصة في حزب الله حاليا بإجراء تحقيق واسع النطاق أمنيا وعلميا لمعرفة الأسباب التي أدّت إلى تلك الانفجارات المتزامنة، وكذلك تقوم الأجهزة الطبية والصحية بمعالجة الجرحى والمصابين في عدد من المستشفيات في مختلف المناطق اللبنانية".
وأكد أن المقاومة "بكافة مستوياتها ومختلف وحداتها في أعلى جهوزية للدفاع عن لبنان وشعبه الصامد وإسناد غزة".
وتداولت وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية معلومات وتحليلات بشأن ما جرى وكيفية حدوثه، في وقتٍ تتزايد فيه التهديدات الإسرائيلية بتوسيع الجبهة الشمالية.
وفي سياق الحديث عن دوافع الاحتلال لتنفيذ هكذا عدوان في هذا الوقت بالتحديد، نقل موقع "والاه" الإسرائيلي عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، أنّ "إسرائيل قررت تفجير آلاف البيجرات التي يحملها عناصر حزب الله في لبنان وسوريا خشية أن يقوم الحزب باكتشاف اختراق الحماية بواسطة أجهزته".
وقال مسؤول أميركي إنّ "إسرائيل كانت في نقطة إمّا أن تستخدم البيجرات المفخخة، وإمّا تفقدها"، وذلك في وصفه "المبررات" التي قدمتها "إسرائيل" إلى الولايات المتحدة فيما يتعلق بتوقيت الهجوم.
وأشار الموقع إلى أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "كانت تخطط لاستخدام البيجرات المفخخة والتي نجحت في زرعها في أجهزة البيجر التي يستخدمها عناصر حزب الله كضربة افتتاحية مفاجئة في حرب شاملة"، بحسب مسؤول إسرائيلي سابق رفيع المستوى.
وبحسب مصدر أميركي، فإنّ "القلق الإسرائيلي زاد في الأيام الماضية في إسرائيل من أنّ حزب الله قد يكتشف أنّ البيجرات هي خرق أمني". نتيجة ذلك، "جرت مشاورات عاجلة بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزراء رفيعي المستوى ورؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية وأجهزة الاستخبارات، والتي أدت إلى قرار استخدام المنظومة السرية الآن، بدلاً من المخاطرة بكشفها من جانب حزب الله".
وفي الإطار ذاته، ذكر موقع "المونيتور" الأميركي أنّه "تبلور في إسرائيل فهم بأنّ حزب الله يقترب من اكتشاف أنّ الأجهزة مفخخة"، حيث "بدأ أحد عناصر حزب الله يشك في أنّ شيئاً ما لم يكن صحيحاً".
ونقل موقع "والاه" عن مسؤول أميركي قوله إنّ وزير الأمن، يوآف غالانت، اتصل بنظيره الأميركي، لويد أوستن، قبل دقائق من بدء "البيجرات" بالانفجار في أنحاء لبنان، وأخبره أنّ "إسرائيل في صدد تنفيذ عملية ما في لبنان قريباً، لكنّه لم يعط تفاصيل محددة عن الهدف أو شكل العملية".
وأضاف المسؤول الأميركي أنّ "إسرائيل لم تُبلّغ الولايات المتحدة مسبقاً عن تفاصيل الهجوم"، لكنّه عقّب بأنّ "الحديث الهاتفي بين غالانت وأوستن كان محاولة لمنع وضع تفاجئ فيه إسرائيل الولايات المتحدة بشكل كامل".
وبشأن كيفية وقوع هذا العدوان الإلكتروني، فقال مصدر أمني لبناني لشبكة "CNN" الأميركية إنّ أجهزة "البيجر" التي انفجرت "كانت جديدة"، بحيث كان حزب الله "قد اشتراها في الأشهر الأخيرة".
وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أنّ "إسرائيل عبثت بهذه الأجهزة قبل وصولها إلى لبنان من خلال زرع كمية صغيرة من المتفجرات بداخل كلّ منها".
وقال مسؤولون للصحيفة، إنّ المادة المتفجرة، التي "لا يزيد وزنها عن أوقية أو أوقيتين"، كانت "مزروعة بجوار البطارية في كل جهاز بيجر"، فيما "تم تضمين مفتاح يمكن تشغيله عن بعد لتفجير المتفجرات".
وأضاف المسؤولون أنّه "تمت برمجة الأجهزة لإصدار صوت تنبيه لعدة ثوان قبل أن تنفجر".
كذلك، نقلت الصحيفة عن خبراء مستقلين في مجال الأمن السيبراني، الذين درسوا لقطات الهجمات، قولهم إنّ "قوة وسرعة الانفجارات ناجمة عن نوع من المواد المتفجرة، كما هو واضح".
وبعدما تداولت وسائل إعلامية أنّ هذه الأجهزة مستوردة من شركة التصنيع التايوانية "غولد أبولو"، فإنّ الأخيرة نفت على لسان رئيسها هسو تشينغ كوانغ، الذي وجّه أصابع الاتهام إلى شركة "بي إيه سي" الهنغارية، "التي لها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية"، وفق قوله.
وشددت الشركة التايوانية على أنّ شركة "بي إيه سي" هي التي "تنتج وتبيع طراز إيه - آر 924"، مضيفةً أنّها "فقط تمنح ترخيص العلامة التجارية، وليس لها أي دور في تصميم أو تصنيع هذا المنتج".
وفي السياق، أكّدت وزارة الاقتصاد التايوانية عدم وجود سجل للتصدير المباشر إلى لبنان، مُرجّحةً إدخال تعديل على الأجهزة بعد تصديرها.
إلى ذلك، نفت السفارة الإيرانية في لبنان ما وصفتها بـ"الشائعات المتداولة" بشأن الحالة البصرية والوضع الصحي للسفير الإيراني مجتبى أماني الذي أُصيب أمس الثلاثاء في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية لعناصر حزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت.
وذكرت السفارة -في منشور لها على منصة إكس- أن "علاج السفير يسير بشكل جيد ولا أساس للشائعات المتداولة" بشأن وضعه الصحي.
يذكر أن عددا من النشطاء والإعلاميين الإيرانيين كانوا قد ذكروا في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أن إصابة السفير الإيراني خطيرة على مستوى العين، وتحدثوا عن فقدانه البصر جراء التفجيرات.
وكانت السفارة الإيرانية في بيروت قد ذكرت في وقت سابق أن السفير الإيراني في لبنان أُصيب بجروح سطحية جراء التفجيرات وأنه بصحة جيدة.
وتحدثت وكالة أنباء فارس الإيرانية عن أنه تم نقل السفير إلى المستشفى.
كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن حارسين شخصيين للسفير أُصيبا في الانفجار، في حين نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن مسؤول إيراني تأكيده أن حالة السفير جيدة، وأن أي عضو بفريقه الدبلوماسي لم يُصَب في الانفجار.